حبيبة الله
الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 04:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المادة والصورة في الاخلاق ..
*************************
1..إذا أردنا أن نقيم فلسفة الاخلاق وجب علينا أن نلتمس مبادئها في العقل الخالص من كل مادة .ليست هذه الفلسفة خليطا من تلك الاخلاط التي تضم الظواهر التجريبية والنعاني العقلية .والتي يزعم أصحابها أنهم يوفقون بها بين مقتضيات النظر والتجربة .
إن المذاهب التي تدعى تفسير الخليقة بطبيعة الانسان كما هي معلومة بالتجربة والتاريخ ....تشترك في عيب جوهري هو عجزها عن إقامة قوانين كلية للارادة .
فأن مثل هذه القوانين لايطالع إلا في العقل الصرف
.ويمكن ترتيب هذه المذاهب في طائفتين :
واحدة تعتمد على المبادئ الحسية .......
وأخرى تعتمد على مبادئ عقلية .....
وترجع مذاهب الطاءفة الاولى الى فكر السعادة .فتقيم السعادة إما على الحساسية الطبيعية كما فعل إرستيب وأبيقور وهوبس وأضرابهم .او على العاطفة الاخلاقية .كما فعل شفستبرى وأشياعه .
وترجع مذاهب الطائفة الثانية الى فكرة الكمال فتصور الكمال إما حالة نفسية حادثة بالارادة ,كما نرى عند ليبنتز أو الله نفسه المشرع الاعظم كما يقول اللاهوتيون .
2 ...من بين هذه المذاهب الاربعة المذهب الذي يجب استبعاده أولا هومذهب السعادة الشخصية :إذ إن الحساسية جزئية متغيرة,فلا يمكن أن نستخرج منها قانونا كلياً ضرورياً كالذي تفتقر إليه فلسفة الاخلاق .
ثم إن المذهب يرد الخير واللذة والمنفعة فيمحو كل تمييز نوعي بين بواعث الفضيلة وبواعث الرذيلة .
أما مذهب العاطفة الاخلاقية :فهو إرفع من غير شك لانه يعترف بالفضيلة أولا وبالذات .ولكنه من نوع المذهب السابق .إذ إنه يعرض على الارادة منفعة حسية هي الرضا النفسي .
وإنما لجأ أنصاره غلى العاطفة ليأسهم من العقل ,ولم يقدروا أن العاطفة متغيرة نسبية لاتصلح مقياسا للخير والشر .
3 ..وأ ذا أنتقلنا إلى مذهب الكمال في صورته الاولى أو الميتافيزيقية ,وجدناه أفضل ...: (لماذا) لانه يدع حق التقرير في الاخلاق للحساسية .بل يسلمه للعقل .
ولكن فكرة الكمال غير معينة من جهة الغاية التي ترمى إليها .وليس لدينا معيار لتعيين الحد الاقصى الذي يلائمنا في واقع الامر .وهي غير معينة في ذاتها .
فإن الكمال الذي يكتسبه الانسان هو :كفاية ما لتحقيق غاية ..وليست هذه الغاية غاية أخلاقية دائما فلابد من علامة غريبة عن الكمال للحكم عليه حكماً أخلاقياً .
فنخرج من المذهب وينكشف نقصه .وإذا أعتبرنا هذا المذهب في صورته الثانية أو اللاهوتية رأينا من الجهة الواحدة أنه لما لم يكن لنا حدس بالكمال الإلهي فإننا لانستطيع تعيين الكمال إلا بمعانينا نحن
فنقع في دور أو نعود الى الصورة السالفة .ورأينا من جهة أخرى أن الإرادة الإلهية إن لم تعرف اولا بصفات أخلاقية أمكن تصورها مصدر أوامر ونواة عديمة الصلة بالخلقية أو معارضة لها وإذا تصورناها
مطابقة للخلقية فقد قدمنا الخلقية عليها ولم تعد هناك حاجة لتبريرالخلقية نفسها
والبحث لها عن دعامة غريبة عنها .فمن العبث ومن الخطأ محاولة إخضاع القانون الاخلاقي لموضوع ما أو لسلطان موجود أعلى
4 ..ماهو إذن المبدأ الأخلاقي ؟
شئ واحد يعتبره الناس خيرا بغير تحفظ هو الارادة الصالحة .
أما مواهب الطبيعة .كالذكاء وسرعة الحكم وأصالته والشجاعة والحزم .
وأما مواهب الحظ ,كالمال والجاه والسلطة .
وأما ملذات الحياة على إختلافها .فلا يراها الضمير العام خيرات بالذات ..والسبب في ذلك أنها لاتعين بأنفسها طريقة أستعمالها .ولكنها مجرد وسائل تستخدمها الارادة كما تشاء .
فتكون أحيانا كثيرة مصدر إغراء سئ وتسخر لأغراض مذمومة .(أليست رباطه جأش مجرم تثقل جرمه وتزيد في مقت الناس له ؟
أما الارادة الصالحة فهي عكس الشرط الضروري والكافي للخلقية ,إذ إنها خيٌرة بذاتها لابعواقبها .وتضل خيرة حين لاتستطيع تنفيذ مقاصدها ,مادامت قد عملت وسعها في هذا السبيل .
5 ..وماهي الارادة الصالحة ؟لأجل تحليلها كماتبدو في الضمير العام :يجب ارجاعها الى معنى الواجب :(وهو معنى يمثل لنا الارادة الصالحة مفروضة علينا ).
إذ إن طبيعتنا ناقصة .وبسبب هذا النقص لاتكون كل إرادة صالحة بالضرورة .ولاتكون الإرادة الصالحة صالحة دفعة واحدة .
الارادة الصالحة :إذ ن هي إرادة العمل بمقتضى الواجب ...أي للواجب دون أي إعتبار آخر .
بأي علامة تنيز العمل الذي من هذا القبيل ؟.إن التمييز سهل بين الافعال الصادرة عن الواجب والافعال المطابقة للواجب مطابقة خارجية فقط .ويفعلها الفاعل إبتغاء منفعة أو اندفاعا مع رغبة .
هذه الطائفة الثانية من الافعال لاتمت الى الفضيلة بسبب ززإذ ليس للمنفعة ولا للرغبة صفة خلقية ..لكن التمييز يصبح عسيرا حين تكون الافعال صادرة عن الواجب وعن الرغبة معا .
فيجد المرء نفسه ميالا الى ما يفرضه الواجب ,مثل أن يقال إن واجبي صيانة حياتي وتوفير السعادة لنفسي ,وانا أحرص طبعا على الحياة وأسعى طبعا لأكون سعيدا .
الحق أن الارادة الصالحة لاتبدو بوضوح إلا متى كانت في صراع مع النزعات الطبيعية فاستمسكت بالواجب .وأنما المذهب يشيرالى هذا المعنى حين يأمرنا بمحبة أعدائنا .
فالمحبة الحسية لايؤمر بها .أما المحبة المعقولة الصادرة عن الارادة فهي موضوع أمر ..ويجب أن يتحقق بمعزل عن المحبة الحسية .بل بالرغن من الكراهية الحسية .
6..إذا كان الواجب معنى عقليا صرفا فكيف يمكن أن يكون دافعا نفسيا إلى العمل ؟ يمكن ذلك بوساطة بين العقل والحس .فهناك عاطفة ليست كسائر العواطف منبعثة عن مؤثرات حسية .
ولكنها متصلة إتصالا مباشرا بتصور الواجب أي إنها صادرة عنه وأنه هو موضوعها .
تلك هي عاطفة الاحترام .وعلى ذلك يكون الواجب (ضرورة العمل إحتراما للواجب )...
فالاحترام من حيث طبيعته ومصدره ومهمته ..عاطفة أصيلة بالمرء ..بينما سائر العواطف ترجع الى الميل او الخوف .غير أن بينه وبين الخوف والميل بعض المماثلة .
فالمماثلة بينه وبين الخوف تقوم في نسبته الى قانون مفروض على حساسيتنا من حيث إنه الشعور بخضوعنا لسلطة القانون الخلقي .
وتقوم المماثلة بينه وبين الميل في نسبته الى قانون صادر عن الارادة نفسها من حيث إنه الشعور بمشاركتنا فيما للقانون من قيمة لامتناهية .
فإذا كان من الوجهة الاولى يحط من قدرنا .فإنه من الوجهة الثانية يشعرنا بكرامتنا .ولايتجه الاحترام لغير القانون .إنه لايتجه مطلقا الى الاشياء .وأن بدا أحيانا
متجها الى الأشخاص فلكونهم يبدون بفضيلتهم أمثله القانون ..
وهكذا يكون الاحترام منبعثا عن العقل وحده ....عن قوة أخرى ولا لغرض آخر غير القانون .....
....................................................................................................................................................................................................................................................................................................
#حبيبة_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