أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - الإباء عند عباقرة الشعر والفن















المزيد.....


الإباء عند عباقرة الشعر والفن


كريم مرزة الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


المعري ، المتنبي ، الشريف الرضي ، أبو هلال العسكري ،البيروني ، أحمد الصافي النجفي ،
ديوجين ، جورج برناردشو ، جان بول سارتر ، ويلي سوينكا


في الحقيقة أن الإباء والفخر صفتان غير متلازمتين ، ولا تستوجب الأولى وجود الثانية ، فالبحتري كان فخوراً بشعره حتى القرف ، ولكنه ذو طبيعة مصلحية بحتة بعيداً عن الإباء والأنفة ، أما ابن الرومي قد يفتخر بشعره ، وبسعة علمه أحياناً ، في حين كان لجوجاً ، ملحاحاً كالطفل مما يثير الاشمئزاز والعطف، وكأن زمانه لم يستح أن يكون بين جنبيه مثل هذا العبقري ، ويهمل مثل هذا الإهمال ، والغزالي بالرغم من تعاليه وزهوه ، كان سمحاً ، بسيطاً ، ذا أخلاق دمثة ، وأخيراً أصلح من أمر كبريائه وزهوه على ما يقال، ولكن من العجيب أن يغيب قلمه عندما تعرضت بلاد العرب للغزو الأجنبي ، ولم يقل كلمة حق !!
إباء أبي العلاء المعري :
أما أبو العلاء المعري كان يفتخر بشعره وبسعة علمه ، وغزارة حفظه ، وفي الوقت نفسه كان شديد الإباء ، زهد في دنياه إلى حدّ القسوة، ودون الكفاف في العيش طيلة أكثر من أربعين عاماً ، تذكر الدكتورة بنت الشاطئ في كتابها مع أبي العلاء) : أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي على أن يسمح له بخراج معرّة النعمان طول حياته ، فأبى وأعتذر ، ، ةيذكرون كذلك في تاريخه إن المستنصر بالله الفاطمي صاحب مصر 427 هـ ، بذل له ما لبيت المال في معرة النعمان ، فلم يقبل منه شيئاً . (42) ويقول الأستاذ عبد العزيز الميمي في كتابه ( أبو العلاء المعري وما إليه ) : " وطئها بقدميه ، فانقادت له .." (43) .
المتنبي :
والمتنبي كان شديد الإباء ، عزيز النفس ، قوي الإرادة ، ولكنه رمي بالبخل ، ولم نتحقق من الأخبار التي تنسب إليه في هذا المجال ، وعلى العموم العباقرة والعظماء ، تؤخذ عليهم أبسط الأمور ، وتضخم ، وتعطي أكثر مما تستحق كثيراً بدافع الحقد والحسد والغيرة والعداء ، وما إلى ذلك .
اشترط المتنبي على سيف الدولة الحمداني أن ينشده الشعر جالساً ، ، ولا يقبل الأرض بين يديه ، ومنذ صباه كان يعتد بنفسه كلّ الاعتداد ، ولا يرى له في الوجود ندّاً ، ولا مثيلاً :
أمط عنك تشبيهي بما وكأنه *** فما أحدٌ فوقي ، ولا أحدٌ مثلي
وتذهب به الأنفة إلى درجة التسامي ، واختراق كلّ مدى للوصول إلى الشأو والمرام في كوامن نفسه الطموحة لأعلى المعالي.:
إذا قلّ عزمي عن مدى خوف بعده *** فأبعد شيٍْ ممكنٌ لم يجد عزما
وإنًـــي لمن قومٍ كأنّ نفوسهم ***** بها أنفٌ أن تســـكن اللحم والعظما
الشريف الرضي :
الشريف الرضي نفسه شريفة ، وقلبه رقيق ، يتعالى بعزة حتى يطاول الخليفة بأنفة ، يذكر الشيخ البهائي في (كشكوله) : " قال الرضي رضي الله عنه يخاطب الطايع :
مهلاً أمير المؤمنين فإننا*** في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يم الفخار تفاوت **أبداً كلانا في التفاخر معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ** أنا عاطل منها وأنت مطوق
قيل: إن الخليفة لما سمع ذلك قال على رغم أنف الرضي . " (44)
أبو هلال العسكري :
وأبو هلال العسكري ( 395 هـ / 1005 م) ، وأشهر كتبه ، (كتاب الصناعتين ، النظم والنثر) ، وله كتاب ( الأوائل)، كان أبي النفس عفيفاً ، كريم الخلق ، مترفعاً عن التمسح بأعتاب الأغنياء ، وعن سؤال الناس ، وكان يتكسب بساعديه ليدفع عن نفسه الفاقة ، عمل تاجراً يبيع البز ليكسب القوت الحلال لئلا تعوزه الفاقة إلى ولوج قصور الأغنياء والمترفين ، لأنه يعرف أن ولوجهالا مضيع لكرامته ومكانته ، ومدعاة للتزلف والتملق ، وهو ما تأباه نفسه وتعافه ، وكما يحس بالمرارة حينما يضطر إلى التكسب عن طريق التجارة ، ويقول في شكواه من الدهر والناس :
جلوسي في سوق أبيع وأشتري *** دليل على أن الأنام قرود
ولا خير في قوم تذل كرامهم ***** ويعظم فيهم نذلهم ويسود
وويهجوهم عني رثاثة كسوتي **** هجاءً قبيحاً ما عليه مزيد(45)
البيروني :
البيروني ( 362 هـ - 440 هـ / 973 م - 1048 م) قد صنف مؤلفات جمة في شتى أنواع العلوم ( الجماهير في معرفة الجواهر) ، ( الأثار الباقيةعن القرون الخالية) ، وغيرها، فبلغ ما ألفه ( 190 كتاباً) ، وقدّم إليه السلطان مسعةد بن محمود الغزنوي مقابل كتابه ( القانون المسعودي في الهيئة والنجوم) وزن حمل قيل من الفضة إلا أن البيروني رفضها إباءً وأنفة .
أحمد الصافي النجفي :
كان الشاعر أحمد الصافي النجفي أبي النفس لا يقبل أي مساعدة مادية من أحد ، ويعيش عيشة أقل من الكفاف ، ويعتبر الأدب أكبر ثروة ينالها الإنسان :
أنا حسبي ثروة من أدبٍ *** قد كفتني عن طلاب الذهبِ
فليدم جيبي فقيراً ، إنّما *** فقر جيبي ثــــــروة للأدبِ
ومن الجدير والجميل ذكره ، في إحدى المناسبات دس أحدهم رسالة إليه ، وإذا بها بعض النقود ، فكتب :
ونبيل قومٍ جاد لي برســـالةٍ ***** فواحةٍ مـــن لطفــــه بــعبيره
وإذا بها ملغومة بسخائه ***** فأحترتُ بين مســــائتي وسروره
حاولتُ ردّ سخائهِ فخشيت أن** أقضي على نبع الســــخا بضميره
فرضيتُ منكسراً بجرح كرامتي**وقبلتُ جرحي خوف جرح شعوره
العباقرة الأجانب :
ديوجين
ديوجين اسم يوناني لعدة علماء وفلاسفة وحكماء من بلاد الأغريق ، ونحن نتكلم عن معاصر الأسكندر المقدوني(356 ق. م.- 323 ق.م.) ، المدعو ديوجين الكلبي ، أو ديوجين الفيلسوف ( 412 ق.م. - 323ق.م.) ، عاش هذا الرجل باختياره في الحضيض الأوهد من دركات الفقر ، ولكن كان يملك عزّة الملوك وشموخهم ، وكلّ عدّته عباءة يتستر بها ، وفوق كتفه يحمل برميلاً يأوي إليه ليتقي به القر والحر ، وفي داخل جسده تتقد نفسية الرجال العظماء .
مهما يكن من أمر ، لما أقبل عليه الأسكندر ذات يوم ، وبادره بالتحية قائلاً : " أنا الملك الأسكندر"، فأجابه : " أنا ديوجين" ، فسأله : " ألا تخشاني" ، فرد السؤال بسؤال : "طيب أنت أم سيْ" ، قال الأسكندر " بل طيب" ، فقال ديوجين : " ومن يخشى الطيب" ، ثم سأله ابن فيليب الثاني ملك مقدونية ، ونعني به الأسكندر :" هل لك حاجة نقضيها ؟.. وهل أستطيع مساعدتك؟ " ، فرد عليه الحكيم بجرأة الأبطال " بوقفك بيني وبين الشمس حرمتنيمن الدفء ، فلو تزحزحت قليلاً حتى أتدفأ بحرارتها " فتعجب الملك المقدوني وردد : " لو لم أكن الأسكندر ، لوددت أن أكون ديوجين ."
من لا يطلب شيئاً ، كأنه ملك كل شيء.
جورج برناردشو (ت 1950م) :
برناردشو منحته لجنة نوبل جائزة عن الأدب سنة 1925 م ، فرفض الجائزة ، وكتب إلى أمين سر اللجنة يقزل : " إن هذا المال كالعوامة التي ألقيت إلى السابح بعد وصوله إلى بر النجاة ." ، والسبب يعود في الحقيقة إلى تجاهل لجنة نوبل لبرناردشو فترة طويلة من الزمن ، ومنحتها لأدباء دونه منزلة ومقدرة وملكة ، فضرب ضربة معلم!!
جان بول سارتر،( 1905 - 1980م :
يذكرني (شو) بجان بول سارتر فيلسوف الوجودية المتشائمة الفرنسي ، والكاتب الشهير ، عرض أفكاره في محاولات وقصص ومسرحيات منها ( الكائن والعدم) ، و (طرق الحرية) ، و(الجدار) ، الذي رفض جائزة نوبل 1964م). وكان في أمس الحاجة إليها ، (وللناس فيما يعشقون مذاهبُ) .
ويلي سوينكا :
ولما منح ويلي سوينيكا ( ولد عام عام 1934م ) في غرب نيجيريا من قبائل يوريا جائزة نوبل للآداب 1987م بعد انتظار دام ستة وثمانين عاماً ، هو طول عمر أداديمية أستوكهولم التي تمنح الجائزة، هذا معناه أن الأفارقة يمكنهم أن يقدموا أدباً راقياً مثل غيرهم ، ولو أن ثقافة سوينكا أوربية ، وكتب باللغة الأنكليزية ، وتعكس كتاباته تمكنه الشديد من اللغة الأنكليزية وأنه أنموذج الشاعر الأسود الجلد فقط ، مثل زميله ليبولد سنغور ، ولكن عبر سوينكا عن أفريقيا بنبل وصدق ، وتهمنا نحن عبارة الأديب الأفريقي جيمس أنجوجي ( كينيا) ، إذ يقول بكلّ أنفة وإباء : " الكتابة عن أفريقيا بلغة أجنبية تحقير لها ، وتحجيم لدور أدبها الكبير ، و تشويه لجمالها الذي هو المنبع الطبيعي لإلهامنا." ، والواقع انحصرت جائزة نوبل على الفكر والإبداع الأوربي والأمريكي ، ولبعض اللغات ، وهذا انتقاص لقيمة الجائزة ، واستهانة مقصودة من اللجنة المانحة للفكر الإنساني الأشمل ، ومتى كانت الحضارة بنت عرق معين ، أو مكان محدد ؟ ومن قال : أن العقول والأدمغة تتباين بين أبناء البشر ؟! وأين كانت أوربا قبل عصر النهضة ،وأمريكا قبل اكتشاف كولومبس لها ؟ وهل بنيت الحضارة على كثبان من الرمال المتحركة الواهية لتصل إلى هذا الصرح الشامخ ؟ تساؤلات لا نجد لها من إجابة إلا العرفان بجميل وعظمة كلّ الأمم ، وكافة الشعوب بدون تمييز أو تفرقة ، وبهذا وحده تكمل الإنسانية مسيرتها الحضارية .



#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحران السريع والخفيف ودائرة مشتبههما
- 2 - الشيخ جواد الشبيبي -الكبير-، حياته ...شعره ...طرائفه - ا ...
- 4 - د. زكي مبارك قي بغداد بين وحيها ورشيدها ونزليه قليلا...! ...
- الشبيبي - الكبير- بين حياته وشعره وطرائفه
- 1 - أبو العتاهية : أَلا ما لِسَيِّدَتي ما لَها
- 3 - الدكاترة زكي مبارك يثيرني فأثير أثيره - الحلقة الثالثة -
- حتّى كهلتُ وأيّامي تعلّمني* في كلِّ ألفٍ من الآناس ِ انسانُ
- 2 - جرد الحساب .. أزفُّ إليكم ، وأعتذرُ منكم ، وآن الحصاد !
- باقاتُ من شعري النجيبْ ، قد عانقتْ وطني الحبيبْ
- 2 - الميتاكوندريا العصماء تسخرمن وزارة الكهرباء
- الإنسان بين إبداع خَلقه وعظمته واستخفاف شأنه ومقتله..!!
- هلاّ سألتَ عن الحدباءِ يا عيدُ
- 2 - الأنانية تبسيطاً والفخر موضوعاً وهؤلاء شهوداً
- داعش رجسٌ من عمل الشيطان ، أوأضلُّ سبيلا..!!
- تنويه ..الأديب همام قباني وقصيدتي لرثاء الجواهري !!
- الإعلامُ العراقي متهمٌ بالفوضى القتّالة..وقومي رؤوسٌ كلهم!!
- عاش العراقُ ، ليبقى فوقَ مَنْ وصفا
- 1 - عباقرة الفنون أنانيون ..بفخرهم يزهون وبإبائهم يشمخون..!
- العباقرة وقضية الفوات،تناسوا وما نسوا ...!! (*)
- العراقُ أعرق البلدان على ذمّة المتسلطين و الوجدان .. إلامَ ا ...


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - الإباء عند عباقرة الشعر والفن