أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حمزة رستناوي - جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف















المزيد.....

جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 06:34
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف
"من يجعلكم قادرين على الاعتقاد بمثل هذه السخافات ، يجعلكم قادرين على ارتكاب مثل هذه الفظاعات" فولتير
هناك تناقض في مصطلح" جرائم الشرف" ،فالجريمة هي الاعتداء على حقوق الآخرين, والشرف مفهوم واسع ومطاط يعكس فضائل اجتماعية مقيّمة إيجابا، تشمل الأمانة والنزاهة والتسامح والطهرانية الجسدية والمعنوية .
فالموظف المرتشي هو إنسان غير شريف، والشاب الذي يقيم علاقة مع امرأة متزوجة هو إنسان غير شريف، والعكس صحيح ، وكذلك الإنسان الذي يسرق الأموال العامة أو يعتدي جسديا على الآخرين هو إنسان غير شريف.
والشرف بحد ذاته مفهوم نسبي، فتصرف معين في مجتمع ما قد يكون تصرفا شريفا، ولكن نفس التصرف في مجتمع آخر قد يكون عارا للشخص والجماعة المنتمي إليها .
فالجنسية المثلية "السحاق أو اللواط "مثلا تعتبر عارا ما بعده عار في المجتمعات الشرقية "العربو إسلامية " وهي ممارسة مقبولة اجتماعيا بل ومشروعة قانونياً في المجتمعات الغربية كاسكندنافيا وهولندا مثلا.
وتناول لحم الخنزير يعتبر عارا في المجتمعات الإسلامية ,وآكله منبوذ اجتماعيا (قرية حلفايا ذات السواد الإسلامي )وعلى بعد أمتار قليلة غرب سكة القطار في مدينة محردة ذات السواد المسيحي يعتبر تناول لحم الخنزير نوعا من البركة في الطعام وسلوك محبّذ.
والضراط يعتبر عارا في المجتمعات البدوية ,قد يستدعي الهجرة من المكان (ونكتة ضرطة حمد مشهورة ،حيث أن حمد ضرط ذات يوم وبشكل لا إرادي في تجمع لرجال القبيلة،وقابلته القبيلة بالاستهزاء والتصغير والتحقير مما اضطر حمد إلى مغادرة القبيلة مع عائلته وأولاده .غاب حمد عن القبيلة ربع قرن ورجع متخّفيا واقترب من أطراف القبيلة فسمع نساء القبيلة تؤرخ لمواليد أبنائهن نسبة إلى ضرطة حمد، فما كان منه إلا أن غادر القبيلة إلى الأبد )
بينما أن يضرط إنسان في مجتمع مدني هو أمر يمكن التغاضي عنه، والضراط هو جريمة شرف في المجتمعات البدوية والريفية والمدينة والمحافظة، وقد يختلف مفهوم الشرف بين شخص وآخر ضمن المجتمع ذاته ،فوجود علاقة جنسية بالتراضي بين رجل وامرأة خارج إطار المؤسسة الزوجية يعتبر عملا غير شريفا وعار بالنسبة إلى المرأة وعائلتها وحارتها أو قريتها ،وقد يقتضي ذلك ردات فعل عنيفة لغسل العار وإعادة الأنا المجروحة إلى توازنها واحترامها في المجتمع , بينما يغض المجتمع النظر بل يؤيد ذات السلوك عند الرجل .
إذا سلمنا بوجود ثلاث ضوابط تتحكم في سلوك الفرد :
1- الضابط الاجتماعي
2- الضابط القانوني
3-الضابط الشرعي
فإننا نجد في ما اصطلح عليه بجرائم الشرف ،أن الضابط الاجتماعي وبالتالي القصاص المفروض اجتماعيا هو الأقسى، وذلك لهيمنة ثقافة الإلغاء وعقلية الغزو، وكثيراً ما يتأثر الضابط القانوني بالعامل الاجتماعي ،حيث أن المؤسسة القضائية تتكون من أفراد "قضاة- محامين – وكلاء نيابة "لهم خلفية ثقافية واجتماعية مشتركة تجمعهم مع الرجل "الأب أو الأخ أو ابن العم أو الزوج "المرتكب لما يسمى بجرائم الشرف، وكثيرا ما يتعاطف القاضي مع المجرم ,فالرجل الشرقي أو الفحل العربي هو الذي يفعل ما يريد ،يذل الآخرين بالإسكات أو الطرد أو التصفية الجسدية، ويذلّ نساء الآخرين بافتضاض بكارتهن أو الفعل الجنسي بهن ،فالجنس هو أحد معاني السيطرة في الثقافة العربية الشرقية إضافة إلى معانيه الأخرى ،ولكن لماذا الإصرار على الأنثى الجسد وإلغاء كل مفعول عقلي وإنساني ،إنها مجرد جسد ،والمرأة هي الجنس تحديدا و حصرا .
أما الضابط الديني فتكمن أهميته في ردع الفرد عن ارتكاب الجريمة،والإجراءات الوقائية قبل حدوث الجريمة وذلك بتنمية الضمير وغريزة الخوف من الله، أما بعد حدوث الواقعة الأولى "ممارسة الجنس بالتراضي أو اغتصابا "فالشرع الإسلامي يطلب تحقيق شروط معينة لتطبيق الحد "مفهوم قروسطي "وهي شروط من الصعوبة بمكان توافرها في الواقع, كوجود أربعة شهود من الرجال الراشدين شاهدوا العملية الجنسية بكل تفاصلها، أما إذا كان عدد الشهود ثلاثة فالأولى بهم أن يصمتوا، و إلا تعرضوا لعقوبة أخرى تعرف بحد القذف ،وإذا كان حد الزنى في الشريعة الإسلامية هو مئة جلدة مع أو دون نفي ، فما بال المجتمع لا يرضى عن سفك الدماء بديلا ،ودون التحقق من حدوث واقعة الزنى. ففي مجتمعنا مجرد الكلام عن المرأة أو اتهامها أو الإشارة إليها يعني أنها أصبحت عنصر غير مرغوب به في المجتمع مرشحة وبقوة للإلغاء والتصفية الجسدية فالعامل الاجتماعي هو الأقوى .
إن المجتمع يلعب دور محرض على الجريمة ويصف لنا عبد الحليم يوسف في روايته سوبارتو سطوة المجتمع وتدخّله السافر في اتخاذ القرارات وارتكاب الجريمة
"أنا بريء يا سيدي أنا لم أكن أنوي قتل أختي لولا الناس ،الناس قتلوها يا سيدي وقد رأيت بنفسك أن الناس لم ينتظروا حكمكم يا سيدي فقد أصدروا حكمهم وطلبوا مني التنفيذ وإن لم افعل نفّذ أبناء عمي ،حكم الناس بأختي وبي أيضا "
"عندما قتل شيروا أخته هنأه الشرطي الذي قاده إلى السجن على شجاعته وهو يقول :الرجل أما أن يكون مثلك أو لا يكون
الشرطي قاده إلى السجن بصمت ،كاتما أفراحه أثر امتداد يد شيروا إلى جنب بنطا له وهي تدس رزمة نقود فيه .اكتفى الشرطي بهز رأسه ،فهم شيروا ابتسامته وهو غافل عن أحاديث الناس المتناقضة "
إن نقد مفهوم الشرف الشرقي لا يعني التخلي عن الشرف ،إنما يعني تصحيح مساره وتوسيعه وجعله أكثر إنسانية وأقل أنانية .
فالشرف قضية كبرى ،خاصة أن العقل العربي بسواده هو عقل أخلاقي، فالاحتلال هو اعتداء على شرف الوطن، والاستبداد هو انتهاك لشرف الوطن والمواطن ، فمفهوم الشرف يتجاوز إطار الفرد ،فعصابات الأجهزة والمصالح "شبح وأخواتها " التي تقتل وتنهب وتشفط وتتسلط وتخطف بدافع حماية الوطن وتحت مظلة قوانين الطوارىء ترتكب جريمة شرف كبرى بحق الوطن والله والإنسانية ، تقول أحلام مستغانمي في روايتها ذاكرة الجسد "اليوم لا شيء يستحق تلك الأناقة واللياقة ،الوطن نفسه أصبح لا يخجل أن يبدوا أمامنا في وضع غير لائق "
ومظفر النواب يقوم بتوظيف فكرة الشرف ومحو الشرف بالدم بغية إعادة إنتاج نفس الفكرة ويستثمرها
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى غرفتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرف بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافحتم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض ؟!فما أشرفكم
أولاد القحبة لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم
إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم "
بتعرية النص السابق من بعده الانفعالي التثويري ،الذي أثبتت التجربة التاريخية عدم جدواه نلاحظ :
1- أن ابن القحبة لا يمكن أن يكون شريفا لأن الشرف ينتقل بالوراثة؟؟!!
2- الحكام العرب أندال لا يلبون نداء فلسطين ،نداء الشرف ،ويقوم النواب بإحالة الشرف العام إلى المفهوم الشرقي الخاص بالشرف، مما يساهم في تسجيل نقاط قوة إضافية لصالح التفاعل الجماهيري الواسع مع النص الشعري كثير الشرف ؟؟!!
فالثقافة الشرقية "العربوا إسلامية "تتعامل مع الجسد من خلال تعابير الدنس والإثم والعار ,وليس ضمن مفاهيم الجمال والاحترام القائم على الحرية والخصوصية .
فكيف لمحمد وعيسى ومريم أن يُخلقوا في صورة لحم وعظم ودم إن كان الجسد دنساً ، إن الأرضي يخترع السماوي، وإذا كان الجسد هو الحقيقة الأكثر رسوخا في الحياة ،فلماذا نتجاهل ويتجاهل رجال الدين والرجال المشوربون هذه الحقيقة ،أم أن الجسد لا يعدوا جسد الأنثى موضوع المتعة الخاصة بهم.


لكن ماذا عن الضابط القانوني؟
و كيف تتعامل التشريعات العربية الوطنية مع جرائم الشرف ؟
فالتشريعات الجزائية في معظم البلاد العربية تمنح العذر المخفف في جرائم الشرف باستثناء تونس التي تعتبر جرائم الشرف عاملاً مشددا للعقوبة، أما في سورية والأردن فيعطى المرتكب لجرائم الشرف العذر المحل، وهما الأسوأ بين البلاد العربية، فأي مرجعية أخلاقية وأي مرجعية دينية تعطي العذر المحل؟؟؟!!!.
أم أننا أمام ظاهرة اجتماعية سلبية يقوم المشرّعون السوريون بقوننتها، مما يدعم حالات استغلال قانون جرائم الشرف، كالأخ الذي يقتل أخته من اجل الميراث ويبرز قتله بالدافع الشريف ...الخ .










#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرباء في عقر دارنا
- لماذا أحتفل؟!
- أحاديث الرفاق
- أولاد الحداثة الجديدة في مضارب بني غبار
- أرغون و القراءة التاريخية للنص القرآني
- من سلطة العشيرة الى عشيرة السلطة
- الشيطان وطلب اللجوء السياسي
- تخلف دوت كوم
- الرجل القائد للجماعة و صلاة الجمعة
- خدمة بلا علم
- التيار الفلسفي في وحدة الوجود
- المعري وبيداغوجيا المريدين الفاشلين
- حقوق الانسان بين الفاعل والمفعول به
- الفكر الاصولي واستحالة التأصيل
- الجامعات السورية ..منارات تجهيل
- رأس مالي... ورأس فقهي
- الشاعر السوري عباس حيروقة : يسقط في مدار نهد
- نانسي عجرم ..... والفقه الافتراضي
- العرب وشيطان اللغة الابتر


المزيد.....




- البرلمان الأوكراني يقترح تسجيل النساء كمتطوعات بعد خدمتهن ال ...
- ضحيتها -الطالبة لالة-.. واقعة اغتصاب تهز الرأي العام في موري ...
- الاغتصاب: أداة حرب في السودان!
- غوتيريش: غزة بات لديها الآن أكبر عدد في العالم من الاطفال ال ...
- -المانوسفير- يصعّدون هجماتهم ضد النساء بعد الانتخابات الأمير ...
- حجاب إلزامي وقمع.. النساء في إيران مقيدات منذ أكثر من 45 عام ...
- أيهم السلايمة.. أصغر أسير فلسطيني
- سابقة في تاريخ كرة القدم النسائية السعودية
- سجل وأحصل على 800 دينار .. خطوات التقديم في منحة المرأة الما ...
- سجل وأحصل على 800 دينار .. خطوات التقديم في منحة المرأة الما ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حمزة رستناوي - جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف