الخلوة اللاشرعية

ظافر العبودي

الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 09:52
المحور: كتابات ساخرة
    

في انسجام ونشوة وفي خلو لاشرعية ..انطلقت 6 مليون من الحيوانات المنوية , كانت انطلاقة مملوءة بالحيوية والنشاط والتأمل ,الجميع عازم ومتوكل أن ينال شرف التلقيح (البويضة) ويخرج لهذا الأمة مهديا منتظرا يخلص الناس والأمة والعالم من ألام الخطيئة والرذيلة ...يهدي الناس للتي هي اقوم ..ينفخ فيمن تبقى من البشر الآنسانية و يملأها سلاما وسكينة ..


يبدو الجميع عازم على ان ينال هذا الشرف العظيم المنافسة عالية جدا,بنفس السرعة والحماس والرغبة والحلم والهدف يتسابقون ,....يكسر جو الصمت احدهم ويصرح للجميع وبصوت عال أنا من سيفوز انا من يحمل المورثات التي ستخلق هذا الآنسان الذي سياتي الى بلاد الرافدين انا من سيلقح البيضة ويخرج مهندسا فلقد تهدمت هذه الآمة ونحن بحاجة لمن يبني هذا البلد الذي تكالبت عليه كل قوى الشر في العالم حتى بعض اهله السيئين ينهشون بلحمة ..نحن ايها الآحبة نحتاج الى مهندس وهذه الكروموسوم الذي احمله والذي سوف يصل الى البيضة عن طريقي سترون كيف تثمر هذه الجينات وتعمل على طفرة وراثية تغير شكل الوطن الى ناطحات سحاب ومساحات خضراء وووووو ........ قاطعه اخر أي مهندس (هاي انت كلش بطران )(1) احنا بيا حال الآمة تحتاج الى فلاح ليزرع هذه الآمة ....الم تنبني كل الحضارات عندما كانت الزراعة ...الفلاح يتمسك بالأرض يعطيها لتعطيه يغير الوان التصحر الذي يغزونا من كل مكان وفي كل شيء تصحرت مبادئنا واحلامنا وروءانا , هذه الأرض يجب ان ترتوي بسواعد الفلاحين ....."لحظة من فضلك انت وين عايش متعرف ان الأمة العليلة لايمكن للمهندس ان يبنيها انها منخورة من الداخل ولايمكن لفلاحك هذا ان يعيد الخضار والجمال الطبيعي اليها أنها امة مريضة ايها الآخوة انا من يحمل الجيد والأفضل لهذه الآمة ان الجينات التي احملها ستولد لكم طبيبا ....يعالج امراض هذه الأمة انها أمة مريضة استوطنت بها كل علل العالم كل الأمراض النفسية انها تعيش الوهم والخرافة ....مازلنا نستأنس بأشعال البخور وطرد الآرواح الشريرة ...مازلنا نبحث عن (علك اخضر)(2) في حضرة الآمام العباس ونمر بالمدرسة الكسنزانية لنعيش الخرافة والوهم على يد الدجالين والمشعوذين أن هذه الأمة تعيش بالآفيون والآمراض النفسية والتخلف أنهم بحاجة لمن يرد الثقة لهم وليخلقهم من جديد ...ايها الشباب الجامح انا من هو احق فيكم في( تلقيح البيضة), استرك أخر وقال ..ها شنو .. أخذتونا حاصل فاصل(3) وكأننا احنا نحمل جينات ومورثات فاسدة , ياجماعة اراءكم كلها على راسي لكن الا تتفقون معي ان هذه الآمة تحتاج الى سياسي بارع ومحاور فذ ....ان هذه الأمة احبتي تحتاج لمن يرسم لها فلسفة في الحياة يضع منهاجا ودستورا يعيد ترتيب افكار هذه الآمة حيوان أخر .....رجاءا اسكت مصيبتنا كلها من وراء السياسين . .....في البداية كلهم وطنيون وبعدين يتمسكنون حتى يتمكنون وتنهب الآمة بليلة ظلمة ويصير التوظيف اذا كنت تنتمي الى هذا الحزب او ذاك أو هذه العشيرة او تلك شروكي لو معيدي (4) تكريتي لو محمداوي ..خلينا الله يخليك من السياسيين.....
ظل الجدال بين ال6 مليون نسمة وهي تسبح بحمد ربك عفوا تسبح في المجرى كل يبحت عن مخرج لهذا الوطن الجريج وتعالت الآصوات هنا وهناك ...هذا يريد نجارا لسبب ما وهذا سيلقح البيضة ويخرج منها مفكرا واخر رساما والآخر فيلسوفا ..... . الجميع يتفاجأ بأحد الحيوانات واذا به يجمع كل قواه في الأمتار الآخيرة كما يفعل عداءوا المغرب في سباقات المسافات الطويلة ويترك الجميع من خلفة منطلقا يكتسح الجميع ويذهب بعيدا يختفي عن الآنظار ..يضيع حلم الباقين تتبخر امالهم واحلامهم في فرصةالفوز لنيل شرف لقب تخليص هذه الآمة بولادة مولود جديد يفكر بشكل جديد ويمارس دوره بشكل وطني جديد يجعل لهذه الآمة المتعبة مخرجا جديد لعالم جديد تسوده المودة والحب والعدالة والآنسانية والتطور والعلم والرفاهية .
ظلت بعض من هذه الجحافل تتسابق رغم فرصتها الضئيلة لكنها ظلت تقاوم واذا بالجميع يتفاجأ ..حيث عاد بن جونسن عفوا الحيوان المنوي النشيط ,عاد وليقف في منتصف الطريق رافعا يديه الى الآعلى ...مناديا للجميع ...توقفوا ..توقفوا ....ايها الرفاق لن تتحقق أحلامكم ولن يكون هناك مهندس ولاطبيب ولاعالم ولافلاح ولافيلسوف .. ان هذه الأمة تحتاج الى معجزة وكذلك لآنه ببساطة ايها الاخوة ليست هناك أي بيضة للتلقيح .
.اننا ايها الآخوة في مؤخرة (ط .......ي...... ) حمار. ولايبقى لهذه الآمة غير أنه لاحول ولاقوة الا بالله .

(1) تعبير دارج بين العراقيين .
(2) قطعة قماش خضراء اللون توزع داخل المقدسات .
(3) تعبير دارج بين العراقيين .
(4) لقب يطلق على اهل الجنوب في العراق

#ظافر_العبودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات