|
دلالة رفض إعادة توزيع الدوائر الانتخابية
عيسى إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1304 - 2005 / 9 / 1 - 09:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
دأب المقاطعون لانتخابات مجلس النواب التي جرت في أكتوبر 2002 على بيان أسباب وأهداف مقاطعتهم مركزين على أن الدستور الجديد أو المعدل التي أجريت الانتخابات على أساسه لم يصدر بالطريقة المحددة في دستور 1973 أساس شرعية نظام الحكم في البحرين وهي طريقة تظهر من خلالها سمة التعاقد التي يتسم بها دستور 1973م ، فضلاً عن مخالفة دستور 2002 لمضمون ميثاق العمل الوطني وتجاوزه له حيث جاءت أحكام الدستور الجديد فأفرغت مضامين مبادئ الميثاق بل والنصوص الدستورية العامة والكلية المتعلقة بالحريات والحقوق وصلاحيات السلطة التشريعية المنتخبة وحقها في الرقابة على أعمال الحكومة من محتواها ، وفي ذلك الذي أحدثه دستور 2002 ومجموعة المراسيم بقوانين التي صدرت بالجملة ما يؤدي إلى استمرار هيمنة السلطة المطلقة على العمل السياسي ويجعل إمكانية الإصلاح من داخل المنظومة السياسية التي خلقها الدستور الجديد ومجموعة المراسيم بقوانين مسألة شبه مستحيلة ، وبالتالي يغدو شعار الإصلاح المعلن غير قابل للتطبيق على الأرض ، بل أن الأرض باتت ممهدة لاستمرار السلطة المطلقة ولو في ثوب جميل وخطاب جديد ، ولا يمكن أن تسير البلاد نحو الملكية الدستورية التي وعدنا بها ، فضلاً عن العجز في مكافحة الفساد الإداري والمالي وحل المشكلات الأخرى التي يموج ويعج بها مجتمعنا كالبطالة والتمييز وغياب العدالة الاجتماعية ، فالمعلوم مثلاً أن دستور 1973 في المادة (43) ينص على أن يتم توزيع الدوائر الانتخابية بقانون تضعه السلطة التشريعية ولم يتطرق الميثاق إلى تلك المسألة ، فجاء دستور 2002 الذي صدر بإرادة منفردة وألغى هذا النص مما جعل توزيع الدوائر الانتخابية يتم بمرسوم فعلاً ، أي من صلاحيات السلطة التنفيذية وحدها وصدر بهذا الشأن مرسوماً بتوزيع الدوائر الانتخابية كان ومازال محل انتقاد شديد من المعارضة ، لتجاوزه السلطة التشريعية باعتبارها معبراً عن الإرادة الشعبية ولمخالفته المعايير المتعارف عليها دولياً من أن الفرق بين عدد الناخبين في الدوائر لا يمكن أن يتجاوز نسبة 2% - 4% وهو ما تجاوزه المرسوم أضعافاً مضاعفة ، مما جعل الصوت في بعض الدوائر يعادل خمسة أصوات في دوائر أخرى !!؟
إن عدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية دفع بعض أعضاء مجلس النواب لتقديم اقتراح بتعديل هذا المرسوم إلا أن اللجنة التشريعية في المجلس رفضت ذلك المقترح بذريعة أن ذلك غير جائر باعتبار أن توزيع الدوائر من صلاحيات جلالة الملك ومحاولة تعديل هذا المرسوم هي تعد على صلاحيات جلالته أن هذا الذي ذهبت له اللجنة المذكورة مجانب للصواب تماماً ، من حيث أن النص الذي أناط بالملك الاختصاص بتحديد (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية والذي يجري على أنه " ويصدر مرسوم بتحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها ، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز " .
وبناء على هذا النص فإنه إذا ما أراد مجلسا السلطة التشريعية اللذين قررهما دستور 2002 تعديل الدوائر الانتخابية وبالتالي الاستجابة إلى مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في الدستور ، فإن للمجلسين أن يعدلا الدوائر الانتخابية وحدودها من خلال تعديل نص الفقرة الثانية من المادة (17) سـالفة الذكر وذلك بإلغاء كلمة "مرسوم" والاستعاضة عنها بكلمة " قانون " بحيث تقرأ الفقرة بعد التعديل على النحو الآتي " ويصدر قانون بتحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها … الخ " . ولكن ذلك غير ممكن من ناحية النصوص القانونية التي تحولت إلى عقبات واقعية من أهمها نظام المجلسين ذاته بشكله المنصوص عليه في دستور 2002 ، إذ يجب أن يوافق على هذا التعديل أغلبية أعضاء مجلس الشورى المعين ، فإذا أقر المجلسان التعديل ورفع إلى جلالة الملك فإن للملك أن يعيده إليهما وفي هذه الحالة فإنه يتعين لإقرار التعديل وإعادة رفعه إلى الملك حصول التعديل على موافقة ثلثي المجلسين أو المجلس الوطني حسب الأحوال .
لاشك أن كل ما تقدم بيانه يدلل على صحة آراء المعارضة القائلة بعدم إمكانية الإصلاح من الداخل وأن الدستور الجديد ومجموعة المراسيم بقوانين قد أحكمت الخناق على الإرادة الشعبية وصادرتها بطريقة لا يرجى من التعامل معها بحسن نية وطيبة قلب أية جدوى ، بل لابد من تشديد المعارضة والنضال السلمي الشعبي من أجل إعادة الاعتبار للإرادة الشعبية التي مازالت السلطة تفاخر بها في كل محفل مشيرة إلى نسبة 98.4% التي حصل عليها الميثاق في الاستفتاء ، وليس بمزيد من الانحناء لاملاءات السلطة أو المشاركة في أشكال الأفخاخ المتعددة التي نصبتها للمعارضة وأدت بها الإرادة الشعبية لتستمر السلطة المطلقة ويستشري الفساد وتتفاقم المشكلات ويغدو حلها مستحيلاً ، وإن كانت المكرمات يمكن أن تسكن بعض آلامها ويعطي المال مفعولاً في تأجيل أو إخفاء بعض مظاهرها فقط .
#عيسى_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأثــر الملــزم للميثاق بشأن التعديلات الدستورية
المزيد.....
-
سقطت بعد ثوانِ من إقلاعها.. شاهد الفوضى بعد تحطم طائرة في في
...
-
تحليل بيانات يكشف ما فعله قائد طائرة الركاب -قبل ثانية- من ا
...
-
مدى الالتزام بتوجيه ولي العهد السعودي في المدارس بلبس الزي ا
...
-
السعودية.. فيديو احراق سيارة متوقفة بالطريق والداخلية ترد
-
-ديب سيك-: أسرار وراء روبوت الدردشة الصيني الجديد، فما هي؟
-
شرطة لوس أنجلوس تنقذ مسنة عمرها 100 عام من حريق في دار المسن
...
-
في دولة عربية.. أول عملية عسكرية للجيش الأمريكي ضد -داعش- في
...
-
صخب ترامب مؤشر على الحالة الأميركية
-
زوجة الضيف للجزيرة نت: لم يتنكر كما كان يشيع الاحتلال ولم يغ
...
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|