أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام وتأريخ المسلمين ح2















المزيد.....

الإسلام وتأريخ المسلمين ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل النذر تشير إلى حاجة للمواجهة وضرورة وقوعها في لحظة ما بصورة أو أخرى وبالتالي فأن التصادم قادم لا محالة ولا بد منه لكلا الطرفين بين من يريد أن يثبت أن النظام الجديد خالي من الشرعية وفاقد لها ,وبين من يريد أن يرسى منهج أكثر ملائمة في ذهنية لحياة العرب حتى لو كان فيه تعديا على بعض جوانب الرسالة, أن الصراع كان واقعا وحتميا ينتظر فقط أن تنطق الشرارة لأولى, هنا أختار الحسين بن علي عليه السلام أن يتصدى لها ويتحمل نتائجها متيقنا أنه واجب ليس إلا واجب تجاه الرسالة والناس وبقبال الذات.
سارت الأراداة متجه نحو نقطة التلاق التي أريد لها أن تكون حيادية بعيدة عن مركز الرسالة المدينة المنورة وبين دمشق العاصمة السياسية, أنه خيار تخفيف وقع الأثر على المجتمع الإسلامي, وتحيد للعوامل الوجدانية أيضا إلى غير ذلك من المبررات التي ومن ضمنها توفر قاعدة مهمة لطرفي النزاع في مجاور المنطقة الهدف الكوفة والبصرة, فكلاهما رمز لأحدي طرفي النزاع كانت القضية التي تدور لأجلها روح المواجهة هي الحق والباطل, الخير والشر لم تكن مواجهة عسكرية هدفها السلطان بحد ذاته, كانت الحركة من الحسين عليه السلام هي تعرية منهج التدين بالوعي الاستعماري متذرعا ومتسلحا بعدم شرعية النظام أصلا الذي جاء بيزيد لسدة الحكم, أما يزيد فكان مستندا لشرعية سياسية باركها هرم المؤسسة الدينية التي صاغت أصل مدرسة الخلافة الأموية.
لقد صور المؤرخ الإسلامي كل حسب توجهه بأن الصراع كان من قبل السلطة السياسية صراع وجود للرسالة وحفاظا عليها وتأمينا للمكاسب التي جعلت من المجتمع الإسلامي مجتمع جماعة متراصة (من خرج عن إمام زمانه مات ميته جاهلية) هكذا كان المنطق السياسي والديني الذي تسلحت به دمشق وهكذا روج لها مؤرخها لتكون النتيجة أن الحسين بن علي إنسان كافر وخارج عن الملة وأن مقتله شرعي وأن مقتله أيضا كان يسر جده رسول الله وأن من قتله مثاب عند الله وسيرزقه الجنة ليذهب الحسين بفعلته للنار.
لكن في العودة للتراث الذي تذكره البعض عن رسول الله صل لله عليه وأله وسلم وبعد حين أن الحسين قد كانت في نبوءة النبي سيد شباب اهل الجنة, فكيف يتم التوفيق بين نتائج الصراع ورأي المؤرخ الأموي في أن الحسين ذهب للنار غير مأسوف عليه وبين مقولة النبي أنه سيد شباب أهل الجنة, هنا جاء دور الديني الذي يبيع ويشتري في الرسالة ليقول أن سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين وكلاهما في الجنة وكلاهما على الحق وإن الحادثة ما هي إلا اجتهاد من الطرفين مثابان عليه, وأن هذا النزاع يجب أن لا يلقي ظلاله على الأمة وعلى الأمة أن تواصل طاعة الأمير ولو أخذ مالك وجلد ظهرك وحملك ما لا تحمل؟!!!!.
المؤرخ المقابل الذي وإن كان متيقنا أن نتيجة الصراع هي خسارة مادية فحسب أما قيمتها المعنوية فهي بقدرتها على بعث روح الحرية مقابل الاستعباد والاستبداد الطاغوتي وأن ما قدمه الحسين ليس مجرد تنفيذ أرادة ربانية وجهاد في سبيل الله, لكنه في مقابل ذلك ولتبرير مفاصل مهمة مسكوت عنها من قبله يحاول أن يحرك الوعي بالمشكلة بصورة وجدانية حسية ويعبر بها من أطار الفهم الرسالي للجهاد إلى وعي الإنسان المسلم لكي ينسى الكثير من التفاصيل التي لا بد من تذكرها ونحن نعيش القصة.
المؤرخ الكربلائي العاشورائي تجاهل أن الحسين بن علي عليهما السلام كان ضحية التيار الذي يمثله ويسعى لتثبيت قيمه وإن كان ما يسعى إليه هو روح الرسالة, لقد ضحى هذا التيار بجبنه بالحسين والفئة التي نصرته مقابل منفعة مادية أو جبن وبالتالي فأن هذا التيار مشارك في المجزرة بصورة ما ولا يمكن نكرانها ورمي الذنب على المعسكر المقابل, أن هذا التيار هو من قدم رأس الحسين للجلاد بعدما أستدرجه لمكمن الخطر, الحسين لا يتحرك ضمن قاعدة العلم بالغيب دون أن يكون هذا الغيب له مقدمات حضوريه وإن كان عالما بها وبالنتيجة,
