أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - عنوان مرسل مجهول _ قصة قصيرة














المزيد.....


عنوان مرسل مجهول _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


عنوان مرسل مجهول

طرق ساع البريد على باب البيت في أول زياره له لمثل هذه الحارة الشعبية ينتظر أن يرد عليه أحد ,كرر الطرق مرتين وقف يتأمل الجدران العتيقة والأبواب الصدئة والشبابيك المتهالكة فيما راحت بعض العيون البشرية التي خرجت من بين فتحات الأبواب والنوافذ ومن بعض السطوح ترقب ما يجري , ما زال الساعي لم يسمع أي جواب وظل يتلفت لعله يحصل على مساعدة ما , الرجل العجوز الذي قدم من أخر الشارع يمشي متكئا على عصاه قاصدا الرجل ,وصل وأخبره أن صاحبة البيت عجوز لا تسمع وبإمكانه أن يستلم الطرد البريدي منه بدلا عنها , سلمه المظروف وشكر له المساعدة وذهب .
القصة قديمة والكل يعرف أن السيدة هذه التي فقدت سمعها فجأة وسقطت كل قوتها وهي تكافح لأجل أن تعيش بعد أن تركها وحيدها هاربا من وحدته العسكرية بأتجاه إيران أثناء الحر حفاظا على حياته ,بقدر ما كانت الأم تعلن أنه في العربان وليس في التربان كانت تتأمل أن تنتهي الحرب لتعود لتستمع بأموتها للوحيد الذي لام تربح شيئا في الدنيا غيرة , لكن الحرب توقفت وعاد الجميع إلا ولدها , كثيرا من أصدقائه ومن كان معه في الأسر أعلموها أن ظروفه الأجتماعية جيدة وقد تزوج هناك ,لكن هذا لا يمنع من أن تحظى به ابنا بارا بأمه .
صمدت الأم وفقدت نظارة وجهها وضعف بصرها مع مرور الأيام وقد أنقطعت أخباره عنها لم يعد هناك من جديد ,لوعات الحنين فقط هي من تقلب فؤادها تتحرق وتحترق لعل الحظ في مرة يبتسم لها وتجده أمامها لترى طوله البهي كما تقول كأنه نخلة قبل أن تفقد أخر فرصة لها بالنظر ... مرت سنوات عجاف والمرأة تتمسك بأهداب حلم كلما مرت ليلة انسلخ منه خيط حتى تحول ذلك الحبل المتين إلى خيط من خيوط العنكبوت ... لم ولن تفقد الأمل بعد أن إصيبت بالتهاب الأذن الذي أهملته لعدم القدرة على دفع تكاليف العلاج وهي تعيش على ما تجود به الناس عليها من مساعدة في وقت أن كل من كان يساعدها هو بحاجة للمساعدة .
رزاق أتاحت له علاقة زوجته الإيرانية مع رجال أعمل متنفذين بالحصول على فرصة الهجرة إلى أستراليا وبدعم من الكثير من أصدقائه هناك تحول لمواطن أسترالي يحاول جاهدا أن يبني عالما له ذي مواصفات خاصة تنسيه واقعه وشوارع مدينته وخيبات الفشل الدراسي وأيام الفقر والبطالة وأيام سوداء قضاها في الجيش متنقلا بين الوحدات العسكرية دون أمل بانتهاء الحرب حتى تعرف على زميل له من مدينة بعيدة جدا عنه لكنها تشبه مدينته بأصغر التفاصيل فقررا الهرب إلى جهة العدو , نجح رزاق وفشل صديقه عندما أنفجر به لغم أمام سرايا الحجاب الفاصلة بين الطرفين .
يتذكر جيران السيدة العجوز أن جارتهم مضى على فراق ولدها أكثر من ربع قرن لكن السنوات الخمس الأخيرة أطاحت بها بعد أن علمت أن ولدها لم يعد له مكان معلوم ولا تنتظر منه أي أخبار ,ما كانت تحرص عليه دائما منذ أن غادرها أن لا يموت فتفجع به كانت تراه حلمها الذي سيبقى معها يراود مخيلتها في كل غفوة وإغفاءة ,قررت أن ترفض فكرة الموت والغياب القسري نهائيا مهما أمتلكت من قوة ,لم تعرف معنى هجرة ولا لجوء ولا أي فكرة أخرى خارج حدود الموت والحياة والأسر كما كانت تظن ,كرهت الحرب كما كرهت اللون الخاكي واسم السلاح فقط تعشق أن ترى صورة معلقة في جدران غرفتها تحكي معها وتكلمها كل يوم , هذا الذي يتربع وسطك هو أبني الجندي البطل الذي ذهب مرغما عني وتركني بين الجدران الأربع أنتظر في بردها وحرها أن أسمع الباب تطرق وأسمع صوته يناديني أمــــــــــــــــي .
