فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 12:25
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الدور السعودي والقطري :
منذ عدة عقود والى الآن لم تخرج السعودية وقطركدول ممولة وداعمة لحركات التطرف الاسلامي عن الخط العام للسياسة الامريكية ووضعت هاتين الدولتيين موارد الشعبيين السعودي والقطري وامكانياتهما كدولتيين ونفوذهما السياسي والاقتصادي والديني وموقعهما الجغرافي في المنطقة في خدمة مصالح امريكا واستراتيجياتها منذ . وهما الحليفان الثابتان للولايات المتحدة , من هذا يستنتج ان الدعم الذي تقدمه هذه الدول ومعهما تركيا لقوى التطرف الاسلامي كجبهة النصرة والجبهة الاسلامية , انه ليس مخفي على الولايات المتحدة الامريكية , فهو اما بضوء اخضر منها او انها تغض الطرف عن ادوارهما في دعم القوى المتطرفة ومنها داعش . ان هاتيين الدولتيين كان لهما دور مباشر في التدخل في الازمة السياسية في سورية وتعقيدها هذا اولاً وثانياً دخلا في صراع اقليمي مع ايران لأضعاف دورها ونفوذها في عدد من الدول. اسهم هذا الصراع الاقليمي في تعقيد الاوضاع الداخلية لهذه الدول ارى ان هدف هذين الدولتين في التدخل في الازمة السورية وفي الشؤون الداخلية لعدد من الدول يكمن في :
1-لوعدنا قليلاً لبضع سنوات وعدنا الى فترة الربيع العربي حيث لمست جميع شعوب الشرق الاوسط وطبقاتها وشرائحها الاجتماعية وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية واللليبرالية كيف ان هاتين الدولتيين قد تواطئت ومعهما تركيا في تقديم الدعم المباشر لحركات الاخوان المسلمين وكل المجموعات الاسلامية المتطرفة حتى ما يسمى الجهادية منها لهدف عرفته شعوب المنطقة وهو قطف ثمار ثورات الربيع العربي وتخريبها وتغيير اهدافها في التغيير الديمقراطي خوفاً من اقتراب هذه الثورات من حدودهما والتأثير على اوضاعهما الداخلية . وهذا بلا شك بتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية حيث تحالفت هي الاخرى مع حركات الاخوان المسلمين خلال حقبة الربيع العربي لضمان سلامة مصالحها في المنطقة .
2- ثم كان لهم دور آخر وهو بعد ان بدأ الحراك الجماهيري الشعبي في سورية من اجل التغيير الديمقراطي السلمي , اصبح لهذه الدول ومعهما تركيا هدف مشترك هو تغيير مسار الحراك الشعبي في سورية بأتجاه العنف واستخدام السلاح فجاء تدخلهما في سورية الواضح منذ بدأ الثورة السلمية فيها الى الآن واصبح لهم هدف مشترك تدمير الدولة في سورية واسقاط النظام فيها من خلال القوة العسكرية او التدخل العسكري وكأن النظام في سورية اكثر خطورة على مصالحهما ومصالح الشعوب العربية من نظام الاحتلال الاسرائيلي او من خطر داعش , لا سيما وان قادة هاتيين الدولتيين ومعهما تركيا يدركان تماماً ان تغيير الحراك الجماهيري الشعبي السلمي في سورية الى مسار العنف والسلاح والتدخل العسكري هولايخدم مصالح الشعب السوري وسورية كوطن وشعوب المنطقة وانما يخدم مصالح اسرائيل والولايات المتحدة وينتج مجموعات من الاسلام السياسي متطرفة وارهابية .
3- لا يقتصر تحالفهما على أسقاط النظام في سورية بالعنف والقوة العسكرية و انما امتد وتوسع ايضاً لأضعاف النفوذ الايراني في لبنان وسورية والعراق وفي الخليج . ارى ان هذا التدخل يأتي ايضاً من منطلق قناعتهما ان لأيران استراتيجية التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية او غير عربية في المنطقة. لهذا فهما في المقابل خاضا صراعاً طائفياً حاداً مع ايران من خلال أدوات محلية , وهذا الصراع الاقليمي الطائفي كون حاضنات اجتماعية للتطرف والارهاب . بهذا الصراع تم تغذية الارهاب بالمال والسلاح والاعلام والدعم اللوجستي واسهم هذا الصراع الاقلمي في انتاج داعش واخواتها . ولكن الغريب في الامر ان هذه الدول في الاستراتيجية الامريكية اصبحا من ضمن دول التحالف لمحاربة القوى الارهابية . ارى من وجهة نظري ان انضمام هاتين الدولتيين للتحالف ومعهما تركيا ضد داعش هو مرده واحد من الاحتمالات : اما بضغط امريكي هذا اولاً او بعد اعلان داعش دولة الخلافة الاسلامية هذا ثانياً, وبهذا ادرك حكام السعودية وقطر ان امامهم خطر داهم , ان يختاروا واحداً من اثنين اما مبايعة الخليفة ابو بكر البغدادي او ان نيران داعش ستوجه نحوهم لأن داعش ليس لها حليف من هذا جاء انضمامهم شكلياً للتحالف ودورهم محدود وثانوي , او انضمامهم جاء بسبب ان لديهم حسابات واجندات ومصالح ويبحثون عن ادوار في المنطقة لاحقاً من خلال الاستفادة من تجارة محاربة داعش هذا ثالثاً .
الدور الامريكي :
1-شعوب العالم وقواها السياسية تدرك تماماً ان الولايات المتحدة الامريكية غير جادة بالقضاء على الارهاب وتجفيف منابعة الفكرية والمالية ... الخ وانما هي تقوم بدور المسك بورقة محاربة الارهاب لتمرير مصالحها .وهذا ما أكدته التجربة التاريخية مع القاعدة فلو عدنا قليلاً الى الوراء في فترة الحرب الباردة الوقائع اكدت ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الاتحاد السوفياتي دفعها لتبني خطط عملية لصناعة مجموعات متطرفة لمحاربة السوفيات في هذا البلد او ذاك ومنها افغانستان , فأسهمت امريكا لتحقيق هذا الهدف في صناعة القاعدة في افغانستان لمحاربة القوات السوفياتية في افغانستان بعد اجتياحه من قبل هذه القوات , وهكذا تكونت الشراكة بين الولايات المتحدة والمجاميع المتطرفة / القاعدة ومعهما بعض الحلفاء آنذاك مثل السعودية وقطر وغيرهما من البلدان الذين اسهموا في تصدير الارهابيين وفكرهم وتقديم الدعم المالي لهم . لهذا منذ احداث 11/ ايلول 2001 الى الآن يشهد العالم على فشل الاستراتيجيات الامريكية في محاربة الارهاب , ان هذه الاستراتيجيات تضعف القوى الارهابية ولكن لم تقضي عليها وذلك ارتباطاً بحسابات امريكية .
3- على ضوء الازمة السياسية في سورية تؤكد الوقائع ان لأمريكا دور غير مباشر في دعم التطرف , وفي صناعة داعش . وان كان من مثال ملموس على ذلك هو التالي : في عام 2012 تم فتح معسكرات لتدريب المعارضيين السوريين في الاردن من قبل القوات الامريكية وتم تدريبهم تدريباً خاصاً مهنياً متطوراً على ايدي خبراء امريكان , وتم تجهيزهم باحدث الاسلحة واشارت تقارير اعلامية ان غالبية هؤلاء الذين تم تدريبهم قد انضموا الى داعش لاحقاً وتركوا الجيش الحر .
