أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة














المزيد.....

جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 19:36
المحور: كتابات ساخرة
    


فشل مشروع المتحف للاستثمار في الضباط العرب القدامى، وذلك بموت معظمهم اختناقاً في خزائن المتحف عندما نسي جاري صاحب الكيف تشغيل المراوح في يوم قائظ، فكان لا بد له من التفتيش عن عمل جديد يقيت به عائلته،،، اقترحت عليه العودة إلى العمل كبواب في نفس المدرسة الابتدائية التي كان قد طُرِد منها، فأخبرني أنهم رفضوه حرصاً منهم على سلامة الطلاب أن يتعلموا منه عادة الكيف، متحفظين على أنه ربما يبدأ ببيع المخدرات لطلاب الصفوف النهائية، وربما حتى للأساتذة، فكان رفض عودته إلى بوابة المدرسة قاطعاً.
حزنت لأمره واعتقدت أنه الجوع لا بد ضاربه مع عائلته، إلى أن كان ذات يوم عندما أخبرني أحد الجيران أن صاحبنا يدير مكتباً لبيع وشراء السيارات المستعملة، وبالفعل فقد رأيته متصدراً مكتباً حملت واجهته لافتة كتب عليها بخط عريض (نشتري فقط السيارات الرباعية الدفع وبأسعار مغرية)، وعندما استفسرت منه عن سر اقتحامه هذا النوع من العمل، ونبهته إلى مخاطره، أفهمني أنه سوف ينجح فيه لا محالة، فهو يعرف ماذا يريد، ويعرف ماذا يفعل كي يصل إلى ما يريد.
ومع أنه لا يملك حتى ولا ليرة واحدة في جيبه، فقد كان هدفه شراء 200 سيارة ذات الدفع الرباعي من أصحابها الراغبين في البيع على شروط مغرية، والتي تتلخص في أنه سوف يدفع فوراً لكل صاحب سيارة مبلغاً قدره 25% من أعلى سعر لها في السوق، أما سعرها بالكامل فسوف يدفعه له بعد شهرين، ومقابل استلام السيارات من أصحابها، يُعطى هؤلاء شيكات مؤجلة قابلة للدفع الفوري بعد شهرين، وبهذا يضمن أصحاب السيارات استرداد أسعار سياراتهم منه، علاوة على مبلغ الـ 25% الذي قبضوه بمجرد تسليمهم سياراتهم إلى المكتب. قلت له:
- ولكن من أين لك بهذه الـ 25% التي تبلغ مئات آلاف الليرات، وربما الملايين، وأنت الذي لا تملك أسرتك قوت يومها؟.
- قال: لا تخف على صاحبك، فقد أقنعت ممول خليجي بإقراضي تلك المبالغ التي تغطي الفوائد التي سأدفعها لأصحاب السيارات مقابل فائدة قدرها 25% كذلك للموِّل، ولكي يضمن حقه، فقد أعطيته أيضاً شيكات مؤجلة مستحقة الدفع بعد شهرين، تماماً كما فعلت مع أصحاب السيارات.
- قلت: يعني حضرتك تتكلم عن شيكات بملايين الليرات، فماذا ستفعل بـالمئتي سيارة؟، ومن ذا الذي سيشتريها منك في هذه الفترة القصيرة؟، وكيف لك أن تدفع مبالغ الشيكات التي تستحق الدفع بعد شهرين، سواء لأصحاب السيارات أم للرجل الذي موَّلك؟، ألا تخشى الدخول إلى السجن بسبب إصدارك شيكات بلا رصيد، فتشرد زوجتك وأولادك؟.
- قال: قلت لك لا تخف عليّ أنا صاحبك، ولو كنت أعرف أن في رأسك دماغاً تجارياً مثلي، لأشركتك معي واستفدنا معاً، لكنك موظف جبان على باب الله، يعني متسول محترم.
بالفعل، مررت بعد أسبوع أمام مكتبه، فإذا بعشرات من سيارات الدفع الرباعي تملأ الشارع، علاوة على ساحة جانبية اكتظت كذلك بعدد هائل منها ،،، لقد فعلها المجنون، فأيقنت أنه مسجون لا محالة حينما سيحين موعد سداد الشيكات، فمن أين له أن يبيع هذا الكم الهائل من السيارات في فترة وجيزة؟، وماهذا الغباء الذي قاده إلى هذا المأزق؟، إلى غير ذلك من عشرات الأسئلة التي لم أعرف الإجابة على أي منها.
