أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فهد احمد ابو شمعه - العقل العربي الاسير














المزيد.....

العقل العربي الاسير


فهد احمد ابو شمعه

الحوار المتمدن-العدد: 4639 - 2014 / 11 / 20 - 21:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يقول المفكر والروائي الروسي الكبير تولستوي (المفكرون الأحرار هم أولئك المستعدين لاستعمال عقولهم بدون حكم مسبق، وبدون خوف، لفهم الأِشياء التي تتعارض مع اعرافهم وامتيازاتهم و ما يؤمنون به ومثل هذه الطريقه في التفكير ليست شائعة كثيرا ولكنها متطلب اساسي للتفكير الصحيح وعندما نفتقدها يكون النقاش والتفكير على الاغلب عقيم وبلا فائده) .
ولكن للاسف الشديد ان طريقة التفكير هذه التي يتحدث عنها تولسوي ليست من صفات العقل العربي , وهي طريقة العقل الفاعل المتحرر من اي قيد , في مقابل العقل المستعبد والداجن المتقوقع والخائف الذي لايجرؤ على التفكير المستقل وهو العقل المرهون باحكام مسبقه ومحكوم بفكر موروث , ونصوص جامدة , ومسلمات , لا يقترب منها , فمثل هذا العقل لا يمكنه انتاج افكار جديدة اومتابعة تيار المعرفة والفكر والتجديد المتدفق من حوله , وهو غير مدرك لاهمية التجديد والابداع او بالاحرى غير قادر على ذلك .
العقل العربي اسير في سجن منيع ذو اسوار سميكة وعالية , وعليه حراسة مشددة , تعاقب بشدة كل من يهرب منه او حتى من يحاول الهرب او يحرض عليه , بل ان هذا العقل اسير لعدد كبير لا حصر له من السجون , والغريب والمحزن والمفجع في الامر انه اعتاد هذه السجون واستساغ العيش فيها لدرجة انها اصبحت جزءا من تكوينه ووجوده واصبح لايتصور ولا يريد ولا يطيق الحياه خارج اسوارها .
هذا العقل اسير لسلطة العقيدة قابعا في سجن فهمه البدائي للدين فهو اسير لفقه ديني اجتهادي بشري محكوم بمكانه وزمانه مر عليه اكثر من الف عام , , ومن عجائب هذا العقل انه مازال اسيرا لخلاف حدث قبل الف واربعمائة عام بين معاوية وعلي ولم يستطع الفكاك منه الى يومنا هذا , فهل هناك بربك احط من هكذا عقل ؟! هذا العقل الذي لم يستطع حتى الان بناء قبة برلمان عربي حقيقي واحد ومازال اسيرا في سقيفة بني ساعدة , وما زال ابو هريرة يتجول داخل هذا العقل نابشا بعصاه كل خلية من خلاياه .
والعقل العربي عاش دهورا اسيرا لسلطة حاكمة مستبدة مارست ضده كل اشكال القهر والتجهيل والتجويع والاقصاء والتكميم والاسكات , تقول الكاتبة الرائعه احلام مستغانمي :( يقضي الانسان سنواته الاولى في تعلم النطق وتقضي الانظمة العربية بقية عمره تعلمه الصمت ) ومن غرائب هذا العقل ان لديه القابلية للخضوع والخنوع والاستكانة ولا يمانع في ان تستباح حريته ! فما تفسير ذلك ؟ الا ان ذلك تأتى من نتاج وقوعه في اسر اخر هو اسر المجتمع القبلي والذكوري الابوي القامع لشخصية الفرد وعقله والذي تأسس على سيطرة شيخ القبيلة والزعيم الاوحد والرأي الاوحد ومحاربة تعدد الاراء او المشاركة في الرأي , ناهيك عن مآساة وضع المرأه بشكل خاص فيه , فلا لوم على هذا العقل ان افتقر لاي نوع من الابداع والتقدم .
والعقل العربي اسير مجتمعه ( اسير العقلية المجتمعية)المكرسة للماضي بمقاييسها وبمنظومة عاداتها وتقاليدها وقيمها والتي تحدد للفرد نمط حياته وطريقة تفكيرة وسلوكه وحتى لباسه . ويصبح الخضوع (للعقل المجتمعي) الجمعي فرض واجب عليه بحيث يترتب على العقل الفردي الخضوع التام لقواعد ومعايير (العقل المجتمعي) الجمعي بل ويصبح العقل الفردي جزءا لا يتجزء من العقل المجتمعي ويخضع لصياغته و يدور في رحاه وفي فلكة ويدافع عنه ويحمي حماه ويذوب فيه تماما , ويفقد بذلك استقلاليته ليصبح مستعبدا وفاقدا لصفة العقل الفاعل التي تحدث عنها تولستوي والتي يفتقر لها العقل العربي بشكل خاص .
العقل العربي اسير للماضي بكل ابعاده ويعيش في الماضي ويسكنه الماضي وهو شبه معدوم الصلة بالحاضر , وبحضارة وثقافة وتطور العصر الا من خلال بعض التقليد البائس لجوانب سطحية على هامش الحضارة , بل ان هذا العقل ينتابه الخوف والجزع من فكرة الولوج في اعماق التطور والحداثة لاعتقاده بان ذلك سيترتب علية آثارا سلبية وخيمة على ارثه الثقافي النقي وعلى تقاليده وقيمه النبيله التي لا نظير لها في الكون حسب اعتقاده !
العقل العربي يعيش حالة مرضية من الاعتقاد بان لسلفه واجداده الفضل والدور الاساسي في تطور كل الحضارات والمدنيات المعاصرة من حوله وان كل ما يشهده العالم المعاصر من تطور تكنلوجي واختراعات واكتشافات وعلوم تم اخذ مبادئها واسسها من كتبه الدينية والعلمية , وهذه كارثة فبرغم التخلف والفشل الذي يعيشه الانسان العربي يعاني هذا العقل عقدة تفخيم الذات والمغالاه في مدحها وهذه عقده نفسية قبلية قديمة حيث يقول الشاعر عمر ابن كلثوم : اذا بلغ الفطام لنا صبي ... تخر له الجبابرة ساجدينا .
في ظل فشلنا الحضاري المريع وعجزنا عن احداث اي تنمية حقيقية , فان نقد الوضع العربي وتحرير الانسان العربي يجب ان يبدأ اولا بنقد العقل العربي , وبمواجهة انفسنا , قد يكون العقل العربي بحاجة الى صدمة عنيفه تحدث له توازنا ما , تعيد له بعض الثقه وتحفزه على الابداع , والتحرر من التبعية والتسليم بما يعتقده بديهيات وثوابت - وهي في واقع الحال سبب جمود هذا العقل - وتحفزه على الشك والتساؤل المستمر.



#فهد_احمد_ابو_شمعه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحزاب الدينية السياسية وفشل المشروع الديمقراطي العربي
- مهمة المثقف المقدسة ودوره الطليعي الشديد الندرة
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثالث
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثاني
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الاول
- الثقافة العربية وواقعها المأزوم
- ازدواجية الاخلاق والمعايير في المجتمع العربي
- في تعريف الحداثة وموقعنا منها
- نسبية الاخلاق وفلسفتها وعلاقتها بالدين
- نجيب محفوظ
- مأزق الاسطورة
- العلمانيه كحتميه لتطور الوعي


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فهد احمد ابو شمعه - العقل العربي الاسير