أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كاظم فرج - إنثيالات من واقع صديء














المزيد.....

إنثيالات من واقع صديء


سلام كاظم فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 14:00
المحور: الادب والفن
    



حين نشر الدكتور طه حسين كتابه (في الشعر الجاهلي..) في عام 1930 أحدث ضجة فكرية في أوساط العامة والمثقفين.. ضجة كان يرجوها ويتمناها.. لكنها جاءت مخيبة لآماله وما كان ينتظره منها.. فقد خرجت تظاهرات يتزعمها الاخوان المسلمون ( من طلبة جامعة القاهرة ) تطالب بمحاكمة الدكتور وفصله من رئاسة الجامعة المصرية. ومن بين الشعارات الصاخبة كان هذا الشعار ..( يا أعمى العينين..) ولم يكن للدكتور عشيرة تحميه.. ولا حزبا قويا ( ربما.. عدا حزب الوطنيين الاحرار..)وكان حزبا هيكليا لا يمتلك قواعدا شعبية تذكر.. لكن الدكتور خرج للمتظاهرين من على شرفة تطل على الساحة وخاطب المنددين بكتابه..( لقد أعمى الله عيوني.. لكي لا أرى وجوهكم القبيحة..).. كنت اتمنى ان تكون الردود على كتابي بدراسات مماثلة تفنده وتغنيه..
وموجز ما أثار حفيظة جماهير الاخوان المسلمين من أميين ومتعلمين مجموعة افكار بسيطة.. لكنها مهمة في ذلك الزمن.. تتلخص بإنكار حقيقة الشعر الجاهلي زعم فيه الدكتور ان اغلبه من صناعة الرواة.. حماد الراوية وخلف الاحمر.. سيما ان الخلفاء كانوا يمنحون مكافآت مجزية لمن يأتي بقصيدة فريدة من تلك العصور الغابرة.. وعلل الدكتور فكرته ان لغة قريش لم تكن هي السائدة.. وكل المعلقات مكتوبة بلغة قريش... وعرض الدكتور نظرية ديكارت حول الشك الذي يسبق اليقين مما يتطلب لكي يكون الباحث علميا وموضوعيا ان يطرح مسبقا كل قناعاته المسبقة بما فيها الدينية ويبدأ البحث من جديد.. ومن بين ما ذكره ان الشاعر امية بن ابي الصلت كان قد تناول موضوعة الجنة والنار والإله الواحد. والآخرة في بعض قصائده. وإنه بهذا سبق القرآن الكريم في بعض موضوعات السور المكية..
لقد نجحت التظاهرات.. وأحيل الدكتور للمحاكمة.. وسحب كتابه من الاسواق.. واضطر الى إعادة طبعه بتعديلات بسيطة بعد اعوام تحت عنوان في الادب الجاهلي..
والكتابان متوفران الان في المكتبات..!!
وبالتالي فقد كتبت بعض الدراسات في معارضة آراء الدكتور.. وأخرى في تأييده.. وكان حينها يسعى الى إشاعة الفكر التنويري بالتعريف بديكارت.. اكثر مما كان معنيا بحماد الراوية او بطرفة بن العبد.. فقد كان موقنا ان الوقوف طويلا عند بوابة الشعر والنثر التقليدي القديم..لن ينجب أمة ناهضة. ولا بد من ولوج بوابة التفكير العقلاني المتحرر من الموروث.. ولم يكن الدكتور كافرا كما أدعى منظمو التظاهرات .. وقد كتب على هامش السيرة. وعشرات الكتب التي تتناول التراث.. دون ان يتخلى عن رسالته التنويرية في اعتماد مبدأ الشك قبل اليقين..
إنثيال ثان// حين خلع شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري وصديقه الشاعر محمد صالح بحر العلوم. عمامتيهما... لم يكن ذلك الخلع استهانة بالعمامة بقدر ما كان يعني أحتراما للتوجه الجديد والنغيير الذي طرأ على فكريهما.. فما عادا أبنين صالحين للحوزة الدينية .... وقد تحولا الى الفكر الاشتراكي الديمقراطي ... وكانت الماركسية حينذاك في بداية تكورها في العراق.. لكنها على صعيد العالم كانت نظرية العصر بلا منازع (كمايقول سارتر ) ..وإنشودة الثوريين والتقدميين. وانتصارات الجيش الاحمر تملأ الصحف والاذاعات.. و
من اجل ذلك واحتراما لنفسيهما وللعمامة وللفكر الجديد الذي تبنياه.. تركا العمامة والعباءة في ركن منزو من مقهى بغدادي..!!.
واحد فقط من قدامى اليساريين لم يفعلها تقية وتمويها محسوبا.. من اجل تمشية بعض الامور التنظيمية والحزبية التي لم ينوء بها كاهل الجواهري او بحر العلوم. اعني به.. عبد الله مسعود القريني. فهذا الرجل كان معمما. ومن قراء المنبر الحسيني. وكان متكلما مفوها وخطيبا مقنعا .. استطاع زعيم الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف(فهد..) أن يشخص نبوغه الفكري.. من خلال اول لقاء جمعهما... فكان عضوا فاعلا في اللجنة المركزية للحزب..واستمر الرجل رغم منصبه القيادي السري يرتدي العمامة لفترة ليست بالقصيرة.. إلى أن كشف سره القائد المنهار تحت وطأة التعذيب مالك سيف فأضطر الى هجر الشيوعية والعمامة معا وارتضى بوظيفة بسيطة في الكمارك مقابل العفو عنه بعد إعلان البراءة !! لكن هذا امر استثنائي..
وما يهمني هنا ان الجواهري ورغم خلع العمامة.. ورغم كل قصائده اليسارية..كتب عن الامام الحسين أجمل قصائده( آمنت بالحسين !!) في قصيدته تلمح تلك الشكوك الفلسفية التي ورثها من استاذه المعري.. وتضارب قصص الرواة.. ( وقلت لعل الرواة..)... لكنه ينعطف وبشكل جميل الى ان تضحية الحسين الباهرة والتي تفصلها القصيدة الفخمة الجزلة. الى ان تلك التضحية هي التي أبقت الجواهري مرتبطا بالحسين اكثر ممن سواه.. كذلك فعل شعراء كثيرون ممن حسبوا على اليسار العراقي ردحا من الزمن. امثال مظفر النواب وعبد الرزاق عبد الواحد ومحمد علي الخفاجي. وليس آخرهم الشاعر الفذ يحيى السماوي..
فالحسين يرتبط شئنا أم أبينا بكل ماهو جميل وعظيم واستثنائي. وكل فئة ( العراقيون هنا اكثر وضوحا) كل فئة ترى فيه ممثلها ورجلها.. لذلك من المحزن ان يساء اليه وإن بفكرة عابرة.. فالعمامة لا تقرب ولا تبعد مرتديها عن الحسين. . حتى البكاء. .. الإخلاص للفكرة التي ضحى من اجلها هي التي تجعل المرء حسينيا.. وفكرته العدالة / الإصلاح في أمة جده/ بما تعنيه مفردة إصلاح في عالمنا المعاصر// عدالة اجتماعية/ حسن الخلق// تبني هموم الشريحة العريضة للجمهور// والبناء الاقتصادي الفعال الذي-يقلص الفارق بين الطبقات جهد الامكان.. فالحسين في ثورته. .. قد خرج ضد الفساد/ مع المحرومين// ومع مباديء الاسلام//
من أجل كل ذلك/ ولفرك الصدأ عن تأريخ البشرية المعمد بالدم الطهور .. والحزن المقيم لابد ان نكون كلنا حسينيين/ لابمعنى الطائفة/ بل بمعنى الانسانية/ فالحسين في ثورته وقيامه كان الفنار في ليل داج غرقت فيه البشرية ومازالت..
قيام الحسين// كان انسانيا وامميا .. لكل البشر ولكل التواريخ
هكذا كان / وهكذا سيبقى.. نهرا دافقا بالعطاء والرقي والتحضر..



#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنطباعات حول ديوان الشاعرة العراقية سحر سامي الجنابي (على جن ...
- حين تكون الكتابة ممرا للوضوح/ وقفة مع الجزء الثالث من كتاب ا ...
- الحق أقول لكم
- قداس لوردتك , ايتها المرأة
- قواميس النص المفتوح
- خرافة كثرة زوجات الامام الكاظم (ع)
- انطولوجيا القصة البابلية
- رميت الورد
- عن الذين يبحثون عن الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن
- حكم الأزمة.. قراءة التأريخ من منظور معاصر
- لكي نفهم السيد أحمد القبانجي جيدا
- النوم في عسل الذكريات
- سوريا الأمس/ فصة قصيرة
- سوريا الأمس/ قصة قصيرة
- مطارحة أحمد القبانجي النقد
- إنحرافات الايدلوجية والعدمية السياسية
- ماقيمة الشعر؟ قصيدة نثر
- أقصر قصة قصيرة في الكون
- تكريم رجل النظافة القديم
- نجي الوسائد / وسائدكم .. نص تائه


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كاظم فرج - إنثيالات من واقع صديء