أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - بطش الاحتلال وبطش المدارس















المزيد.....

بطش الاحتلال وبطش المدارس


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 12:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


حوادث فظيعة في مدارس الوكالة والحكومة
بطش الاحتلال وبطش المدارس

ناجح شاهين
يتعرض المدرس في مدارس الحكومة والوكالة للكثير من الضغوط: راتب متواضع لا يكاد يكفي للاحتياجات الأساس، وأعداد كبيرة من الطلبة في الصفوف، وتقدير قليل للمهنة التي يعمل فيها، وأخيراً تحديات الطلبة والمحتوى وطرائق التعليم التي لا يلم بها كثيراً، على الرغم من كثرة الكلام الذي يدور في الوطن منذ عقدين من الزمان حول هذه الأمور.
في مدرسة "نموذجية" تابعة لوكالة الغوث ارتكبت طفلة جريرة كبرى تتمثل في أن والدها قد حضر إلى المدرسة، وتحدث مع مدرستها بخصوص اتهام المدرسة للطفلة بتزوير إجابتها في الامتحان عند طلبها مراجعة الورقة. حاول الأب، مثلما أخبرنا، أن يبين للمدرسة أن المحتوى والعلامات أمور ثانوية، وأن الأساس هو التواصل الإيجابي المثمر بين الطالبات والمدرسات وأسرة المدرسة كلها. ذلك أن المهم هو في النهاية نمو شخصية الطلبة وذكائهم وانتمائهم لبلدهم ووطنهم. بين الأب أن التخصصات والمواضيع الدراسية كلها ليست في ذاتها أو لذاتها، وإنما هي لخدمة نمو الأطفال واكتسابهم المهارات. ويبدو أن ذلك كله لم يعجب المعلمة، فما كان منها إلا أن بادرت بعد مغادرة الأب إلى استدعاء الطفلة بنت السنوات العشر إلى غرفة الإدارة، وهناك انهالت عليها عصبة من أربعة مدرسات إضافة إلى المديرة التي مارست العمل التربوي ما يربو على أربعين عاما، بالشتائم والصراخ والتقريع حول زيارة والدها للمدرسة. حاولت الطفلة أن تبين لمدرساتها الفاضلات أنها لا تعرف شيئاً عن "الجريمة" التي ارتكبها الوالد، ولكن هيهات. فقد تواصل الشتم، والسب، والزعيق، حتى أوشكت الطفلة على الانهيار.
عندما ذهب الأب في اليوم التالي إلى المدرسة ليعاتب فيما حصل، متسائلاً إن كان الاحتلال نفسه يمكن أن يفكر في حشد خمسة جلادين من أجل طفل في العاشرة من العمر، ردت نائبة المديرة فوراً: "ولا كلمة، هلأ بتصل في جوزي، وهو بعرف كيف يكسر راسك." يا للهول! هل هذه معلمة؟ وهل هذه مدرسة؟ من الواضح أننا في مواجهة قوات أمن مركزي مختصة بأعمال قمع الجمهور في الاحتجاجات أكثر مما نحن في مكان للتعليم الذي يعني خلق الظروف الملائمة ليتشرب الأطفال حب الحياة، والانتماء، والسعادة، ومبادئ التفكير، والاخلاق، إضافة إلى تفتحهم في المجالات المختلفة.
ملاحظة:1. من المعروف أن معلمات ومعلمي وكالة الغوث يتلقون تأهيلاً مكثفاً في التربية إضافة إلى التخصص العلمي، كما يوجد مساقات يتلقونها في الأخلاق وحقوق الإنسان. وتلح الوكالة على نبذ العنف عندما يتعلق الأمر بالعنف ضد الاحتلال. لكن لا يبدو جلياً أن هناك الكثير من الإنجاز في مستوى العنف ضد الطفولة. فالصحيح أن حادثة مثل الحادثة أعلاه ليست فريدة في نوعها، بل إن القمع هو ديدن مدارس الوكالة، والتعامل المتعالي مع الأهالي بوصفهم لاجئين فقراء لا حول لهم ولا قوة هو ديدن المديرات والمديرين.
2. يسأل الأب بجدية: "أين نذهب من أجل الحصول على العدالة التي تحمي الطفولة في وجه هذا الجهل الفاضح المصحوب بقسوة عز نظيرها لدى الاحتلال ذاته عندما يتعلق الأمر بطفلة في العاشرة؟"
