أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آکو کرکوکي - سعدي يوسف ... سبقني وأشتكى!















المزيد.....

سعدي يوسف ... سبقني وأشتكى!


آکو کرکوکي

الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 02:21
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


لا أعتقد إنَّ النص الأخير لِسعدي يوسف (مصرُ العروبةِ ... عراقُ العجَم ) ، قد حمل معهُ الكثير من الجدة ، وخاصةً حينما أستخدام تسمية قِردستان بدل كوردستان ، ووصف شيعة العراق بالعجم !

فهذه التسميات ، ومعها تلك الفكرة المُشككة في إنسانية الشعب الكوردي ، وعروبة المكون الشيعي ، واردة وشائعة في الأوساط الشعبية العراقية ، والأعلامية العربية وحتى في الأروقة الدينية الإسلامية السُّنية . وتحديداً مِنذُ سقوط نظام صدام في 2003 . بعد أنْ أصبح الكورد والشيعة في واجهة الحكم في بغداد ، وأُعتُرِفتْ بِكوردستان كأقليم فيدرالي ضمن العراق الإتحادي . فلطالما تبجح النكرات على تلك الفضائية ، وذاك الموقع الألكتروني ، وفي شوارع تلك المدينة أو ذاك الحي بوصف كوردستان بِقردستان ، والشيعة بالإيرانين ، والعجم . ولاننسى الفتاوى القديمة التي اعتبرت الكورد أولاداً للجنِ والشياطين وأخرجهم من ملة الأنس!

اما الجديد الوحيد الذي أضافهُ سعدي يوسف ههنا ، هو رفعهِ لتلك التسميات والأوصاف من مستواها الشعبي المجهول الى مستوى علني مشهور ، وبذلك يكون قد أدخلها التأريخ من أوسع أبوابهِ . وأضفى عليها صفة الشرعية ((الثقافية)) – بين مزدوجين طبعاً!

القامة الثقافية ... هو الوصف الذي نالهُ سعدي يوسف ، مِن قِبل أغلب مَنْ نشر مدافعاً عن ظلمهِ للآخرين بدعوى ((حرية التعبير))- بين مزدوجين آخرين . سواءاً مِمن نزلت كلمات سعدي يوسف على قلوبهم كماءٍ بارد في صيفٍ حارقْ ، فعبر عما يجول بخواطرهم خير تعبيرْ . أو مِمنْ أعتاد على رؤية الأمور من زاوية واحدة ، فصار يكتب مُجتهداً ومُستبقاً لِتجنب أن يلحق بسعدي يوسف أي ظلم ، مُتناسياً ظلم وتعسف سعدي نفسهُ مع الآخرين . فصدق عليهم قول القائل : ضربني وبكى ، وسبقنى فأشتكى !

ولا نجد بُداً إلا أن نوافق السادة هؤلاء وصفهم لسعدي بالقامة الثقافية ، وبإن ماقالهُ يدخل بشكلٍ أو آخر ضمن حرية التعبير طبعاً ، مُتذكرين في الوقت نفسه التعقيد والتلبس الذي يلف هذين المفهومين المطاطيين ، أعني : الثقافة ، وحرية التعبير ، والهامش الواسع لإساءة أستخدامهما وتوظيفهما لما هو خاطئ وقبيح ، لنكون حذرين ومتحفظين دائماً ، ونضعهما بين مزدوجين!

أما لماذا نوافقهم ههنا على وصفهِ بالقامة الثقافية ، وندافع عن حرية التعبير لهُ ، ولو بشكلٍ جزئي ، فلنا أن نبدأ مما أنتهينا أليه ، أي من الحديث عن حرية التعبير نفسها!

قطعاً الأيديولجيات التي ينتمي لها سعدي يوسف ، سواءاً مايدعيهِ من يسارية وشيوعية سابقة أو مايكتنه دواخلهُ من عروبية متشددة حسب نصهِ الأخير ، سوف لن تساعدنا كثيراً في فهم معنى حرية التعبير ، فهو في النهاية مفهومٌ – ليبرالي - ومن بنات أفكار الليبرالية حصراً . وأيدولوجيات سعدي لم تعرف أو تهتم لهذا الجانب أو وقفت ضدهُ موقف العداء من حيث الفكر ، والممارسة وكسائر التيارات العروبية التي ظهرت عبر التأريخ .

القوانين في معظم الدول الديمقراطية ، تكفل حرية التعبير عن الرئي ، ومنها قوانين لندن عاصمة أعتى الديمقراطيات في العالم حيث يعيش السيد سعدي يوسف ، ولكن تلك القوانين تحدد الحُرية بقيود تستند الى مبدأ الحُرية المتساوية ، فحرية الفرد تنتهي عندما يبدأ حريات الآخرين . فهاهو جون ستيورات ميل وهو من أوائل من نادوا بحرية الرئي ، يعود ليُحدد حرية الرئي بعدم الإضرار بالآخرين .

وذاك هو إمانوئيل كانت يقول عن حرية الكِتابة : إنها هي الضمان الوحيد لحقوق الناس ، مع إنها يجب ألا تتجاوز حدود الإحترام والولاء للدستور القائم . أما دساتير الدول المُتقدمة فتحُرم الكتابات التي تؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية ودينية . هذا ناهيك عن الإساءات الشخصية . الدستور العراقي بدورهِ يعترف بكوردستان – وليس قردستان - ، ويمنح الشرعية للأغلبية السياسية – وهم الكورد والشيعة - كيما يكونوا شركاء فعليين في حكم البلاد منذ 2003 .

فكيف نفهم تسمية قِردستان والعجم إذن ؟

وقبل أن نُراعي مشاعر الآخرين ، وعواطفهم ألا يجب أن نُدافع عن السلم الأهلي ، فلا نكون سبباً لِفتنة أو نصبح وقوداً لنارٍ قد تفتك أرواح الآخرين ؟

دعنا نصيغ ونُكرر السؤال من جديد: كيف يجب أن نفهم ، ونتعامل مع تسميتي قِردستان ، والعجم ، بعد أن ضمها أهم شعراء العراق المعاصرين الى شعرهِ ، وأصبحت جُزءاً من التأريخ ، ولم يعد الأهمال ، والتجاهل ينفع معهما ؟

ليبرالياً لم أجد مايُبرر هذه المثلبة لسعدي يوسف سِوى حُجة روجر بيلون ، الذي يوردهُ في مقالهِ بعنوان (الحق في إرتكاب الخطأ) ، والذي يقول فيه: إنَّ الدفاع عن الحرية الفردية يتضمن الدفاع عن سلوكيات مُثيرة للإشمئزاز ولا أخلاقية أيضاً . على أساس إنَّ للكل الحق في أختيار نوعية سلوكهِ ولو كان خاطئاً . ومع هذا يضيف قائلاً : إن الوسيلة السلمية والوحيدة للتعامل من يختارون السلوك الخاطئ ، كالعنصرية والتمييز مثلاً هو الحق في الرد بواسطة قوة الإقناع الأخلاقي ، والتجريح العلني ، بدل اللجوء الى المحاكم . ولربما هذا هو السبب الوحيد ، الذي يجعلنا نوافق ضمناً على كفالة الحق في حرية التعبير ليوسف سعدي ، حتى لو كان سلوكهُ لاأخلاقياً ، ومثيراً للإشمئزاز ، وخاطئاً في نظرنا ، ودون أن ننسى حقنا المكفول في الرد أيضاً !

وزارة التربية في حكومة أقليم كوردستان ، لمْ تتوان للحظة ، عن شطب أشعار سعدي يوسف مِنْ المناهج الدراسية . وذلك مِن باب الحق المكفول للرد من جهة ، ومِن منطلق أنهُ :كيف يتسنى لِقرودٍ مُتخلفة أنْ يفهموا أشعار شخصٍ عربيٌ عظيم ومتطور كسعدي يوسف ، من جهةٍ أُخرى . أو حتى من باب الإجابة على السؤال الذي يقول : كيف لِقردستان ، وهي تمنع اللغة العربية حسب - إدعاء سعدي – أنْ تُدرس أشعارهُ لطلبة المدارس ، وبالعربية الفصحى أيضاً ...إنه هذا هو التناقض ، والخطأ بعينهِ!

وفيما إذا كان الفعل نفسهُ خاطئاً بصورة كُلية أو جزئية فذاك يعتمد على وجهة نظرنا أليه ، أعني الزاوية التي ننظر بها الى المسألة . وليس من زواية كوننا -ككورد أو كشيعة - معنيون بالقذف مباشرة وحسب . بل لربما من زاوية أكثر موضوعية ، وعمومية ، حينما نحاول أن نخضعها الى التقييم من وجهة النظر العلمية أو الثقافية وما ألى ذلك . فلو تناولنا إدعاءات يوسف سعدي بخصوص الأصول القردية لِمجموعة بشرية معينة أو التشكيك بالأصول العرقية العربية لِمجموعة أخرى تعيش في الشرق الأوسط ، من وجهة نظر علمية بحتة ، فإننا لانجد الكثير من الخطأ في كلام الرجل ، وإنما بعض الإختزال فقط!

النظريات العلمية السائدة تعترف بوجود أصولٍ مُشتركة للبشرية مع القرود ، وحينما نتحدث عن صلة للبشرية بإجمعها مع القرود فإننا لايمكن أن نستثني سعدي يوسف وقومه من هكذا صلة . أما علمي الإجتماع والتأريخ فتتحدثان دون كللٍ وملل عن كيفية إنتشار العرب من الجزيرة العربية الى شرق آسيا ، وشمال أفريقيا عن طريق الغزوات الإسلامية قبل أربعة عشر قرناً ، وكيف إنَّ الشعوب والبلدان في المنطقة ، وبمجملهم قد أستعربوا وأسلموا تحت وطأة وبطش السيوف ، وبما في ذلك شعوب واديي النيل والرافدين أو العراق ومصر الحاليين ، فحتى أجداد سعدي يوسف نفسهُ لربما قد كانوا أحد ضحايا ذاك التعريب القسري ، فلمْ يكونوا بالضرورة عربٌ أقحاح . أي مِنْ صُلب عدنان ، وقحطان ، والقريش واليمن . غير إن الذي يؤاخذ عليه شاعرنا الصنديد ههنا هو أختزالهُ لتلك الصفات على مجموعة دون أخرى !

طبعاً النظرة العلمية لمْ تخطر على بال سعدي يوسف حينما كتب تلك السطور مُنفعلاً ، ولربما لم يعرف هكذا نظرة طوال حياتهِ أيضاً . فما معنى ذاك الإختزال الفاقع في رؤاهُ إذنْ ، ولماذا صار شاعراً تتقاذفهُ الأهواء ، ويغيب عنهُ المنطق ، والعقل ، فيمدح فلاناً أو جهةً ويتقبل منهم التكريم والثناء ، ولكنهُ يعود ليهجوهم غداً ؟ وكما كرر ذاك الفعل الشاذ في حياته الثقافية لأكثر من مرة . هيَّ بالتأكيد فورانٌ عاطفي ، وشعري أستحوذ على تفكيرهِ في تلك اللحظة ، وما مرجعُ كُلِ عواطفنا وأشعارنا – إنْ كُنا شعراء – سوى لثقافاتنا وما تمليهِ علينا !

وهنا نعود للنقطة التي بدأنا بها حديثنا ، وكدنا أنْ ننساه بسبب كلامنا عن حرية التعبير . أعني المفهوم الواسع ، والشائك للثقافة .

لاريب في إنَّ الإسلام يُشكل الجوهر أو الجزء الأهم مِنْ الثقافة العربية ، ولربما يصح القول أيضاً لو قُلنا إن العربية – لغةً ومنطقاً وسلوكاً – أصبحت بدورها الجوهر للثقافة الإسلامية أيضاً . فهناك ثمة تبادل وتماهي شديدين بين الأثنين لايمكن تجاهلهما. ونظرة الإسلام للقرد هي نظرة حقيرة ( أنظر الآيات 65 من سورة البقرة ، و 60 من المائدة ، و166 من سورة الأعراف) ، و أقرأ قصة مسخ اللة لِبعضٍ من بني أسرائيل الى قِردة وخنازير خاسئين . أما في الثقافة العربية العامة فالقرد يشير الى الدمامة والحقارة . ومن باب الفضول والتجريب يمكن أن يوقف المرء أيُ عربي في الشارع ويصفه بإنه قرد ، غير إنهُ لايمكن إلا أن يلوم فضولهُ على نتائج تلك الفعلة الخطرة!

إذن الثقافة العربية التي ينتمي أليها السيد سعدي يوسف تحتقر القِرد ، ومَنْ يُوصَّف مِنْ بني البشر بالقردِ مِنْ قِبلهم ، فهو كمن تلقى شتيمةٌ كُبرى . وهذا ما كان يقصدهُ تحديداً . أي الشتم والإحتقار للآخر ، فهي إذن خطيئة . وحينما خرجت الصفة مِنْ وصف فردٍ بعينيه الى وصف جماعة أثنية وشعبٍ بأكملهِ ، أصبحت عُنصرية ، وشوفينية ، وليست مُجرد شتيمة عابرة.

