أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي














المزيد.....

فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي


جوان خليل عكاش

الحوار المتمدن-العدد: 4647 - 2014 / 11 / 29 - 12:19
المحور: الادب والفن
    


بدا الاعْتَامُ كحبةِ تينٍ
فيها من الدمِ النابضِ
كفايةٌ لحُزُمِ شهدٍ مُضيئ
كأنها طفلٌ عاقْ، زَرعته الشُهُب لأمه
وبعد أن عمَّدته عزباءُ الطواحين
حَبَا مع زوارقِ الليل، وجاع للطُحلب والجدران القِرميدية
تعوَّد؛ كما تعوَّدَ التينُ على الزيزفون
وبدا له أن يُشْرِك بالإعتام
فيُلوّنَه بأجسادٍ مُتمازِجة
لتطفو كبقةٍ على الزيت المريض
وتندثر مع حَمِيَّةِ الفَراشِ على خنساءٍ
نَضُج الجُلَّنار تحت دِرعها
فتلدَّنت صرامتها، وأسلمت بالعُتمةِ المريضة.
يوماً هرب الحنفيُّ بِجُلَّنارِ الخنساء
ترك الصخرة لصاحبها المسكين
وَولِدَ من بين حبات الجَوز
وأعشاشِ السناجب
أرضعته زهرةُ خَشْخاش
حتى بنى للغيب كلماته الغريبة، وعجن أَسَاجيعه كألواح الشوكولا
يلفها بورقٍ أحمر وقلبٍ أبيض
ليطعمها لمراهقةٍ قلقة، فتَفُكُ غُرَزَ مِهبلها مع يأجوج العاشق
فينفتح لوزٌ، وتتلبد غمازتان.

في ساحة سعد الله الجابري حيث أقيم مجسم كروي ضخم احتفاءً بحلب كعاصمةٍ للثقافة الإسلامية، كان صوت الأغاني الساحلية مع صور الثور المقدس تنشر لمسةً كهربائية خافتة، والألاف من عبيد الأمس يتحركون بتناغمٍ وهم يرفعون كلتا يديهم لالتقاط قطع اللحم التي يلقي بها خنزيرٌ بري، لم أعرفه في البداية إنه المحافظ القديم ولكنه كما سمعت نجح في قلب ساقيه الخلفيتين بعد تعيينه، انه نفس الشخص الذي قابل العرافة في الحسكة فتوقعت له منصباً في حلب.
خلف الجدران الرقيقة نقل تهامس بأن المحافظ الجديد زار بعض خيم الحجيات على طريق المسلمية، وبعد أن أخذ العجوز واضطجع معها بلَّغته بأنه سيكون نبي الشياطين على أن يغتصب حاملاً ويستأصل جنينها، الطبق الذي أعده الخنزير كان مُضغةً محاطةً بلزوجة المجارير ومن الأمام كانت حبة الفلفل الحار ظاهرةً بشرايينها التي تخفق باللون الفوسفوري، وتحتها آلافٌ من ديدان الشجر انهمكت في التهام بعضها، غطس في الطبق بأكمله حتى تشربت عانته بالدسم، التهمه كاملاً لوحده، وها هو اليوم نبيٌ لآلاف البشر يلقي لهم اللحم المُنَزَّل.
السماء بدأت بالانقلاب والغيوم المكفهرة المختلطة برذاذٍ كحلي غطت سماء حلب، وفي لحظة انقلاب الشروق والغروب، القلعة العتيقة المتخمة بحفرها المميتة ظهرت تدريجياً وهي ترتفع على ظهر براقٍ سمين، وقبل أن تختفي توقفت فوق القبة في ساحة سعد الله وألقت آلاف الأطنان من الخراء المحتقن في داخلها على رؤوس جيش الزومبي، وحلقت دون رجعة.
الكرات الزرقاء من أيدي سبعين ألف من التيتان الصغار انطلقت لتدمر تلك القبة، ومن أصابته الكرة تلاشى، رغم ذلك لم يتوقف الخنزير عن رمي اللحوم، لكنه غطسها في دماء طمث مخنثٍ استخرجت من بطن هذا الذي يسموننه: وطننا المحبوب، وعلى غفلةٍ مني سمعت ذلك النداء الشهير: "تحت التينة"، الزومبي يركعون ويهللون .... ومازال الخنزير يرمي اللحم والسيوف، والخراء الأصفر يهطل برومانسية من كل سماوات العزلة.
الهرب كان المنفذ الوحيد لي، فتاةٌ ذات أسنان بارزة شدتني بسرعة نحو المراحيض العامة في الساحة، وخلال مسيرنا الطويل في النفق السري كررت لي: انهم يُخلقون من ضلع النائمين ويتعمدون بعصيدة العيون المغلية، ومن ثم تهمس في إذني: إنهم يولدون من حيث نموت، عشرات الشبان كانوا في انتظارها وعندما نزعوا ثيابهم بانت أجسادٌ مغطاةٌ بشعر الماعز مع صدورٍ تحمل علامة تجارية لشركة الأحذية.
من كيسٍ صغير، الفتاة أخرجت حباتٍ من اللوز وبدأت تتلفظ بلغةٍ غريبة بأوامر متتالية، كل حبةٍ خرجت منها نساءٌ ورجالٌ حقنوا الأرض ببيوضهم لينمو الفول السحري ويشق الغيمة التي بدت كأنها وجهٌ لعجوزٍ من قريتنا، لم أستطع الصعود وبقيت معلقاً مع الفتاة ذات الشعر الأخضر، رأيت التوابيت وهي تحمل أشلائي، فغطيت عيني بطرف ثوبها وغفوت، لكني نسيت أن أستيقظ.

هو الظلام المرمي على جفنيك
ينسيك كيف تموت يرقات القز
في غلاصم عقلك الميت.

حيثما تشعبت ذاكرتك
ستتمنى الراحة، لكن تنسى أنك تستيقظ رغماً عنك
عرقاً بكابوس الفتاة ذات الشعر الأخضر
فتغطي مخيلتك برائحة من جيبي فستانها المقفول
وتكرر لها كل يوم:
لا أبطال هنا، نحن فقط الناجون.

لا تسألني عمن تكون أنت
أهو انت المنسي؟!
أم أنا الذي لا يريحني منك؟!
أم أننا من افترق على جسدٍ ناكته المخابرات
فتركناه وانفصلنا كزوجين محترمين
بكينا في الحمام طويلاً
تقاسمنا الألم وصناديق الذكريات
قصصنا صوري في المنتصف
ولم يكن هناك حاجةٌ لاقتسام ممتلكاتنا
فالموت التجريدي أخذها غنيمةً
ومع الإقرار بالهزيمة اتفقنا
أن كلانا عرف الشعر الأخضر فتكفينا هذه الوحدة.





#جوان_خليل_عكاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنتازيا السجن الإنفرادي - أرواح طائشة
- فنتازيا السجن الانفرادي - مهبل أفروديت
- فنتازيا السجن الانفرادي - مساحة الشرق
- فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص
- فنتازيا السجن الانفرادي
- اللغم اليوناني ...يبتر حلم السوريين نحو أوروبا
- د . ماريا كاللي: العالم تعامل مع المآسي البشرية كنوع من البز ...
- أوهام حرية الخلافة -على نهج مهدي عامل-
- سجن حلب المركزي : سجناء الرأي والسجناء السياسيون - من حقنا ا ...
- غاليسيا ... كاتالونيا .... الباسك- للخوف والعزلة فيلقٌ في أو ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي