أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إستشهاد الإمام الحسين ونظرية المؤامرة















المزيد.....

إستشهاد الإمام الحسين ونظرية المؤامرة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4616 - 2014 / 10 / 27 - 14:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ثمة من يحاول إقناعنا بأن جلَّ تفكيرنا يتأسس على ثقافة نظرية المؤامرة المدانة, وإن الخلل من ألفه إلى يائه هو فينا...! لا بأس, نحن أيضا علينا الإعتراف بان إتهاما كهذا لم يأتي من فراغ. لكن هل بإمكاننا ان نتغاضى عن حقيقة أن مسألة تصديق العامة من الشيعة أن عليا, أمامهم الذي يقدسونه وبطلهم التاريخي دون منازع, وليس عدوهم الحجاج, هوالذي كان وصم العراقيين بالعار حينما أشار إلى أن العراق هو بلد الشقاق والنفاق, هل بإمكاننا أن نتغاضى عن أن مسألة كهذه إنما تكشف عن مخطط بنوايا سيئة وإن سرقة القول من لسان الحجاج ووضعه على لسان الإمام علي لم يأتي هكذا إعتباطا بل هو موضوع إستخدام سياسي يقف وراءه من يستهدف بالأساس بناء ثقافة جلد الذات على طريق تسقيط العراق نفسه كونه أرضا تاريخية للخيانة والغدر والدناءة والخذلان.
وبما إنني عراقي شيعي من الجنوب علموه اللطم منذ السنة الأولى وكان تلميذا أصيلا في مدرسة عاشوراء ومن عائلة بصرية نجفية, لها مع الحسين وأبيه ما للدم مع القلب, فإن بإمكاني أن أقول إعتمادا على تجربة ومعايشة يومية أن المؤسسة الدينية الشيعية بشكل عام, وخاصة منبرها الحسيني, لم تضع في إهتمامها الرد على هذه الثقافة التدميرية, بل أنها على العكس من ذلك كانت أداة لنشرها وإشاعتها, فلقد ظلت أغلبية الشخصيات الدينية الشيعية التي تتصدر ثقافة جلد الذات حريصة على إدارة تلك الثقافة بالإتجاه الذي هدفه تصفير المستقبل العراقي تماما بما يجعل العراقي اسيرا للمؤسسة الدينية وغير مؤهل أبدا للخروج على طريقة إدارتها للزمن.
بل إنني أرى أن الكثير من (الشيعة) أنفسهم يأخذون هذا القول بطيبة خاطر على أنه فعلا للإمام علي بن ابي طالب (ع), وهم بذلك يسهلون للمجاميع المتسلطة أن تعبر بكل سهولة عن ثقافة الإحتقار لهذا الشعب وتيئيسه من إمكانات التغيير المطلوبة, ثم عودته لجلد الذات لأنه هو الذي يتحمل أسباب التردي, لكونه شعبا مارقا بالوراثة الجينية ولا سبيل لإصلاحه, وهو بالنهاية نوع من الإحتقار المقدس للنفس ذلك الذي نعيشه, وهذا هو ما جعلونا نصل إليه.
وأجزم أن كثيرا من المستفيدين من داخل صفوف الشيعة أنفسهم, ومن خارجهم من بين صفوف طائفي الضد أو القوى الإستعمارية والعميلة, يذهبون أيضا إلى تعميق هذه الثقافة للقضاء على كل مظهر من مظاهر الرفض للسياسات الإستغفالية التي يتعاملون بها معهم, فإن حدث وإن تحرك ضدهم فهو شعب نفاق وشقاق بما يؤكد (مقولة الإمام علي .. ! الذي يستخدم إسمه هنا لإعطاء هذه المقولة بعدا مقدسا وبما يجعلها قانونا لا يجوز الطعن فيه), وأرى بالتالي ان هذا القول ياتي من باب نشر ثقافة جلد الذات ونشر سياسة الإستغفال أيضا.
ولا أعتقد أن الفكر والسياسات الصفوية بعيدة عن تعميق هذه الثقافة التضليلية المارقة, ذلك أن كثيرا من ممارسة جلد الذات كان أتى بها صفويو الفرس, فإستهداف الشعب العراقي برمته وتسقيطه تاريخيا هو في المركز من ثقافة الصراع العربي والعراقي الفارسي الذي غالبا ما إتخذ مسارات قومية وعنصرية, والهدف من هذه الثقافة هو واضح ويستمد جذوره من واقع الصراع التاريخي نفسه وتأكيدا على ما يردده (قوميو الفرس) أنفسهم كون معركة القادسية التي سمحت للإسلام أن ينتشر في بلاد فارس كان ثمنها باهضا جدا, فهي كانت أدت إلى إنتصار الهجمة (البدوية الصحراوية العربية), ومن العراق خاصة, ضد الحضارة الفارسية العميقة, وبهذا يختلط هنا السياسي بالديني لينتج إشكالية عميقة ومركبة في مساحة يجتمع فيها الخصمان ( الإسلام والنزعة القومية الفارسية).
ولأن هذه الإشكالية فارسيا كانت أصعب من أن تحل بشكل مستقيم فقد ادت بالتالي إلى ولادة مخلوق برأسين, واحد قومي والثاني إسلامي عابر للثقافة القومية, وقد نمى هذا المخلوق ذا الرأسين في رحم محاولة التوفيق بين تاريخ قومي من حق الفرس ان يعتزوا به وثقافة دينية آمنت بها الأغلبية من الفرس العامة إيمانا لم يكن من الحكمة ولا بالمستطاع مجابهتها ومقاومتها, وأظن أن كثيرا من مستويات الثقافة التضليلية والضالة هي تلك التي ظل يستخدمها قسرا ذلك المخلوق صاحب الرأسين المتخاصمين والجسم الواحد للتعتيم على رؤية شكله الغريب.
بالنسبة للعرب فإنهم لا يعانون من هذه الإشكالية ما بين الإسلام والقومية ( وأنا هنا أتحدث "سياسة", ومن باب التوصيف وليس من باب حساب الفضائل القومية بمنطق "نحن وهم"), فالعرب كانت قوميتهم قد تكاملت ثقافيا وسياسيا من خلال الإسلام ونمت وتأسست وتوسعت أمتهم من خلال نموه وتوسعه وإنتشاره, أما الفرس فقد كانت حالتهم مع الإسلام سياسية ضدية وعكسية. وإن المأزق الحقيقي هو هنا, وأجد ان لا سبيل إلى حله مطلقا ما لم يتخلى الجانبان عن النزعة القومية العنصرية وإحتضانهما معا فكرا إنسانيا علمانيا متحررا يوفر لهما فرصة الخروج الآمن من مأزق ثقافة الخصومة التاريخية التي يعيشها الطرفان, واحد يعتز بإسلامه عنصريا والثاني يذهب بنفس الإتجاه العنصري لكنه يؤسس ويشيع لثقافة الضرب تحت الحزام.
وهكذا نرى أن المتضرر الأساسي بشكل عام هم العراقيون عامة وبشكل خاص العراقيون الشيعة الذين جرى العمل من اجل إدخالهم في ثقافة دونية إمتهانية متأسسة على الندم التاريخي والعوق الجيني التي تكفر عن نفسها بجلد الذات والخجل من النفس وطلب المغفرة غير المستجابة. إنه صراع التاريخين المستباحين : تاريخ فارسي عميق الجذور إمتهنه العرب بواسطة الإسلام, وتاريخ عربي عراقي إسلامي يحاول الفرس إمتهانه بواسطة جريمة نحر الإمام الحسين, ولن يخفف من ثقل المشكلة السياسية تعويمها دينيا, فالدين المشترك لم يفلح على إمتداد التاريخ في إقامة علاقات سلمية وأخوية حقيقية ومستقرة, ويمكن للعودة السريعة إلى طبيعة الثقافة القومية والدينية التي أعتمدت لأدارة حرب الثمانية سنوات بين العراق وإيران لكي نقترب من أخطار هذه الإشكالية التاريخية, فالإيرانيون بعد مجئ ثورتهم الإسلامية لم يترددوا عن إستعمال الإسلام كوسيلة للإستيلاء على المنطقة المتاخمة وبداية من العراق لتخليصه من (الحكم البعثي الكافر) في حين أن العراقيين دخلوا أيضا على الخط حينما أعلنوا أنهم يصدون الحملة المجوسية الفارسية المتآمرة على الإسلام أساسا. وتسمية العراقيين للمعركة آنذاك بالقادسية الثانية إنما تأسست على ذلك المعترك التاريخي الذي يتقاذف بالإسلام ويفرخ حالات من الإزدواجيات القاتلة ومخلوقات برؤرس متعددة ومتقاتلة في الوقت نفسه.
وأجد أن الثقافة السياسية القومية بجانبها العربي باتت هي الأخرى تعيش مأزقا تاريخيا بسبب صعود الإسلام السياسي ذا الفكر الإقليمي والأممي العابر للجغرافيات والتواريخ القومية, وهذه الإشكالية كما قلت لن تحلها محاولة التوفيق ما بين القومية والدين وإنما يحلها الفكر السياسي العلماني الذي يوفر لجميع الأطراف خروجا آمنا بعيدا عن الولادات المشوهة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزرائيل العراقي
- ملالا يوسف .. كل نوبل وأنت بخير
- أدب الشتيمة
- صورة الفقيه وصورة الخليفة
- للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف
- الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية
- النفاق الدولي والعربي في محاربة داعش
- العثمنة والفرسنة ونحن الذين بينهما
- سامي المظفر .. ليس لأنه إبن عمي, وطاهر البكاء .. ليس لأنه صد ...
- يوم إمتدح المالكي خصميه اللدودين
- ذاكرة الطيور
- الصيد الطائفي الثمين
- وأخيرا سمعت نباحا
- عزت مصطفى .. الموت نظيفا
- لولا علي لهلك عمر (3)
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إستشهاد الإمام الحسين ونظرية المؤامرة