أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج














المزيد.....


مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 11:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم يحدث إطلاقاً أن تعامل المجتمع العراقي بقسوة شديدة مع الأطفال دون السادسة ويحدث هذا ما فوق هذا السن , مع أن أساليب التربية العربية تؤكد على أن ( العصا لمن عصى ) , إلا أن المجتمع العراقي كان معتدلاً دائماً في شدة تعامله مع الأطفال , وأفرز هذا المجتمع أقوال شعبية مثل
( خد وعين ) للدلالة على أهمية توفير الحنان والحزم معاً للأبناء في التعامل الأُسري كذلك أقوال أُخرى مثل ( لو كبر إبنك خاويه ) وهذا يدل على لزوم مصاحبة الوالد للولد بعد بلوغه والإقتراب منه وتربيته من خلال الصُحبة والصداقة الأبوية , إلا أن شدة قسوة الظروف الإجتماعية التي مرَّ بها المجتمع العراقي دفعت إلى المزيد من القسوة نحو العنصرين الضعيفين في المجتمع واللذين هما الأطفال والنساء .
بالأمس قابلت إحدى الصديقات والتي بادرتني بقولها , أكتبي أُكتبي عن هذا الطفل العراقي البائس , قلت : وما الجديد في الأمر , قالت : إطلعي على الفيديو وسترين العجب . وبعد أن إطلعت على فيديو الطفل هذا , بقيت واجمة وظننت إني سأُصاب بنوبة قلبية , وقمت لأشرب كأساً كبيراً من الماء ولأُريح قلبي , وماذا رأيت ؟ , أتصدقون أن عائلة عراقية بصرية قد حبست على سطح المنزل وفي قفص للدجاج طفلاً في الثالثة من عمره , لأن أُمه قد تركته لعمته بعد أن قُتل والده . كان الطفل الصغير جاحظ العينين واجم الوجه لا يستطيع الكلام أو الوقوف والمشي والحركة , إشتد به الهُزال ولم يكن فاهماً بما يجري من حوله , وربما كان يأكل مما يأكله الدجاج . وقد أُلبس بعض الملابس الخفيفة من قِبل إدارة المستشفى , وحينما وضعه الشرطي على الفراش كان يبدو وكأنه أصغر من عمره . لقد فضح أمر هذا الطفل أحد أولاد الجيران الذي تسلق السطح لصيد الحمام , نُقل الأمر للشرطة ثم إلى مستشفى الفيحاء في البصرة . تزاحم العراقيون الشرفاء لمساعدة هذا الطفل والتبرع له من الداخل والخارج , كلُ يريد أخذه لتربيته . كان هذا الطفل في المدينة التي إشتهر أهلها بالكرم والنبل والشفافية وهي مدينة الشعر والشعراء , ولا أدري لِمَ تصل القسوة بالفرد العراقي إلى الحد الذي يُعامل به الطفل اليتيم معاملة الحيوانات البيتية . كان سبب قسوة هذه العائلة هو المال والأرث , وربما كان إنتشار السجون في مدن العراق وعلى مدى المراحل السياسية المختلفة كان أحد أسباب هذا التفكير الإجرامي , حيث عانى أهل الجنوب من الظلم والإضطهاد لسنوات طويلة والذي أدى إلى تخشيب الحس الإنساني لدى البعض منهم , فهم يكررون ما مورس عليهم , يكررونه في داخل بيوتهم ومع زوجاتهم وأبنائهم وفي شوارعهم ومحلاتهم حيث تكثر المتاريس والبوابات بين منطقة وأُخرى , وتكثر نقاط التفتيش بين شارع وآخر حتى أصبح العراق سجناً كبيراً . ويكرر الفرد العراقي هذا في داخل نفسه حيث يبني لها سجناً يحميها حيناً ويحاصرها حيناً آخر , لأن كل حركة مفاجئة قد تنتهي بكارثة , لذا حجّم الفرد العراقي تفكيره وحركته وجعل مركز إهتمامه المال والطعام والشراب , وأخذ يسعى لطلب المال وبأي طريقة كانت وكل الطرق مشروعة ما دامت تريح كاهل هذا الفرد , وأصبح الأطفال أثقال لا تتحملها النفس العراقية , وأصبحت مصاريفهم أثقال , وحركتهم وتفكيرهم الطفولي المرح ثقل كبير للإنسان العراقي الحزين والمُكبل .