في مدرسة رام الله الثانوية الحكومية نجح طفل على ما يبدو في تصوير مدرس التاريخ وهو يقوم بجلد الأطفال بعصا (أو ربما بربيج) بسبب رسوبهم في امتحان التاريخ. صدر لنا دراسة نقدية لكتاب التاريخ للصف العاشر تبين أن هذا الكتاب يعتمد الحفظ الصم لا أكثر، كما أن دراسة في طور الإعداد لأسئلة التاريخ تبين أنها لا تقيس شيئاً يزيد على الحفظ، وهكذا فإن فشل الطلبة هو فشل في إنجاز معجزة حفظ أسماء بعض المواقع والتواريخ المرتبطة بها. لكن مهما يكن شكل الامتحان أو طبيعته: هل هناك من أوحى للمدرس الممتلئ حماسة في عملية جلده للطلبة أن الضرب بأي شكل من الأشكال؛ على اليد أو الوجه أو المؤخرة، يمثل طريقة من الطرق الراجحة علمياً لتطوير عقل الإنسان؟ يعني ببساطة فجة: لو جاء الأستاذ وبدأ يضربني كل يوم عشرين عصا صباحاً ومساء على سبيل المثال، هل يتوقع أنني بعد سنة أو عشر سأولد من جديد لأكون أرسطو أو آينشتاين أو اليوت أو هيغل العرب؟ نرغب حقاً أن يفكر المدرس ووزارة التعليم والمدراء وكل أسرة التربية في البلد في هذه المسألة. كان المدرس الذي درسني العلوم في المرحلة الابتدائية يعتقد بصواب هذا الرأي، وكان يضربنا جميعاً من أجل أن نصبح علماء فيزياء، وقد مات وهو على هذا "الدين" ولكن أياً منا –طلابه النجباء- لم يصبح فيزيائياً. بل إن أحداً منا لم يدرس مادة الفيزياء في الجامعة، ناهيك عن أن عدد الطلبة الذين أنهوا التوجيهية بعد سنوات العقاب الجسدي المكثف الطويلة لم يزد على أربعة من أصل أربعين طالباً في الصف الأول الابتدائي.
لا جرم أن المدرس مسكين، ومليء بالعقد ويرزح كاهله تحت أعباء تنوء الجبال بحملها. ولكن ذلك يجب أن لا يقود إلى الاستنتاج بأن الوضع في المدارس الفلسطينية يجب أن يستمر على هذا النحو. لا بد أن هناك أمراً آخر يجب أن نهتم به: مقدار تدريب المعلمين، وتوعيتهم بطبيعة المهمة التعليمية، وأهميتها وخطورتها على الوطن والإنسانية المعذبة في هذه البلاد. لا بد من تدريب طويل يصل بالمدرس إلى وعي أن الطفل إنسان عزيز وغال على قلوبنا، وأن سعادته ونموه في المجالات المختلفة هو الأمر المهم. ولا يقولن أحد لي إن المدرسين وأسرة التربية يتمتعون بالوعي أو التدريب. إن مدرسة "نموذجبة" تجهز طاقماً قمعياً من خمسة أفراد لتحقيق هجوم باغت وساحق ومدمر نفسياً ضد طفلة في العاشرة، لم ترتكب جرماً، وإنما تعتقد المدرسة أن والدها ارتكب الجرم، وكذلك معلمة تهدد الأب بأن زوجها جاهز للحضور للمعركة، وكذا مدرس يجلد الطلبة بمنتهى الثقة والسادية لأنهم لم ينجزوا مهام الحفظ الصم التي كانت يمكن أن تؤدي إلى اجتياح مدرسة رام الله الفضاء الخارجي، ومسابقة اليابان في "النانو تكنولوجي"، لا يمكن أن يكون لديها وعي بأي شيء مفيد له علاقة بالتربية أو العلم. وإذا كان أحد يرغب في القول بأن لدى أفراد الأسرة التربوية الوعي والخبرة والدراية، ولكنهم يفضلون أساليب القمع الوحشية لأنها تعطي نتائج سريعة على صعيد انضباط الطلبة وانمحاء شخصياتهم، فلا بد أن القارئ والقارئة يتفقان معي في أننا لسنا في مواجهة مدارس ومدرسين، وإنما في مواجهة أجهزة قمعية لا تختلف في دورها وأساليب البطش التي تستخدمها عن الاحتلال ذاته: إذ ماذا يريد الاحتلال أكثر من مواطن مقموع وجبان، يفتقر إلى الذكاء والمبادرة والإبداع والإقدام، وينفذ التعاليم التي يحفظها عن ظهر قلب؟



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل الدول وسقوط البرجوازية الكولونيالية في الوطن العربي
- السويد لم تعترف بالدولة الفلسطينية
- اليسار ليس إلحاداً ولا لبرلة ولا علمنة
- فساد الأنجزة: سرية رواتب الموظفين فساد الأنجزة: سرية رواتب ا ...
- هل من فروق بين حماس وداعش؟
- المناضل مجد اعتراف الريماوي
- رأس المال المحلي لا وطن له
- أوباما، يصنع الدمى، يحركها، يعبث بها، ويحرقها
- ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
- أغلقوا المدارس/افتحوا بوابات الإنتاج والمقاومة
- المقاومة الفلسطينية بين الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب المصري
- داعش في بيتي
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو إلى عادل سمارة
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو
- انتصرت المقاومة
- هاشم أبو ماريا
- المقاومة الفلسطينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي
- غزة تتعمد بالدم في زمن مجاهدي داعش ومقاتلي التنمية
- المنظمات غير الحكومية في ديجور الفساد والبيروقراطية وعدم الف ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - بطش الاحتلال وبطش المدارس