|
اليراعة
امل مطر
الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 16:43
المحور:
الادب والفن
متعثرة الخطى خلف يراعة لاهية تشعل مؤخرتها بضوء اخضر شفاف اسير مع الليل متلهفة لمسك تلك اليراعة ...تعالي ألي ايتها اليراعة البهية ولاتدعى متسعا من الفراغ بيني وبينك. نتكلم بلغة الصمت عن أيام مضت وجراحات أزال قشورها الزمن ...تعالي نبدأ من جديد . بقيت اليراعة لاهية مع نسيم الليل تبتعد مرة ,وأخرى تقترب مني كأنها تريد ان تغيظني وتلعب بعواطفي كما تلعب بها الريح . اغادر الليل واجلس على كرسي وثير لأريح جسدي المنهك من السير والهرولة وراء تلك اليراعة الجميلة لا ادري اين اختبأت الان هل هي وسط تلك الزهور الغافية ؟؟أم وسط هذه الغرفة الكبيرة .... زرعت نظري في ارجائها. وجدت شبح انسان مملوء باللحم والشحم الطري فمه الواسع يتدلى منه لسان طويل واسنان كأمشاط عفاريت .... اقشعر بدني وكدت ان اتقيأ معدتي ...اين الدرب الذي اخرج منه الى الطبيعة واستمر بالتفتيش عن يراعتي الضائعة. لكن الصوت الامر بالنهي عن الخروج استوقفني استوقفتني كلماته الممطوطة من تحت اللسان المتدلي .... اللحم الطري ينساب من كرشه المتخم على الأرض قطرات ذائبة حارة ...انه مسخ مخيف مرعب لحد اللعنة ...ان وجوده المتضخم الدبق يتشعب يكاد يخنقني. فتحت حقيبتي وجدت مقصا صغيرا انه مقص تقليم الاظافر ...لو كان سلة المهملات لو كان لدي ابرة وحيط لكنت خطت ذلك الفم الواسع بعد قص اللسان المتدلي ..ولكن لابد ان تكون كلماته اكثر حشرجة ...لابد ان يتدفق دمه سائلا ساخنا عند تشذيبه من اللحم ....أني أخاف من هذا المنظر المروع والمفزع الذي امامي لم يكن دما ساخنا انما هو اللحم المتدفق عنوة من كل انحاء جسده من جسده من كرشه من فخذه من ساعده ..من فمه ..انه ينهمر بغزارة شديدة وبسرعة فائقة ...اللحم ...اللحم ...القيح ....ياالهي ماذا افعل ..لابد ان اهرب منه قبل ان يصل قدمي .... لكن جسدي تقلص في مقعده ,حاولت الوقوف على قدمي وجدتهما مشلولتين لا تقويان على حملي ورأيت اللحم المتقيح ينساب نحوي فتمتلئ الغرفة به ...وقهقهة رعناء تخرج من فمه وحشرجة صوته اللامتناهي ذبحت انسانيتي . الخوف .... الفزع .... الرعب .... الارتعاش نام تحت قوة جياشة وانتصب شخص لا اعرفه ولم يسبق لي ان عرفته داخلي حاورني بهدوء. قاومي ودافعي عن حريتك. عن انسانيتك. عن شخصك. عن اليراعة الضائعة ..سوف تموتين اختناقا بهذا اللحم المتقيح ..اتركي هذه الغرفة الكبيرة ,كانت اجابتي مشلولة ...لم استطع الوقوف مرة أخرى على قدمي فليكن موتي هنا مادامت الطبيعة راغبة في ذلك ....ولكن الطبيعة لاترغب في قتل الانسان ...الجبن هو قاتلك ...انهضي من مكانك واشهري سلاحك بوجه قاتلك . مايزال اللحم المذاب المتقيح ينساب باتجاهي ,وبدأت ابخرة ورائحة تتصاعد منه ...تنتشر في المكان ورائحة كريهة لزجة وخانقة وبقيت قدماي مشلولتين فاتلوى مع الام نفسي ..الا ان اللحم المذاب وصل اليهما وربطهما بقوة خرافية ووتدهما في الأرض ..حاولت ان اخلص قدمي منه ولكني وجدتهما ملتصقتين تماما . احسست بدوار عنيف يلفني .... تسارعت ضربات قلبي وهي تدق الضلوع ...تضاءل تنفسي لحد الاختناق اوصالي ترتعش كما يرتعش العصفور تحت رذاذ مطر كانوني ....الدم تخضب في قمة راسي ...لاشك اني اموت اختناقا في هذا المكان القذر. صرخة مدوية تنطلق من فمي ....لا....لا اريد ان اموت هنا يتردد صدى صوتي يضرب جدران الغرفة ..يداي الفارغتان تضربان الهواء النتن ..الابخرة المتصاعدة الهواء اللزج بيدين رقيقتين كالثلج . تمر امامي يراعتي اللاهية تشعل مؤخرتها بضوء اخضر شفاف . انتصبت القوة مرة أخرى داخلي محطمة سلاسل الجبن ..احسست بقدمي تتحركان . اطلقت لهما العنان تاركة الغرفة تغص بالعفن واللحم والقيح اللزج والابخرة المتصاعدة الدبقة وحشرجة الصوت المذاب تدريجيا . الليل يسحب اذياله السود ..التقت عيناي بنور غبش ابيض كالرخام وضوء اليراعة وهي تلعب مع نسيم الصباح امد لها يدي لامسك بها واذا بها تمسكان خيوط اشعة الشمس الذهبية . تعلو شفتي ابتسامة وانا اسير باتجاه الضوء.
#امل_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحت الحجب تضيع الاقمار
-
بعد منتصف الليل
المزيد.....
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|