أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريم أبوالوفا - ذات ظهيرة كاذبة (خدعة قصيرة جدا)














المزيد.....

ذات ظهيرة كاذبة (خدعة قصيرة جدا)


ريم أبوالوفا
مدرس الفكر الديني اليهودي ومقارنة الأديان-كلية الآداب-جامعة المنصورة

(Reem Abulwafa)


الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 08:25
المحور: الادب والفن
    


ذات ظهيرة كاذبة
(خدعة قصيرة جدا)



وكان اللقاء ذات ظهيرة شتوية -ربما منذ بضع سنوات- أحد تلك الظهيرات الشتوية؛ التي تبتسم فيها شمس من وراء الغيوم؛ فيعبق النهار ببعض دفء سرابي، في مكتبي؛ بشارع يقبع في أطراف مدينتي البيضاء وحيداً، تصطف على جانبيه شجيرات ملونة - تخونني ذاكرة التأريخ، بقدر موجع، إلا أنه لا يضاهي وجع خيانتك-.

وبدأ اللقاء؛ ثم طال .. فاِلتهم ساعات الظهيرة كلها؛ تلك السويعات التي نسجت طيلتها ببراعة أقاصيصك،، سلبتني عقلي؛ أمراً إياه ألا فِكر ولا تفكير في حضرتك؛ فاغتال المنطق بين يديك؛ وجردني حتى من حدسي الأنثوي، تاركاً إياك تعيث فساداً في وجداني ببضع كلمات واهيات؛ معطرة برحيق وردي تُغلفها بروح عاشق (كاذب) يخشى أن ينفضح.

ثم جاءتك كبرى أقاصيصك؛ لتسلب ما تبقى من عقل وحدس؛ وبهمس عاشق لم يعد يُطِق صبراً؛ فــقرر فضح أسراره (كافة)؛ أخبرتني أنك لحظة رأيتني كأن فتاتك الخيالية تخطو خارجة من إحدى مناماتك، من أرض أحلامك التي قبعت فيها لسنين طوال، وقررت أن تتجسد من دم ولحم؛ فخلعت نظارتك الطبية، وفركت عينيْك، ثم أعدت تثبيتها، وأمعنت النظر، فــأدركت أنه ليس حلم يقظة عابثاً، في نهار صيفي طويل. ثم استرسلت تخبرني أنه رغم كل هذا لم يُدركك اليقين إلا في تلك اللحظة حين تلامست أيدينا، حين مددت يدي أصافحك؛ حينها فقط أيقنت أنني لست محض خيال..
وكنت (أنا) من السذاجة بما يكفي لأصدق أقاصيصك في تلك الظهيرة؛ وربما لو طالت السويعات لتلتهم باقي ساعات النهار لالتهمت معها واقعي، وقبعت حبيسة في أرض الأحلام (خاصتك)، أتخبط في جدران خداعك.
وكيف لي -أنا؛ البسيطة، غير ذات تجربة عشق واحدة- ألا أكون ساذجة أمام كلمات؛ تروي لي فيها كيف أني رسمت معك كل ركن في أحلامك، وزينت حوائطها (جميعها)، وأعددت معك أقداح الشاي، وزرعت نبتة الياسمين (خاصتنا) في الشرفة، وقضينا الأمسيات نرقص على أنغام موسيقى كلاسيكية، وكيف قررنا ذات مساء أن نتعلم التانجو، ونعزف الجيتار؛ كيف لي ألا أُصدق وهم بحبكة مثل تلك، كيف لي لا أُصدق عاشقاً يبوح بالأسرار!!

(كم أتقنت عينيك كل ما حوت الأرض من فنون الخداع قاطبة)

تكفي تلك اللحظة شاهدة على براعتك ودقة إتقانك .. حين أخذت تنسج خيوط نهايات اللقاء .. وكأنك سرقت من الساعات عقاربها؛ فسلبت الزمن لحظاته؛ وصرت أنت من يوقفها ثم يحركها-كيفما يشاء-، فتحديت الزمن لترغم ذاكرتي -التي تأبى الاحتفاظ بالشخوص والحوارات العابرة (وإن طالت)- أن تحفر ظهيرتك تلك في أعماقها .. فرسمت خاتمة اللقاء بذكرى كلما مرت بخاطري ذكرتني كيف أني ساذجة تخليت عن أقل القليل من العقل، كذبت حدسي، وأدرت ظهري لما يسمونه "تحذيرات القدر":
حين سألتني بلهفة أن أسمح لك بتسجيل رقم هاتفك لدي، وسلمتك هاتفي لتدق أزراره بخفة ثم تعيده إلى يدي، ولم تكتفِ سذاجتي بهذا القدر من النقوش في ذاكرتي فسمحت لك أن تضع بين طياتها بقية باقية من أسرار العُشاق؛ نغم وألحان، تقف سداً منيعاً في طريق نسيانك، ومحو كل آثار كذباتك، حين همست لي لأختار نغمة خاصة تُذكرني بك، وبتلك الظهيرة؛ فوافقتك كأي طفلة ساذجة، والأصح بلهاء؛ (وجاء همس القدر) حين ترنم هاتفي –عن دون اختيار مني- بنغم حزين موجع " كل خوفي بعد ما اتعلقت بيك، ألقى نفسي لوحدي، وانت مش لاقيك، وألقى كل ده حلم، وأنت ولا حتى داري"، وجاء فحيحك خاطفاً "أتؤمنين بهمسات القدر، لا أظنك ساذجة، إنها محض خرافة، وإن كنت، فلا خوف معي، ولا وحدة"، وبلمسة سريعة على زر هاتفي محوت اللحن من ذاكرة هاتفي ..

ثم لم تتوقف طوال ظهيراتنا عن غزل الكذبات تلو أخرى. - حتى انقضى الكذب -

والآن بعد كل تلك الأعوام عندما يتهادى إلى أذني ذاك اللحن البائس تتجسد ذكرى الظهيرة الشتوية؛ لتُذكرني بسذاجتي .. فيرتسم مشهد الظهيرة بشكل ضبابي أمام عيناي، فتتراءى لي صورة مكتبي وشرفته المطلة على الأشجار الملونة وشمس تتعارك مع غيم الشتاء –كأنها تبغي أن تسطع بشدة- لتركز على ملامحك كي أرى كم أنها كانت شبيهة بملامح سحرة أقاصيص الأطفال (الأشرار) - هؤلاء من أقنعوا ليلى بأن تذهب للذئب؛ وهمسوا لبياض الثلج لتقضم التفاح- .. فيملؤني وجع؛ ليس على كل كذباتك المتكررة، بل على سذاجتي العمياء، فمتى تمحو الذاكرة كل هذا الهراء .. !!



#ريم_أبوالوفا (هاشتاغ)       Reem_Abulwafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وإذا المرجومة سُئلت ..(1)
- المرأة وأنثى العنكبوت .. !
- قصة مذيع رجعي، وسيدات ذكوريات بالفطرة
- حقوق المرأة؛ لا تشمل التعليم والعمل
- المرأة بين الحجاب والجلباب


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريم أبوالوفا - ذات ظهيرة كاذبة (خدعة قصيرة جدا)