4- وبالنسبه لمصادر تمويل داعش يلاحظ على المواقف الامريكية منذ ان سيطرت داعش على مدينة الرقة الى اليوم , لم تتخذ الولايات المتحدة الامريكية اي اجراء قانوني سواء ضد تحويلات وارصدة اموال داعش او تجفيف مصادر تمويلها , والسبب في عدم اتخاذ اجراء للحد من وصول الاموال الى داعش يعود من وجهة نظري الى ان هذه الاموال لا تمس المصالح الامريكية , وانما تخدم مصالحها في منطقة الشرق الاوسط لاسيما وان امريكا كانت مع التغيير العسكري للنظام في سورية لهذا كانت تغض النظر عن تحويلات الاموال للقوى المتطرفة المسلحة ومنها داعش . رغم ان هذه الاموال تستخدم لتجنيد متطوعيين من اوربا مع داعش .
5- داعش تقاتل بأسلحة امريكية متطوره حصلت عليها بعد ارسالها عبر تركيا للجيش الحر , وحصلت داعش على الاسلحة الامريكية من الجيش العراقي عند سيطرتها على مدينة الموصل ومناطق اخرى من العراق . وتذكر بعض التقارير ان داعش تمتلك تكنولوجيا امريكية للاتصالات والتشويش على اتصالات جيوش تحاربها كالجيش العراقي . كما ان امريكا لم تفي بوعودها مع العراق حيث لم تسلم للحكومة العراقية طائرات F16 حسب العقد المبرم مع الحكومة .
6- لقد خلقت حروب امريكا في العراق وافغانستان ويوغسلافيا وليبيا والصومال, اضافة الى ازمات الشرق الاوسط المستعصية التي لأمريكا طرف فيها مثل دعم الاحتلال الاسرائيلي وعدم الحل السلمي لللقضية الفلسطينية واعطاء الحقوق للشعب الفلسطيني في اقامة دولته الوطنية والملف النووي الايراني والازمة السياسية في سورية والعراق وهزيمة الاخوان المسلمين في مصر وتونس..... الخ انتجت هذه المواقف جميعهاعالم اقل استقراراً , وسيطر وتوسع فيه الارهابيون الاسلاميون على مناطق واسعة من الشرق الاوسط وتمتد الى شمال افريقيا وصولاً الى الباكستان وحدود روسيا والصين .
7- وارتباطاً بأحتلال العراق أيقن شعبنا تماماً ان المستفيد من الاحتلال الامريكي للعراق هي قوى الاسلام السياسي حيث هيمنت قواها على السلطة, وبفعل نظام المحاصصة والصراع الحاد على المصالح الفئوية انتج لنا صراع طائفي وتمت المضايقة على الحريات وتهميش الديمقراطية وسيادة الخطاب السياسي الطائفي ..... الخ .هذا ساعد على تشكيل حواضن اجتماعية للتطرف الديني والطائفي , بهذه الحواضن تمددت داعش من سوريه الى العراق وسيطرت على الموصل ومناطق اخرى في العراق .
8- ومع تمدد داعش الآن كل المعطيات تؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية تأخذ بنظر الاعتبار موقف تركيا المهادن لداعش , ان الولايات المتحدة تدرك تماماً ان ارهابيي داعش لا يزالون يعبرون من الحدود التركية وان هنالك تنسيق بين داعش والحكومة التركية, وان تركيا مستفادة من داعش , ليس فقط لهدف الاطاحة بالنظام في سورية واستمرار تمددها في العراق , وانما لتقوية مركزها ونفوذها الاقليمي تحسباً لأي تغيير في خارطة الشرق الاوسط , ولأضعاف اكراد سورية والعراق , لأن تركيا تعمل على اضعاف نفوذ حزب العمال التركي , من هذا اكدت التجربة التاريخية لمواجهة الارهاب ان الاستراتيجيات الامريكية لا تقضي على الارهاب وان الاستراتيجية الحالية هي من وجهة نظري عقيمة في محاربة الارهاب ايضاً وفيها اجندات وحسابات امريكية لخدمة مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى .
(يتبع)
28-10-2014
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