في الواقع ، فإن الثقافة العربية ، لاتحتقر القرد فقط بل في مناسبات عدة تحتقر الأعجمي ، والمجوسي ، واليهودي ، وتقريباً كل ما هو غير عربي . فتراهُ حين يصر على إنْ يُذكر فضائل أحدهم قيل: إن فلان أبن فلان كان عربياً قريشياً قُُحاً . أي مِن نسلٍ عربي يدعو للفخر والأعتزاز ، وليس من نسلٍ آخر غير عربي ، لربما هو في تفكيرهم أقلُ مِن العربي شأناً في الترتيب . وهي ظاهرة واكبت حتى لِشروط أختيار خليفة للمسلمين الى فترة طويلة .فكان يجب أن يكون الخليفة عربياً لا بل قريشياً أيضاً ، حتى جاءت خلافة بني عثمان التُركية وغيرت هذا عن طريق القوة ، وحتى إنْ أول ملكٍ للعراق أُستورد من الحجاز ، لأنه يُنحدر من أصولٍ عربية وقُريشية خالصة . من هنا نفهم أيضاً لماذا وصف سعدي حكام العراق الحاليين مِن الشيعة بالعجم ، ولماذا أستشاط الشيعةُ غضباً من وصفة العجم . فهو يدخل في باب الأحتقار ، والعنصرية أيضاً !

يوسف سعدي الذي ملأت أشعارهُ الكُتب على مر العقود الماضية ، وتلقى جوائز كثيرة من هنا وهناك ، عن أبداعٍ أدبي قدمهُ في الكثير من المرات أو عن طريق علاقاتٍ شخصية وسياسية في مراتٍ أخرى . يُعبرُ في النهاية عن وجدان أُمتهِ خيرما تعبير . كأي شاعرٍ مُخلص ، وصادق ينطق بلسان الكثيرين ، فيعبر عما يجول بخواطرهم كما أشرنا لهُ في بداية المقال . وهو ينهل من ثقافتهم ، ويفكر مثلهم ، ويقيم المسائل في إطار تلك الثقافة بأحسن الصور . هو فعلاً - قامة ثقافية - عراقية أو عربية ، وفق هذا المعيار ، وذاك المفهوم المحُدد للثقافة .

وإن كان لنا معهُ مُشكلة ، فهي في النهاية مشكلة مع ثقافتهِ العربية الأسلامية التي لمْ يفعل فيها الزمن فعلتهُ ، ولمْ تستطع أن تغيرهُ لتِتأقلم مع تطور الثقافة الإنسانية عامةً ، لِتصبح أكثرُ إعتدالاً ، وتسامحاً ، وتقبلاً للآخر . ومشكلتنا أيضاً مع رؤية سعدي يوسف الإجتماعية والسياسية ، الذي لمْ تستطع سنين الغُربة في أوروبا أنْ تضيف عليه القليل من المنطق ، والعلمية . وهي غدت للأسف ثقافة الكثير من العراقيين !

فلو تجاوزنا كلمتي – قردستان والعجم – من نصهِ الأخير ، فإن البقية الباقية من نصهِ أكثرُ كارثية ، ولا تصمد أمام أبسط تقيمٍ علمي ومنطقي لها!

أعني حينما يَنسُبْ العراق الحديث الى العروبة مرّة ، ومن ثم الى أوروك مرةً أُخرى . تلك المدينة السومرية الصغيرة التي لمْ تزدْ مساحتها عن 6 كلم مربع فقط .فما دخل العرب بالسومريين والبابليين ، وما وجه المُقارنة بين مدينة صغيرةٍ لاتزيد مساحتها عن 6 كلم مربع مع دولةٍ مُستحدثة من قبل البريطانيين ، تمتد حدودها من الزاخو الى الفاو ، لِمساحةٍ تصل الى 438317 كلم مربع !

وتتفاقم الكارثية في تناقض سعدي يوسف حين يتكلم في نصهِ عن المصر والعراق كأصلي العروبة مثلاً . فحين يعلم الجميع إنَّ غزوات الإسلام هي التي ساهمت في تعربت تلك البلدان ، فلماذا إذن لم يقم أحدٌ بإخبار السيد سعدي إن العجم ( ومنهم الميديون ، الأخمينيون ، الفُرث والساسانيون) قد حكموا بلاد الرافدين طوال الأعوام الممتدة بين سنة 612 قبل الميلاد الى 637 بعد الميلاد ، أي تقريباً 1250 عام ، وهو مساوي تقريباً لِحُكم العرب لها أي 1400 عام. والطرفان جاؤوا لها غازيين ، ومحتلين !

