|
عرس الفرسان
ميلاد المكصوصي
الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 11:25
المحور:
الادب والفن
كان الوقت عصرا حين اكفهرت السماء علي الرغم من اننا في منتصف الصيف... كنت اشعر بالحزن والضيق والقلق كان موقفي لا يمكن وصفه كنت محرجا جدا... اروح واجيئ شابكا يدي الي الخلف اشعر بثقل هذه المسؤليه التي لا بد منها... كلفني احد المجاهدين بتبليغ ام باستشهاد ولدها المجاهد.... وكانوا يعلمون بتعلق والدته به اشد التعلق لانه ابنها الوحيد ... الوقت يمضي بسرعه وجثمان الشهيد البطل سيصل قريبا ليشيع تشيعا يليق ببطل... الكل يشد علي يدي قال لي رفاقه انهم يعتمدون علي اذ ان الجميع يخشي علي الام من هول الصدمه ... فهي لا تمتلك من حطام الدنيا سوي هذا الولد المدلل الذي أثر بنفسه وجاد بروحه حين شاهد الاطفال في سنجار وأمرلي وهم محاصرون بين الجوع والتشرد والقتل الجماعي ترك كل شيئ.... ترك دراسته.... وعمله ... لم تستطع دموع والدته ان تمنعه من الالتحاق بأخوته المجاهدين حين هبوا لنجده الابرياء أخواننا في الانسانيه شرف اخواتنا تراب أضنا اقنع والدته بالدليل والبرهان قال لها بالحرف الواحد.... - أنظري يا أمي الحبيبه الي تلك الصور أذكر أنك قلتي لي انك أرضعتني ثلاث سنوات من عمري بحليبك الطاهر أتقبلين أن أكون قليل أصل هل أنام علي فراشي الناعم واطفال العراق يفترشون الارض ويلتحفون السماء هل أكل من صنع يديك اطيب رغيف خبز وهم يتحسرون علي جرعه ماء ... هل تقبلين يا أمي أن افتش عن عروس واخواتي يبيعهن الاغراب في سوق العبيد ونسكت عن هؤلاء... لا والله ....لا والله يا أمي أعذريني هذه المره......كنت لك دائما الابن البار اقبل يديك وقدميك بفخر.....لكن حين تمنعيني من تلبيه نداء الواجب لن اكون لك أبنا أبدا.... أنا يا أمي من اليوم أبن العراق البار... ولن أعق وطني أبدا... وأن كنت تخافين علي حياتي فلديك اخوالي واعمامي وكل عشيرتي يفتدونك ويقدسونك لكن من لاؤلئك المحاصرين في( امرلي) من لهم غيرنا يا أمي قولي بربك ان تنصلت انا وغيري لمن سيكون هذا الوطن ... أن كنت تؤمنين بنبي الله محمد وآله الاطهار أن كنت تؤمنين بالجنه والنار فتأكدي ان يوم وفاتي هناك في ساحه العز والكرامه سيكون يوم عرسي هذا ما تربيت عليه ولن اكون غير ذلك ...... قبل رأسها ويديها احتضنها طويلا لأول مره حيث كانت هي من تحتضنه وتضع رأسه في حجرها وتداعب شعره حتي يغفوا وينام كان هذا الاحتضان دليل نضوج هذا الشاب الذي يشعر الان بالمسؤليه وأن كل الامهات هن امهاته وان ايام الدلال يجب ان نرد جميلها ان نمسح الدمع عن عيون كل الامهات... ودع أمه بأبتسامته الساحره وقال لا تنسي الوصيه يا أمي.... هكذا كانت الام تحكي اخر لقاء بينها وبين ذلك الفارس البطل كما تسميه منذ اربعين يوما وهي تذكر تلك القصه للقاصي والداني حتي خشينا عليها من الجنون.... وردني اتصال ان جثمان الشهيد قد وصل الي مكتب اللواء في المدينه وانهم سيبتدئون التشييع من هناك...وانني يجب ان اقوم بهذه المهمه بلا ريب... وصلت الباب الموصد طرقته بلطف...سمعت صوتها من الداخل ولدي حبيبي ابراهيم قد عاد فتحت الباب وقد تهلل وجهها وازداد ألمي لهذا الموقف أبتلعت كل كلمات الحزن سالتها عن حالتها قالت بأنها بخير... وكان نبأاستشهاده قد انتشر في ازقه الحي الذي تسكنه كانت النساء تتجمع قرب الباب تنظر اليها بحزن لم تسأل لم تتكلم خرجت من عتبه الباب تصفحت كل الوجوه لم يجرء احد علي التفوه بتلك الكلمات التي تفصلها بين الحياه والموت بين السعاده والشقاء بين الفراق واللقاء.... ركض الاولاد نحو موكب مهيب قادم... خانتني شجاعتي لم استطع ان انطق باي كلمه خارت قواي توسطت الام الثكلي الشارع بصمت توقفت السيارات عم سكون رهيب كان الكل مشلول الحركه كأن علي رؤسهم الطير ... وتكاد السماء تحكي قصه هذا البطل اذ سمعنا صوت رعد في عز الصيف فتحت الام ذراعيها صاحت.... ولدي ابراهيم بصوت ارعب الكل ثم لاح لها طيف ابنها وهي تودعه... لا تنسي الوصيه يا أمي ا نه يوم عرسي... وبدلا من ان تلطم الخدود زغردت بصوت مسموع وقالت أنه عرس ولدي هلهلن يا اخياتي....واجهش الكل بالبكاء الصغار قبل الكبار الرجال قبل النساء اذ كانوا يضنون انهم اكثر صبرا منها وانهم يخافون عليها من الانهيار .... وقد نسوا ان هذا البطل من اللواء الرسالي هو من رحم هذه الام البطله وان حجرها كان ملاذه قبل ان يكون ملاذه تراب الوطن.... تشجعت الامهات وزغردت بصوت واحد... لم تقبل ان تنزله من السياره قالت لنزفه الان قبل صلاه المغرب ومشت بخطوات ثابته خلف جثمانه الطاهر ومشت كل النساء خلفها وتاخر الرجال خلف النساء اجلالا لذلك الموقف المهيب النساء تزغرد والرجال تنتحب كان منظرا يهز الجبال حتي ان السماء امطرت في عز الصيف... هكذا هم ابناء الخط الرسالي البطل... هكذا هن امهات الابطال.... هكذا هي مواقفهم المشرفه.... وهناك المزيد......
#ميلاد_المكصوصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|