خطيئة المؤرخ العاشورائي ليس في تبرئة التيار والكذب على الذات من خلال تصوير المعركة بأنها صراع بين سبعين الف مقاتل مقابل سبعين شخص ليصنع صورة زائفة للبطل الأسطوري الذي يمثل فيه شخص مقابل الف هذا لا يغني القضية التي جاء بها الحسين ولا يخدم بصورة اخرى الهدف الرسالي من النهضة الحسينية التي كان يعلم الإمام الحسين علم اليقين ماهيتها ونتائجها على المدى القريب والبعيد, بما أمتلك من عقلية ترى وتحلل وتكتشف الأفق ببعد نظر يخترق الاعتيادي ويتجاوز المألوف كيف لا وهو من تمتع بمنزلة علمية ودينية لم يتمتع بها احد في كل العالم في وقته.
لقد حول المؤرخ العاشورائي قضية الحسين من ملحمة تصدي للطاغوت إلى ملحمة وجدانية بكائية تخاطب النفوس الضعيفة ولا تخاطب العقل وتحاكم التأريخ, إن نجاح الثورة الحسينية في بقاء شعلتها متوقدة ليس في سردها التأريخي الذي مارسه العاشورائيون ولكن من خلال الفئة القليلة التي جعلت منها طاقة محركة للرسالة على امتداد قرون حتى ترسخت في وجدان الأمه أنها صراع حق ضد الباطل صراع الإيمان بالله أو الإنحياز للطاغوت.
لم ينجح المؤرخ العاشوري في تسويق الحدث تأريخيا كما هو أو كما يجب أن يكون ,أنه أطاح بفكرة الجهاد ضد الباطل وفي سبيل الله من خلال زرع اليأس والخوف والتردد في النفوس بعرض القضية على أنها مصيبة ورزية ومجزرة قبل أن تكون بطولة وتضحية وجهاد, لقد لمسنا في السرد الكربلائي الآهات والندم والعتاب المر بين الحسين وأهل بيته على تلك الفجيعة, بل وصل الأمر في المؤرخ الكربلائي أن جعل الجانب السلبي المتمثل بالبكاء والحسرة والألم هو النتيجة التي ألت لها القضية, حينما يصور أن الأمام السجاد كان باكيا شاكيا طول عمره ولا شرب الماء إلا ونزلت دموعه لتختلط به.
هذا التصور المبالغ في تراجيديته لا يتوافق مع موقف السيدة زينب بنت الامام علي عليهم السلام ولا مع موقف السجاد ذاته وهو يحاجج يزيد في قصره وفي عقر داره عندما تجيب السيدة الكريمة على سؤال يزيد بقولها((فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولأخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة, ونَسأله أن يُكمِل لهم الأجر، ويُجزل لهم الثواب والذخر, ونسأله حسنَ الخلافة، وجميل الإنابة ،إنّه رحيم ودود) أي ان ما تراه السيدة الكريمة أنه نتيجة طبيعية للالتزام بالرسالة وأن ما حدث ما هو إلا قدر مقبول به بل مرحب به دوما, هنا نرى الفرق بين الرواية العاشورائية وبين حقيقة الحدث.
لقد تناولنا صورتين متناقضتين ليس فقط بالمؤدي ولكن أيضا بالتناقض الذي وقعت فيه,ليس المهم أن تورد رواية وتعتقد بصحتها وتتبنى ما تحكم به من نتائج لكن المهم والأهم في القضية أن تعرض هذه الرواية على النقد مقابل معيار جاد ومجرد وحقيقي لتكتشف أن إيمانك بها أو عدم إيمانك إنما يستند إلى قاعدة متينه لا تخرجك من حق ولا تدخلك في باطل, إن النموذجين بالرغم من رسوخ مفاهيمهما في عقلية وذاكرة الغالبية من المسلمين لا يشكلان حقيقة مهمة بل يكشفان عن عمى ألوان عقلي فقط.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الف جني وجنية _ قصة مجنونة
- مشاكل التدخل الإنساني في هيكلية النص الديني
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة
- العراق التأريخي وصناعة التمدن
- العبادي وواضعي العصي بالدواليب
- محاولات لكبح الجنون
- العقل والنتاج المعرفي
- نحن والربيع الأوربي , نسخ تجربة أم تقليد لظاهرة
- البصمة الأولى
- التحولات الكبرى في الصراع بين الأعراب والإسلام من محمد ص إلى ...
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح1
- أنا والسبعين
- مهمة الفكر في تحرير الإنسان
- التراث العراقي المنهوب أمريكيا
- الفكر وقضية المستقبل
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 1


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام وتأريخ المسلمين ح2