ولماذا لم يخبرهُ أحداً بإنْ الكثير مِن المصريين ، وحتى العراقيين اليوم ، يفتخرون بإنتمائهم الى ثقافات وحضارات واديي النيل ، والرافدين القديمتين وليس الى بداوة الصحراء ، وماجلبه لهم الإسلام . فهم يتفقون بشكل أو آخر مع رئي مؤسس علم الإجتماع أبن خلدون عن الغزوات العربية ، وذلك حينما يقول في مقدمتهِ المشهورة : العرب أمة وحشية ، أهل نهب وعَبَث ، وإذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب ، يهدمون الصروح و المباني ليأخذوا حجارتها أثافيَّ للقدور ، ويخربون السقوف ليعمّروا بها خيامهم ، وليست لهم عناية بالأحكام وزجر الناس عن المفاسد، وأنهم أبعد الناس عن العلوم و الصناعات !

ويضيف أبن خلدون في موقعٍ آخر : الواقع إنَّ حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم مِن العجم ، لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية ، إلا في القليل النادر ، وان كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ، ومرباه ، ومشيخته ، مع العلم أن الملة عربية ، وصاحب شريعتها عربي .والسبب في ذلك إنَّ الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة . وأما العلوم العقلية أيضاً . فلم تظهر في الملة إلا بعد أن تميز العلم ، ومؤلفوه وأستقر العلم كله صناعة فاختصت بالعجم ، وتركتها العرب وأنصرفوا عن إنتحالها . فلم يحمله إلا المعربون من العجم شان الصنائع كما قلنا أولاً.

أأدركت الآن ياسيد سعدي يوسف شأن العرب الى العجم عبر التأريخ ؟

فلايغرنك حُكم القوة ، والسيف ، والغزو ، والأحتلال الذي نشرت بموجبهِ العربية في سائر بلدان شرق آسيا ، وشمال أفريقيا ، لِتُسميها أنت اليوم وطناً عربياً ، وتتحسر على فقدانك الحكم على ذاك أو تلك الجُزئية فيها فتلعن الآخرين وتمسخهم قروداً أو عجماً عبيدا. فحتى تلك القوة والوحدة لم تأتيان ألا بعد أنْ صنع محمد لكم الاسلام ، فلقد عرف بِفطنته إنَّ الأعراب لايمكن أن يتوحدوا ، ويكون لهم شأنٌ بين الروم ، والعجم إلا ضمن نظرية دينية كما يشهد بذلك أبن خلدون قائلاً : إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية مِن نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة ، والسبب في ذلك أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم إنقياداً بعضهم لبعض ، للغلظة ، والأنفة ، وبعد الهمة ، والمنافسة في الرئاسة ، فقلما تجتمع أهواؤهم ، فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم ، وذهب خلق الكبر ، والمنافسة منهم ، فسهل إنقيادهم ، وإجتماعهم . وهو مانفع مع بدو الجزيرة فأنطلقوا يحتلون البلدان واحدة تلو الأخرى بدعوى الجهاد ، كما نفعت اليوم مع داعش وغير داعش .

عسى أن تعيد النظر بما كتبت لئن تُضيف الى إبداعك الشعري والعاطفي ، القليل مِنْ المنطق ، والعلمية ، والتسامح !



#آکو_کرکوکي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصحيحاً لِأخطاء تأريخية!
- كوباني ، المدينة التي أحرَجَتْ الجميع !
- طاب يومك بالألمانية
- الحلقات المفقودة
- إنتخابات كوردستان ، قِراءة في العوامل والإحتمالات
- أ يُعقل هذا؟
- يرى القشة في عين أخيه، ولا يرى الخشبة في عينيهِ!
- خاطرة... عن الذاكرة الطائرة
- المالكي... طريقٌ أقصر.... ترجمة لمقالة الأستاذ كمال رؤوف.
- التقسيم والأقاليم وأشياء أخرى
- السياسة ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية
- حتى المستقبل... كان أجمل في الماضي!
- كوردستان تتقمص جسد أوجلان
- الإنقلاب العسكري
- كوردستان، مِنْ منظورٍ بعثي
- كاتالونيا، وكلاسيكو يحبس الأنفاس!
- الربيع المنَسي
- العودة الى نُقطة الصِفر!
- حول المنهج العلمي، ملاحظتان الي العجمي
- يوست هلترمان، مِنْ مُدير... الى مُثير الأزمات


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آکو کرکوکي - سعدي يوسف ... سبقني وأشتكى!