|
حين لا ينفع اليمين !
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 18:20
المحور:
كتابات ساخرة
حين لا ينفع اليمين ! كنت أسمع أولاد الجيران يستخدمون عبارة ويظلوا يرددوها حين يلعبون بالحديقة يصاحبها تصفيق حار وابتهاج، يهزجون فيقولون ... ـ إذا ما ينفع اليمين، إستعمل الشَمال ! وكنت أتساءل، وأنا أيضاً لا أزال صغيراً : إذا ما ينفع اليمين، لِمَ لا يستعملوا اليسار ! وذهبت بسؤالي للمرحومة أمي، فأجابتني بأن الشَمال ـ بفتح الشين ـ أيضاً يعني اليسار. بعد ذلك، لاحظتُ بأن معظم الدول العربية تقول بدل اليد اليمين، اليد الشَمال وليس اليسار كما نحن العراقيين نقول. والعبارتين صحيحة، والشمال ـ بفتح الشين ـ هي غير الشِمال ـ بظمها ـ والتي تعني إتجاه القطب الأعلى للأرض. لكن اليسار، إكتشفتُ لاحقاً، يُطلق على أحزاب وشخصيات، فنقول على الحزب أنه يساري وعلى الرجل أنه ذو ميول يسارية، وهي بطبيعة الحال عكس الميول اليمينية. اليسار*، مصطلح يمثل تياراً فكرياً وسياسياً، يميل لتغيير المجتمع نحو مساواة أكثر، وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وجاءت التسمية منذ الثورة الفرنسية حينما جلس النواب الممثلون لطبقات الشعب الكادحة الى يسار قاعة البرلمان يطالبون بالديمقراطية، فصار الجميع يُشير لهم بالنواب الجالسون جهة اليسار. وقد أتخذ المصطلح لاحقاً معانٍ أوسع، لكن بصورة عامة فاليسار السياسي يختلف عن اليمين بتبنيه العدالة الاجتماعية والعلمانية. ومع أن المفهوم العام أن اليسارية والعلمانية يلتقيان في منهجهما غير المتطرف دينياً، لكن في السابق فقد تبنت بعض الحركات اليسارية المعتقدات الدينية، من بينها حركة إنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة على يد القس (مارتن لوثر كنج). × × × تمتد الحدود بين العراق وإيران (جبهة الحرب في الثمانينات) أكثر من 1000 كم، تمتد من جبال كوردستان شمالاً حيث مسؤولية الفيلق الأول والخامس (فل1 وفل5) بفرق مشاته وكتائب مدفعيته، ونزولاً (فل2) في قاطعي مندلي (ديالى) وبدرة وجصان وزرباطية (الكوت) حيث تتحول الأرض الى تلال وديان، ثم (فل4) جبهة (ميسان) وفيها الشيب والطيب والفكه وهنا تمتد الأرض سهولاً فتعمل الفرق المدرعة، وأخيراً (فل3) المكلف بحماية البصرة الحبيبة وشط العرب حيث قواطع الشلامجة وبحيرة الأسماك ونهر جاسم وكشك البصري امتداداً لجزيرة أم الرصاص حتى لسان عجيردة فالفاو. ورغم تعاسة وقسوة الحياة العسكرية وخطورة القصف، يبقى الإنسان يبحث عن مستلزمات راحته. في جبهة الفكه قاطع نهر (دويريج) وفي الربيع تزدان الأرض خضرة وورود وتنتشر أسراب الطيور وقطعان الغزلان بالبراري وتجري جداول صافية مما يبعث بالنفس الطمأنينة، وكانت هذه المناطق أيام السلم تجتذب الأخوة الخليجيين للصيد. تحرك عريف المخابرة (صلاح) بمعية مخابريه لتصليح سلك معطوب في عمق الجبهة، بطريق عودتهم وإذا بهم يجدوا (تانكي ماء) تركته إحدى الوحدات العراقية المنسحبة، وكانوا بأشد الحاجة لمثله فأخذوه ونظفوه وصبغوه وملئوه ماء ووضعوه أمام ملجأهم وخطوا عليه حرفي (مخ) أي صنف المخابرة ليصبح (طابو) لهم، فكان مكسب مهم حتى أن ضباط الوحدة قد حسدوهم عليه. يرتبط (صلاح) بالآمر بصداقه متينة، وكان هذا الأخير (حقاني وابن عرب واخو أخيته)، فعاشوا أحلك الظروف حين لا تميز الطلقة والشظية بين جندي وضابط، غني أو فقير، أمي أو متعلم ... وكان في ساعات الشدة والمصير المشترك يقترب كل العسكر من بعض دون استثناء. في عصريه هادئة وقف الآمر بين ضباطه وجنوده الذين يكنون له كل حب و احترام مداعباً عريفه صلاح وبشكل ودّي ... ـ يابه عريف صلاح لكونك مهندس زراعي نريدك تزرع إلنا فد لاين ورد هنا وخضرة هناك. أجابه صلاح : والله سيدي نسيت الزراعة كلها ! ـ زين، أحجيلنا شوية عن الصياغة مو أنتوا فنانين بالذهب ؟ ـ أعذرني لأن ما أعرف ألحم حتى حلقة. ـ فد كم بيت شعر، خوالك كلهم شعراء. ـ أسف سيدي الجيش نسانا كل شيء ... ـ لعد شتعرف ؟ ـ أعرف أفصخ أكبر جهاز مخابرة وأرجع أشده بنص ساعة ! وهنا ... قاطعهم نائب ضابط جاء من خارج الوحدة (فحطان) من الركض ... ـ سيدي دخيلك، الله يخليك، مخابريك باكوا تانكي المي مال كتيبتي، وهو بذمتي ... التفتَ الآمر لصلاح : يابه صلاح صحيح مخابريك سرقوا التانكي ؟ ـ لا سيدي، ليش ماكو غير تانكيه بالجبهة، حتى هذا غير لون. ـ شمدريك غير لون من تانكيهم، ها ؟ ـ وشمدريه هو هذا التانكي مالهم يا سيدي، قابل طامغه ؟ وهنا قاطعهم الضحية : خلي يحلف وأني أعوفه. وبسرعه نفذ صلاح ما أراد النائب ضابط، فأخفض الرجل رأسه وأعتذر وهمّ بالمغادرة ... نظر الآمر على (صلاح) وهز يده : ما دام حلفت بسرعة ... ألتفت للمشتكي وأكمل : روح أخوية أخذ تانكيك وأنت يا عريف صلاح وربعك رجعوله التانكي ! بقي الرجل متحير بين حلفان (صلاح) وبين قرار الآمر بترجيع التانكي، فاتح فمه ع الآخر وأهبل ! (جبهة الفكة فل4، ربيع عام 82) عماد حياوي المبارك
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقف العالم
-
الرقة
-
جوزتو
-
وداعاً سنت كلاس
-
تيتي ... تيتي
-
بركاتك شيخ سلام
-
أنتوشات
-
شيخصملي
-
أرنبون
المزيد.....
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
-
الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
-
مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا
...
-
مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ-
...
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|