لم تمضِ سوى عشرة أيام، حتى فوجئت باختفاء جميع السيارات من أمام المكتب والساحة الجانبية، فاعتقدت أنه قد نقلها إلى مستودع آخر أكثر أماناً، لكنني عندما اقتربت من واجهة مكتبه، فوجئت به متصدراً المكتب، وأمامه شيشة ينفث دخانها يميناً وشمالاً، وقبل أن أسأله عن مصير السيارات، بادرني قائلاً:
- أهلاً بالصديق الموظف، أرى على وجهك سؤالاً وربما أسئلة تود طرحها عليّ؟.
- قلت مؤنباً: الواقع نعم: أين هي السيارات المئتان؟، لقد نصحتك ألا تغامر وتعمل في مهنة لا تعرف عن أسرارها شيئأ، أين هي تلك السيارات؟، وهل أعدتها إلى أصحابها؟، أم صودرت؟، أم بيعت؟، أم ماذا؟.
- قال: أخبرك ولا تقول لأحد؟. لقد بعت جميع تلك السيارات بثلاثة أضعاف سعر شرائها، فالضعف الأول دفعته لأصحاب السيارات واسترديت منهم الشيكات المؤجلة، ومن الضعفين الباقيين دفعت المبلغ الذي اقترضته من الممول وفوقه نسبة 25% كربح، واسترديت منه الشيكات المؤجلة، والباقي دخل في حسابي البنكي.
- قلت: يعني في حسابك الآن الملايين؟.
وبدون أن يجيب، وبينما هو ينفث دخان الشيشة، أومأ برأسه أن نعم.
- قلت له بأدب متصنع، وقد أحسست بضعفي أمام ملايينه: آسف على هذا السؤال الأخير، لكن لمن بعت كل تلك الكمية من السيارات؟، وفي هذه الفترة القصيرة؟.
قال هامساً وكأنه يفشي سراً:
- بصراحة، ولا تقول لأحد: فلأنني بطبعي على الحياد دائماً، ولأنني – كحال الكثيرين من أمثالي - حمار في السياسة ولا أعرف أن أؤيد طرفاً ضد طرف آخر، فقد بعت 100 سيارة لتنظيم داعش الإرهابي، والـ 100 سيارة الثانية بعتها لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، فسيارات الدفع الرباعي، كما تعلم، هي السلاح الحاسم الوحيد في معارك الربيع العربي، بل وفي معارك جميع الفصول العربية.
- قلت: وهل سوف تتوقف عن هذا العمل بعد أن كونت ثروة طائلة تكفيك لآخر العمر؟.
- قال: لا، أبداً، ولماذا أتوقف عنه وعندي الآن طلبية قدرها 400 سيارة دفع رباعي سوف تذهب إلى اليمن مناصفة بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة، وبعدها ربك يسهل، ربما سنرسل كميات متساوية كذلك إلى 8 آذار و 14 آذار في لبنان، وربك كريم، الخير قادم على الطريق، فكل دولة عربية فيها الآن على الأقل فريقان متحاربان لن يحسم الصراع بينهما سوى سيارات الدفع الرباعي.
أنا الذي ضحكت من مشروعه في البداية، تركته وأنا آسف أنه لم يدعُني إلى الاشتراك معه في هذه الصفقة المضمونة، فشعرت أمامه بالهزيمة، إذ أن انتصار الحشاش على العاقل أصبح اليوم أمراً بديهياً، ببساطة: لأننا نعيش زمن الجنون.



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاري صاحب الكيف يتاجر بالمسؤولين العرب
- جاري صاحب الكيف، طائفي ماكر
- جاري صاحب الكيف يكشف سر داعش
- -روديو أنغولا-
- جاري صاحب الكيف ينضم إلى مشاة البحرية
- أبو السبع
- حبل إسرائيلي، وعشماوي عربي
- هزيمة ساحقة، أم انتصار مبين
- أخطاء شائعة واجبة التصحيح
- قادم من زمن السقوط
- قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت
- أشراف، ومرتزقة
- العيش،،، والجبن
- في مصر: هل يمكن تفادي الكارثة قبل وقوعها؟
- هل كذب من قال (الدين لله والوطن للجميع)؟
- ف ، ح ، و (فلسطينيون، حملة، وثائق)
- من المسؤول، مرسي أم السيسي
- (شرم الجنيف)
- ثواب وعذاب
- أمة العبقريات


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة