|
الوعي والنضج من أهم ركائز نجاح النظام الديمقراطي
كامل كاظم العضاض
الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 22:49
المحور:
مقابلات و حوارات
لا غبار على أهمية ودور وبرنامج ونهج التيار الديمقراطي الذي نشأ في العراق في الإسبوع الأخير من الشهر العاشر لعام 2011. أنه يضم، فعلا، أنضج وأخلص الأحزاب والمنظمات والشخصيات المستقلة، ممن يتسلحون بثقافة عامة ورؤية وطنية وتطلعات صادقة لإعادة بناء العراق الموحد والمزدهر ولخلاصة من حالته الريعية وتخلفه وأحادية إقتصاده وهشاشة بُناه الإرتكازية وعدم توازن هيكلية إقتصاده وغياب تنوعه وإختلال تركيبته الإجتماعية وتدني توفر فرص العمل و تكافؤها؛ فالبطالة اليوم، وبعد أكثر من عقد من الزمن تصل الى ربع القوة العاملة تقريبا، وتبلغ نسبة الأسر في خط الفقر أو دونه حوالي 50% من مجموع الأسر في كل العراق، انظر البحث الإجتماعي الذي أعده الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية في عام 2012، وليس هنا مجال للتفصيل في خصائص ومشاكل الإقتصاد العراقي، فلنا بحوث في هذا المجال نشرت في مواقع عديدة. ولكن النقط الجوهرية التي نود التركيز عليها هنا تتعلق بأحد أهم شروط نجاح النظام الديمقراطي، وهو يتلخص بالوعي والنضج والثقافة والقدرة المعرفية على حسن إختيار المرشحين لمجلس النواب والمجالس المحلية ولإنتقاء القادة السياسيين، بعيدا عن الإنحيازات الجاهلة على أساس الطائفية المذهبية أو الدينية او الأثنية والعرقوية أو الأقلوية العنصرية والعشائرية أو المناطقية. والسؤال هو، هل يجوز لللاعبين الديمقراطيين السياسيين أن يفترضوا أن إقامة وتطوير النظام الديمقراطي كفيل بحد ذاته في توليد الوعي والثقافة وبالتالي في تحقيق حُسن الإختيار لممثلي الشعب وقادته؟ أن مثل هذا الإفتراض قد يكون له ما يبرره لو نُظر الى تطور النظم الديمقراطية في البلدان الرائدة في هذا المجال، مثل بريطانية أو المملكة المتحدة لاحقا وفي دول تبعتها زمنيا مثل الولايات المتحدة واهم الدول الأوربية، ولكن ما هو البعد الزمني لتحقق الوعي المكافيء لدى عموم هذه الشعوب الديمقراطية؟ لعلها مئات السنين! والبدايات لعقود من السنوات كان الأسياد هم الذين يُنتخبون؛ وخصوصا ان شروط القدرة أو الملاءة المالية للمرشح كانت مفروضة على المرشح للإنتخابات، ومنظور لها من قبل الناخبين بأنها شروط تعكس الكفاءة والوجاهة. مرت عقود، بل قرون لحين أُزيلت هذه الشروط وتنامت ثقافة الناخبين ونشأت أحزاب سياسية ديمقراطية وطنية ومستنندة الى برامج علمية وواقعية ولها أجهزة إجتماعية وأخرى إعلامية ودعائية؛ كلها تساعد الناخب لتقرير خياراته والإقتناع بمن يختار. ومع ذلك، مع تطور الرأسمالية، اصبح لإصحاب رؤوس الأموال السطوة والهيمنة المالية والإعلامية والدعائية وحتى الإرشائية للسيطرة أو للتأثير على عقول الناخبين، بل أضحت الحملات الإنتخابية لا يقدر عليها المرشح الفقير وغير الموسر ولا الأحزاب والمنظمات الضعيفة والمعسرة، وعليه، نجد أن الأحزاب الرأسمالية الكبيرة، كما في الولايات المتحدة تتصارع بسطواتها التمويلية وبدعم أصحاب رؤوس الأموال لحسم النتائج فيما بينهم، كاحزاب إحتكارية كبيرة، إذ لا مجال للمواطنين والأحزاب الفقيرة والضعيفة إعلاميا وتمويليا. وعليه، تضمن مثل هذه النظم للرأسماليين أو زبائنهم وتابعيهم الهيمنة دائما على نتائج الإنتخابات العامة للنواب أو لمجلس الشيوخ أو للإنتخابات المحلية في الولايات فيما بينهم، كحزبين متنافسين أو أكثر، كما في بعض الدول الأوربية. والسؤال الجديد، هل يجب أن ننتظر مثل هذا التطور لكي نمارس الديمقراطية بشكل صحيح في البلاد؟ طبعا لا، وسنبين الإختلاف أدناه على هيئة نقاط موجزة لتجنب الإطالة ولنمتثل للتحديد الموضوع لحجم التعليق؛ في بلداننا، ومنها العراق، هناك اغنياء وآخرون تمولهم قوى خارجية لتسخيرهم لمصالحها، كما في العراق، النفطية والجيو سياسية، وهؤلاء، بعضهم مكشوف وآخر غير مكشوف، هؤلاء لديهم المال للتأثير على الناخبين والإعلام ووسائل الدعاية؛ وبغض النظر عن أهمية أو هشاشة برنامجهم الإنتخابي، فهم يفوزون، وخصوصا من خلال توظيف العامل الطائفي والعرقوي. وحين نعي ذلك من خلال التجارب على مدى العقد الماضي، فما علينا كناشطين في التيار الديمقراطي أو في أحزاب فقيرة لكنها وطنية ومدنية وديمقراطية وتمتلك برنامجا واقعيا ومدروسا وعلميا، سوى أن نعتمد منهجا لإلغاء منهج الإرشاء والتأثير المالي والدعائي لإستثمار الجهل وللهيمنة على النتائج المفرزة لكتل متحاصصة، مُوّلت طائفيا وخارجيا ومناطقيا، ربما بقناعة ناخبيهم، نظرا لإنخفاض الوعي ولتدني الوعي الوطني. إذن، سيكشل الإرتقاء بالوعي الوطني درعا حصينا، ربما أمام الإرشاء والتجهيل والإغراق في مستنقع الطائفية والعرقية والفئوية، وإحلال المنظور الوطني بعمق محل الخصوصيات الفئوية الطائفية والعرقية، ولكن هذا الأمر ليس سهلا، إذ لابد من نشاط إعلامي يتغلغل الى جذور المجتمع، اليس هذا تحدي كبير و سيستغرق وقتا؟ نعم، فالدول الديمقراطية لم تبن ديمقراطياتها في يوم وليلة، بل بعد تجارب عقود وقرون. نحن لا نحتاج الى قرون بل الى ناشطين وطنيين ومخلصين للتوجه الى الشعب ولكسب ثقته بدون إستعلاء. وليس هذا فحسب، ثمة أمر آخر؛ التوجه لكشف زيف من سبق إنتخابهم، كنواب، وثبت تقاعسهم وصار همهم الرواتب الفخمة والإمتيازات! ، لنقل لإبناء شعبنا من كل الطوائف، ماذا كسبتم من إنتخاب من إنتخبتموهم على أساس اللحمة الطائفية أو العرقية أو المناطقية؟ ماذا كسبتم من ورائهم؟ أنظروا ما قدم نائب أو إثنين فقط، على قلتهم، من مرشحينا سابقا من أجل الدفاع عن مصالح الشعب، مصالحكم؟ ولابد أيضا من تقوية التنظيم المدروس لقوى التيار الديمقراطي لمجابهة الإعلام الطائفي والفئوي الممول. لايتسع المجال للبحث في إستراتيجية كاملة لخوض الإنتخابات القادة، إنما نختم بثلاث نقاط؛ اولا، اعرف وشخص هؤلاء اللاعبين الساسيين الطائفيين والفئويين جيدا، ثم أعمل على تجريدهم من معاولهم ثانيا، التركيز على التثقيف والإعلام والندوات والتفاعل مع الناس في أقصى مكان يكونون فيه من العراق ثالثا، رسم البرامج والإستراتيجيات بحكمة وروية وعلمية بما يتناسب وطبيعة التحديات على الساحة. كامل العضاض عضور التيار الديمقراطي العراقي
#كامل_كاظم_العضاض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآن، الآن قد يبدأ تقسيم العراق! تبصّروا في الأمر يا أولي ال
...
-
تأملات ودروس من الهجمة الداعشية في شمال العراق
-
صراعات جمة لمرحلة ما بعد الإنتخابات الفائتة؛ هل من رؤية للخر
...
-
حول مدى تكافؤ وديمقراطية التنافس الإنتخابي في الحملة الإنتخا
...
-
يقولون كلمتهم ويمضون
-
خطة التنمية الوطنية، 2013-2017، ثانيةً، ملاحظات محدد؛ المنهج
...
-
الطائفية في العراق هي سلوك لاعقلاني مدمّر، لماذا؟
-
لماذا يكون الإقتتال خيارك الوحيد، يا جواد السعيد؟
-
ستقاتل من، ياجواد السعيد، تحت رايات المالكي والصدر والحكيم؟
-
نعم، من المستفيد من إفشال العملية السياسية في العراق، ولكن!
-
العقل والحضارة والتكنلوجية والإنسان
-
حول إلغاء البطاقة التموينية؟
-
السياسات النفطية التي يجب أن يطالب بها التيار الديمقراطي في
...
-
الحق معرفة, بدونها يتلطى الباطل
-
هل في قلب السواهي دواهي؟
-
أصبح الفساد، مقرونا بالفشل، طاغيا في العراق
-
عراقيون، هذا هو خيارنا- سوف لن نخدع لمرة رابعة
-
حسابات المصالح في محاولات إزاحة المالكي من منصبه
-
الديمقراطية -التوافقية- في الميزان
-
أجوبة على أسئلة الملف الخاص بتطور تركيب الطبقة العاملة
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|