أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - القطعة الناقصة















المزيد.....

القطعة الناقصة


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 22:30
المحور: كتابات ساخرة
    


تساءلتَ عن الأمر الذي ينقصني هنا لأعيش حياتي بأقل كميةٍ ممكنة من الرضا النفسي؟؟..لم أجبها في تلك اللحظة بل لأقل إني امتنعت عن الإدلاء بهذا التصريح الطويل كإجابةٍ عن تساؤلها فكانت إجابتي جداً مقتضبة و دون أية ملامح تُذكر..لم أقم بذلك الأمر على ذلك النحو المُقتضب ليس لأني لا أثق بقدرتها على فهمي و لكن لأني كنت سأعجز حينها عن خلق كلماتٍ مناسبةٍ لتصف مشاعري تجاه ذلك السؤال الذي لا يمكن أن أصفه بالبساطة.

لماذا؟؟..يا له من سؤال و يا لها من "إجابات"!!..هل تعرفين لماذا نميل إلى ارتداء زيٍ معين كل يوم؟؟..نفعل ذلك لأنها طريقتنا في التعبير عن أمزجتنا أرواحنا بل حتى لربما يكون ذلك الزي أو قطعة منه وسيلتنا للتعبير عن توجهنا الفكري..فهل تتصورين أن تكون حياتك كلها عبارة عن ارتداءٍ إجباري لزيٍ موحد ذو لونٍ كئيب لا يتغير؟؟.

حينها سيكون أقصى ما يفعله سقف رغباتك هو أن يرتفع ليصل إلى حدٍ منخفضٍ نسبياً و هو المطالبة بحقك في ممارسة القليل من الحُمق مع منحك القليل من الألوان لتشعري بأن من يحيطون بكِ كما ما يحيط بكِ ليس بتلك الكآبة الخانقة و التي تشعرين أنها تستمع بإحكام قبضتها حول روحك..أتذكر أني قبل بضعة شهور ذهبت إلى المدينة القديمة في العاصمة صنعاء..كان رفيقيَّ تلك الرحلة الاستكشافية القصيرة شخصين فقط و لكني بالرغم من ذلك شعرت بسعادةٍ لا حدود لها رغم اكتئابي المزمن..تتساءلين مجدداً لماذا؟؟..لأني كنت أنا..بتهوري..بصخبي..بجنوني..بتصرفاتي الطفولية..بعفويتي التي تقترب من الحُمق كثيراً و لا تتوارى عنه خجلاً أو خوفاً من الالتصاق به..كنت أنا و رغبتي في الاستمتاع لأقصى حد و الشيطان ثالثنا و لعل رفيقيَّ شعرا حينها ببعض الخجل من تصرفاتي و إصراري على توثيقي لها بالصورة و لكني نجحت حينها و بطريقةٍ ما من جعلهما ينجرفان معي فيتصرفان بذات العفوية و لو قليلاً.

هل تتصورين أن في العاصمة صنعاء يقطن أكثر من مليونيَّ شخص و مع ذلك نكترث لهم جميعاً و لرأيهم بنِّا!!..هل تتصورين مدى التحرش النفسي الذي قد نتعرض له كفتيات عندما نقرر أن نمارس أبسط حقوقنا البشرية و هو ممارسة الاحتراق الذاتي و أقصد هنا التدخين!!..هنا يصبح أقل تصرفٍ ترغبين بممارسته علناً دون التواري عن أعين الآخرين سبباً لتقييمك الأخلاقي كما الإنساني بشكلٍ كامل..فنحن نعيش في مجتمعٍ لا يحترم صدقك و لكنه يُقدِّس نفاقك.

ما فائدة الحياة بأكملها إن كنت عاجزة عن تلوينها بألواني الخاصة؟؟..ما فائدة الألوان إن كان كل ما يُسمح لكِ باستخدامه منها هو لونٌ واحد مقرر لك سلفاً؟؟..دينٌ واحد مذهبٌ أوحد ميولٌ جنسية موحدة و تصرفاتٌ شخصية لا تعكس قناعاتٍ مختلفة..فنصل إلى حد الخشية من أن نكون نحن بشكلٍ علني فتصبح لدينا مجتمعاتٌ سرية و وجوهٌ تختنق تحت وطأة أقنعة نرتديها لنخفي حقيقتنا و مجتمعٌ يكاد أغلبه أن يكون محتجزاً بداخل الخزانة عاجزاً عن الخروج منها!!.

هل فكرتي يوماً بتقبيل من تحبين في مكانٍ عام؟؟..أراهنك أن كل شخصٍ قرأ هذه العبارة تذكر لحظة ما فكر فيها في أن يفعلها و أراهنك أيضاً أن أغلبهم لم يفعلها..و أنا هنا لا أقصد تلك القبلة المليئة بالشغف الجنسي و لكنها تلك القبلة التي تشعرين بأنكِ لو لم تقومي بها الآن و في تلك اللحظة فستموتين حتماً بعد دقائق ندماً لأنك قمتِ بمصادرتها بسبب الآخرين و بسبب قوانينهم التي تعتبر أي وسيلةٍ للتعبير عن الحب عملاً يخدش الحياء العام يستوجب العقاب!!.

عن أي حياة نتحدث هنا؟؟..الحياة التي نعجز فيها عن التصريح بهوياتنا هي ليست بحياة..الحياة التي تصبح فيها هوياتنا الفكرية و الدينية و الجنسية سبباً لتنفيذ القتل ضدنا هي ليست بحياة..التصريح بالهوية ليس "ترف" كما تعتقد الأغلبية التي تُفضل الصمت كخيارٍ عبقري و حكيم و لكنه نوعٌ من أنواع ممارسة الحياة..و عندما تُمنع من ممارسة ذلك التصريح تصبح كمن اُنتزعت منه روحه و لكن أُبقي له الجسد ليلهو به و أيضاً ضمن قوانين صارمة لا يُسمح لك أن تحيد عنها..التعبير عن هوياتنا حقٌ يجب أن لا تتم مصادرته منَّا و عملية إعلاننا لها في نطاقٍ ضيق دون النطاق العام يشبه حالة "حلاوة الروح" التي تعترينا بصخبها قبل أن نُفارق الحياة بصمتٍ و سكينة.

تخبريني بثقة بأني أستطيع ممارسة تلك الهويات هنا؟؟..هل تمزحين!!..مقدارٌ قليلٌ فقط من التصريح العلني سيؤدي إلى منحي حكمين بالإعدام بسبب الردة "الافتراضية" و الحكم الثالث سيكون السجن إما بحجة التحريض على الفسق و الفجور أو خدشي للحياء العام..و أنا كائنٌ قد يكون يمتاز بالجنون و لكنه في ذات الوقت يعشق حريته بشكلٍ "غير" مبالغٍ فيه..لهذا السبب لا أتخيل أنه مهما كانت قواي العقلية -كما الجسدية- تتوق إلى الحرية أن أقوم في سبيل تلك الحرية بتوريدهما موارد التهلكة.

جبانة؟؟..و من منِّا ليس كذلك!!..و هل ترين أن وضع الحريات في اليمن قابلٌ لترف المراهنة عليه و على ارتفاع سقفه!!..إذا كان التدوين في هذا البلد يُعد كفعلٍ بحد ذاته تهمة توازي تهمة الدعارة عاراً فكيف بالمطالبة بالحرية عن طريق ذلك التدوين!!..أعوامٌ من التدوين عبرت من خلالها بشكلٍ مستمرٍ عن رغبتي في الحصول على تلك القطعة الناقصة من الحرية -لي و لسواي- و التي أجد أن مساحتها تتسع كل يوم لتشمل كل ما أملكه فماذا كانت ردة فعل أي شخصٍ يمني أو مسلم -لو أردنا التعميم- يقرأ لي؟؟..القيام بتوجيه تهمةٍ واحدةٍ لا سواها ذكرتها لكِ سابقاً.

المضحك أن هذه الفئة -الكبيرة للأسف- تُصر دوماً على إدهاشي بتلك القدرة الهائلة على خداع النفس كما على التجمُّل أمام الآخرين..مجتمعٌ يتصف بالرداءة كما بالرذيلة فتجدينه يجلس متربعاً على عرش أي مؤشرٍ يحاول قياس مدى التخلف العلمي أو الحضاري أو حتى الإنساني يحاضرني عن الأخلاق و بكل ثقة!!..و لو بحثتي عن سبب لتلك الثقة لوجدتِ أنها مقولةٌ ما يعتقد أن نبيه قالها عنه في وقتٍ ما و يؤمن أنها قيلت على سبيل المُطلق!!..و كأني بهم يعتقدون بنبيهم السُكر أو الحُمق ليمدح من استلذ بصنع واقعه المُذِل بنفسه!!.

أتعلمين لكي تعيشي في هذا البلد يجب أن تكوني قد كففتِ عن ممارسة تلك الهواية المقيتة و التي تُدعى "اكتشاف الذات"..فهنا لا وجود لحلٍ ثالث..فإما أن تمارسي التكتم الشديد تجاه هوياتك القاتلة و إما أن تعلني لمن هم حولك عما يخالفها..فقط في هاتين الحالتين ستستمرين بالعيش و لكنكِ لن تمارسي الحياة و الفرق بينهما كبير و إدراكنا لذلك الفرق يكاد يندثر إن لم يكن قد فعلها سلفاً.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة
- حفل تخرج
- 20 ريال
- تعاطفٌ مشروط
- الله هو شرشبيل؟؟
- وصلة رقصٍ شرقي


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - القطعة الناقصة