|
جمعة رفع المصاحف.. بنو أمية يطلبون تحكيم شرع الله في ميدان التحرير !
إسلام بحيري
الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 02:11
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المكان : ميدان التحرير بلقاهرة وفي كل مكان في ربوع مصر.. الزمان : يوم الجمعة القادم 28/11/2014 م.. هناك سوف يقوم أحفاد جماعات الخوارج و بني أمية برفع المصاحف كرمز لدعوتهم الخداعة إلى تحكيم الشريعة بغية الوصول إلى السلطة، وكخطوة أخرى ومحاولة يائسة لاستعادة حكم المعزول محمد مرسي العميل الصهيوني الذي تم عزله من قبل الشعب المصري بعد أن أكتشف خيانته لوطنه ولأمانته ولدينه معاً..
لقد تم عزل المدعو محمد مرسي بعد أن استبان لكل ذي عينين كيف أنه وصل إلى السلطة بالتزوير وتهديد الجماعة المحظورة - على لسان خيرت الشاطر - بإسالة الدماء في حالة انتخاب الفريق أحمد شفيق.. وبعد رؤية جموع الشعب كيف سارت سياسة أخونة الدولة بشكل صارخ فج حتى امتلأت هيئات ومؤسسات الدولة بأهل الثقة لا أهل الخبرة.. وبعد أن استدان المعزول من دول الشرق والغرب المليارات دون خطة ولا عملية إنتاج مدروسة ومنظمة لكيفية إعادة تلك القروض التي سوف تقصم ظهر ميزانية الدولة.. وبعد أن رأى الناس كيف خاطب مرسي سيّده شيمون بيريز بصيغة التعظيم ! ووصفه بالصديق الحميم !.. ونحن نريد أن نفهم : متى كان صديقه ؟ أقبل رئاسة مصر أم بعدها ؟ فلو كانت بعدها لكان كلامه نوع من الهذر والمسخرة، وهذا لا يليق بخطاب دبلوماسي على أي حال، وأما لو كانت هذه الصداقة صداقة قديمة ترجع إلى ما قبل الرئاسة - وهذا هو المقطوع به - فمن حق الشعب المصري أن يعزل هذا الجاسوس الصهيوني ! وعيب على أي آدمي يحترم آدميته وله مسكة من عقل أن يصف عزله بالإنقلاب ! حتى لو لم يخرج مصري واحد للإحتجاج والتظاهر ضده، فكيف وقد امتلأت الشوارع والميادين والطرقات والشرفات وأفواه السكك ببحار متلاطمة من البشر، كلهم له طلب واحد هو عزل هذا العميل !
ونحن نريد أن نسأل : أية علاقة بين هؤلاء وبين المصحف الذي سوف يرفعونه ؟!! ومن هم حتى يستأثرون به من دون المسلمين ؟ ما هي صلاحياتهم التي تؤهلهم أن يستأثروا بالمصحف وبالدين وبالشريعة ؟ هل لديهم (تفويض) من رب العزة سبحانه لكي يكونوا وكلاء عنه ؟ أم هم وكلاء ابليس وعبيد اسرائيل ومطايا الأمريكان لتنفيذ مشروع التقسيم الصهيوني في المنطقة عن طريق الفوضى الهدامة ؟
أي دين يريدون أن يطبقوه وهم منه خواء.. وأي شريعة ينادون بها كأنهم يعيشون في تل أبيب أو واشنطن ؟ هل هي "الحدود" ؟ والله لو طبقناها لكان أول ضحاياها هم أولئك الأبالسة والكهنة المتسربلين بلبوس رجال الدين عن طريق تفعيل " حد الحرابة" والإفساد في الأرض وقتل الأبرياء دون وجه حق..
كيف يصدق البُلْه والمغفلون من الشباب المخدوعين بالقيادات الإرهابية أن هؤلاء ليسوا أهل دين وإنما هم رجال سياسة وطلاب دنيا أشد شرهاً على السلطة والرياسة من أي راش خائن وصل بماله تحت قبة البرلمان ! كيف يصدقون هذا وهم لا يصدقون أن معاوية بن أبي سفيان كان ينفق أموال بيت المال في الرشوة لأجل وضع أحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم تلمّع مشروعه السياسي وتضع له من المناقب والفضائل ما يخرجه من جملة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم إلى مرتبة كاتب الوحي والأمين على الرسالة !
