أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نعيم عبد مهلهل - حسن داخل حسين ( شهيدا )














المزيد.....

حسن داخل حسين ( شهيدا )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 11:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


حسن داخل حسين ( شهيدا )
نعيم عبد مهلهل
جاءوا بالشاب بأبن جارنا في المحلة الشرقية ، ( حسن داخل حسين ) شهيدا من الانبار ، تمزق جسدهُ عندما انفجر به ورفاقة منزل فخخته داعش البائسة والكافرة والمجرمة ، وأخبروا أعمامه أن يأتوا لأستلام جثته من مطار المثنى.
ذهب عمه كاظم حسين جابر ( أبو رؤى ) لأستلامه ، وتكفل عمه الأخر علي حسين جابر ( ابو حسنين ) لدفنه . ثم أقيمت مراسيم مأتمه في حسينية الحاج داخل حسن القرغولي ( أبو هبه ).
هذا مختصر واقعة الموت المؤلمة التي تعرضها لها الجندي ( حسن ) سمعتها عبر الهاتف من عمه علي عندما أتصلت به لأعزيه .
حسن ( يتيم الأب ) فلقد توفى الأب وهو صغير ، وابتعدت عنه أمه عند اهلها ، فتكفل عمه علي بتربيته ، ويتذكره اصدقاء عمه جيدا عندما كان طفلا يعمل في حلاقة الأخ صاجي ياسين في ساحة الحبوبي وكان يحرص دائما أن يقف في باب الحلاقة عندما ينتهي الزبون من حلاقته ليطلق جملته الشهيرة وبصوت عال ( نعيماً عمو ) من أجل ان يحصل على البقشيش.
كان جميلا وفطنا وشغولا ، وترتسم تحت أجفانه براءة اليتيم بالرغم من مرحه وحركته التي لاتهدأ.
كبرَ ( حسن ) وتطوع جنديا وتزوج ، وانجب بنتا عمرها شهرين ثم أتاه أجل الموت . في قدرية عجيبة تنال الفقراء واليتامى والذين ينبغي أن ترسم لهم الحياة أمالها بعد العوز والكد والحرمان الابوي.
لكن الموت في قدريته العجيبة يلتقط المواقف المؤثرة فيأخذ من هم أمس حاجة للحياة ليعوضوا ما فاتهم من حرمان.
حسن أبن جارنا الأزلي في شارع اسديناوية قرب ماكنة ثلج ناجي عجام ، مازلت أتذكر وجه الطفولي عندما كان في حضن أبيه مدللاً ، لكن الأب فارقه مبكرا بمرض عضال ، فبقيَّ الصغير يعيش غربة طفولته في كنف عمه ، الذي لم يقصر في تربيته هو وعمه أبو ( رؤى ) ، فعاش في حلم أن يستقل في حياته ، فكانت فرحته أن تطوع جنديا وحصل على راتبٍ وتزوج.
فقدان ( حسن ) بهذه التراجيديا حين يمزق المنزل المفخخ كل جسده يثير في أجفاني عاصفة من الذكريات لايامي مع جيراني الذين امضيت معهم اجمل ايام عمري منذ الطفولة الى ازمنة المهجر.
صورة حسن الشهيد بدمعته وجمال شكله ومأساته تعيد الي ذلك المشهد الجميل للايام البعيدة ، وتغرقني بهواجس القلق على جيل كامل لم تتركه الحروب ليعيش بسلام وهناء منذ حرب برزان الى جريمة سبايكر والصقلاوية ومعارك بيجي وضحايا الكواتم والسيارات المفخخة.
الحرب ذاتها سرقت الوردة البريئة ( حسن ) وستسرق غيره من الشباب ، وكان قدر الناصرية الابدي أن تمنح ابناءها قرابينا في مذابح الحروب الوطنية بشتى اشكالها.
مات حسن داخل حسين شهيدا لوطنه ومدينته ، وابقى تحت ثياب دمعتي دفيء طفولته وبراءته ووكاحته يوم كان صغيرا لايهدا من الركض وراء الكرة في وسط الشارع.
مات يتيما وترك في احضان زوجته طفلة يتيمه حين تكبر ستعرف أن اليتم قدر تأريخي في سلالتها بسبب الحروب.
اليوم وقد اغلق مأتم هذا الشاب الطيب والبريء ، أقف في تخيل اللحظة القدرية التي لاترحم حتى اليتامي ، وأمضي اجرد حيطان شوارع مدينة الناصرية واحسب كم ( حسنا ) تعلقت لافتة نعيه السوداء على جدران بيوتها الحجرية حيث تنحب الحروب والامهات وصوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد في شوارعها وحسينياتها كل يوم.
مات هذا المسكين ( حسن ) طيبا ونبيلا وبريئا ، غادر المدرسة لأن اليتم والعوز لايسمج للمدرسة ان تدخل حياته ، فكد وعمل واجنهد ليثبت انه رجلا ويحق له ان يحمل اسم ابيه .
والآن الأبن والاب في علياء السماء السرمدية ، يجتمعان في جنة واحدة .وحتما سيشكران المدينة واهلها لأنها اذرفت من اجل هذا الجندي الشهم دموع حزن كثيرة.
وداعا ( حسن داخل حسين جابر الغريباوي ).....................!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبر أخي والثقافة السومرية
- الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )
- للناصرية ، تعطش والماءُ مَطر
- الماوردية في الشعر......!
- عاشوريات
- رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية
- ماركس والميتافيزيقيا
- إشراقات مندائية
- الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
- سماء المندائيون
- شُباك نَدورهْ ( مندائية على جدار القلب )
- أهبط يا يحيى ..المندائيون في أنتظارك
- وصفة مندائية لعلاج طرشَ بتهوفن
- الآس والعباس ديوك النذر المندائي
- الخبز في المائدة المندائية
- ذكريات شجرة التين المندائية
- صورة المولى في الجفن المندائي
- كتب ، وأروقة وصاغة مندائيين ...
- أعمامي المندائيون أسماءهم في قلوبنا
- طوبى للرحماء فَهُمْ جبرائيل وزيوا وبولص.....!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نعيم عبد مهلهل - حسن داخل حسين ( شهيدا )