صائب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 12:09
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ما ان نصحو من قشعريرة مذبحة جسر الأئمة, ومستواها الاخلاقي المتدني بشكل غير مسبوق, حتى تصدمنا حقيقة من نوع اخر, وهي مستوى الابداع العالي وغير المسبوق, في العملية الارهابية!
من المؤلم الاعتراف بالحقيقة, لكن ذلك الالم اقل بلا شك من الم الحيرة والضياع الذي يضعنا فيه التهرب من مواجهتها. فلكي تتغلب على عدوك, عليك ان تعرف وتعترف بمناطق قوته اولاً.
عدد من قتلوا جاوز الالف, ومئات من الجرحى, واخيراً وليس اخراً 25 مليون مصاب بالرهبة والخوف...دون اي تفجير او سلاح هذه المرة!
ما الذي يخبرنا به المستوى العالي للابداع في العملية لنتوصل اولاً الى من قام بها؟
اولاً, الموضوع اكبر من "السنة" و "الشيعة" كفئات دينية محددة!
....فلم يثبت اي من الطرفين امتلاك مثل تلك القدرة او قريباً منها في يوم من الايام, رغم انهم كانا بحاجة اليها اكثر من اليوم مئات المرات. لايمكننا ان نتهم نفس المجموعات بالتخلف والتخطيط المبدع في نفس الوقت. فـ "السنة" الحقيقيون كانوا قد اضطهدوا مثلهم مثل غيرهم من مواطني العراق والدول العربية التي تحكمها جميعاً انظمة دكتاتورية, دون يتمكنوا ولا تمكن غيرهم من القيام برد يستحق الذكر. الموضوع اكبر وادق تخطيطاً من ردود فعل الشعوب المعتادة..خاصة الشعوب التي نامت تحت الضيم عشرات السنين, ان لم نقل مئاتها.
لم تكن هذه هي العملية الاولى التي لايمكن تفسيرها ضمن امكانيات مجموعات شعبية عراقية او من دول الجوار, لا من ناحية مستوى الوحشية ولا من ناحية مستوى التخطيط. فقد فاقت هذه العملية وبضعة عمليات اخرى كل ما هو معروف او قريب منه, في المنطقة من اساليب عرفتها تلك الشعوب خلال محاربتها لحكوماتها المضظهدة لها.
كتبنا سابقاً عن ضرورة ان يكون الرد بمستوى الارهاب, ان لم يكن ممكناً بالوحشية, فعلى الاقل في الابداع والمبادرة والكفاءة. كأمثلة مما كتبت عن الموضوع, ولتجنب تكرار الكتابة اشير الى:
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=15831
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=21758
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=29190
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=38170
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=39478
ليس الامر امر "سنة وشيعة".
"فالسنة والشيعة" من الناس الاعتياديين والطيبين قد يخطأ بعضهم احياناً وقد يصاب بالجنون احياناً, لكن التخطيط لعمل ارهابي بهذه الوحشية هو امر مختلف, ويتطلب دماً بارداً يختلف عن ثورة العنف التي قد تجتاح انساناً اعتيادياً لفترة قصيرة من الزمن.
"السنة والشيعة" غريبين عن هذا النوع من العمل, ولا نستطيع ان نصدقه او نتخيله معبراً عن العلاقة بينهم.
لكننا نستطيع ان نتخيل تماماً صورة العلاقة التي عبر عنها المئات من السنة من الاعظمية وهم يساهمون في انتشال ضحايا المجزرة شأنهم كشأن الشيعة انفسهم. لا استطيع ان اتخيل شاباً من الاعظمية يفكر قبل ان يتنشل جريحا او غريقاً من دجلة ان يفكر ان كان سنياً او شيعياً, ولا العكس طبعاً.
لكن هذا لا يكفي. الطيبة وحدها لن تقود الى النصر في هذه المعركة الصعبة. اننا بحاجة الى التفكير والمبادرة لتنفيذ ما نصل اليه من نتائج. والى ان يصل قياديوا احزابنا ومنظماتنا الى مستوى المبادرة المطلوبة, او ينتخب الناس اصحاب مبادرة وابداع لمراكز القيادة الشعبية, سيبقى الشعب العراقي بجميع فئاته, يدفع الثمن بدمه ودموعه.
#صائب_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