ليست مسألة تطبيق الشريعة ورفع المصاحف يا صاحبي مسألة دين أو شريعة كما يظن الشباب الغض الذي خدعوه - بسبب انعدام وعيه السياسي وقلة معرفته بالتاريخ، تاريخ ركوب مركب الدين سعياً إلى السلطة - وإنما المسألة مسألة صراع على حطام الدنيا ولهث وراء الكرسي الذي أعطاهم الله إياه فلم يحسنوا استخدامه في الخير والنفع العام، وإنما استخدموه في تحقيق مصالحهم الشخصية الفردية ولو على حساب المجتمع بأسره والأمة بأسرها.. ذلك أنهم لا يرون أنفسهم جزءاً من هذه الأمة الإسلامية الكبيرة، وإنما يرون أنفسهم هم الأمة ! ومن عداهم خارج عنها (كافر) أو على أحسن الأحوال (غثاء كغثاء السيل) لو لم يتعرض لهم ويرد على فكرهم الطفولي المراهق بالحجة والمنطق، بالعقل والنقل، وأما هم فيرون أنفسهم شعب الله المختار صفوته وأبنائه وأحبائه.. وأن هذا المجتمع مجتمع جاهلي معادٍ لله ورسوله، يجب هدم أصوله وأركانه وإقامتها من جديد على شريعة الله كما يفهمونها - وهذا هو سبب تسميتها بالجماعات الأصولية - أو بالأحرى كما يريدون أن تكون ! تعمل لصالحهم السياسي.. ولا شك أن عقلية بهذه الصورة تكون خطراً محققاً على الآخرين، على أمنهم وحياتهم وسلامة أرواحهم، لا سيما إذا دخلوا بهذه العقلية أي معترك سياسي ورفضهم الناس ! لذلك من الواجب الحتمي على كل مسلم ومسيحي يعيش في هذا الوطن أن يفرق بين الإسلام والمسلمين وبين هؤلاء، وألا ينخدع بهم مهما فعلوا ومهما احتالوا ومهما بكوا على السلطة "من خشية الله" !
قصة التحكيم : بالأمس رفع جيش معاوية بن أبي سفيان المصاحف أمام جيش علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مطالبين بالتحاكم إلى كتاب الله - الذي خالفوه من جملة وتفصيلاً - عندما شارف جيش الإمام عليّ على الإنتصار بقيادة مالك الأشتر النخعي.. فكان رفع المصاحف مجرد حيلة سياسية لجأ إليها نظام بني أمية الفردي الشمولي ضد المشروع الإصلاحي الكبير الذي كان يقوده الإمام علي بن أبي طالب الخليفة الشرعي وقتئذ.. وكان صاحب فكرة التحكيم هو عمرو بن العاص الذي شرح فلسفة التحكيم إلى كتاب الله ورفع المصاحف بقوله الموجز : (هو أمر إذا قبلوه اختلفوا و إن ردوه اختلفوا). إن خلط المقدس بالدنس بزعم الدعوة إلى المقدس : ليس إلا إهانة له.. فهم بذلك قد تلاعبوا بدين الله وكتابه لأجل متاع الدنيا..
ولكن المشكلة لم تنحصر في هذا، وإنما امتدت إلى مرضى النفوس الذين انخدعوا - أو بالأحرى تخادعوا - للتحكيم، ألا وهم جماعات الخوارج التي ظهرت في جيش عليّ، فصار بين مطرقة الخوارج وسندان بني أمية..
[ في هذه اللحظات كانت كتيبة الأشتر توشك على اقتحام مقر القيادة الأموي وبدأ هؤلاء التائهون (من معسكر الإمام علي) يلحون في إيقاف القتال فأرسل الإمام علي إلى الأشتر يزيد بن هانئ أن ائتني فأتاه فأبلغه فقال الأشتر قل له ليست هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني ! فرجع يزيد بن هانئ إلى علي (ع) فأخبره فما هو إلا أن ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ودلائل الخذلان و الإدبار لأهل الشام فقال القوم لعلي (ع) والله ما نراك أمرته إلا بالقتال فقال أرأيتموني شاورت رسولي إليه أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية و أنتم تسمعون قالوا فأبعث إليه فليأتك إلا فوالله اعتزلناك فقال ويحك يا يزيد قل له أقبل إلى فإن الفتنة قد وقعت فأتاه فأخبره. فقال الأشتر (أبرفع هذه المصاحف) ؟!! قال والله لقد علمت أنها حين رفعت ستوقع خلافا وفرقة إنها مشورة ابن النابغة. ثم قال ليزيد بن هانئ : ويحك ألا ترى إلى الفتح ألا ترى إلى ما يلقون ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه فقال له يزيد : أتحب أنك ظفرت ههنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه يفرج عنه ويسلم إلى عدوه قال سبحان الله لا والله لا أحب ذلك قال فإنهم قد قالوا له وحلفوا عليه لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح : (يا أهل الذل والوهن ! أحين علوتم القوم و ظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وتركوا سنة من أنزلت عليه فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا فإني قد أحسست بالفتح) قالوا لا نمهلك قال فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر قالوا إذن ندخل معك في خطيئتك قال فحدثوني عنكم وقد قتل أماثلكم وبقى أراذلكم متى كنتم محقين أحين كنتم تقتلون أهل الشام ؟ فأنتم الآن حين أمسكتم عن قتالهم مبطلون أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم في النار قالوا دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا فقال : (خدعتم و الله فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت ألا فقبحا يا أشباه النِيَب الجلالة (الحيوانات التي تأكل الوَسَخ والرمم) ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا فأبعدوا كما بعد القوم الظالمون) فسبوه وسبهم وضربوا وجه دابته بسياطهم و ضرب بسوطه وجوه دوابهم وصاح بهم علي عليه السلام فكفوا ].
من التحكيم إلى الحاكمية : عزيزي القارئ ! هذا المشهد قد حدث بالأمس منذ ألف وأربعمائة سنة.. وها هو يتكرر اليوم بنفس العقلية.. ولا غرابة ! فإن من سيرفع المصاحف الجمعة القادمة هم أحفاد هؤلاء الخوارج الذين أعجبهم هدم الدين والدنيا عن طريق التحاكم للنص وتفسيره بعيداً عن حقائق العقل والواقع والمنطق.. هذا العبث الطفولي قد انخدع به قطاع كبير من المسلمين بالأمس، ولا زال إلى اليوم ولكن ضمن شريحة ضعيفة من سطحيي التفكير وعديمي الوعي السياسي.. وأما القطاع الأكبر فقد انكشفت له حقيقة المتاجرين بالدين وتبين له مدى حقارتهم إذ يجعلون الله ورسوله سلّماً يصعدون عليه وصولاً إلى السلطة.. ويعلم الله تعالى أن السلطة لا تساوي عند الصادقين من أهل الله جناح بعوضة, ولو كانت تساوي جناح بعوضة ما منعها الحسين بن علي وأعطاها ليزيد بن سيّدهم معاوية..
هذه الجماعات ليس لها ولاء للمسلمين ولا للوطن الذي تعيش فيه، وإنما ولاؤها دوماً للعدو الخارجي، وقد رأينا كيف بأسهم على المسلمين وخفض جناحهم لجون كيري وآن باترسون واستقوائهم بالجيش الأمريكي والحكومة الأمريكية من منصة رابعة العدوية !
كما أن تلك الجماعات ليس لديها ما تقدمه للوطن العربي والإسلامي من خدمات علمية أو إدارية متطورة إلا النهب والسرقة وأكل السحت من جهة والإستبداد الديني والسياسي من جهة أخرى.. وقد رأينا بأم أعيننا كيف أن الدول الإسلامية التي نهضت صناعياً مثل تركيا وماليزيا وإيران لم يكن بها هذه الأصولية الدينية البغيضة وهذا التكفير وهذا الإنشقاق على المجتمع والإنشغال بتراث أقوام مرضى أصحاب فكر هدام كابن تيمية وابن عبد الوهاب.. وإنما وجدنا في تركيا شخصيات مثل بديع الزمان سعيد النورسي وفتح الله كولن، ووجدنا في ماليزيا مثل مهاتير محمد، وكلهم يبغضون الفكر الوهابي المتشدد, ولا يقحمون الدين في العملية السياسية والإنتخابات والترشح كما يفعل هؤلاء الكذبة الأفاكون.
الأمر الأخير الذي يجب أن نعيه كلنا هو : أن كل من ينشق على أبناء هذه الأمة ويحاربهم ويعاديهم ويكفرهم فهو يعمل لحساب اسرائيل شاء أم أبى، وكل من يفرق بين المسلمين ويقول سنة وشيعة ويرفض الوحدة والتحالف السياسي والإقتصادي بين الدول الإسلامية بسبب المذهبية الدينية والطائفية المتخلفة : فهو أيضاً يعمل لحساب اسرائيل..
المحور السياسي هو المحور الرئيسي الذي تدور حوله كافة الصراعات عبر التاريخ ولاسيما في الواقع المعاصر.. ونحن إما أن نملك وعياً سياسياً نبصر به الحقيقة ونخرج به من تلكم الظلمات، وإما أن يُفني بعضنا بعضاً دون أن تتكلف أمريكا دولار واحد ونذبح أنفسنا بسكيننا كما قالت سيدتهم هيلاري كلينتون.
#إسلام_بحيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|