أنطونيوس نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 10:28
المحور:
الادب والفن
1.
"ويسألونكَ ما الروح"
قُل هي روحي
الأكثرُ جمالاً
مِن هيلين الطروادية
الأكثرُ نقاءً
مِن بسماتِ الرُّضعاء
لم يكن رفيفُ أجنحةِ الملائكةِ
إلا صدىً شاحباً
لمطرِ الدفءِ المنسكبِ بين شفتيها
قالوا أن
"في الفِردَوسِ ما لم يره بشرٌ"
أما أنا فرأيتُ في عينيها
المترعتين بالفراشات
ملايينَ الفراديسِ المستحيلة
قالوا أن
"الدنيا مزرعةُ الآخرة"
أما أنا فرأيتُ الياسمينَ السرمديّ
ينبجسُ مِن كُلِّ جدارٍ
ارتوى برشفةٍ مِن خمرِ أنفاسِها
فعرفتُ أن هذي الدُّنيا
لا تستحق أن تصيرَ
غباراً هشيشاً
تطأه هي بقدميها المقدستين
2.
لا تسألوا مرتاعين
"لِمَ العالمُ يرزحُ لاهثاً
تحتَ أنيارِ الصمتِ؟"
فكُلُّ طيورِ العالم
كانت ضارعةً تجيءُ إليها
لتقتاتَ على فُتاتٍ مِن حنانِ أناملِها
قبل أن تسألوا
اُنظروا فيما تتعثرون
فدروبُكم متخمةٌ بجثثِ التغاريدِ السَغبى
ابتروا ألسنةَ فحولِ شعرائكم
وانثروا رمادَها نهباً للريح الصَّلخاء
ما أشعارُكم إلا فحيحٌ آسنٌ كذوب
وما وَحيُكم إلا قيحُ استٍ ثرثار
فأنتم لم تسمعوها
وهي تقرأُ "قائمةَ الطعام"
وهي تنشدُ قصيدةَ "قائمةِ الطعام"
وهي تتلو آياتٍ من فرقانِ "قائمةِ الطعام"
هاتوا عِظامَ لُغتِكم العَطِنة
واغمسوها قليلاً في مِدادِ همسِها الرقراق
فهمسُها يُحيي الحروفَ وهي رميم
ويكسو الصريرَ لحماً مِن الشِّعرِ
3.
لكن أينَ همسُها؟
لا شيءَ سوى غِربانِ الغيابِ النَهِمة
ترشقُ مناسرَ نعيبِها في كبدِي
أينَ همسُها يا ملاعين؟
بيني وبينه نصبتم ملايينَ الصُّلبانِ
كُلُّ لُحيظةٍ صليب
وكُلُّ صليبٍ يمتطي ظهري
دهرٌ مِن الظمإِ وفيضٌ مِن السعير
"أنا عطشان"
اصرفوا عني خمرَ بلادتِكم
الممزوجَ بخَلِّ الفرحِ الرخيص
هأنذا أبصقُ في وجوهِكم الشائهةِ
قبل أن أبصقَ في قَدَحِكم المُرّ
"حبيبتي حبيبتي لماذا تركتِني"
سأغفرُ لكم لطمي وجلدي وصلبي
ولكنني لن أغفر لكم حياةً بعدها
ولا بسمةً بعدها
انحتوا لكم قبوراً في أخاديرِ الأرضِ
اسكنوها واختموا أشداقَهم بالصخورِ
لأنني لن أتلعثم في حشرجتي الأخيرة
قائلاً "قد أُكمل"
سأصرخُ ملءَ الجُرحِ الغاضبِ
صائحاً "قد ماتت"
حينها ستنهمرُ السماءُ
على رءوسِكم مطراً مِن الشظايا
وسيحفرُ الطوفانُ المضطرمُ
بسماتٍ غوائِرَ في أبدانِكم
لأنكم لم تشهدوا مثلي
"أن لا إلهَ إلا هي"
#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