طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)
الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 12:48
المحور:
الادب والفن
كانت ديوانية الشيوخ هي المدرسة الاولى وكان الفناء الذي يفصلها عن باب المضيف القصبي هو مسافة العبور بين ثقافة الريف والثقافة المدينية ..!!!
أصبحت الديوانية مقر إقامة المعلم ...
أستاذ مظلوم .. او إستاد مظلوم كما صار سكان القرية يطلقون عليه ...
حين تناقل الأطفال خبر فتح المدرسة في إيشان عتاب ، راح كل منهم يتخيل صورة للمدرسة ومعنى اخر لها .. قال البعض ان المدرسة تعني سيايير ( سيارات) !!! وقال الاخر يمكن ان تكون مكينة طحن اخرى سوف يجلبها الشيوخ وصاحبهم جبار العزاوي ، الحضري القادم من مدينة الرفاعي ...
راح ابناء القرية يعلقون أطراف دشاديشهم في أحزمتهم وهم يحزمون باقات القصب بالحبال ويغرسونها في ارض اليشان الرخوة وهم يشيدون تلك الصرائف التي سوف تشكل صفوف المدرسة ... كان مهندس المشروع هو إستاد مظلوم القادم من فضاء الرفاعي ليكون اول معلم ومدير لمدرسة اطلق علبها مدرسة الرشيد الابتدائية ...
لم تكفي صريفتان فشيدت صريفة اخرى بعد ان سجل كل شباب واطفال اليشان وتوافد على المدرسة عدد كبير من ابناء ربع رستم والدغيزات وربع سعيد وربع شامي الذين زحفوا باتجاه اليشان ومعظمهم كان يود حسب ما صرح اهلهم الذين جلبوهم عسى ان يتمكنوا ولو على قرائة المكتوب !!
كان معظم الطلاب قد تجاوزوا العاشرة بل اكثر من العمر .. جائوا مجموعات وفرادى ، راجلين وبعضهم يمتطون المطايا ماعدا هاشم الحسن الذي كان يستقل دراجة هوائية هي الوحيدة في الديرة والتي كان صوت جرسها قد استفز أطفال اليشان وكلابها فراحت تتبع الدراجة نابحة وهي تحاول عظ دواليبها ...!!
قيام !! صرخ المراقب حين دخل أستاذ مظلوم الصف وهو يحني قامته لدى اجتيازه الباب .. نهض الطلاب بحركة تجمع بين الخوف والرهبة وعيونهم موجهة نحو المعلم .. امتلأ جو الصريفة بغبار الارض التي كان الطلاب يفترشونها ..!! لم تكن هناك رحلات ولا توجد سبورة !!! ما زاد من انتشار الغبار هو ما حملت دشاديش الطلاب وإقدامهم الحافية من تراب الارضيّة !!!
قال المعلم : جلوس .. انتابته نوبة سعال حاد وقد خنقه الغبار المتصاعد ثم راح ينفض بدلته الأنيقة ذات اللون الحبري ...
#طالب_الجليلي (هاشتاغ)
Talib_Al_Jalely#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