الخارجون على المجتمع

أحمد الكاتب

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 16:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

مجتمعنا مجتمع عظيم ، مجتمعنا مجتمع طاهر نظيف ، مجتمعنا مجتمع محافظ على قيمه وعاداته وأخلاقه ، لا يقبل أن تُنتقص ولا أن تُخالَف ولا أن تُهان ، لا يقبل تدنيساً ولا تنجيساً مِن أيٍ مَن كان .
لذلك فهو يقف لكل خارجٍ بالمرصاد -بكل ما استطاع- تعذيباً وتنكيلاً ، وعاراً لا يفارقه في كلتا حياتيه أخراهما قبل أولاهما .
هؤلاء الخارجون -إن كنتم لا تعلمون- قد اختارهم القدر ليكونوا النهرَ الذي يتطهر فيه المجتمع من ذنوبه وزلاته وخطاياه، ثم يغادرونه وقد اتسخ بهم ليعاقبوه بعد ذلك بجرمهم ، ويحاسبوه على أخطائهم ، كما قال القدماء : رمتْني بدائها وانسلَّت!
.....
والخارج المغضوب عليه قد يكون فقيرا أنهكته الحياة وتنكَّر له وطنُه كما قدرُه ؛ تحمَّلَ وتحمَّلَ فلما جاوز ما يعانيه قدرَ احتماله تمتم بصوت يحاول الانفجار ولكن يغلبه الانكسار "آه" !
كلمة من حرفين لكنها نزلت على المجتمع كالجبلين ، وقالوا مالِهذا الكافر يعارض القدرَ ، ويعترض نظاماً انتخبه المجتمع وارتضاه حاكماً لا يخطئ ؟ ثم وقبل كل هذا ألم يعلم بأن الفقراء لهم الجنة؟!!!
.....
وقد يكون الخارج إنساناً اكتشف في لحظة صدق مع نفسه ومصارحة أن لديه شيئاً اسمه "العقل" ؛ عضوٌ في جسده وُجد للتفكير والتحليل والاستنباط والحكم على الأشياء ، فرِح صاحبنا وهلَّل وقرَّر استخدامه بدون انتظار ، وهنا ثار في وجهه المجتمع كيف يفعل ما توكَّل غيرُه بفعله نيابةً عنه؟
كيف يفكر وثمة رجل دين يفكر عنه؟
أم كيف يحلِّل وثمة إعلام يحلِّل بدلا منه؟
لماذا يُتعب عقله ونحن نريد إراحته؟ هل هذا إلا مهرطق مجنون قد تلبَّسه الشيطان؟!!!
.....
والخارج أيضاً هو شخص اختارته الحياة ليولد مختلفاً ، والاختلاف في عُرف المجتمع عار كبير ؛ حتى ولو كان مجرد اختلاف في الميول الجنسية لا يضر المجتمع ؛ بل لا يعنيه من الأساس فهو لصاحبه بنفعه وضرره .
لكن المجتمع يرى في الاختلاف شذوذاً ، وإنذاراً بغضب من الآلهة يأتي على الأخضر واليابس ؛ فيصبُّ على المختلفين أسواطاً من العذاب ، ابتداءاً من الرمي بأبشع الصفات والألقاب ، وليس انتهاءً بالقتل فهناك حياة تفوق في قسوتها القتلَ بألوانه .
.....
وما يهم في النهاية هو أن يبقى المجتمع بصفائه ونقائه ، مجتمعاً مثالياً تحوطه الأخلاق السامية وتكتنفه القيم العالية ؛
فهو مجتمع عظيم ، طاهر ، نظيف ، محافظ على قيمه وعاداته وأخلاقه ، لا يقبل أن تُنتقص ولا أن تُخالَف ولا أن تُهان ، لا يقبل تدنيساً ولا تنجيساً من أيٍ مَن كان!

#أحمد_الكاتب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات