|
أفراح الانتخابات المصرية تتواصل
هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 13:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ الإعلان رسميا بأن موعد انتخابات الرئاسة المصرية سيكون في السابع من سبتمبر القادم.. التي يُنتظر فيها (زف) العريس إلى القصر الجمهوري.. والقنوات الفضائية العربية- وبدرجة تالية بعض القنوات الأجنبية- تتسابق في اختيار العنوان الأكثر إثارة لبطاقة الدعوة! عناوين كبيرة تطل من الفضائيات لحث المشاهدين على متابعة تغطياتها الحية والمسجلة لأفراح الانتخابات المصرية! المصريون في عيون قناة الحرة يفعلونها لأول مرة!.. لم يعرفوا في نظرها مذاق هذا الشيء منذ وجدوا على ضفاف النيل.. لذلك اختارت لتغطيتها انتخابات الرئاسة المصرية عنوانا.. يعطي انطباعا بأن الحدث زلزالي.. في برنامج يومي بدأ الأحد الماضي بعنوان (مصر تنتخب).. بينما ما زالت قناة دريم المصرية الخاصة تتابع الحدث في فقرة طويلة من برنامجها (العاشرة مساء).. حيث تلتقي يوميا واحدا من المعازيم التسعة في حفل العريس الكبير.. حسني الزعيم! أما قناة الجزيرة الإخبارية وبعد تحفظ ٍ طال كثيرا تجاه كل ما يأتي من مصر.. فقد أعلنت عن عرض ٍ يومي يبدأ أول سبتمبر بعنوان (تغطية خاصة لانتخابات الرئاسة المصرية).. عنوان هادئ يتسم بطابع الحياد الذي تريده القناة لنفسها منذ نشأتها.. في حين تستمر قناة (الجزيرة مباشر) بشكل شبه يومي في نقل أجزاء من مؤتمرات المرشحين في مختلف محافظات مصر. قناة العربية- وكالعادة- تتعامل مع الأمر على طريقة (إللي يتجوز أمي أقوله يا عمي)! مرور سريع خاطف على المعازيم في الفرح.. بينما التركيز الأكبر هو بالطبع على العم حسني! سواء في تقارير الأخبار اليومية عن فعاليات الفرح.. أو في اللقاءات الحية و المسجلة.. مع من يقومون عادة في مثل هذه الأفراح بدور(المحلل)! قناة BBC WORLD تبث تقارير تتسم ببرود الإنجليز.. تفضح بطء فهمهم.. فهم وحدهم الذين لا يعرفون (حتى الآن) نتيجة التصويت في الانتخابات... القادمة! ورغم أن معظم الفضائيات سيطر على اهتماماتها خلال هذا الأسبوع الجدل الكبير حول صياغة الدستور العراقي.. إلا أن الحدث العراقي برمته هو حدث يجلب الغم والنكد.. والحزن على الوضع الضبابي للعراق، بينما الانتخابات المصرية هي حدث يشرح القلب!.. لا من حيث الإثارة التي يسببها غموض التوقعات مثلا حول من سيفوز.. توم أم جيري! وإنما من حيث ما يسمى بكوميديا الموقف! أخبار المرشحين وجولاتهم في مصر من قِبلي لبحري وهتافات أتباعهم.. تشبه ما يسمى إعلاميا.. الأخبار الخفيفة، دُب ولد بأذن واحدة في حديقة حيوان ألمانية.. رجل وصل طول شاربه إلى أربعة أمتار في الهند.. عجوز في التسعين من عمرها في ألبانيا نبتت لها أسنان وعاودتها الدورة الشهرية بعد انقطاع خمسين عاما!.. إلى آخر هذه الطرائف من أنحاء الدنيا! الانتخابات في مصر واحدة من هذه الأخبار، عروس في الألف السابعة من عمرها.. يتسابق على الظفر بها عشرة عرسان.. من بينهم زوجها! على هزل ذلك الخبر.. فإن ما يُبث كل يوم على شاشات الفضائيات يُظهر تفاصيله كسباق هزلي، لكن في نفس الوقت.. قد تنظر العروس بيأس إلى مهازل المتسابقين.. وفي جوفها حلم ولو يائس.. بالتغيير! تغيير مَن كتم نفسها طويلا.. حتى لو صبغ شعره وظهر خلال السباق في (نيو لوك)! من المضحكات المبكيات في مهازل السباق أن أحد الحضور في مؤتمر لواحد من المرشحين سأل الأخ الدكتور المرشح- ومعظمهم بالمناسبة دكاترة-:(لو فزت حتغيّر الدستور؟) فأجابه المرشح:(أنت ماللك ياابني ومال الدستور)! وفي نفس المؤتمر تقدم صحفي غريب عن الدار- مسكين مش فاهم هو بيغطي إيه أصلا- سأل بجدية تثير الشفقة وتقطّع القلب:(ما موقفكم من القضية الفلسطينية؟) فقال له الأخ المرشح:(فلسطين في نن عيني)! حينها انطلقت جماعة الهتيفة تصفق وتهتف:(الصحافة فين.. الرئيس أهوه.. أووه أووه)! وفي إحدى المظاهرات كان هناك فريقان.. أحدهما يهتف بسقوط مبارك.. والفريق الآخر واضح أنه من هؤلاء البلطجية.. الذين تستأجرهم وزارة الداخلية بعشرين جنيه للبلطجي الواحد.. كان يهتف ببقاء مبارك، كلا الفريقين يقفان على رصيفين متقابلين في أحد ميادين القاهرة.. السيارات العابرة تلقي نظرة وتمر، وقوات الأمن أكثر عددا من المتظاهرين.. يشبهون بعضهم وكأنهم خرجوا للتو من معمل لاستنساخ البشر! بينما كاميرات مصوري وكالات الأنباء تتنقل بين الفريقين مع كل هتاف، فريق يهتف ضد مبارك:(مش عايزينه.. مش عايزينه) فيرد أفراد الفريق الآخر:( لأ عايزينه.. لأ عايزينه)! اقترب شاب من بتوع (مش عايزينه) من إحدى الكاميرات.. وموجها كلامه لبتوع (عايزينه) قال:(عايزينه؟.. خدوه)! قناة الجزيرة مباشر بثت أجزاء من تسجيل لجولة المرشح أيمن نور في محافظة المنيا بصعيد مصر، بعد أن نزل المرشح من القطار في محطة المنيا وحوله زحام شديد من المواطنين يحيطون به، سار بينهم يجفف عرقه من حر صيف الصعيد، من الواضح أن مجهودا كبيرا تم في التصوير.. أمام المرشح وخلفه ومن أماكن مرتفعة.. المواطنون ينتمي معظمهم إلى طبقات كادحة أو معدمة.. تعرف ذلك من ملابسهم وهرولتهم حول (البيه الجاي من القاهرة).. وهتافاتهم وانقضاضهم عليه لتقبيله.. أو لتسليمه قائمة طلبات لابد أنها بسيطة.. يحلمون منذ ألف عام أن تحققها لهم حكومة القاهرة القابضة.. دون مجيب، لكن الطريف في هذا الزحام وقبل أن يستقر المرشح ممسكا بالميكروفون كان.. تلك (الزفة) التي أقيمت للعريس الانتخابي! طبل وغناء صعيدي وهتافات:(أيمن نور يا بلاش.. واحد غيره مينفعناش)! أحد المواطنين ظن أن اسم المرشح (أنور بيه)! فراح يهتف له هتافا قديما.. كان المتظاهرون يستخدمونه في السبعينات (ضد) الرئيس أنور السادات.. في مجال الشكوى من الغلاء والمعارضة له وليس لصالحه! أنور بيه يا أنور بيه.. جوز الجزمة بعشره جنيه! مع أن جوز الجزمة الآن بعشرة أضعاف ثمنها أيام الشكوى من غلاء السادات! إلا أن ذلك المواطن المصري المنسي في الصعيد.. التبس عليه الأمر على ما يبدو.. بين من يشكو منه ومن يشكو إليه! وعلى ذكر الجزمة.. وفي حلقة الاثنين من برنامج قناة الحرة (مصر تنتخب) نوقش موقف الصحافة المصرية مرئية ومكتوبة تجاه أول انتخابات رئاسية في مصر.. وكان الضيوف رئيس تحرير مجلة روزا اليوسف الحكومية ورئيس تحرير جريدة صوت الأمة المستقلة ومدير قناة دريم الخاصة، انقسمت الآراء حول الصحافة الحكومية.. رأي يقول بتطورها في ظل انطلاق لن يتوقف لقطار الديمقراطية.. ورأي يسوق الحجة تلو الأخرى على فسادها المرتبط بفساد النظام الحاكم، قال رئيس تحرير جريدة صوت الأمة: إن الصحافة المستقلة تشبع رغبة المواطن المكتومة في (المشاغبة السياسية) وإن (حرية الكلام والنقد للنظام ورأسه في مصر) ليست منحة من ذلك النظام حتى تحُسب له.. ومع ذلك.. والكلام مازال لرئيس تحرير صوت الأمة.. فقد تم (تهديدنا) بأنه بعد 7 سبتمبر.. (حتاخدوا بالجزمة)! هذه بعض مضحكات ومبكيات الفرح! فرح الانتخابات سابقة التحضير والنتائج! وكل ما يدار حولها من نقاش وتحليل.. هو تمرير لصورة ليس لها أساس على الأرض.. هو من قبيل ضرب نار في الهواء! وحتى من يضرب النار في الهواء.. فإن (جزمة) العريس تنتظره بعد انتهاء هيصة الفرح! أما العروس التي أقيمت لها هذه الهيصة.. فقد سبق وأن اغتصبها العريس القائد قبل بدء السباق! ثم راح (يُهوّش) الناس في الفرح: محّدش يضرب نار.... العروسة حامل!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يعني إيه واحد يعشق الكتابة؟
-
وكأن الحكاية جد: مرشحون.. لكن ظرفاء!
-
الانسحاب من غزة: بالطبع الفرحة ناقصة
-
لقطات من الفضائيات
-
وزير جميل في زمن قبيح
-
موريتانيا والظواهري والمستوطنين: حصاد الأسبوع الفضائي
-
الألوسيات وهندسيات الخرافة في برامج التنجيم والسحر على الفضا
...
-
ملح غاندي وطائرات بن لادن
-
القضاة المصريون: هل يصبحون آباء مؤسسين لعهد جديد
-
النقد في مكان آخر: وداعا فضائيات
-
أفلام الرعب: مصاصو الدماء في كل مكان
-
عن تأثيرهم في معادلة التغيير المصرية(2/2): الفلاحون والجيش..
...
-
أسامة الباز وأول بيانات الإفلاس السياسي
-
سيد القمني ووضع المفكر العربي بين رصاص الإسلاميين وسكين اللي
...
-
عن تأثيرهم في معادلة التغيير المصرية: الفلاحون والجيش أرقام
...
-
عندما يكون المذبوح واحد منا
-
محمد أركون ونزعة الأنسنة في الفكر العربي
-
وراء الإرهاب الفردي وإرهاب الجيوش فتش عن غياب العدالة
-
أنس الفقي يدعو إلى إعلام الأعمال: بحبك يا ستاموني!
-
العرب بين وثائقيات استكشافية وأخرى غارقة في الماضي
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|