أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - جبرا إبراهيم جبرا: متى يُكرم؟














المزيد.....

جبرا إبراهيم جبرا: متى يُكرم؟


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 09:52
المحور: الادب والفن
    




جبرا إبراهيم جبرا، شَخصية موسوعية نادرة، يعتبرهُ كثير من النقاد واحدا من أكثر الأدباء تأثيرا في حركة الأدب العربي المعاصر في القرن العشرين، لإسهاماته الإبداعية البارزة في مجالات ثقافية ومعرفية عديدة، لا يمكن تخطي دوره فيها بأي حال من الأحوال.

وُلد جبرا في مدينة بيت لحم الفلسطينية عام 1920، درسَ في جامعة كامبرج وحصل منها على الماجستير في النقد الأدبي عام 1948، كما درس في هارفرد، وألقى محاضرات في عدد كبير من الجامعات الشهيرة، منها أكسفورد، كامبرج، لندن، ستانفورد، جامعة كليفورنيا في بيركلي وغيرها.

انفتحَ مُبكرا على مختلف مجالات المعرفة، وأصبح مصدراً من مصادر الإشعاع الثقافي، لما حققه من إنجازات إبداعية مميزة في حقول القصة والرواية والشعر والرسم والنقد وترجمة روائع الثقافة الغربية، فضلاً عن كتابة المقالات في مجالات عديدة، والكتابة باللغة الإنجليزية شعراً ورواية ونقداً.

عاش الحياة كرسام وأديب وشاعر وناقد، تميز بإغراقه في الوصف ألوانا وظلالاً، وبدقته في اختيار إيماءات ألفاظه، وبتصاعد نسيجه اللفظي باسترسال شاعري مميز، كانت ألوان الرسام تندلق عليها، وتتناغم مع إيقاعات الحروفِ ولأصوات.

ظَهرت رسومُه التشكيلية في عام 1941 أثناء إقامته في فلسطين، وبدأ في تلك الفترة المُبكرة بكتابة القصة القصيرة والشعر، ونشر نتاجه في "الرسالة" و"الهلال" المصريتين، كما ساهم في تأسيس نادي الفنون في القدس، وكتابة روايته الأولى "صُراخ في ليل طويل" باللغة الإنجليزية في عام 1946، والتي ترجمها إلى اللغة العربية ونشرها في عام 1955، وقد حملت في دفتيها مفاهيم جديدة في فن الكتابة الروائية.

هاجرَ جبرا في عام 1948 إلى بغداد مع بداية التغريبة الفلسطينية، وقد انخرط بسرعة في الحياة البغدادية الثقافية حال وصوله إليها، وأنشأ مع الفنان العراقي الكبير جواد سليم "جماعة بغداد للفن الحديث"، وأسسَ وأشرف على المجلة الأدبية الرائجة يومئذ "العاملون في النفط" الصادرة عن شركة نفط العراق، التي عمل فيها جبرا فترة طويلة من الزمن في مجالات الإعلام والنشر والترجمة والعلاقات العامة.

امتزجَ جبرا بحياة الثقافة البغدادية، متجولاً فيها بين حقول الثقافة والمعرفة، ومن اللافت في تجربته أن هناك إجماعا على أنه كان أحد الفاعلين المهمين في مسيرة الحداثة الثقافية في العراق، التي ما لبثت أن نشرت تأثيراتها في كل الدول العربية، وهناك من يرى أنَّ صداقته قد أثرت في بدر شاكر السياب وساعدت على اقتناعه بالمدرسة التموزية.

ويقول في هذا الشأن الناقد العراقي ياسين النصير "جبرا أحد أهم المهاجرين العرب إلى العرب، رفدَ الثقافة البغدادية بترجماته وحضوره... كان مؤثرا بإبداعه، ولعل كل شخصياته الروائية والفنية حملت السمات العراقية، وجودا وممارسة وثقافة، لكنه وهو يكمل تنشئتها وتكوينها يُخرجها من العراق كوليد مسعود في أرض آبائه وأجداده، هذه المُصاهرة الفاعلة كانت أهم ما يمكن أن يُظهره فنا بعدما عَجز عن إظهاره حضورا جسديا".

سيرة جبرا تُفصح عن إنجازات كبيرة يصعب الحديث عنها في هذه العُجالة، ويكفيني على سبيل المثال لا الحصر أن أذكر من رواياته، "صيادون في شارع ضيق"، "البحث عن وليد مسعود"، "يوميات سراب عفان"، ومن كتبه "البئر الأولى" و"شارع الأميرات". وقد استعاد فيهما شريط ذكريات حياته القديمة في فلسطين، ومن لوحاته الفنية، "الصفار " و"العائلة " و"امرأة وطفلها" و"النافذة" وكلها تفيض بالترميز والأحاسيس الجميلة.