إن التحليل النفسي لعملية تعذيب طفل يؤكد على وجود مرض نفسي أُصيب به الشخص المُعَذِب في طفولته وهو يستفرغ ما مُلأ به , وهناك تقارير عن وجود الكثير من عمليات التعذيب والقتل الجماعي العائلي والقهر العائلي من قِبل الزوج أو الأبناء الكبار وهما العنصران القويان في العائلة , ويُمارس العنف أيضاً على الآباء الشيوخ الغير قادرين على الحركة والأكثر شيوعاً ممارسته على الأطفال الصغار ومثال على ذلك حبس الأطفال في القبو أو في الظلام , إطفاء السكائر على جلودهم و تقييدهم ومنعهم من قضاء حاجاتهم , تجويعهم وإستخدام التيار الكهربائي لتعذيبهم , أو رميهم من فوق مرتفع كأسطح المنازل . ويحدث هذا لدى الأقوام المتحضرة والبدائية , فقد ذكرت وسائل الإعلام النيوزيلندية بأن البعض من سكان الجزيرة الأصليين يقومون بإطفاء سكائرهم على جلود أطفالهم أو رميهم بالهواء عدة مرات حتى يُغمى عليهم , أو وضعهم في غسالة الملابس , هذا بالإضافة إلى القهر الجسدي الجنسي .
إن الفرد العراقي قد إمتص الكثير من الآلام وها هو يعصر إسفنجته فوق رؤوس أطفاله كما حصل في حالة الطفل البصري , لكن هذا لا يمنع من وجود الكثير من الفقراء الذين يعانون ويكدحون لأجل توفير الحياة الأفضل لأبنائهم , ويدخل في هذا أساليب التربية البيتة والرؤى الدينية والمستوى الثقافي والتعليمي .
أخيراً لا أعتقد أن شرطة البصرة قد ألقت القبض على الجناة بفعل أمر إداري أو بأمر القانون ! لكن دوافعهم كانت إنسانية وأبوية فطرية نبيلة وما بعد هذا فالمسؤولون نائمون على فراش من حرير وليتقلب أطفال العراق وفقرائه على الجمر , وليتحول البعض منهم إلى ذئاب بشرية , ولتنتشر الميكيافيلية في العراق ولتطبق المقولة الوحشية القديمة ( إذا جاءني الطوفان وضعت إبني تحت قدمي لأنجو ) .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط
- أنحب أمواتنا أكثر من أحيائنا
- الورود السوداء - قصة قصيرة
- أخاك أخاك أن من لا أخاً له .. كساع إلى الهيجا بغير سلاح
- نحن من يزرع الشوك
- البيت العراقي
- من يُعدِل الميزان .
- من يبقى للعراق الجريح !!
- الإرهاب من أين والى أين .
- هل يتبادل الإنسان الأدوار مع الحيوان .
- الطلاق الحر بين الجماعات والأفراد .
- إن كنت تريد غزالاً فخذ أرنباً , وإن أردت أرنباً فخذ أرنباً . ...
- المادة 4 إرهاب ويوم المرأة العالمي وقانون الأحوال الشخصية ال ...
- الشراسة طبع متوارث أم مكتسب لدى العرب .
- ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )
- كل يوم يُقتل الحسين فينا .
- أفقر العالم أشد أم فقر العراقيين .
- الإنسان إبن بيئته والمرأة تتبع هذا .
- إحساس الغيرة هل هو مرض أم دافع .
- فلسفة إلغاء الآخر أو فلسفة القتل .


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج