أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - ورطة الله مع القرآن















المزيد.....


ورطة الله مع القرآن


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 08:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما كنت شابا وقعت على نصوص من التوراة اوقعتي في حيرة. ومن بين تلك النصوص النص التالي من سفر صاموئيل الأول، الفصل الخامس عشر، الذي يقول في بدايته:
وقالَ صَموئيلُ لِشاوُل: أَنا الَّذي أَرسَلَني الرَّبُّ لأَمسَحَكَ مَلِكًا على شَعبه، على إِسْرائيل. فأسمعَ الآنَ قَولَ الرَّبّ. هكَذا يَقولُ رَبُّ القُوَّات: سأَفتَقِدُ عَماليقَ لِما صَنَعَ بِإِسرائيل، حينَ وَقَفَ لَه في الطَّريق، عِندَ صُعودِه مِن مِصْر. فهَلُمَّ الآنَ واضرِبْ عَماليق، وحَرِّمْ كُلَّ ما لَهم، ولا تُبقِ علَيه، بل أَمِتِ الرِّجالَ والنِّساءَ والأولادَ وحتَّى الرُّضَّعَ والبَقَرَ والغَنَمَ والإبلَ والحَمير.

فتساءلت في نفسي هل ممكن ان تكون التوراة من الله بينما تتضمن تعاليم بهذه الوحشية؟ وهل يمكن ان نعتبر صاموئيل نبيا؟ فلو ان صاموئيل عاد للحياة لتمت محاكمته لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي عام 1978، بمناسبة مرور 30 عاما على وثيقة حقوق الإنسان، دعوت لمؤتمر عقد في دير في فرنسا جمع يهودا ومسيحيين ومسلمين من دول مختلفة وكان مشرفا عليه رجل دين مسيحي من رهبنة الدومنيكان واسمه Claude Geffré. وكان هذا اول مؤتمر اشارك فيه وكان موضوع مداخلتي الحرية الدينية في الدول الإسلامية وخاصة في مصر. وكان من بين المحاضرين المرحوم محمد اركون. وقد نشرت اعمال هذا المؤتمر في باريس http://www.editionsducerf.fr/html/fiche/fichelivre.asp?n_liv_cerf=1202
واغتنمت هذه المناسبة لكي اطرح على رجل الدين المسيحي المذكور سؤالا حول شكوكي بخصوص التوراة وقلت له: هل ممكن ان تكون التوراة كتابا موحى بينما تتضمن تعاليم مخالفة لحقوق الإنسان؟ وذكرت له نص النبي صاموئيل. فطرح علي رجل الدين المسيحي السؤال التالي: ما هو تعريفك للوحي؟ فقلت له هو التعريف الذي تعلمته من الكنيسة، أي كلام الله للبشر كما جاء في الكتب المقدسة. فأجابني رجل الدين المسيحي: افهم حيرتك، ولكن حيرتك تأتي من خطأك في تعريف الوحي. فسالته ولكن ما هو اذن تعريفك للوحي؟ فأجاب: الوحي ليس كلام الله للبشر كما جاء في الكتب المقدسة، ولكن كلام البشر عن الله كما سجلها البشر في الكتب التي اطلقوا عليها كتبا مقدسة.

احسست عندها براحة نفسية. فقد اصبح الأمر واضحا لي. ما جاء في الكتب المقدسة (والتي اسميها كتبا مكدسة) ليس كلام الله... بل كلام البشر. وبما ان البشر يصيبون ويخطئون، فإن كلامهم يتضمن الغث والسمين. وإن جاءت في هذه الكتب المقدسة المكدسة تعاليم اجرامية فلا يمكن نسبتها إلى الله بأي حال من الأحوال، بل إلى البشر. لم تعد التوراة في عيني كتابا مقدسا، بل مجرد كتاب تراث، مثلها مثل كتاب الف ليلة وليلة وكليلة ودمنة ورسالة الغفران وغيرها من كتب التراث. وهكذا خلصنا الله من الورطة التي اوقعناه فيها عندما اعتبرنا التوراة كتابا مقدسا موحى من الله... بينما الله لا علاقة له بالتوراة البتة ولا بالتعاليم الإجرامية التي تتضمنها.

مشكلة المسلمين اليوم انهم يرفضون اعتبار القرآن كلام بشر، ولذلك اوقعوا الله في ورطة عويصة. فكيف يمكن ان تنسب لله الرق والسبي وملك اليمين وتدفيع الجزية وقتل الأسرى وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في الميرات والشهادة وعدم المساواة بين المسلم وغير المسلم؟ فمثل هذه النظم مخالفة لحقوق الإنسان. ومن المؤكد بأن نسبة هذه النظم لله تجعل من الله مجرما من الطراز الأول ... وتعرضه للمحاكمة امام محكمة الجنايات الدولية... فيحكم عليه بالسجن المؤبد إلى ابد الآبدين... ولن يكون فرق بين الله وبين المجرمين الكبار الذين عرفتهم البشرية امثال هتلر وستالين ونيرون وغيرهم.

ولقد انتبه إلى هذه المشكلة المرحوم محمود محمد طه السوداني في كتابه الشهير "الرسالة الثانية من الإسلام" http://www.alfikra.org/book_view_a.php?book_id=10 وهو كتاب ممنوع في كل الدول العربية والإسلامية. فحاول ان يخلص الله من ورطته. فاقترح تقسيم القرآن إلى قرآن مكي وقرآن مدني كما هو متعارف عليه عند علماء المسلمين -- مع اختلاف جذري وهو انه اعتبر القرآن المكي ناسخا للقرآن المدني. فهو لم يتجرأ على القول بأن القرآن ليس كلام الله (كما قال رجل الدين المسيحي عن التوراة) بل اعتبر ان القرآن المكي يمثل روح الإسلام، بينما القرآن المدني يمثل الإسلام السياسي الذي اخذ بالإعتبار همجية القرن السابع فلم يتمكن من الغاء الهمجية بجرة قلم. وبتقسيم القرآن إلى قرآن مكي وقرآن مدني ونسخ القرآن المدني الغى المرحوم محمود محمد طه كل نظام العقوبات الإسلامية الهمجية ونظام عدم المساواة بين الرجل والمرأة ونظام عدم المساواة بين المسلم وغير المسلم، ونظام الرق والسبي وملك اليمين وغيرها من النظم الهمجية المخالفة لحقوق الإنسان.

كان قصد المرحوم محمود محمد طه تخليص الله من ورطته وايجاد مخرج مشرف للمسلمين.
ولكن الأزهر أبى ذلك، ومعه هيئات دينية اسلامية اخرى فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد محمود محمد طه فشكوا عليه لدى نظام النميري الذي قام بشنقه في 81 يناير 1985.
وهكذا خسر المسلمون اكبر مفكر اسلامي متنور.
فالازهر وغيره من الهيئات الدينية الإسلامية لا يمكنها ان تستمر في الوجود إلا اذا ابقت على نظام تتحكم من خلاله على مصير الناس وتبقيهم اغبياء
واليوم عالمنا العربي والإسلامي يعيش احلك عصوره بسبب هذه الهيئات الدينية الهمجية الفاسدة التي فرخت لنا عصابات اجرامية بلا دين ولا ضمير تعيث في الأرض فسادا وتملأ البلاد دمارا وانهارا من الدماء.

ولكن إلى متى؟ ألا يا ليل متى تنتهي حتى يعود النهار؟
والجواب
عندما تتحقق مقولة المرحوم محمود محمد طه: "الأزهر ده يجي يوم يقفلو بابو بخشبتين ويكتبو: هنا كان يدرس الجهل".

د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي والرسم الكوفي المجرد : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
حملوا كتابي عن الختان : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
ومن يجد مشكلة في التحميل، يمكنه الاتصال بي على عنواني: [email protected]
انضموا إلى مجموعة اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية https://www.facebook.com/groups/Koran.mistakes/



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله بريء من القرآن
- غباء الإعتقاد ان القرآن كلام الله
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 76 (النواقص)
- حتمية نقد الدين عندما يصبح ضارا
- الفاتحة وثقافة الكراهية
- الله مجنون يعاقب على نقد القرآن
- قرأن جديد يفرز بين الغث والسمين
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 75 (النواقص)
- الإنسان وليس الإسلام يعلو ولا يعلى عليه
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 74 (النواقص)
- عودا لعقولكم قبل ان يفنيكم غباؤكم
- عندما تصحح الترجمات القرآن
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 73(النواقص)
- فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 72 (النواقص)
- النواقص في القرآن - رسالة دكتوراة
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 71 (النواقص)
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 70 (النواقص)
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 69 (النواقص)
- اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 68 (النواقص)


المزيد.....




- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
- تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
- بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
- الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي ...
- القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي ...
- الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين ...
- وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - ورطة الله مع القرآن