|
العولمة
علي ماضي
الحوار المتمدن-العدد: 1299 - 2005 / 8 / 27 - 07:50
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
العولمة
لو تتبعنا خطوات الأنسان وعلى طول خط التأريخ ومنذ خطوته ألأولى التي افترق فيها عن مملكة الحيوانات الى تاريخنا الحاضر .وحاولنا ان نرسم خط بيانيا لهذه المسيرة الطويلة ،لوجدنا ألأنسان ميال بطبعه لتكوين مجتمعات أكبر ،بدءاً بألأسرة ثم العائلة ثم الجماعة ثم القبيلة ثم ألأمبراطوريات وصولا الى الدولة الديمقراطية الحديثة. وألأنسانية إن آجلاً أو عاجلاً ستكوّن وتُنشأ نظامَ العولمةِ لكونها قانوناً طبيعياً لايمكن تفاديه. بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية في الكثير من محاورها وخصوصا المحور الصناعي فالكثير منا يتناول الشاي المزروع في سريلانكا والمعبأ في الهند مستخدما ابريقا مصنوعا في الصين على مصدر حراري مصنوع في دولة اوربية،وكذلك الملابس التي يرتديها والمركبة التي يقود. ناهيك عن كوننا نسكن كوكبا واحدا وشمسا واحدة ومنظومة ضغطية واحدة ،فحريق في غابات استرالية يؤثر في حركة واتجاه الريح في الجهة ألآخرى من العالم .العولمة قدر وليس أختيار و ليس من واجب ألأنسان ان يغير اقداره بل عليه ان يفهمها ليُسخرَها بشكلٍ امثل لِخدمةِ ألأنسانية.
ومعنى العولمة هي ان يتمكن ألأنسان من توحيد مفاهيمه عن كل ألأشياء المشتركة بينه وبين ألأخر أو يتوافق معه على اقل تقدير ، دعوني الفت انتباهكم الى محور استطاع ألأنسان ان يحقق فيه العولمة بشكل كامل ألآ وهو المحور الرياضي فالأنسان يستطيع ان يمارس اي رياضة يشاء وبلا اية صعوبة وفي أي مكان من هذا العالم فتصوروا لو نجح ألأنسان في ان يفعل نفس الشيء على باقي المحاور وأقصد المحور السياسي والمحور التجاري والمحور ألأجتماعي‘ وللأنسان محاولات على المحور السياسي من خلال انشاءه لعصبة ألأمم ومن ثم ألأمم المتحدة ،وكذلك على المحور التجاري من خلال منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي ونستطيع القول ان ألانسان كون مفهوما موحدا لقوانين ألأقتصاد ، ومنه نستنتج ان سرعة التقدم على المحاور مختلفة فمنها البطيء ومنها السربع ولكن ابطئها بلا شك هو المحور ألأجتماعي واعقدها أيضاً.
وللعولمة مراحل يمكن ان نلخصها بألمراحل التالية: 1. مرحلة تعارف الحضارات. وهي اللحظة التي يدرك ألأنسان ان هناك آخر 2. مرحلة تصادم الحضارات. كما هو معروف فأن لكل امة حضارة وشخصية ساهمت في تكوينها عوامل شعورية وعوامل لا شعورية وأن كل أمة من هذه ألأمة تعتز بشخصيتها وتتعصب لمورثها الحضاري وهذه ظاهرة طبيعية على اعتبار ان من علل العقل انه يتعامل مع ما اعتاد عليه كحقائق مطلقة اضف الى ذلك قدرته على تحسس ألأختلاف، وهاتين الصفتين هما اهم اسباب تصادم الحضارات . ولقد جسدت البشرية هذا التصادم على طول تاريخها بابشع الطرق البدائية فتكت بألأنسان أشد مما فتكت به الطواعين وألأمرض السارية ألأخرى. الى ان استفاق من سباته بعد الحرب العالمية ألثانية ليكتشف انه كان يمسك الموشور مقلوباً فيما يخص قيمة ألأنسان ، ليعلن نظريات مثل حب لا حرب ومواثيق حقوق ألأنسان التي أعادت للأنسان مكانته التي يستحق كقيمة عليا . ولكي يكون زمن تصادم الحضارات اقل ما يمكن يجب ان يتجرد ألأنسان من كل ألأفكار التي تغرز في أعماقه التمايز وألأختلاف، وتقف على رأسها المعتقدات التي توحي لمعتنقيها بأنهم اصحاب حقيقة الهية مطلقة لا تقبل النقض أوالتصحيح،ومن ثم ألأفكار العنصرية كالتمايز على اساس العرق او اللون. ووفقا لمقايس العولمة فأن ألأنظمة الوضعية العنصرية أفضل بكثير من ألأفكار ألأصولية المعتقدية ذات الحقائق المطلقة على اعتبار ان ألأول وضعي يقبل النقاش والحوار في حين ان الثاني لايقبل الحوار ويرفض ألآخر. وعلى هذا ألأساس اعلن اتاتورك القومية على انقاض ألأمبراطورية ألأسلامية التي كانت ترعاها ألأمبراطورية العثمانية ووفقا لنفس المقياس ساندت ألأنظمة الغربية العراق في حربه ضد ايران،وأعتبرت ان نشوء الجمهورية ألأسلامية في ايران خطوة الى الخلف فيما يخص مسيرة الشرق ألأوسط الى النظام العالمي الجديد .
3. مرحلة تفاهم وأمتزاج الحضارات: وقد بدأت هذه المرحلة في اوربا اذ ان من يطلع على التاريخ ألأوربي الصاخب في العصور الوسطى او مطلع القرن المنصرم لا يصدق ان اوربا تخطط لتكوين دولة قارية بكل هذا الصمت والهدوء. والحقيقة ان الصراع بين الحضارات لا ينتهِي في هذه المرحلة ولكنه سيكون صراعا أنسانيا بناءا يعتمد على مبدأ التنافس و البقاء للأفضل ومعنى ألأفضل هو ألأقدر على تقديم المنافع اما الزبد ايها السادة فأنه سيذهب جُفاءاً . اما من سيحدد النظام ألأفضل فهذه مسؤلية ألأنسان البسيط لكونه ألأقدر على ألأحاطة بمنافعه وليس الساسةوقد اثبت ألأوربيون ذلك في استفتاءهم على الدستور ألأوربي الحديث . الخلاصة ان العولمة هي قدر ألأنسانية وقانون محتم ،ومحاولة ايقاف هذه العملية هي مضيعة للوقت والجهد بل ان من الحكمة ان نساهم في بناء النظام العالمي الجديد بشكل تحتل فيه ثقافتنا ركنا مهماً فيه ‘أما من يعرض عن المشاركة في بناء هذا العالم الجديد فأنه سيندم كما نَدِم السنة العرب عن عدم مشاركتهم في أنتخابات الجمعية الوطنية العراقية.
#علي_ماضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|