|
الحسين .. الموالون والمخالفون
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 23:20
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الحسين بن علي بن ابي طالب ،امه فاطمة الزهراء ابنت محمد رسول الله ، ثار على انحراف الحكم الأموي وتحريف مبادئ الدين الأسلامي بتولي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين مخالف بذلك مبادئ الدين الأسلامي ومستغلا ً سطوة بني امية ومسكهم زمام السلطة ايام ابيه معاوية ابن ابي سفيان ،لقد كان يزيد فاسق فاجر شارب للخمور مما يتعارض مع مبادئ الأسلام وكان الحسين يمثل مرجع الأمة بما يحمله من فقه وعلم وخلق وقرابة من رسول الله . قيل في الحسين : قيل لعبد الله بن عباس الملقب بحبر الأمة : كيف تؤخذ بركاب الحسن والحسين وانت اسن منهما . اجاب : انهما ابنا رسول الله ومن سعادتي ان اقوم بذلك . وقال عمر بن الخطاب للحسين : انما انبت ماترى في رؤسنا الله ثم انتم . وقال عثمان بن عفان : الحسن والحسين فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة . وعندما اشير على معاوية وهوخليفة ان يكتب للحسين مايعيبه فقال : وهل هناك في الحسين مايعيبه . وفي الواقع ان كلمة المسلمين لم تتّفق في شيء كاتّفاقهم على فضل أهل البيت وعلوّ مقامهم العلمي والروحي، وانطوائهم على مجموعة الكمالات التي أراد الله للإنسانية أن تتحلى بها . ويعود هذا آلاتّفاق إلى جملة من الاُصول ، منها تصريح الذكر الحكيم بالموقع الخاص لأهل البيت من خلال النصوص على تطهيرهم من الرجس، وأنّهم القربى الذين تجب مودّتهم كأجر للرسالة التي أتحف الله بها الإنسانية جمعاء، وأنّهم الأبرار الذين أخلصوا الطاعة لله وخافواعذاب الله وجبلوا على خشيته ، فضمن لهم الجنّة والنجاة من عذابه ، ومنها ما برز من سيرتهم العطرة المطرزة بالعلم والحكمة والخلق النبيل ووقوفهم مدافعين عن الحق . ومن عصرنا الحديث : يقول المهاتما غاندي : تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما ً فأنتصر . وقال ايضا ً : طالعت بدقة حياة شهيد الاسلام الكبير ودققت النظر في صفحا ت كربلاء وأتضح لي ان الهند أذا أرادة أحراز النصر فلا بد من أقتفاء سيرة الامام الحسين . وقال محمد علي جناح ثائر دولة باكستان : لانجد في العالم مثالا ً للشجاعة كتضحية الامام الحسين بنفسه وأعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذو حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحى بنفسه في أرض العراق . ويقول توماس كارليل، الفيلسوف والمؤرخ الإنجليزي : أسمى درس نتعلمه من مأساة كر بلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله، وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحقّ والباطل. والذي أثار دهشتي هو انتصار الحسين رغم قلّة الفئة التي كانت معه . وهكذا غيرهم الكثير كل من أطلع على ثورة الحسين وفهم معانيها لايملك ألاّ الانفعال بها . من رسالة للحسين الى معاوية عندما حاول توريث الحكم الى يزيد : ( تريد ان توهم الناس في يزيد ،كأنك تصف محجوبا ً أو تنعت غائبا ً أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص . وقد دل يزيد من نفسه على موضع رأيه ،فخذ ليزيد فيما أخذ فيه من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش ،والحمام السبق لأترابهن ،والقيان ذات المعازف،وضرب الملاهي تجده باصرا ً.ودع عنك ما تحاول ،فما أغناك أن تلقى الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ) . ولم يكن يجرؤ في زمان خلافة معاوية على رد كهذا او مخالفة بالرأي غير الحسين ، وهذه الرسالة وغيرها مما يشبهها تدل دلالة واضحة على عظيم شخصية الحسين ومقدرته الواضحة على الرد على طغاة بني امية الذين يماثلون طغاة العصور الحاضرة ممن يغريهم الملك . الحسين كان يمثل دين الأسلام ولم يكن لفئة دون اخرى : ان مفجر ثورة كربلاءوقائدها ليس فقط قائد شجاع لم يرهبه الموت ولم يخيفه بطش الأمويين وقسوتهم مع خصومهم بما كان لديهم من ادوات الحكم والأغراء والتسلط ،ولكنه يمتاز بصفات أخرى أنه سليل الأنبياء ،هو من أطلق رسول الله محمد عليه وعلى أخيه ب( سيدا شباب أهل الجنة ) ، فهو إذن من صفوة آل الرسول فلا عجب ان يكون الفدائي الثاني الذي ابدع بالمواجهة الملحمية رغم قلة عدد اصحابه، بعد ان كان أبيه علي بن ابي طالب الفدائي الأول في صدر الرسالة . ولم يكن يمثل فئة او مذهب معين بقدر ما كان يمثل الشجاعة التي لاتقبل بالظلم والجور والأنحراف ومع ان مثل هكذا ثوار موجودون في اغلب صفحات التاريخ ، في اماكن وازمان متفرقة ،غير ان ما اعطى ثورة الحسين التمييز الذي لايمكن نكرانه في نفوس الناس من مختلف المذاهب والأديان هو الكثير من الأمور المهمة منها : - شخصية قائد الثورة ، من حيث تميزه بالعلم والصفات النبيلة وقرابته من رسول الله ،وكونه شهيد ابن شهيد وابو لسلسلة من شهداء آل البيت من بعده . - عظم ووضوح الهدف الذي تنشده الثورة حيث كانت تهدف الى تغيير اخلاقية الهزيمة لدى الأمة التي فرضها عليها بني امية ،الى اخلاقيتها التي تبرز فيها ارادتها وكان الحسين يتمثل بأبيات تدل على عظيم الهدف الذي ينشده وعدم مبالاته بالموت : سأمضي وما بالموت عار على الفتى... أذا ما نوى خيرا ً وجاهد مسلما - الظلم والجور والتنكيل والأهمال الذي تعرض له الناس ايام حكم بني امية وقد زاد الطين بلة شخصية الخصم العابثة اللاهية التي كان يمثلها يزيد . - واقعة الطف التي حصلت بدون تكافؤ بين صحابة الحسين الذين تميزوا بفدائيتهم واستماتتهم فداء لقائد الثورة ولما يحمله من مبادئ ومثل ،وبين جيش يزيد الكبير العدد والذي جمعته الأطماع وبذل الأموال والوعود الدنيوية والذي رغم عدده وعديده استخدم طرق رذيلة في المنازلة مثل منع الماء عن صحابة الحسين ،والتمثيل بالجثث وحمل الرؤوس وسبي آل الرسول من العراق الى الشام والتنكيل بالمعارضين او المعترضين على قتال الحسين . - كان الدم الحسيني الذي أعلن الانتصار الأبدي على السيف في معركة الحق والباطل الأزلية ، المثل الملهم لكل ثائر في الحياة ، والحماس لكل من يتخذه مثلا ً في مواجهة الظلمة والفاسدين في كل عصر وحين ، وبالتالي فمن الخطأ ان نعيب اليوم على الناس الأحتفال بواقعة ثورة الحسين لأن تمسكهم بها لايعطيهم الثواب الآخروي فقط بل يعطيهم قوة الأحتجاج والمنازلة ضد الظلم والظالمين . - الفارق الكبير بين نتيجة المعركة والنتيجة التاريخية والتي كتبت قصة انتصار الدم على السيف ، ورغم استمرار عداء الطغاة لذكر الحسين في اغلب العصور التي تلت الواقعة وخوفهم منه ومضايقتهم لأحبائه ،غير ان ذكره في علو ،واعداد محبيه والمحتفلين بذكراه في زياده ،وقد رأينا ان مختلف الطوائف والأديان تزور قبره ، واليوم تحيي ذكراه الملايين في كل ارجاء الأرض ،ومن الخطأ ان نرد هذا الى اتجاهات سياسية او منافع لأنه استمر بنفس الشاكلة منذ واقعة كربلاء قبل 1400 سنة والى اليوم . المخالفون : ان من يعترضون على ثورة الحسين هم متبعي أبن تيمية الحراني الدمشقي والذي ظهر في القرن السابع وقد أجمع علماء المسلمين ،سنة وشيعة ، على أنحراف وشذوذ عقائده ،غير ان هناك اليوم من يعيد اراءه في اتباع امير المسلمين حتى ولو كان فاسقا ً كيزيد بن معاوية ، كما ان هناك من ينظر دون فهم لثورة الحسين ، واعتبارها انقيادا ً دينيا او مذهبيا ً او سياسيا ً ، وعندما تذكر له بعض الثورات التي نجحت لمرحلة قصيرة زائلة ،فأنه سيبدي عظيم التقدير والأهتمام ! وهناك من يناصبون الشيعة العداء فينتقدون ثورة كربلاء،وكأن ثورة الحسين تعني الشيعة فقط ، وهي في واقع الأمر أجرأ ثورة عبر التاريخ واعظم صرخة حق بوجه الظلمة والمرتدين حيث لايزال فضاء كربلاء يردد صداها ويعيد مشاهدها على الأجيال من اي قومية او مذهب كانوا ، والذين يجدون فيها العَبرة والعِبرة الصالحة لكل زمان مادام هناك ظلمة وطغاة ومظلومين . . [email protected]
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سر القصف الصهيوني لسورية
-
ضبابية السياسة الأمريكية
-
الأنسان يطير الى الكواكب ..ج3
-
الأنسان يطير الى الفضاء .. ج2
-
الأنسان يطير الى الكواكب .. ج1
-
حقوق الأنسان والنفاق الدولي
-
الشرق الأوسط .. الحق والباطل
-
فرص التوازن الدولي
-
تركة معالي الوزير
-
فكرة عن ما يحيط بنا من كون
-
الهلال الشيعي بين الغرب والبريكس
-
العمالة الأجنبية داء وليس دواء
-
الأفضل لأمريكا
-
آفاق الصراع في الشرق الأوسط
-
كيف توسعت داعش
-
العراقيون على مشارف حصار اقتصادي جديد
-
السعادة
-
النفط يتخلى عن الصدارة
-
وعد بلفور والتكفير عن الذنب
-
حلف امبراطورية داعش العظمى
المزيد.....
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|