ومن إنجازاته في مجال الشعر ثلاثة دواوين، "تموز في المدينة" ، "المدار المغلق"، "لوعة الشمس"، واللافت ذكره لفلسطين في كثير من قصائده كقصيدة "مارجيروم في بيت لحم"، و في قصيدة "ما بعد الجلجلة" والقصيدة الأولى في ديوان لوعة الشمس الذي جعلها تحية إلى القدس "مدينة المِعراج والجلجلة"

ولا أغفل هنا إنجازاتِه المُميزة في مجال الترجمة، إذ ترجم ما يزيد عن ثلاثين كتابا لمشاهير الكتاب من أمثال أوسكار وايلد، صموئيل بيكيت، ألكسندر إليوت، وليم فوكنر، أريك بنتلي، جيمس فريزر، ألبير كامو، ديلان توماس وغيرهم، كما ترجم سبعاً من أهم مسرحيات شكسبير كمكبث وهاملت وعطيل ولير وغيرها، ونحو أربعين سونيته من سوناتات شكسبير زودها بمقدمات ودراسات منه.

إن إشعاعات جبرا الثقافية لا تنحصرُ فقط فيما سبق ذكره من إنجازات، بل تَظهر أيضا في أعمال ونشاطات أخرى كثيرة قام بها، كرئاسة لجنة التحكيم العالمية في مهرجان الفن العالمي (بغداد 1988)، و رئاسة لجنة التحكيم في مهرجان مسرح قرطاج العالمي (تونس 1991)، ورئاسة تحرير مجلة "فنون عربية" في لندن، ورئاسة رابطة نقاد الفن في العراق (1982 -1990)، وعُضوية العديد من الروايط والاتحادات الأدبية والفنية.

التقيتُ بجبرا مرة يتيمة في بغداد في ثمانينيات القرن الماضي، وقد عَبرت له أثناء لقائي به عن اهتمامي الكبير بروايته "البحث عن وليد مسعود" وقد أثارهُ اهتمامي، وسألني عن السبب، واستغرب فرحا حين قلت له أن ابني الأصغر يحملُ هذا الاسم، قادنا الحديث إلى ذكرياته التي لا تُنسى عن مباهج طفولته وشبابه في فلسطين، لاحظتُ أنها تزيده نضارة وتُنعشُه.

حصلَ جبرا في حياته على أوسمةٍ وجَوائز عربية كثيرة، ونُقلت أعماله إلى كثير من اللغات الأجنبية، لكنه لم ينل التكريم الذي يستحقه بعد رحيله، فكل ما حصل عليه في فلسطين التي لم تَغب يوما عنه، تسمية "زقاق" صغير باسمه في بيت لحم لا يزيد طوله عن عشرة أمتار.

لا أستطيع التحرُر من إحساسي بالمرارة لهذا التكريم المنقوص، لأن جبرا يستحق من بلده أكثر من هذا الزقاق الصغير، فقد قدم في حياته الكثير لها وللوطن العربي كله، ليس للأجيال المعاصرة فحسب بل لأجيال كثيرة قادمة، وأعتقد أن على الجامعات الفلسطينية وخاصة جامعتي بيرزيت وبيت لحم أن توفيه حقهُ من التكريم وتقوم بعمل يخلد ذكراه.





#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة شاعر
- ألوانُكِ
- بطاقات شعرية صغيرة
- في البدء كانت الكلمة
- مدينة النجوم
- لمن تدق ُ الأجراس
- دين الحب
- بمصابيح عكا يلمع القمر ُ
- حيفا تحلق في رحاب الذاكرة
- القدس
- لمنْ تدقُ الأجراسْ ؟
- الحطابة ام أسعد
- يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس
- قراءة في كتاب : مسيحيون و مسلمون تحت خيمة واحدة
- سيد القوافي ... وداعاً
- طفلة من غزة
- جريدة الاتحاد الحيفاوية عرفتني على بعض جذوري في فلسطين
- أبو العلاء المعري رهين المحبسين
- قراءة في كتاب : مارغاروش ( ومضات من حيفا )
- المتشائل بين المسرح والرواية


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - جبرا إبراهيم جبرا: متى يُكرم؟