|
أصلبوا داعش
مجدي عياد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 12:43
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من عنوان المقال يبدو انه سيتطرق الي قاضية سياسيه إلي جانب انه يحمل رسالة راديكاليه عنيفه ، مما جعلني اتردد في نشره. سأطرح وجهة نظري وهي تحليل لاسباب العنف واﻻ-;-رهاب لكني ساحتفظ بترفعي عن الانتماءات الايدلوجيه معلنا ان وجهة نظري تحتمل الصواب والخطأ وهي ليست نابعه من اي انتماء ايدولوجي.
قبل البدء سأعمل بوصية سقراط وهي أن أعرف المصطلحات التي سأستخدمها تجنبا لسؤ الفهم واللبس.
أولا الايدلوجيه : وبالانجليزيه (ideology ) مشتقه من كلمة "idea" التي تعني "فكره" فهي تعبر عن العقيده الفكريه. وقد اختلف تعريفها تبعا لاختلاف المنطلق ، ولكني سأستخدمها في هذا المقال بمعني مجموعة الافكار والفلسفات والمعتقدات التي تميز طائفه معينه سياسيه او دينيه او اجتماعيه.
ثانيا الدوجماطيقيه : تسمي ايضا (دوجما) وبالانجليزيه (dogma) ، وهي وهم الاعتقاد بالحقيقه المطلقه ، اي الاعتقاد في فكره او ايدلوجيه معينه انها صحيحه مطلقه نهائيه صالحه لكل البشر في كل زمان ومكان.
ثالثا العلمانيه : هي فصل الدين عن الدوله ، اي استبعاد اي تمييز بين المواطنين بناءا علي انتماءاتهم الدينيه والايدلوجيه. وعدم تشريع قوانين استنادا علي نصوص دينيه.
رابعا الايمان : وبالانجليزيه (faith) تترجم ايضا "الاعتقاد" ، وهو التصديق في شئ بدون برهان . والايمان الديني هو احد انواع الايمان او الاعتقاد ، فهناك مثلا اعتقادات سياسيه وفلسفيه مثل الماركسيه والماديه والمثاليه ، وانا استخدم تلك اللفظه في هذا المقال بالمفهوم الواسع ولا اقصد الايمان الديني فقط. وهناك شكلان من الايمان هما الايمان الدوجماطيقي الذي يقر صاحبه بانه مطلق ، والايمان النسبي الذي يقر صاحبه بانه صحيح بالنسبه اليه ولكنه ليس بالضرورة كذلك لغيره. والشئ المهم الذي أود التاكيد عليه هو ان كلمة الايمان التي سأستخدمها في المقال اقصد بها النوع الاول ، أي الايمان الدوجماطيقي.
خامسا المعرفه : وهي الاعتقاد في شئ وتصديقه عن طريق برهان موضوعي. واود ان الفت نظر القارئ بالتفرقه بين الاعتقاد والمعرفه ، فمثلا يقول شخص ما انه يعتقد في وجود الله ولكنه لا يستطيع ان يقول انه يعرف وجود الله ، فوجود الله ايمان وليس معرفه. ولا يمكن للاعتقاد ان يندرج تحن مرتبة المعرفه.
سادسا الارهاب : لا اقصد تفجير السفارات والسيارات المفخخه والفكر التكفيري فقط ، بل اقصد المعني الواسع للكلمه ، فأي عنف معنوي او مادي يمارس ضد اي بشري هو ارهاب ، ابتداءا من اهانة تلميذ في فصله او احتقار المثليين جنسيا مرورا بتشريط حرية الصحافه والفكر وصولا إلي الفكر التكفيري.
قراءه ممتعه
في ظل الفوضي الفكريه والغموض ، وفي ظل النشرات الاخباريه التي هي في الحقيقة تحليل سياسي يخدم الجهه المعلنه مع الاسف ، اصبحت الرؤيه ضبابيه واعلن الذين يمتلكون قدرا كافيا من الذكاء ترفعهم عن تلك الآراء ، اين السبيل لفهم ما يحدث !؟ من هم الارهابيين ؟ لما يفعلون هذا ؟ وكيف يمارسون العنف ضد الآخرين المختلفين عنهم وهم مرتاحي الضمير ؟ أ هم بشر مثلنا ، يحبون اطفالهم ويمزحون مع اصدقائهم ويشربون عصير القصب ؟ هل هي مؤامره ؟
ان جواب كل هذه الأسئله يكمن في معرفة طبيعة الاعتقاد الدوجماطيقي ، فعندما يصبح انسانا ما معتقدا في شئ كحقيقه فقد استبدل استخدام عقله بالاحتكام الي هذه الفكره. نعم انهم بشر عاديين يحبون اطفالهم ويمزحون مع اصدقائهم ويشربون عصير القصب ، لكنهم اعتقدو في فكره. حسنا ، سيتبادر في ذهنك الآن انك انت ايضا لك معتقداتك ، لكنها خيره ولا تحثك علي ممارسة العنف تجاه المخالف لك. سأوافقك مبدأيا علي ذلك رغم ظني بأن العنف جوهريا يكمن في احتكارك للحقيقه دون الآخر ، وسؤالي لك هو ، هل انت تعتقد في شئ رأيته خيرا ام اعتقدت في شئ هو ايدلوجية موقع ميلادك الجغرافي ؟ هل انت اخترت بنفسك ؟ كذلك ايضا الارهابي هو مجرد شخص أمينا في معتقده مثلي ومثلك ، يري ما يفعله هو ايمان يفوق العقل ، فاستبدل عقله بمعتقد تربي عليه يراه كل الحقيقه ومستعد للتضحيه بنفسه لاجلها. هنا يكمن التناقض في زعم البعض ان هناك اعتقاد دوجماطيقي خير واعتقاد دوجماطيقي شرير.