رزاق كان لا يحمل أكثر من شهادة الابتدائية لم يتعلم في حياته القصيرة قبل الذهاب للحرب أكثر من فكرة بسيطة عن بعض الأعمال البدنية , غير ماهر صنف في جدول المهاجرين عليه أن يتعلم وأن يكسب من عمله بما تجود به قوته البدنية ,أنهكته الليالي والأيام الأولى في المهجر حتى ما كاد أن يستقر إلا توالت عليه الولادات وأصبح أبا لأربع بنات كل منهن تحتاج إلى المزيد من النفقات حتى عاد مرة أخرى ليجهد نفسه حتى لم يعد يتذكر من أيامه القديمة وأحلامه السالفة ومصير أمه الذي تركها وحيدة لا يعلم ما حل بها إلا من بين فترة وأخرى عن طريق بعض المعارف من المهاجرين وعلى قلتهم لا من هواتف ولا من رسائل .
في الليلة التي قر فيها لهرب للجانب الأخر مع رفيقه وصديقه في السرية كان حريصا على أن يذهب للحجابات , لم يكن واجبه هناك ولا مضطر على أن يكون وهو أمر حضيرة حراسة باب النظام لمقر الفوج ,ألح على سائق الشاحنة الكاز أن يذهب معه لأن لدية رسالة لصديق مهمة جدا ولا بد من أن يراه , صديقه قد سبقه من قبل مع سيارة الأرزاق ليباشر واجبه حيث يمكث في أقصى نقطة تفصل بين القوتين, وصلا والتقيا معا وأنتظرا فترة التبديل في الواجب عند منتصف الليل تسللا بهدوء بعد أن هيأ كل منهم علم أبيض .
حضرت زوجة الرجل ذب العكازة وهي قريبة للعجوز ودفعت الباب كانت تتردد عليها كل يوم وتبقى أحيانا ساعات معا بعدها دخل الرجل وبيده الطرد الذي لا يعلم من أين وما فيه لكن كل ما تأمله الحدس أنها من رزاق ,لعلها تفرح وتخرج من حزنها السومري هذه العراقية المنكوبة بما تركته السنين من جروح غائرة ,لا جديد عن ما كان بالأمس سلم وجلس على مقعد خشبي بقربها يكلمها بأعلى صوته وبيده الطرد لم يلفت أنتباهها ما بيده برغم ضعف بصرها ,سألته هل من أخبار عن رزاق ,قالها بإبتسامة نعم وسلمها بيدها .
تلمست الظرف كان عبارة عن علبة كارتونية مغلفة نزعت عنها الغلاف وهي تقبل كل شيء فيها حتى أنها أدخلت ورق الغلاف في صدرها بعد أن شمتها أكثر من مرة , إنها رائحة رزاق نعم إنها هي أكاد أسمع صوته نعم أنا أسمع صوته أسمعكم جيدا تكلم معي بصوت منخفض , تكلم الرجل وسط دهشته وزوجته مما يحدث لقد عاد السمع للمرأة ,الأن سأسمع صوته يناديني أمي ... أمي , قرأ الرجل الإيصال الذي أستلمه لم يكن هناك من مرسل فقط أسم المرأة والعنوان كاملا وبوضوح .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النرجس يزهر في الشتاء أيضا . قصة قصيرة
- فهم العلم 2
- فهم العلم
- فهم العلم 3
- النظر والتنظير العقلي
- الإنسان وقضية الحداثة
- حب في زمن العاصفة _ قصة قصيرة
- مدرسة الحسين وأفاق مشروع الحرية والعدل ح1
- مختارات فكرية
- النقد وظاهرة الأثراء والتنوع
- الأبيض يليق بالملاك _ قصة فصيرة
- الوجود الظاهر والموجود ظاهرة
- أبيض أسود
- التصنيف العقلي والديني ح2
- التصنيف العقلي والديني ح1
- العقل السوي وسلطان التعقل
- محاولة تناقض _ قصة قصيرة
- الرؤية الذاتية من الخارج
- المسير العربي بين النفق المظلم وأمل النجاة
- الخلاف والأختلاف في التقرير الرباني


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - عنوان مرسل مجهول _ قصة قصيرة