|
حتمية نهاية الإسلام الأصولي .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 16 - 21:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في ظل الصمود الذي شهده الإسلام الأصولي طوال 1400 عام التي مضت من عمر الإسلام ، نشأ اعتقاد لدى الأصولية أن هذا الإسلام بات ذا وجود أزلي ، فهم يضنون أن هذا الإسلام حقا متجاوز للزمان و المكان ، وانه يمثل حقا نهاية التاريخ ، لكن الحقيقة أن الإسلام الأصولي ومن الناحية النظرية قفد هزم حتى قبل أن يبدأ ، فمنذ انطلاقة الإسلام الأصولي وهو مهزوم نظريا ، وكل ما يجعله يستمر للان هو الإرهاب و العنف و الظروف السياسية التي ساعدته لا أكثر، فبدون هذه الأمور فالإسلام الأصولي كان لينقرض لا محالة ، ومن زمن .
إن الإسلام الأصولي وإذا شئنا إعطاء نقطة لبداية انهياره لأمكننا القول أنها ذات الفترة التي ظهر فيها ( و تحديدا في حدود العقد السادس إلى العاشر هجري ) ففي تلك الفترة كان من الإشكاليات التي طرحت على التصورات الأصولية في تفسير الإسلام مثلا ( أي فكرة التفسير الظاهري للقران و التي يعتمدها الأصوليون ) هي قضية التناقض الذي تنتجه أية كأية "و استوى على العرش" مثلا ، لو تم تفسيرها هكذا ، فكما نعلم نحن ولو حاولنا تفسير القرآن تفسير ظاهري فهذه الآية ستفجر التصور الإسلامي عن الله تماما ، ومنه و كما نرى فالإسلام الأصولي وبتصوراته التي يطرحها واضح أنه عاجز عن إعطاء تبرير عقلاني لمزاعمه ، فهو وحتى للأسئلة التي طرحت عليه مع بدايته قد فشل في الإجابة ، لهذا فمن الناحية النظرية فمن البدايات المبكرة للإسلام فالإسلام الأصولي مهزوم ، وحين نعود للمحاولات التي ذهب إليها المعتزلة ، فنحن نجد أن الإسلام الأصولي في عصر المعتزلة قد تم نقضه جملة وتفصيلا ، فالمعتزلة بإعلائهم للعقل على حساب النقل قد انتهوا إلى نقض فكرة الإسلام والدين من الأساس ، فمادام لدينا العقل مقدم على النقل ، فما حاجتنا للأديان لتحكمنا أصلا ؛ لكن طبعا ولان الدولة الإسلامية في ذلك الوقت كانت دولة قائمة على فكرة الحق الإلهي في الحكم ؛ وكانت دولة يقوم إقتصادها على نهب الأمم الأخرى بإسم نشر كلمة الله ، فهذه الدولة لم يرقها هذا الكلام ، وقامت على إثر هذا بقمع المعتزلة على حساب الإسلام الأصولي لكي يستمر حكمها وسطوتها ، و من هنا نرى كيف تم الانتصار للإسلام الأصولي على حساب الحقيقة ، فليس الأمر أنه قادر على الصمود ، بل لأنه يخدم أجندات معينة تستفيد منه ، والأمر نفسه تكرر طبعا في الحملة الثانية على الإسلام الأصولي زمن إبن رشد ، فمن إنتصر على إبن رشد لم يكن الإسلام الأصولي المهلهل ، بل كان القصر الذي وجد المنفعة فيه ، و الأمر نفسه مع الموجه الثالثة مع بدايات القرن العشرين ، فالإسلام الأصولي و مع موجة الانفتاح على العالم مع الاستعمار كان الهزال الذي يعتريه واضحا ، فحينها كان المسلمون لا يفكرون في ترك الإسلام الأصولي فقط ، بل وترك الإسلام من الأساس ، ومن هنا نفهم المحاولات الإصلاحية التي قام بها رجال دين مسلمون في تلك الفترة كمحمد عبده وغيره ، فهؤلاء وجدوا أنه يستحيل أن يستمر الإسلام إذا حافظ على شكله الأصولي ، فهذا الإسلام مخالف لحتمية التاريخ ، وقد قام وعليه سعى هؤلاء نحو إجتهادات حداثية لإصلاح الإسلام على غرار إنكار الشيخ محمد عبده للمعجزات لكي يوفق بين الإسلام والعلم ( يعني متفوقا على البابا فرانسيس بقرن كامل حين صرح أن الله لا يملك عصى سحرية ) لكن طبعا