كمال التاغوتي
الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 21:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الألفاظ الرائجة، الآن وهنا، التغوّل؛ حقلها الدلالي غني، فهو دائر في فلك الضلالة تارة، إذ يقال: تغول الأَمرُ : تناكر وتشابه، أَي أَشكل، وتغوّلت المرأة تشبَّهت بالغُول في تَلَوُّنها، وتغولت الأَرضُ بفلان : ضَلَّ فيها وهَلَكَ ، وتغولت الغِيلانُ القومَ : أَضلَّتهم عن المحجّة (وهي جادة الطريق
ووضوحها)؛ ودائر في فلك الهلاك طورا إذ منها الغائلة فيقال نَزَلَتْ بِهِ الغَائِلَةُ: الْمُصِيبَةُ، الدَّاهِيَةُ . واِسْتَبَدَّتْ بِهِمُ الغَائِلَةُ: الفَسَادُ وَالشَّرُّ . ومنه الاغتيال والغيلة.
فالأصل يعود إلى اسم الغول ( على مذهب الكوفيين) وهي كائن خرافي قادرة على الظهور في صور مختلفة، والتلون غايتها العبث بمن تلاقيه وتضليله وبث الرعب في روعه. إلا أن الاستعمال الآن وهنا يختزل العبارة في سمة ليس لها
صلة مباشرة بها، فالمقصود بالتغوّل في عرف من يروج لها يعني الهيمنة واحتكار السلطة؛ لذلك يقترح بدائل لرئاسة الجمهورية يعتبرها – أو هكذا يعتقد – أنه نقيض الطرف السياسي المسيطر على مجلس نواب الشعب المنظور. وليس في هذا الادعاء إلا التغوّل ذاته بسماته المذكورة آنفا، فهو تضليل
وتلون وعبث بالعابرين نحو رحاب يرجون أن تكون من طينة مغايرة لما ألفوه واجتروه عقودا من الزمن. إن الهيمنة لا تكون لحزب أو حركة أو شخص، إنما مدار الأمر نمط الإنتاج والطبقة المرتبطة به؛ وما "حركة نداء تونس" إلا حزب يتبنى الرأسمالية نمطا والملكية الخاصة وثنا، ولست أرى في
رؤوس الترويكا إلا نسخا قد تكون مطابقة وقد تختلف في بعض التفاصيل، وهذه التفاصيل إنما دوائر المال المهيمنة على كل طرف من الأطراف. لا ينتظر التونسيون – إن قسموا السلطة بين نداء تونس وبين التكنوقراط وبين رأس من رؤوس التحالف الرجعي – إلا تغوّل نمط إنتاج يفقّرهم ويهوِي
بقدرتهم على الفعل إلى الحضيض؛ فالبرامج المطروحة، وسنسميها كذلك تسامحا، عملية إسقاط فجة لخطط الدوائر الامبريالية ومؤسساتها المهيمنة على العالم. وللخروج من خطل الادعاءات ووقاحة العاملين عليها لا بد من التعويل على طرف سياسي يحمل بديلا اجتماعيا اقتصاديا سياسيا يقطع مع
قناصة عرق العمال والفلاحين والمهمشين من مهربين وانتهازيين وتجار الحروب. إن السيادة الوطنية في كرامة المواطن وكرامته في حريته وحريته في عمله القار، ولن يتأتى ذلك إلا بالتحرر – وهو مسار نضالي- من سطوة الشركات الجشعة وأذيالها المنتفعين. ذاك تغوّلٌ التصدي له واجب سواء
عنينا به التضليل الإيديولوجي الرجعي أو الهيمنة والتسلط.
#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