|
المنطقة الخضراء عاصمة الفضائيين
علي فهد ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 18:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المنطقة الخضراء عاصمة الفضائيين قد يكون ملف ( الفضائيين ) الذي فتحه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ، أخطر الملفات التي تواجه حكومته بعد ملف ( داعش ) ، لأسباب عديدة ، أهمها أرتباط الملف بدخول عصابات ( داعش ) وتمددها داخل الأراضي العراقية ، وما نتج ولازال عن ذلك من جرائم خطيرة وخسائر بشرية ومادية غير مسبوقة منذ سقوط الدكتاتورية ، اضافة الى مسؤولية أحزاب السلطة ( بمافيها حزبه ) عن هذا الملف تحديداً ، لأن القائمين عليه لابد أن يكونوا في مراكز القرار ، أو مخولين منهم . تعريف ( الفضائي ) في هذا الملف ، هو ( الوهمي ) غير الموجود ، وهو بمستويين ، الأول أن تكون جميع الوثائق الدالة عليه ( مزورة ) ، أي أنه غير موجود أصلاً ، والثاني هو المُعين بوثائق حقيقية ، لكنه لايؤدي عملاً في موقعه الوظيفي ، وفي كلتا الحالتين تكون رواتب هؤلاء قانوناً هي أختلاس للمال العام ، ناهيك عن التداعيات الخطيرة لوجودهم على كل المستويات ، ومنها الملف الأمني الذي لازال الشعب يدفع ضرائبه الباهضة منذ عشرة أعوام . لقد كشف أحتلال الموصل وتداعياته الى الآن هذا الملف المسكوت عنه منذُ سنوات ، بعد انهيار غير مسبوق لقطعات الجيش العراقي في المدينة وحولها ، لم يحدث على مدى تأريخ العسكرية العراقية المشهود لها بالمهنية العالية منذُ تأسيس الجيش العراقي في السادس من كانون الثاني عام 1921 ، ومهما تكن ظروف وتبريرات هذا الانهيار الغريب من قبل القائمين على القرار السياسي والعسكري ، فأن أخطرها جميعاً هو ضعف ( أُسس ) بناء الجيش الجديد وأساليب أدارته ومتابعة تفاصيل أدائه وتجهيزه وبرامج تدريبه ونوعية ومهنية قادته ، حتى جاءت أخطر نتائجه ظاهرة ( الفضائيين ) التي أطاحت بهيبة الجيش وعموم المؤسسة الامنية والحكومة التي تديرها . لكن المتابع للشأن العراقي خلال العقد الماضي وقبل ( فضيحة داعش ) ، لابد أن يكتشف أن ( الفضائيين ) في المؤسسة الأمنية يمثلون جزء من ( جمهورية الفضائيين ) التي هي الجمهورية الرديفة لـ ( جمهورية العراق ) ، هياكلها موجودة في جميع الوزارات والمؤسسات العراقية ، وفروعها في جميع المحافظات ، ولها تمثيل معروف ومؤثر في السفارات العراقية بالخارج ، وعاصمتها هي المنطقة الخضراء في بغداد . أذا كان عدد ( الفضائيين ) الذي أعلنه رئيس الوزراء ( 50 ) خمسون ألفاً في ( 4 ) أربعة فرق في الجيش العراقي من مجموع ( 17 ) فرقة ، وأذا أُضفنا لهم رقماً ( متواضعاً ) في باقي الفرق العسكرية هو ( 50 ) الفاً ، فأن تكاليف هؤلاء ( النخبة المخزية ) ستتجاوز المليارات شهرياً ، قبل أن نضيف لها ( أقرانهم ) في الشرطة وباقي الأجهزة الامنية وباقي مؤسسات الدولة ، لنصل الى تفسير لايقبل الجدل لمنافذ تبديد المال العام خلال السنوات الماضية ، قبل أن نضيف اليه قوائم الاختلاس والسرقات المعلن عنها في ملفات النزاهة ، التي قام بها وزراء ومتنفذون منتمون لأحزاب السلطة ، وصولاً الى قناعة ربما تكون عامة للعراقيين هي ( لو تم القضاء على ظاهرة الفضائيين في مهدها ، لكانت ميزانية العراق أنفجارية منذ سنوات )*. لكن الأخطرهو وجود ( الفضائيون المنتخبون ) ، هؤلاء الذين تناوبوا على كراسي البرلمان العراقي والمواقع التنفيذية والقانونية خلال الدورات الانتخابية منذ سقوط الدكتاتورية البغيضة ومازالوا يتبادلون المواقع فيها ، دون أن ينجزوا واجباتهم الدستورية في أنقاذ الشعب العراقي من مأساته المستمرة منذ نصف قرن ، وقد تقاضوا رواتبهم وأمتيازاتهم وفق قوانين شرعوها لأغراضهم الشخصية والفئوية والحزبية ، وتناسوا شعاراتهم وخطبهم وأدبيات أحزابهم التي سوقوها للشعب قبل وصولهم لمواقع السلطة ، هؤلاء لايختلفون عن أصل مفهوم ( الفضائيين ) في أن وجودهم كان ولايزال بوثائق وطرق قانونية ، لكنهم لم يقوموا بواجباتهم التي حددها القانون ، وليس أدل على ذلك من أن البرلمان العراقي الجديد قد أعاد الى الحكومة قبل اسابيع ، وفي هذا الوقت العصيب ( 400 ) أربعمائة قانون كانت أرسلتها الحكومات المتعاقبة للبرلمان خلال دوراته المتتالية ، دون أن ينجز منها قانوناً واحداً ، ناهيك عن توافق هؤلاء ( الفضائيين المنتخبين ) على عدم مناقشة قوانيين مهمة للعراقيين ، مثل قوانين ( الأحزاب والنفط والغاز والتعداد العام للسكان والمناطق المتنازع عليها ) والقوانين الأخرى التي كانت ستغيير من الاوضاع المتردية التي يعيشها العراقيون ، لكنهم أنجزوا قوانين هامشية مثل تصديق الاتفاقيات مع البلدان الأخرى وقوانين الايفادات والمخصصات وغيرها من القوانيين التي لاتهم المواطن العراقي المفجوع بمصائبه منذ عقود . اذا كانت خطوة رئيس الوزراء العراقي في فتح ملف ( الفضائيين ) هي أوسع وأجرأ خطواته المتلاحقة في تغيير الأداء لمنصبه التنفيذي ، وقد لاقت مثل كل خطواته التي سبقتها ، تأييداً ومساندة من الشعب العراقي ولاقت استحساناً وتفاعلاً من المحيط الاقليمي والدولي ، فأن خطورة نتائجها تتطلب منه قرارات لاحقة تؤكد منهجه المستهدف تصحيح مسار الحكومات التي سبقت حكومته ، وصولاً الى تحقيق الاهداف التي تخدم الشعب الذي ضحى ولازال من أجل حياة كريمة يستحقها ، لكن صعوبة ذلك تتمثل في أن ( فرسان ) الفضائيين وقادتهم هم جميعاً من جيرانه في المنطقة الخضراء ، ومن أذرعهم الفاعلة في هياكل الدولة في الوزارات وادارات المحافظات ، فهل يختار الرجل شعبه في صراعه معهم قبل منصبه وحزبه ليكون مثالاً للوطنية الحقيقية التي سبقه اليها عراقيون لازالوا وسيبقون في ذاكرة الشعب كما نتمنى له ذلك وندعمه ؟ ، أم ستلفه رياح المنطقة الخضراء ( عاصمة الفضائيين ) بعباءة المقبولية والتوافق التي أطاحت بسمعة وتأريخ الكثير من رفاقه السابقين ؟ . نقولها للتأريخ ، أنها فرصة نادرة توفرت الآن لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ، بعد عقد من الاداء السياسي الهزيل لكل نخب الاحزاب التي قادت البلاد من المنطقة الخضراء وتوابعها في المحافظات ، وخاصة الحزب الذي ينتمي اليه ، وهي بتوقيتها ودلالاتها وتأثيراتها اللاحقة ، ستصنع مجداً نوعياً للرجل ولتأريخه وتأريخ حزبه ، أذا أصر على كشف ومحاسبة كل الرؤوس المافيوية التي خططت ونفذت وأدارت وأغتنت من ملف ( الفضائيين ) ، لأن نتائج هذا الملف الخطير كانت مدفوعة أثمانها من دماء العراقيين وتطلعاتهم وأمانيهم بالحياة الآمنة والكريمة لهم ولأجيالهم اللاحقة ، وهي فواتيرموجبة الدفع منه في هذا المنصب التنفيذي للشهداء العراقيين جميعاً ، قبل الأحياء منهم الذين أنهكتهم الأفعال المشينة للدجالين والوصوليين والمزورين والقتلة ، وبعكسه سيضاف الى قائمة لاتليق بالوطنية العراقية التي يعرفها هو وعموم الشعب .
علي فهد ياسين * عبارة كتبها الصديق الفنان التشكيلي ( علي الجنوبي ) في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) اليوم ، وكانت حافزاً لكتابة هذا المقال ، له خالص شكري وأعتزازي .
#علي_فهد_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب القصر .. الرئيس يفضح نفسه ..!
-
جيوش العراق .. !
-
مقارنة بين حارس الوطن وحارس الرئيس ..!
-
بطالة خمس نجوم ..!
-
ظاهرة تغيير الاسماء .. مصفى بيجي مثالاً
-
خطة ( غزوان حامد ) لتحرير الموصل ..!!
-
علاج الرؤساء العرب في الخارج يفضح أنظمتهم ..!!
-
أوراق على رصيفِ عراقي ( 10 )
-
النازحون الى المنطقة الخضراء ..!
-
متضامنون ضدنا ..!!
-
قراءة في مرسوم جمهوري
-
الفشل أمام داعش سيطيح بالجميع ..!!
-
خطأُ فادح نزعم أنه غير مقصود ..!!
-
من منصة الاعدام السوداء الى منصة التتويج الباهرة ..!!
-
العراقيون يُقتلون في الشوارع والبرلمان مهتم بقانون تبليط الش
...
-
الاغتصاب .. من أمير الشعراء الى أُمراء داعش ..!!
-
كوباني .. طاولة قمار القرن ..!!
-
سقطة الرئيس الذي كان شاطراً ..!!
-
الطابور السادس ..!!
-
معرض بغداد الدولي .. دورة ( داعش ) ..!!
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
-
من هنأ الشرع من القادة العرب بتنصيبه رئيسا لسوريا للمرحلة ال
...
-
-هذه هي المرة الأولى التي ألمس فيها أبي-، شابة فلسطينية تلتق
...
-
حماس تفرج عن المجندة الإسرائيلية آغام بيرغر وسط مشاهد مؤثرة
...
-
تحذيرات من تسرب فيروسات خطيرة من مختبر أبحاث في الكونغو بسبب
...
-
فيروس زيكا يتلاعب بالبيولوجيا البشرية لضمان بقائه!.. كيف يفع
...
-
-متلازمة الجلد المحمّص-.. عواقب التعرض الزائد لمصادر التدفئة
...
-
علماء يعثرون على قيء متحجر من عصر الديناصورات في الدنمارك
-
القمر ليس ميتا! .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|