مرة أخرى تم الانتصار للإسلام الأصولي على حساب الدعوات لإسلام حديث ، حيث و بدعم من بعض الحكومات الدينية التي لها مصلحة في استمرار الإسلام الأصولي (السعودية تحديدا ) وفي إطار الصراع الأيدلوجي الذي عرفته الحرب الباردة ، فقد تم إحياء الاسلام الاصولي مجددا و دعمه للإنتصار على دعوات الحضارة ، وطبعا ليس هذا لقوة فيه ، بل لقوة الهبات الأمريكية لمحاربة الشيوعية ، ولقوة أموال النفط التي صرفت بلا حساب عليه ، والتي تدعمه ولحد اللحظة ، فما يجعل الإسلام الأصولي صامدا لحد الساعة هو فقط كونه مدعوما بالمال و بالدعاية ، وبالرعاية الحكومية ، وهو ولو في أي لحظة فقد هذه الدعائم فسينهار ، ونحن لدينا الدلائل مما نراه من موجة رابعة من الصراع يخوضها الإسلام الأصولي مع حتمية التاريخ ، فما يحدث الآن من هجوم على الإسلام الأصولي لا يعدوا كونه حتمية التاريخ في نقضه ، فهذا الإسلام و طوال تاريخه هو في صراع مع الواقع ، وفي كل فترة كان أن تفيده الجرعات التي تمنحها له الحكومات التي تستفيد منه ، أوا لظروف المواتية ، لكن ما يجعلنا نقول اليوم أن نهايته باتت حتمية ، فهو أن الفارق اليوم أننا في زمن لم يعد بإمكان الحكومات أن تنشر أيدلوجيتها بلا رقيب ، ففي العصور القديمة كان يمكن تخيل دولة تضطهد المفكرين وتشردهم ، فهذا كان ممكن في زمن مضى كزمن إبن رشد ، لكن اليوم ومع التقنيات التي أتيحت للفرد العادي ، فهذا الإسلام ورغم دعم الحكومات الديكتاتورية له ، فهو يتلاشى رويدا رويدا .. تحت معاول شباب بسيط على النت ، هذا عدى طبعا أننا في عصر باتت فيه الدين ذاته كفكرة ، فكرة لا أهمية لها ، فاليوم ومع علو كعب العلم ودخوله حقل الإجابة على الأسئلة الوجودية التي تطرحها البشرية ، فالدين ذاته ، وليس الدين بالشكل الأصولي يجد نفسه في مهب الريح ، لهذا فحين نتكلم عن صمود الإسلام الأصولي لألف وأربعمائة عام ، فهذا لا يعني أي شيء ، فكم من قرون دامت أديان الفراعنة ، وكم من قرون صمدت آلهة الرومان و اليونانيين ، لكن اليوم وكنا نرى فكلها صارت مجرد أساطير ، وكذلك الحال مع الإسلام أو أي دين آخر ، فمتى ما فقد الفائدة من وجوده ، فينقرض لا محالة .
إن الدين أي دين ، والفكرة أي فكرة هي دائما في صراع مع حتمية التاريخ ، فالأفكار التي تثبت جدارتها تصمد ، و الأفكار التي تفقد القدرة على خلق الفائدة منها تنقرض ، لهذا فالإسلام الأصولي يقف حاليا أمام التاريخ ليسأل نفسه " هل ظل لي من أوراق يمكنني أن العبها لأستمر ، أم أنها النهاية بالنسبة لي ؟" .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا إصلاح للإسلام إلا بنقضه .
-
الأزهر متسقا مع نفسه .
-
الإسلام بين خياري التحريف أو الإنقراض .
-
ما فعله الجنس بالمسلمين .
-
في مديح الدياثة .
-
الدياثة كشرط من شروط الحضارة .
-
ما خسره المسلمون بتجريمهم للحب .
-
المسلمون أمة لا يمكن أن يكون لها أخلاق .
-
أخلاقنا الإسلامية المنحطة .
-
المسلمون أمة نفاق .
-
المسلمون أمة ضد العقل .
-
حول -اللامنطق الإسلامي- .
-
اللامنطق آفة المسلمين المركزية .
-
الإرهاب الإسلامي مشكلة المسلمين أولا و أخيرا .
-
المسلم إرهابي نظريا وليس عمليا .
-
وصم المسلمين بالإرهاب بديهي وطبيعي .
-
ولن تدخلوا نادي الحضارة حتى تغيروا ملتكم .
-
صدقت يا غنوشي .
-
الحانات و بيوت الدعارة أفضل من المساجد .
-
ما خاب قوم ولوا أمرهم إمراة .
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|