سلام إبراهيم
روائي
(Salam Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 08:11
المحور:
الادب والفن
سلام لا تموت من وقت
في شتاء 2012 زرت صديقي الجميل التشكيلي الساحر -بشير مهدي - الذي كاد أن يموت بسبب ورمٍ في الرأس أنقذوه كي يرسم وحيدا في شقته يرسم ويرسم وهو ليس مثلي فوضوى وسكير هو ملتزم ودقيق. في هذه الزيارة وهي الأولى بعد فراق زاد على الـ36 عام وبعد ان عجنتني الحياة وبت أحزر البشر في دقائق أو أزعم ذلك، مثلا عرفت شدة ودقة ترتيبه من أول ليلة، فرسم ذهني المرتب على الخفاء للوصول إلى اللحظة التي أريدها.
وقف بشير الجميل وقال:
- سلام ماكو شرب نشرب بيرة خفيفة ونسولف أريد أسولف وياك 36 سنة متفارقين!.
طمأنتئه تماما وفتحنا قنينتي بيرة وجلسنا نتحاور في الحياة والتشكيل وذكرياتنا قبل أن نتبلور هو كرسام تشكيلي ساحر وانا كروائي
وكنت كعادتي أخفي شيئا فقد أبتعت قنينة - كونياك - من محل مجاور لسكنه قبل رجوعنا للبيت ووضعتها في المطبخ. وكنت اغافله فكلما أنشغل بشيء كأن يذهب للتواليت أو يبحث عن ألبوم. أغافله وأحتسي كأسا من الكونياك. ولما توغل بنا الليل والكلام وظهر طفح الخدر شك - بشير - بيّ حينما ثقل لساني وبت أطزطز بالعالم والكون فقام إلى المطبخ وعاد بعد لحظات ووقف في فتحة باب غرفة من غرف شقته المتحف رفع قنينة الكونياك التي طار نصفها وقال بهدوء:
- سلام.. سلاك ليش.. ليش.. تخدعني
كان يهز بالقنينة هزا
أنخرطت بضحكة عاصفة مرددا:
- بشير أنت ما تعرفني 36 سنة أني سكير بس حلو حلو حبيبي أنت مرتب كلش ماكو غير هاي الطريقة أسكر بيها وياك حبيبي ماكو.
سامحني وفهمني وهمس لي قبل أن أغادره راجعا إلى الدنمارك:
- سلام أخاف عليك أخاف حياتك مهمة مو بس للقارئ بس إلي صديقي ما أريد تموت من وقت!.
قالها ونحن نقف في موقف حافلة ستقلني لمحطة القطار ورأيته ينسى كل الحوار ويلومني حينما وجدني ألف رقبتي بيشماغ عربي مرقط ما أن شاهده في محطة قطار أوترخت في لحظة اللقاء الأولى به حتى قال أنزع أنزعه سلام وفل لفاف رماني اللونكان يلف عنقه به. لف به عنقي أبعدني قليلا وتأملني بعيني تشكيلي وعلق وكأنه يحدث نفسه:
ـ أي هسه
وبالعراقي يعني هذا المضبوط!.
قال بهدوء فبشير لا يرفع صوته أبدا منذ كان طالبا معي في أعدادية زراعة الديوانية:
- حتى لو أجه الباص لا تصعد!.
وركض ليعود قبل قدوم باص باللفاف الرماني ويلف رقبتي به ويتأملني قائلا:
- أي هسه انت حلو حلو سلام
يا إلهي كم احبك يا بشير
كم
هل نلتقي مرة أخرى
ما أدري
ما أدري
#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)
Salam_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