|
جنى المطر ، رحلة الحب على متن السنديانة - حنان رحيمي انموذجاً
مصطفى عبد الرحمن الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 22:41
المحور:
الادب والفن
جنى المطر، رحلة الحب على متن السنديانة حنان رحيمي انموذجاً مصطفى عبدالرحمن الهيتي
الحب ، الصفة الاسمى للانسان والانسانية ، وهكذا وبلطافة هي الصفة الموصوفة لشخصية ، وتكوين ، وتركيب الشاعرة "حنان رحيمي" .. المكرسة بتفرد للابنة الغالية والوطن الجريح .. وهذا يشير لبادئ ذي بدء الى ان شاعرتنا قد تجلت بها اسمى آيات الصفاء ، والاخلاص ، والوفاء ، والولاء لهم ، لا لشيئ .. إلا و –برأيي- من باب التعظيم والتمجيد واعلاء صفة الحب السامي على ان تكون العلاقة ، علاقة انسجامية متماسكة متبادلة للانتماء الى المبدأ ، مبدأ الاخلاق ، وهذه هي اخلاق شاعرتنا بلا منازع او شك او ريب .. تشرع شاعرتنا "حنان رحيمي" في معترك صراع الموت والخديعة والضجيج معتلية امواجها بهدوء واضح ساكن هادف توّاق للمنال المتمنى ، والرجاء المرتجى ، والامل الساطع في الفجر الطالع .. القادم من المستقبل لتوصل رسالتها الانسانية عبر احرفها وبشكل –فوتوشعري- فلسفي تكنيكي خارج عن المعيارية والتقليدية مخترقة الجدار المألوف والرتابة بمدلولات واعية .. الى ذهن القارئ بانثيالات صورية كانها شلال متدفق تخرج منه رذاذ الحكمة والمعرفة فهو حاصل تحصيل للاستنتاج المعرفي التجريبي الادراكي اللحظوي اليومي .. المستحدث من واقع الحدث المرآوي الممغنط بروحية الشفافية وشفافية الروح .. وهذا يمثل انطباعاً ملتصقاً مندمجاً مقترناً باحترافية تعطي الصورة الخلاقة عن ذاتها لتظهر لنا بسايكولوجية مرحة حينا ومبتهجة احيانا صورة منعكسة من مرآة الحب الكامن فيها . قرأت برغبة ، وبدهشة عالية مجموعة (جنى المطر) للشاعرة "حنان رحيمي" .. الصادرة عن دار العربية للعلوم ناشرون خريف 2014 .. وجاءت مقدمة مجموعتها الشعرية من قبل استاذنا الشاعر "نعيم تلحوق" الموسومة (اثبات الذات) .. والمجموعة مكونة من مائة واثنتي قصيدة ، والتي هي عبارة قصائد وجدانية ورومانسية ووطنية .. تمثل برمجة الواقع برمجة /تأملية/ادراكيية/حسية/فلسفية/ .. لتفرض لها (موديل) جديد .. مغايرة عن السابق واللاحق من الشاعرات ، من اقصى الى ادنى الشرق المتوسط .. وبحس انثوي ترف حساس صادق ناطق بالمحبة والايمان بالتفاؤل.
• الانزياح والفوتو شعرية : الممثل بالانحراف عن المعيارية من خلال الصعقة والمفارقة /المفاجأة/ اي - بكسر التوقع - والاتيان بالتصور بما لا يتصور .. التصور المبني على اساس التكنيك الاشتغالي بفكرة النص -وهذا برأيي- يعطي كثافة عالية وغزارة في المعنى .. فتبدو للوهلة وكأنها عبارة عن انثيالات صورية متدفقة لا شعورية / معرفية – ادراكية / تكون بشكل نسيج متكامل ومتلاحم من حيث السبك والتراص المفرداتي /البنيوي/ المفترض ضمن هيكلية الفكرة ذاتها. فكثير ما يصطدم القارئ بهذا الانزياح المتواتر عبر قصائدها القصيرة التي تنتمي الى جنس –الومضة- المكثفة بالصور ، التي قد تكون من الصعب على الكثير من الشعراء والشاعرات التعامل معها .. والسبب هو امكانية الشاعر/ة/ ، بضغط /الثيمة/ ، الموضوعة باقصر مساحة نصية مع الحفاظ على مقومات البنية والتكنيك وهي من مسلمات الحداثة الشعرية .. ومثالنا : - من قصيدة "ضوء"
"لا احتمل ضوءين أنتِ والنهار "
- من قصيدة "أنثى"
"فكوني امرأة الحياة واطلقي سراح الأنثى من قطعة السكر "
- من قصيدة "زيارة"
"بهجة المصابيح... والشاطئ لهاث الأمواج"
- من قصيدة "فراق"
"فقط أسألك: كيف ستأخذ أنفاسك من صدري...؟! "
- من قصيدة "حوار"
"يا لطلاقة لسانك وانت تحاورني بعينيك"
في الاقتباسات اعلاه يظهر الانزياح والفوتوشعرية بشكل مفارقة غير متوقعة .. تصعق القارئ –بالمفاجأة- التي لم تكن مرسومة للقارئ من خلال ابحاره على خريطة قصيدة الشاعرة رحيمي ، فتارة تكون المفارقة .. استفهاما ، وتارة تكون ، توكيدا .
• الشاغل الكبير : يبقى الشاغل الاكبر والمهم ، الذي اخذ ملياً من حياة الشاعرة ذاتها وهذا ما اثقلها كثيرا لانها تعيش في جو من القلق والحزن والاكتئاب لأهم شيئ يمثل وجودها وكيانها .. إلا انها لم تجعل هذا الالم والهم الكبير يسيطر على كينونتها بشكل مفزع ومريب ، فبركان الثورة الداخلي التواق للسعادة والمؤمن بالامل والمستقبل والحب لا زالت تتفجر ثناياه ابتهاجا وسرورا لتكون كما تكون ..
- الابنة الغالية –ريتا- : اكاد استنتج ، ان الابنة الغالية (ريتا) هي : الصحو ؛ في غفوة الحلم ، الحياة ؛ في غياهب الموت ، الانتماء ؛ في اللاانتماء للوطن .. الصدى ؛ المتردد للصوت الرخيم ، البوح ؛ الشفاف من كتمان الالم والعذابات .. الزنبقة ؛ الوديعة في حدائق الله والذات .. الاشتياق ؛ للعاشق الولهان ..
ريتا الغالية : الجبل الكبير من كبرياء الصمت .. الهاجس الكبير في الفؤاد والقلب.. (ريتا) ، التي اخذت ذهن شاعرتنا فأرادت وبلهفة ان تقدم لها اشياء واشكال والوان ترتقي الى مستوى هذا الجزء الاخر من الحب لدى الشاعرة ذاتها، على ان تكون مجمل هذه الاشياء جزء من الوفاء والاخلاص .. وفاء للدّين التي حاولت تخريجها من الحالة التي تعيشها الى حيث الرفاه والسعادة والسرور وان لا تكون "مختلفة" كما جاء في الاهداء .. بل هي حالها حال الزنابق والزهور في حدائق لبنان ..
"عشرون ربيعاً يا صغيرتي مرّت ... وكرسيك النقّال ما زال مكانه "
"دونكِ لا أعرف الصدى"
"لنبني حلماً يأويني .. ويؤويك"
"رسم ألوانها ربيع العمر وسمّاها (ريتا)"
" كأشتياق مؤنستي وهي تحوم حول نور غرفتي"
- الوطن الجريح : الوطن لدى الشاعرة رحيمي .. هو البيت والامان والانتماء والسكينة والهدوء هو العشق والسلام والحب ، هو كل شي لدواعي الحرية والنضال والمجد وهذه هي من مباهج الارتقاء .. تنادي شاعرتنا مثلها مثل الاصوات الثائرة التي تبحث عن منجى للفقراء والكادحين المنسيين ، عن كسر خبز وملح .. وعن استقلال لوطنها .. رغم هول الحروب وصراع الطوائف .. تقف شامخة مناضلة من الطراز الاول ، ترفض كل مسببات الفساد والخديعة والضغينة والمحاصصة والموت والخذلان ..
• من قصيدة "جوع السنابل"
" جائعة .. هي السنابل لأغاني الفقراء وألحان المناجل... طريق الخبز بعيدة"
• من قصيدة "عيني عليك"
" عيني عليك وأنت... العزف المختلف على أوتار الحياة... عيني عليك يا وطني لأنك النور في العيون"
• من قصيدة " اغنية البحر "
"صوتك الحزين تصدح بأنين الغربة في وطن الأعداء"
• من قصيدة " هنا لبنان "
"هنا مقبرة الشرائع والدساتير... هنا يُرجم القتيل ويُنصَّب القاتلُ اميرا"
درب النضال لدى الشاعرة طويل جدا وهي ثورة بلون الدم على متن السنديانة الحمراء.. ما دامت كل مسببات الاستغلال والاحتكار والانتزاع والانتهاك لكل العمال والكادحين والفلاحين تمتص قوتهم .. لذلك تعقد العزم والحزم والهمة لان تحارب بالكلمة والبندقية والصوت لاجل الحرية .
ما ينبغي القول : تمتطي الشاعرة "رحيمي" صهوة الابداع والتألق ماسكة عصا التأرجح .. لتتأرحج بعبقرية على الثابت المتحرك ، من خلال امكانية التقاطها للمشهد اليومي بموضوعة متقنة جدا وبمساحة صغير ايضا بعدة ابعاد و-بكسر التوقع- من خلال المفارقة /المفاجأة/ .. وهي ماسميتها "بالانزياح والفوتوشعرية" .. لموضوعات كبيرة جدا التي تتمحور بالشاغل الكبير هو –ريتا- الابنة الغالية ، التي هي كل شيئ لها ومرسى لخلجان افكارها ومنها تنطلق الى الانتماء والهوية /الوطن/ لتعلو صرخاتها بالنضال المستمر لغاية الاستقرار والاسقلال .. تقف شاعرتنا بأبداعها التقني الذي يتجاوز العالمية ، مقدمة طروحاتها المتخالجة في بنيات ابياتها الشعرية .. عن رسالتها الانسانية عبر فضاء الحرف بالكلمة الى العالم لتحمل لنا معاناة وعذابات عاشقة للابنة الغالية والوطن الجريح بفضل المحبة وتحت راية السلام .. وها قد تمت الرسالة باحتراف متميز وبداعة.
بغداد / العراق نوفمبر 2014
#مصطفى_عبد_الرحمن_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من التأرجح الى الدهشة قراءة في عبقرية النص اللبناني -جوزيف د
...
-
الفوتو-لونية وعبقرية توليف الالوان
-
هذيانات كروزو
-
الاستقلال الفوتوشعري الفلسفي / مروان سليم الهيتي انموذجا
-
قراءة فلسفية في عبقرية النص اللبناني .. فاطمة منصور انموذجا
...
-
فلسفة ذكريات
-
تجليات غودو للسلحفاة
-
قصيدة .. ضياع الاقتراب
-
اللاوعي لدى الشباب
-
ابتهالات الوجع
-
في وضح الجراح
-
قصيدة
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|