ان كل محاولات الحكومات والسياسيين لوأد الارهاب كللت بالفشل ، فهم تصرفو مثل طبيب يعالج مريض بأستخدام مسكن للآلام ، كلهم عالجوا العرض (بفتح الراء) لا المرض. هناك حلان الاول هو مقاومة الفيروس نفسه فيروس الدوجماطيقيه ، والثاني هو اجماع كل البشر في ايدلوجيه واحده ، والحل الثاني ما هو الا محاربة الارهاب بالارهاب نفسه ، لذا لم يبقي امامنا سوي الخيار الاول.
تخيلو معي مجتمع مثالي لا احد فيه يزعم بصحة اعتقاداته الايدلوجيه بشكل مطلق ، من البديهي اذا كنت اعطي احتمالا بأنني مخطأ سوف اعطي نفس الاحتمال بأن غيري علي صواب ، مجتمع بشره من هذا النوع لا يمارس العنف الايدلوجي علي الاقل. ومن البديهي ايضا ان زعم المصاب بالفيروس انها مؤامره عليه لا يفيده ، علي الرغم من ان رأيه قد ينم عن إفلاس فكري لكنه صحيح لانها حقا مؤامره من الفيروس نفسه والجهل. ان اكثر المجتمعات بؤسا هي التي تقيم سلطتها علي اساس ايدولوجي او ديني وليس مدني ، فلا شك أن تلك المجتمعات هي الاكثر معاناة من العنصريه والمذهبيه ولا شك ايضا أن المجتمعات العلمانيه هي افضل حال ، فهي اكثر انسانية اللهم إلا من وجهة نظر المخالفين لهم ايدلوجيا الذين يرون في جنة تلك المجتمعات جنهم باطنه.
لا يمكن اجماع البشر علي رأي واحد ولكن يمكن تعليمهم ان يتحلو بالتواضع وتقبل الآخر ولا يأتي ذلك سوي من خلال تعليمهم نبذ الدوجماطيقيه وممارسة الشك تجاه ايدلوجيتهم بنفسهم ، ولا يتحقق ذلك الي في مناخ علماني. نعم فأنا ادعو إلي تمجيد الشك كفضيله ، المشكله اذن ليست في الايمان المتعقل المتشكك بل في ذلك النوع المطلق والمتهور من الايمان ، الذي يزعم انه يفوق العقل رغم ان تلك الفكره ليست سوي محاوله "عقليه" للالتفاف وتمرير ذلك الاعتقاد دون صدام مع الفطره السليمه. فالمعادله هي : مجتمع بدون دوجما = مجتمع بدون داعش
في الختام اود ان اطرح الفكرة التي ظللت ادور حولها وذلك بالعوده الي عنوان المقال وسأطرح السؤال ، من هي داعش التي قصدتها؟ لم اقصد بها فصيل او جماعه معينه ولم اقصد بها الجماعه التي ظهرت في العراق والمشهوره اعلاميا بهذا الاسم ، بل اقصد أن داهش هي الدوجماطيقية .
لعلك ادركت عزيزي القارئ خطورة ما أزعم ، لعلك ادركت أنني أوجه الاتهام لكثيرين بل لمجتمعات بأكملها ، وهل يمكن لمجتمع بأكمله ان يوصف بارهابا ؟ انا شخصيا لا اجد فرق جوهريا سوي العدد ، فالارهاب المتداول اصطلاحيا هو عنف يمارسه القله ضد المجتمع ، اما العنف الذي يمارسه المجتمع ضد القله او المختلفون او حتي ابناءه لم نعتاد علي تسميته إرهابا رغم كونه اكثر خطوره وخبثا. وحرصا علي وصول رسالتي واضحه دون أي لبس سأصيغ رسالتي بوضوح ، رغم انني أعلم بأنني سأواجه معارضة الاغلبيه ذوي الأفق الضيقه ، ولكني أظن أن الاجيال القادمه ستعلم أنني كنت علي حق حينما قلت أن داعش هي الايمان.
#مجدي_عياد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القبض على الموضوعية
-
الدراسه العملية والدراسه النظرية
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|