|
رواية أميرة لجميل السلحوت والتطهير العرقي
نبيل الجولاني-القدس
الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 21:59
المحور:
الادب والفن
رواية أميرة لجميل السلحوت والتطهير العرقي بقلم: نبيل الجولاني تحدث الكاتب جميل السلحوت في روايته أميرة الصادرة عن دار الجندي التي جاءت في217 صفحة من الحجم المتوسط. عن بداية تَشكُل الثورة التي عَمَت فلسطين أثناء الحكم التركي لها وحكم الانجليز لبلادنا التي عاثو فيها خرابا وظلما، وعن وعدهم لليهود باقامة وطن لهم على أرضنا بعد اقتلاعنا منها، واحلال المهاجرين مكان سكانها الاصليين، وعن طبقة الاقطاع والبرجوازية التي كانت تتماثل مصالحها مع مصالح المحتلين حفاظا على مصالحهم الشخصية، والتي كانت تتعارض مع مصالح أبناء الشعب الذي كان يُشكل الوقود للثورة وذراعها المقاوم في المواجهة، ومناوئة الاعداء ومقارعتهم، بينما يبقونهم (أي أصحاب الاقطاعيات والمصالح الاقتصادية )يُمارسون دور الواجهة بلا مواجهة، دور القيادة الرمزية للشعب مع الحرص على عدم المساس بعلاقاتهم مع الانجليز، وذلك بهدف حفظ مشاريعهم وتسهيل معاملاتهم ومصالحهم؛ لكي يستمروا على سدّة القيادة التي كان يوفرها لهم أيضا أعداء الشعب الذين كانوا يحرصون هم أيضاعليها؛ لكي تبقى كذلك. في الوقت الذي كان أبناء الشعب يُعانون فيه من الفقر والجهل والظلم والاضطهاد الطبقي والقومي الذي كان يُمارس عليهم من الطرفين في نفس الوقت، وان كان يأخذ في محتواه مضامين مختلفة مع عدم اختلاف الاهداف والنتائج. هذا اذا ما علمنا أن الثوار في ذلك الوقت كانوا يبيعون ذهب (مصاغ) نسائهم؛ لكي يشتروا به سلاحا للمقاومة، بينما الموسرون أصحاب المصالح ورأس المال يبيعون السلاح؛ لكي يشتروا به ذهبا لنسائهم من أجل المساومة والغواية، وتحويل أنظار الأبناء عن المخاطر التي تُحدق بهم وبأبناء شعبهم. وهذا ما يُؤَكَّد عندما استعان الانجليز بالملوك العرب، عندما وجه هؤلاء الملوك نداءاتهم للشعب الفلسطيني بانهاء اضراب 1936 معتمدين على حسن نوايا (الصديقة)بريطانيا بانهاء الانتداب على فلسطين، ووقف الهجرات اليهودية اليها، حيث كان العكس بأن ساهم الانجليز وبشكل عملي ومباشر بمُهِمات اقتلاع الفلسطينين من قُراهم ومُدنهم، وقتلهم وطردهم وتهجيرهم الى خارج الوطن، واحلال اليهود مكانهم، وبناء دولة لهم على أنقاض أرضنا، على مرأى من هؤلاء الملوك العرب المتواطئين مع دول العالم التي أخذت تعترف بالكيان الصهيوني الواحدة تلو الأخرى . ولا يَفوتني في هذا السياق إلا أن أذكر وأشكر الكاتب جميل السلحوت على ما تضمنته دفتي روايته من تأريخ للمكنونات والعادات والتقاليد والثقافات التي كانت سائدة وقتذاك، مما كان له دور هام في توضيح وايصال المعلومة والفكرة التي أرادها في هذه الرواية التي نحن بصدد سبر غورها في هذا المقام. ومن الحري بالذكر أيضا أن عنصر التشويق كان متواترا بتوالي التطورات الدرامية التي رافقت وواكبت الاحداث، وتطوراتها على ضوء ما جاء من أقوال وأفعال وأعمال في راهن ذاك الزمان. وما هو جدير بالذكر هنا هو استعانة الكاتب بالأمثال الشعبية التي أغنت النص، وكذلك الأغاني والأهازيج التي جاء بها تعبيرا وتعميقا وتجسيدا للمناسبة التي قيلت من أجلها، سواء كانت أفراحا أو أتراحا أو موسمية أو مناسباتية تُكحل النص وتُزينه، وتُهذبه بلُغة سلسة مكثفة قشيبة مهيبة، تأخذ القارئ الى عوالم يُشارك بها بوجدانه وفؤاده وعاطفته ومبادئه ومواقفه وطاقاته المخزونة، والمعروفة على الصعيد الذهني المعرفي تارة، وعلى الصعيد الفكري الموقفي الذي يؤدّي الى التنوير والتغيير في كل الأحوال. واذا كان الكاتب تحدث هنا عن احتلال حيفا من قبل عصابات البالماخ ،فان هذا نموذج لما حدث في احتلال باقي المدن والقرى الفلسطينية، وما قامت به عصابات الصهاينة الأرغون والشتيرن والهاغاناه من عمليات التطهير العرقي للفلسطينيين سكان البلاد الأصليين. فقد عملت هذه العصابات المذكورة آنفا مع باقي الألوية المدربة جيدا، والمسلحة بأحدث وسائل القتل على الترويع المبكر للسكان، عبر المذابح المتعددة التي ارتكبوها، كمذبحة دير ياسين مثلا، مما دفع أبناء النُخبة الفلسطينية الى المغادرة الى مساكنهم في لبنان ومصر ريثما يعود الهدوء، مع أن الأسلحة لم تكن تصل الى الثوار، والحكومات العربية لم تكن تفعل أكثر من شن حرب كلامية وحماسية عبر الأثير لاخفاء تقاعسها عن المساعدة، ولعدم رغبتها في التدخل لنجدة الفلسطينين. لذلك أصبح السكان بلا قيادة، وكان عدد المتطوعين قليلا،مما تركهم تحت رحمة العصابات اليهودية، مع وجود القوات البريطانية التي كانت تسهل أعمالهم في قتل وطرد الفلسطينيين، وتشريدهم الى خارج الحدود حيث استولى اليهود على كل شيء، وحلّت النكبة بطرد الفلسطينين وجعلهم لاجئين وهدم بيوتهم واقامة مساكن لليهود الوافدين من اصقاع العالم؛ حتى يقيموا وطنا لهم لشعب بلا أرض على أرض بلا شعب، وفي وقت لاحق يجري محو السكان المطرودين من سجلات وتاريخ البلد الرسمي والشعبي واستئصالهم من الذاكرة الجماعية، واحلال اليهود مكانهم، حيث أن التطهير العرقي يُعتبر جريمة انسانية في كافة الاعراف الدولية. ورقة مُقدمة لندوة اليوم السابع 2014/11/27
#نبيل_الجولاني-القدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية -بطعم الجمر- تفتح الأبواب على مصاريعها
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|