|
هل نحن في حاجة ل “علالين” كثر لفضح الفساد الأمور ؟؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 18:23
المحور:
الادب والفن
غريب هو كم التعليقات التي وردتني عبر "الفي سبوك" وتليقتها على بريدي الإلكتروني ، والأغرب منه هو كونها تصب جلها في الانتقادات اللاذعة لوجهة نظري الخاصة جدا حول ظاهرة "علال" الواردة في مقالتي المنشورة مؤخرا على صفحات المواقع التواصل الاجتماعي ، والتي خصص بعضها حيزا كبيرا من الإعجاب ، فاق كل التصورات لـ "علال " ما جعله بطلا مغوارا من صنف "سبيدرمان " و"باطمان" و"سوبرمان ".. طبعا لست ضد "علال " –كما اتهمني بعض المنتقدين - ولا ضد أي كان غيره من الشرفاء الذين يتطوعون لخدمة الإنسان ويناضلون من أجل قضاياه العادلة وحقوقه الضائعة ، ويعملون على تحسين ظروفه والترقي بعقله وسلوكه وذوقه المجتمعي ، وأنا ككل المغاربة الذين يشجعون على التطوع ويدعون لتكريم المتطوعين ولا أبخس أحدا منهم حقه في التكريم والتبجيل والشهرة ، مصداقا لقوله تعالى : "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" الزلزلة . ويكفي "علال" شرف تطوعه البسيط في حد ذاته ، العظيم في أثره ، الذي شكل احتجاجا متحضرا على أحوال وخدمات متردية ، كان وراء تدهورها ، وتعطيل حيويتها ، إهمال وكسل وتراخي وتواطؤ أجيال كثيرة من المسؤولين والمنتخبين المنتفعين من أصحاب المصالح ، الذين اخترقوا كل مؤسسات البلاد ، وفرضوا سلطانهم على خيراتها ، ليناموا في عسلها ، ويتمرغوا في ثرواتها .. لم يكن المقصود من مقالتي ، انتقاد دوافع المغاربة وميلهم ورغبتهم للاحتفاء وتكريم المحسنين وكل من يقوم بعمل صالح للجماعة - الذي نأسف على تراجع قيمه واضمحلال مفهومه في مجتمعها في الوقت الحالي - عملا بالمثل المغربي الدارج : " الخدمة مع ليهود والنصارى ، ولا لقعاد خسارة " ؛ ذلك الميل الكامنة في دواخل المجتمع المغربي ، والنابع من اعماق رغبته في فعل الخير تمثلا بقوله عز وجل في محكم كتابه : " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ " سورة التوبة105 .. لكن الدافع الحقيقي لكتابة مقالتي -والتي ربما استعصى فهمها على بعض المنتقدين - كان هو خوفي الكبير من أن يتحول تأثر المواطن المغربي بمشاهد مواطنين يغيثون بعضهم البعض ، واحتفاليتهم الكبيرة والمبالغ فيها ، إلى تأزيم نفسيته المتشبعة بالحنين إلى الزمن الماض الجميل والأفضل من الحاضر الرديء ، والمتعلقة بما تكون لديها من صورة مثالية استقرت في الضمير والوجدان الشعبي عن دور رجالات ذاك الزمن ورموزه التاريخية ، الذين يضفي عليهم المخيال والوعي الشعبي صفات وقدرات خارقة لشخصيات حقيقية أو خيالية ، يمجدها بشكل مبالغ فيه ، في إطار حاجته الدائمة للقدوة والبطل المنقذ مهما كانت انجازاته متواضعة ، والذي وجده المواطن البسيط في من بات يعرف "بعلال القادوس" البطل الشعبي الذي استطاع بالأمس القريب ، تقديم خدمة اجتماعية تمثلت في نزوله الى حفر مجاري المياه ليفك "ضيقها" ، بلا تردد أو تأفف من القذارة التي امتزجت بمياه المطر الجارفة ، في الوقت الذي تلكأ المسؤولون عنها في القيام بواجباتهم تجاه المواطنين المقهورين الذين دتفعهم هيمنة الفساد والاستبداد وإهمال أحوال البلاد والعباد ، للاعتقاد بأن الوطن أهمله وأن من واجبه رد خيار الإهمال بالإهمال ، وبالتالي عدم الاعتراف بدولة لا تقدم مؤسساتها شيء لحماية المواطنين ، ما يؤدي إلى الرجوع بالمواطنين إلى زمن القبيلة والعشيرة والعمومة وأبناء العمومة - النظرية الانقسامية الخلدونية المبنية على مبدأ الولاءات للقبيلة - عوض الاعتراف بالدولة والإيمان بمفهومهما الحداتي ، الذي كانت وراءه تلك المغالاة ، البريئة طبعا ، في الإعجاب بشخصية "علال" و تقديمه كبطل وطني ، والذي لن أذهب في وصف هذا النوع من الإعجاب بأنه مرض أو هوس فهذا أمرٌ يقرّره المُشتغلون في المجالات العلمية للمجتمع والنفس ، ولن أذهب في البحث عن الإعجاب من منظور ديني فهذا أمرٌ متروك للعارفين بشؤون الدين من العلماء والفقهاء ، كما أني لن أذهب أبعد من إبداء ما يشغل تفكيري من أسئلة كثيرة ومحيرة لن ادخل في دائرة البحث عن إجابات لها غير التي عرضت في مقدمة هذه المقالة/الرد والتي كانت تجسيدا حقيقيا وفعليا لواقعنا المغربي ، وما آلت إليه أمور الكوارث التي تكشف مدى فساد التسييري بالبلاد وإلى أي درجة تحترم مواطنيها . خلاصة القول: المشكل ليس في حدوث الكوارث المهولة (الفيضانات ) لكن في طريقة التعامل معها والتي تفرض فتنح تحقيق مسؤول ، لمحاسب كل من يتسبب في تفاقمها ، إهمالا أو كسلا أو تراخيا أو قلة إمكانات أو تواطؤ أو لامبالاة ، لإعادة الحق المدني للمتوفين من جهة ومن جهة أخرى لباقي الشعب المغربي .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسدال الستار على آخر فصول محاكمة القرن
-
سوء تفاهم خاطرة واقعية.
-
مراسلة من القاهرة قبيل انطلاق -مظاهرات 28 نوفمبر- بسويعات
-
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !!
-
في رحاب بلاد الكنانة ..
-
كفانا صراعا أيها الصحفيون !!!!
-
موت العظماء حياة لأممهم ..
-
التكريم سلوك متحضر يضع الشخص في مكانته المناسبة لعمله أو إنج
...
-
مولاي يعقوب أو دائرة الموت !!
-
شباط واللبارابطال موسم المشاوشة المنسي !!
-
العنف في البرلمان !!
-
المصداقية في مطار الدار البيضاء !!!
-
مسألة مبدأ
-
ذكريات من وحي العيد أسطورة ذهاب القطط للحج في يوم العيد !!
-
ظواهر عيدية سلبيه مستفزة .
-
من المسؤول عن ضياع أموال المتقاعدين ؟؟؟
-
الشهوة !!
-
مظاهر عيدية في حاجة لمعالجة !!
-
يوم عالمي للمعلم وآخر للحمار !!
-
إصلاح التقاعد ، لن يكون غير ب-العين الحمرا-.
المزيد.....
-
ثبت الآن”.. تردد قناة ناشونال جيوغرافيك National Geographic
...
-
المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
-
موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص
...
-
شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
-
اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم
...
-
تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
-
الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين
...
-
رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا
...
-
الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف-
...
-
الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب
...
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|