أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد / بوضرين - صلاة فوق أريكة خشبية على الرصيف














المزيد.....


صلاة فوق أريكة خشبية على الرصيف


علي أحماد / بوضرين

الحوار المتمدن-العدد: 4624 - 2014 / 11 / 4 - 19:33
المحور: كتابات ساخرة
    


غادرت "سوق الجمعة" / الملاح قديما، قلب المدينة النابض بتناقضاته الصارخة وفسيفسائه العجيبة . فراشة..زحام.. ضجيج يصم الآذان..كلمات متناثرة فاحشة ونابية تخدش الحياء ويمجها الذوق السليم ..سلوكات شاذة يستنكرها أهل العقل والنقل..تدخل السلطات الوصية "مناسباتيا"وبعنف لإفراغه من الباعة في محاولة بائسة و يائسة لإعادة النظام الى المكان دون تخطيط محكم وحل دائمين ينصفان المتضررين وسرت مشيا على الأقدام - الى أن انتهيت الى "لابروال" قرب الحديقة المجاورة لمقهى" املشيل"، وقبل أن أواصل الطريق الى البيت ، جلست أستريح على أريكة خشبية الى جوار شيخ عليه ثياب بيضاء زادته وقارا ورزانة ، وعكازه في متناول اليد. اعتدل في جلسته بعد برهة تمتم بكلمات موزونة ورفع يديه مكبرا ومتيمنا القبلة. غرق الجوار في الصمت فقد قلت الحركة إلا من مراهقين يؤثثون فضاء الحديقة غارقين في جلسة خليعة/ باذخة حول قنينة خمر وسجائر ملفوفة يتوارون في جنح الظلام عن أعين دورية الشرطة التي تمشط دروب وحواري المدينة ، ومن متمدرسين (إناثا وذكورا) يخرجون من مقرات جمعيات أو منازل خاصة أو مكترات تخصصت في "السوايع" / (الدروس الخصوصية ) التي تفرغ جيوب الاباء مكرهين من أجل تحسين مستوى أبنائهم لمسايرة أقرانهم أو طمعا في نقطة زائدة يمنحها لهم أساتذة العلوم واللغات الذين راكموا ثروات من عرق جبين غيرهم والغريب أن الكثيرين يرون في "السوايع" حلا لما أفسدته المدرسة العمومية وخاتما سحريا لتفوق أبنائهم ! أو من نساء تأخرن خارج الدار لقضاء مآرب ضرورية و مستعجلة ومن "مومسات" نذرن أجسادهن لعابر سبيل يدفع مقابل متعة عابرة....
عجبت لشيخ أدركته صلاة العشاء فوق أريكة خشبية على الرصيف وأقرانه يعمرون بيوت الله، وقلت لعله هرب من ضيق الجدران ليروح عن النفس كربتها .أنهى صلاته - دون حرج ولاتذبذب - وأخرج من جيب جلبابه سبحة بنية يداعب حباتها في سكون ودعة وطمأنينة ، لم أبادله الحديث، لأني أحترم فيه صمته وانشغاله بذكر الله وبه يطمئن قلبه.
لازال هدير محركات السيارات وأبواقها يكسر صمت الليل ويقلق راحة المارة وأضواء نافورة "الدوار" ومياهها المتناثرة تتلألأ في منظر ساحر لايقاوم..البعض يأخذ صورا بما تمنحه تكنولوجيا الصانع الأصفر من إمكانيات باهرة لتخليد اللحظات الشاعرية دون الحاجة الى مصور محترف بارت تجارته واستغنى الناس عن خدماته ليختفي من الساحات والميادين بعد أن بصم وجوده عدة أجيال ....
من بين المارة تظهر طفلتان نزقتان جمالهما يخلب الألباب ، صاحت الكبيرة ( آه.. كنا سنعلن غيابك في مختفون ) وهي ترسم ضحكة جميلة شكلت ثقوب الجمال على وجنتيها المتوردتين وشعت عيونها الخضراء المتسعة عن بريق وهاج يشي بذكائها الحاد . بدأت تقفزان وترتميان في حضن الشيخ وهو يداعب خصلات شعرهن في حنو وحدب يلامس شغاف القلوب... نظرت الى الشيخ فبدت عليه قسمات التأثروغمرته نشوة عارمة وانبسطت أسارير وجهه فرحا بحفيدتيه. تقدم أب الطفلتين بقامته المديدة ومنكبيه العريضين وانحنى في وقار وأدب جم على رأس الشيخ وطبع قبلة طاعة وإحسان. رفض الشيخ يدا امتدت اليه لتساعده على النهوض في كبرياء واعتداد بالنفس....قفزت صورة أبي وهو في أشد حالات ضعفه الإنساني يأبى المساعدة الى ذهني واغرورقت عيناي بالدموع وتسارعت دقات قلبي …. كم كنت بارا به، ولكنه خص أخي الأكبر ب"الرضا"!!
القوا علي تحية الوداع وغادروا المكان في طقس مهيب . تيقنت الساعة أن هذا الشيخ لن تطأ قدماه دار المسنين والعجزة وأن (الناس الكبار كنز في الدار ).
ميدلت أكتوبر 2014



#علي_أحماد_/_بوضرين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد / بوضرين - صلاة فوق أريكة خشبية على الرصيف