أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الفخري - قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية














المزيد.....

قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية


خليل الفخري

الحوار المتمدن-العدد: 4631 - 2014 / 11 / 12 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


لى روح الشهيد الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم .
في رحم الليل يكتب الشجعان تاريخ أوطانهم !!!
كان الوقت قيضا ينفث في الجوّ دخان رائحته ، و عمود الشمس المصلوب فوق رؤوسنا منذ الصباح يلهب الظهور توارى خلف دائرتها . و استطالت ظلال الأشياء حين بهت لون الشمس ، و العائدون مبكرين من اعمالهم ، ليسوا كعادتهم ، يتسابقون الخطى و يستحثّونها .
تمدّد مابقي من أشعة الشمس في استرخاء على الأفق المترامي امام البيوت الطينية و أبواب الصفيح و جدران القصب .
تحت جناح من العتمة النازلة ، انسلوا جميعا ... تحلّقوا حول مذياع هرم يتصدّر باحة منزل أحدهم و كان ذا سعة برغم فقره . ينتشر الصمت في المكان كما العتمة ، و تبحر العيون ببعضها باجتهاد مابين المذياع و الوجوه ... ثمّة أمر سيكون ، و الكلّ في انتظاره !!! هكذا يبدو !
توّا كان قد وضع قدمه على عتبة السنة العاشرة من عمره ، حين أصاخ السمع أول مرّة لهذا الهدير آت من بعيد . رجل يتحدّث بلغة يفهمها و يعي بأدراكه البسيط آنذاك مفرداتها ، لكنه لم يتوصل الى بقية اللغز ، فتمسّ كلماته القلب و تدخله دونما استئذان ! ما سرّ هذا الرجل ؟ ما العلاقة التي تربطه بفقراء حارته و الجياع و تجمع بينهم في هذا الوقت المتأخر من ليلة قيظ لا ترحم حرارتها ؟ أحقا ؛ ما يقوله ؛ أنّه أتاهم يحمل الأرض حلما أزليا ، و الخبز و الكرامة و الأمل !
من يكون هذا الغريب ؟ ماذا يريد من هؤلاء المسحوقين ان يفعلوه ؟ ماذا ينتظر منهم ؟ و لماذا أحبّوه ؟ و تكتّموا عليه ؟ ما سرّ قوته حتى أنّه انسى القوم جهد النهار ، و امتداد الليل بهم .
في داخله كانت تموت تساؤلات لتولد أخرى . وحين انزلق سؤال على شفتيه ، أغلقوا دائرة السؤال بوجهه. فالدنيا لا أمان من بعدها ، و ليس من باب الحكمة و العقل التحدّث للصغار بمثل تلك الأمور . بذلك عقّب صاحب المذياع .
جمع تساؤلاته في علبته الصغيرة و شدّ عليها بكل الحزن و مرارته و مضى .أقنع نفسه بأن أصدقاءه في المدرسة لابدّو أن يجدوا له الجواب ، ثم تذكّر فجأة ؛ فالدنيا لا أمان فيها .
حمل أسراره كما يحمل الأطفال أعزّما لديهم من لعب و حلوى . صار لا ينام الاّ معها . مع الحلم اللغز . ولا يخرج الا كذلك .
نسمة هواء كسلى تلامس وجهه هذا الصباح ، ثم تعبر باحة الثانوية الوحيدة في الناصرية في فتور . ماحوله من الموجودات تنبئ بأنّ أمرا سيولد الساعة ، فهذا الصباح ليس ككل الأصباحات التي مرّت . حركة دؤوب و وجوه غريبة لم يألفها , احساسه بأنه يعرفهاو سوف يحبها فيمابعد .
اكتظّت الساحة بالوافدين من الطلاب و بعض الغرباء . ازدادت الخطى سرعة و الحركات ، كما اللقاءات الهامسة ايضا . يختلس الغرباء بين الفينة والأخرى النظر الى ساعاتهم ، ثم ينتقلون الى التطواف عجالى في الوجوه . متشنّجون حتى في النظر ، تمتمة تكتظّ الشفاه بها توحي بقلق تتصاعد وتائره .
يمرّ الوقت بطيئا ، فثمّة دقائق خمس هي كلّ مابقي من وقت لينتظم الطلبة في صفوفهم ، وقد توزعوا مجاميع وعلى الوجوه وفي العيون من الفرحة و الخوف مرايا . فالقلق هو سيد الموقف هذا الصباح وهو لغته . وفي الأيوان المطلّ على المختبر انفرط عقد حلقة الغرباء و ذاب بين جموع الطلبة كما الملح في الماء .
تجمّع الصمت في الآذان ثقيلا ، كما الخوف في القلوب تخندق و تمترس . صار للصمت وشيش و حشرجة ، ثمّ تداخلت الأصوات . .. جرس المدرسة يتسلّقه هتاف مدو يعلوه و يقطعه يردّ بذلك على كلّ التساؤلات و يشفق على قلوب البعض ؛ عاشت مصر حرّة ) و ( عاش عبد الناصر قائدا للأمة ) ، ثمّ تسلّقت هتافات أخرى ذلك الصوت المدوّي ، ث/ اعتلت الهامات لافتات خطّ بالأحمر عليها ؛ يسقط العدوان الثلاثي على بورسعيد .
مرّت الأقدام بما تنتعله من أحذية مخروقة تالفة و اخرى أكلت نصف عمرها على جباه الأسياد و الملوك و وطئت ما وطئت حين شقّت لنفسها مسارا بين زغاريد الأمهات . اندفعت الكتلة البشرية صوب قلب المدينة يرفدها من كان يحتاج لقدحة نار فيشتعل .
لم يجد صعوبة في ان يجد لنفسه مكانا بين هؤلاء ، و تمنّى لو كان كبيرا فيحمل هذه اللأفتة التي لابدّ وأن تقع العين عليه بعدها .
عندها رجع بالذاكرة أربع سنوات ؛ فعرف سرّ اجتماع فقراء حارته تلك الأماسي حتى يمتد بهم الليل في صمتهم حول مذياع هرم ؛ فقد كان ذاك الوقت ؛ هو عرس الثورة في مصر و لا مفرّ في أن يكون لنا عرسنا . كان فقراء حارتي بانتظار منقذهم و مفجّر ثورتهم ، ففي رحم الليل يولد تاريخ البشرية ، حين ينهض من بين جموع الفقراء رجل نذر حياته لخلاص شعبه فحقق بذلك أطراف الحلم و ودّعنا حين استقبل رصاص الغدر بشجاعة المحارب ، فحرر العراق و غادره دون ان يكون له قبر بين القبور، ومن حق الميت ان يكون له قبر ...حقا فالدنيا لا أمان من بعدها .

الناصريه – خليل الفخري



#خليل_الفخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحم الليل يكتب الشجعان تاريخ أوطانهم
- هل يقتفي العراقيون خطى الشعب التونسي ؟ !!!
- حكايات من التراث
- ماذا سيقول الأجداد في الأحفاد لو عادوا إإإ
- لن يبقى من العراق سوى الحجارة ، ان استمرّ الحال !!!
- فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!
- حريق العراق ؛ سوف يلتهم الجميع . !!!
- سيندم الجميع و لات ساعة مندم !!!
- فيروز ليل الترقب و الصمت بين الرغبة و التشهي
- العراقيون أمام خيارين ، انتظار المهدي المنتظر أو العمل من أج ...
- العراق ، خطوتان الى الوراء و خطوة ثالثة الى الوراء كذلك !!!
- ابو سميه ، عينه على الدالنوب و قلبه في العراق .
- أمّي
- حتى لا ننفخ في رماد ... !!!
- حتى لا ننفخ في رماد
- قيسُ بن سعد بن عبادةَ الانصاري !!!
- فيروز ، مع الرعاة جئتُ أغنيك !!!
- فيروز -;- عند شُبّاكها يسهرُ الليلُ !!!
- فيروز ، شقائق النعمان و حاوية العسل !!!
- لقد سُرقنا مرتين .!!!! حذارِ من القادم !!!!!


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الفخري - قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية