|
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 18
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 08:19
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!
-;- مدارات حوارية وحوار مع الاستاذ الدكتور الاديب مصدق الحبيب -;- حارات الزمان -;- من نماذج التحليل الماركسي المعاصر/نظرية ايلينا شتايرمان/حول سقوط النظام العبودي
-;- في مدارات حوارية وفي موقع المثقف الالكتروني وفي حوار مع الاستاذ الدكتور الاديب مصدق الحبيب اجراه الاستاذ الدكتور عبد الاله الصائغ،يذكر د.الحبيب:"...وفي حقل الاقتصاد تأثرت باساتذتي الكبار كأبراهيم كبة ومحمد سلمان حسن ومحمد حديد وعلاء الراوي، ومنصور الراوي الذي كان مشرفا على دراستي للماجستير، ومسارع الراوي الذي كان احد اعضاء لجنة الاشراف على رسالة الماجستير."ويصف د.الحبيب ابراهيم كبة في مكان آخر بأنه ابو الاقتصاد والاقتصاديين العراقيين!
-;- كتب عبد الله اللامي في مؤلفه "حارات الزمان"الصادر عن مؤسسة الحياة للصحافة والاعلام في بغداد عام 2013،وفي باب معنون"ماركسي يتحدث بلغة الاقتصاد السياسي":"حدثني كثيرا عنه الوزير السابق مكرم طالباني واصفا اياه بالرجل السياسي والاقتصادي البارع الذي قارع الظلم والاضطهاد في اوقات سابقة وهو حريص وصادق في طروحاته وافكاره اليسارية الديمقراطية...ويعد مكرم الطالباني من اقرب اصدقاء ابراهيم كبة الماركسي والدكتوراه في الاقتصاد السياسي الذي تولى وزارة الاقتصاد في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم..."
-;- كتب د.ابراهيم كبة في مجلة الاقتصادي/العدد الثالث/ايلول 1970/السنة الحادية عشر..دراسة معنونة"من نماذج التحليل الماركسي المعاصر/نظرية ايلينا شتايرمان/حول سقوط النظام العبودي/عرض وتلخيص ونقد"وفيما يلي استعراضا كاملا لها لأهميتها:
في دراسة طويلة ممتازة عن المشاكل المتعلقة بسقوط النظام العبودي،عالجت المؤرخة الاقتصادية السوفيتية ايلينا شتايرمان عدة نقاط غامضة في هذا الموضوع والقت كثيرا من الضوء عليها.ويمكن تلخيص اهم النقاط الواردة في دراستها فيما يلي:
اولا: تشير المؤرخة اولا الى بعض النقاط المتفق عليها بين المؤرخين السوفييت في هذا الصدد،ومنها ان سقوط العبودية لم يتم بالطرق السلمية عكس ما تذهب اليه بعض المدارس الاكاديمية البورجوازية(مثلا فوستيل دي كولونج ودويش)ومنها ان السقوط لم يتم فجأة بل استغرق مرحلة تأريخية طويلة ومنها ان سقوط الانظمة العبودية في الدول القديمة المختلفة تم بطرق مختلفة ولم يسلك نفس الطريق..الخ.على ان هناك كثيرا من النقاط الاخرى التي لم يتم حتى الان الاتفاق عليها،وتحاول دراسة المؤرخة القاء بعض الضوء على بعض من هذه النقاط.
ثانيا:ان صعوبة الموضوع نفسه هي السبب في عدم الاتفاق.وهذه الصعوبة ناجمة عن عدة حقائق تاريخية،منها تعدد وتداخل عوامل سقوط العبودية(انتفاضات العبيد والكولون،الغزوات الاجنبية..الخ)وعدم حدوث ثورات اجتماعية وسياسية مركزة موحدة او محددة كما حدث مثلا بالنسبة للثورات البورجوازية،وعدم الغاء العبودية بتشريعات محددة التاريخ كما حصل مثلا بالنسبة لالغاء القنانة بحيث يمكن تحديد تاريخ معين لالغاء النظام العبودي.وحتى بعد سقوط الامبراطورية الرومانية الغربية بقيت بقايا العبودية اكثر من اربعة قرون بسبب استمرار تخلف قوى الانتاج وبطء عملية نشوء العلاقات الاقطاعية( )،اضف الى ذلك ضعف الكفاح الطبقي بين الطبقة المالكة الجديدة شبه الاقطاعية والطبقة المالكة القديمة(العبودية) لاتفاق مصالحهما في كثير من الاحيان من اضطهاد الجماهير المنتجة(الكولون واشباه الاقنان)مما ساعد على بطء عملية التحول من العبودية الى الاقطاع واستمرار بقاء المخلفات العبودية في قوانين الاقطاع( ).هذا بالاضافة الى ضعف الكفاح الآيديولوجي ضد العبودية كنظام،بل ان المسيحية نفسها وهي التي هاجمت في البداية السلطة الامبراطورية الرومانية ودعت الى واجب العمل على الجميع..الخ،تحولت في المرحلة الجديدة الى سلاح آيدلوجي بيد الاقطاع،ولكنها لم تهاجم العبودية كنظام بل اننا نرى على العكس ان آيديولوجي (مفكري) الطبقة المالكة القديمة يدعون الى التخفيف من اضطهاد العبيد ويدعون الى بعض الحريات الديمقراطية على نمط الديمقراطية اليونانية الكلاسيكية. هذه بعض الحقائق التاريخية التي تجعل من الصعوبة بمكان حتى تشخيص نمط الانتاج في مرحلة التحول من العبودية الى الاقطاع وتقييم الادوار التي اضطلعت بها الفئات الاجتماعية المختلفة.وترى شتايرمان ان المقياس الوحيد الممكن هو تشخيص شكل التملك السائد(بالرغم من بقاء المخلفات العبودية)الذي يقرر بدوره الشكل الرئيسي للاستثمار.
ثالثا: بعد هذا تنتقل المؤلفة الى دراسة بعض الفئات الاجتماعية في مرحلة التحول وذلك لتحديد ادوارها في عملية سقوط النظام العبودي الروماني.تتناول اولا دور العامة Agonistique في المدن الرومانية الذين لعبوا في الواقع دورا رجعيا باسنادهم للنظام العبودي بغية الاستمرار في تلبية مطالبهم (في الخبز والالعاب) مجانا على حساب اضطهاد واستثمار الطبقات المنتجة( )،كما انهم ساهموا في تقوية(دول المدن)العبودية التي كانت تعرقل التطور نحو الاقطاعية.اما دور الانتفاضات الجماهيرية المعينة في بعض المقاطعات الرومانية خلال القرون الاخيرة من الامبراطورية الرومانية وخاصة الحركة(الاغونسطية) bas-peuple الواسعة في موريتانيا ونوميديا الغربية،والحركة الباغودية Bagaude في شمالي شرق بلاد الغال،فقد كانت من حيث الجوهر انتفاضات(فلاحية) وان شاركت فيها جماهير واسعة من العبيد.وقد لعبت هذه الحركات ادوارا مختلفة حسب الاقليم،ولكن بصورة عامة ساهمت في اضعاف الامبراطورية والجيش الروماني لحد كبير وبهذا افسحت المجال لنمو(الارستقراطيات العقارية)المحلية،رائدة الطبقات المالكة الاقطاعية فيما بعد،وحليفة الغزاة الاجانب(البرابرة)في كثير من الاحيان،كما ان هذه الحركات اسهمت احيانا في عقد(مساومات)طبقية بين الارستقراطيات المحلية وبين الدولة الرومانية العبودية،لقمع هذه الانتفاضات على اساس(تنازلات متقابلة) وبهذا دفعت هذه الحركات الدولة العبودية لتشديد ربط الفلاحين بالأرض واسناد نظام(الكولون) رائد(القنانة)الاقطاعية.اما عن دور (البرابرة) في اسقاط النظام العبودي فهو مسألة معقدة في نظر شتايرمان.ان الرأي الذي يجعل منهم جميعا حليفا للطبقات المضطهدة الرومانية بشكل مطلق رأي خاطئ بالتأكيد،لانه لا يأخذ بنظر الاعتبار (التمايز الاجتماعي) لدى البرابرة،الذي كان قد اكتمل في القرن الخامس الميلادي عند التطويح بالامبراطورية الرومانية.والواقع ان جماهير البرابرة ممن انضم الى جيوش العبيد والكولون كانوا فعلا حلفاء للطبقات المضطهدة في المجتمع الروماني،الا ان المراتب العليا من البرابرة كانوا على العكس حلفاء للطبقات الحاكمة في هذا المجتمع.ولهذا نجد الكثير من الارستقراطيات المالكة في الاقاليم الرومانية ايدت الغزوات البربرية ودعت بشدة رؤوساء(القوط والفاندال والفرنك) لاسقاط الامبراطورية،وعندما تم ذلك شدد الملوك البرابرة الجدد من اضطهاد الحركات الفلاحية(خاصة الحركة الاغونسطية والحركة الباغودية)وتابعوا سياسة الاباطرة الرومان في سحق هذه الحركات مسندين الطبقات الارستقراطية المالكة.وعلى كل حال يمكن القول بصورة عامة بأن جميع الفئات الاجتماعية التي حاربت الامبراطورية الرومانية السفلى (بين القرن الثالث والخامس الميلادي) – الفلاحون،العبيد،اشباه الاقنان،الكولون،البرابرة،الارستقراطيات في الاقاليم،بالرغم من تناقضاتهم الخاصة وبالرغم من اختلاف الدوافع لكفاحهم ضد الامبراطورية،يمكن القول ان هذه الطبقات والمراتب الاجتماعية ساهمت جميعها وانصبت افعالها جميعا في نفس المجرى العام،مجرى تفسخ النظام العبودي،ووضع الشروط المادية والبشرية لنشوء وتطور العلاقات الاقطاعية.الا انه من الواضح ان الجماهير كانت تعمل للاسراع في تصفية المخلفات العبودية والمطالبة بتوزيع الارض عليها،بينما كانت الطبقات العقارية الجديدة Foblesse Terrienne تحاول الاستفادة من نفس المخلفات العبودية لاسناد وضعها الاستثماري الجديد وعرقلة القضاء الحاسم على النظام القديم.
رابعا- بعد هذا تطرح المؤلفة شتايرمان اربع مسائل تعتبرها اساسية لفهم طبيعة النظام العبودي وتشخيص مرحلة التحول من العبودية الى الاقطاع،وتحاول الاجابة عليها:المسألة الاولى: ما هو الشكل الذي اتخذه قانون التطابق بين علاقات الانتاج وطبيعة قوى الانتاج في هذه المرحلة؟!والمسألة الثانية:ماذا كان دور (الاكراه غير الاقتصادي)في التحول؟!والمسألة الثالثة:ما هو الشكل الرئيسي للتملك حينذاك؟!والمسألة الرابعة:ما هي الطبقة التي اتخذت الدور الطليعي في ذلك التحول؟ أ- ففيما يتعلق بالمسألة الاولى:تبدو اهمية قانون التطابق بين قوى الانتاج وعلائق الانتاج في تاريخ (توقيت) بداية الازمة للنظام العبودي.من الآراء الشائعة حتى لدى بعض المؤرخين( ) ان بداية ازمة العبودية في روما ترجع لانتفاضات العبيد الكبرى في القرنين الثاني والاول ق.م،وان عدم نجاحها مؤقتا لا يعود لاسباب موضوعية(غياب التعارض الشديد بين علائق الانتاج وقوى الانتاج)بل لاسباب ذاتية صرفة(عنف الاجراءات القمعية،عدم الوعي والتنظيم لدى جماهير العبيد،عدم الاسناد الكافي من فقراء الاحرار،اعلان الدكتاتورية العسكرية..الخ)،والحال ان مثل هذه الآراء خاطئة تماما ومخالفة للمنهج العلمي،لأن نظام العبودية في تلك المرحلة المبكرة لم يدخل بعد مرحلة الهبوط والتأزم،لعدم استنفاده بعد لكل امكانيات قوى الانتاج المتوفرة وخاصة العمل العبودي،ولعدم انتصابه بعد كعقبة دون تقدم القوى المنتجة.ان الانتفاضات المذكورة كانت علامة على ازمة النظام السياسي فقط اي الحكم الجمهوري الارستقراطي( )وليس علامة على ازمة العبودية كمجتمع،او بتعبير آخر كان انعكاسا للتناقض بين التركيب السياسي المتخلف(الجمهورية) وبين القاعدة الاقتصادية المتقدمة نسبيا(نمط الانتاج العبودي)،وقد حل التناقض فعلا باسقاط النظام الجمهوري واعلان الامبراطورية العليا التي بلغت خلالها العبودية فعلا قمة الازدهار(حتى القرن الثالث الميلادي( ).لقد استمر نمط الانتاج العبودي في التقدم مستثمرا طاقات انتاجية جديدة(نشوء المزارع العبودية اي الملكيات المتوسطة الحجم المتقدمة تكنيكيا،ازدياد اهمية القطاعات السلعية،ازدهار التجارة الخارجية،تقدم الملكية الخاصة للارض..الخ)قبل دخوله مرحلة الازمة العامة في بداية القرن الثالث الميلادي فقط. ب- وفيما يتعلق بالمسألة الثانية:دور الاكراه المادي في تطور وسقوط العبودية تؤكد الكاتبة بحق ان هذا الاكراه لم يكن اساس النظام بل نتيجة فقط.ان العبد ليس مجرد انسان محروم من حق تملك ادوات الانتاج وتملك منتوج عمله،بل هو بحد ذاته مملوك للسيد،اي انه يمثل بحد ذاته قيمة مادية للسيد فلا يمكن ان يتركه هذا يموت جوعا كما يحصل بالنسبة للعامل البروليتاري في النظام الرأسمالي مثلا.وبالنظر لانعدام اي(حافز) لدى العبد لزيادة الانتاج كان الاكراه المادي نتيجة حتمية ملازمة للنظام،وبهذا الاعتبار فقد لعب الاكراه دورا كبيرا في تقوية النظام ولكنه لا يفسر اطلاقا نشوءه او تطوره او سقوطه( )،خلاف الرأي الشائع في ان الحروب التوسعية في العهد الجمهوري الروماني وتدفق العبيد على روما كان هو السبب الاساسي في سيادة النظام،وان وقف هذه الحروب في العهد الامبراطوري كان السبب وراء سقوطه.ان هذا الراي خاطئ تماما لانه يتعارض اولا مع الحقائق التاريخية التي تؤكد زيادة جماهير العبيد زيادة هائلة خلال العهد الامبراطوري المتأخر وان الشكوى كانت عامة من كثرتهم لا من ندرتهم( )،وثانيا لأن دعاة الحرب التوسعية في تلك الفترة لم يكونوا من الطبقة القديمة(اي ملاك العبيد)بل من الارستقراطية العقارية الجديدة المعتمدة على نظام الكولون،او بتعبير آخر لم تعد الحروب الامبراطورية مصدرا لتدفق العبيد بل مصدرا لتجهيز المنتجين الجدد الكولون واشباه الاقنان،المرتبطين بالأرض.وتنتهي شتايرمان في هذه النقطة الى النتيجة المهمة التالية:لقد ساعدت الحروب،خاصة خلال المراحل الاولى،على تطور العبودية،ولكنها لم تكن العامل الحاسم،بل على العكس كانت الحاجة للحروب كمصدر للعمل العبودي تتوقف نفسها على مستوى تطور النظام الاقتصادي العبودي. ج- اما فيما يتعلق بالمسألة الثالثة وهي الشكل الرئيسي لتملك وسائل الانتاج في تلك المرحلة الانتقالية من العبودية الى الاقطاع،فتبدو اهميتها القصوى باعتبار انه مع انحلال النظام العبودي تبدأ اشكال جديدة من التملك لم تكن موجودة سابقا،او كانت تتعايش مع النمط العبودي السائد دون ان تلعب دورا مهما في العبودية،تبدأ هذه الاشكال الجديدة بدورها تلعب الدور الاساسي.ولهذا فمن المهم جدا لتحديد بداية النهاية للعبودية تحديد بداية المرحلة التي يبدأ فيها احد هذه الاشكال الناشئة في ممارسة النفوذ الحاسم على جميع الاشكال الاخرى.كما انه من المهم ملاحظة التغير في العلاقات بين الطبقات والمراتب الاجتماعية،وتشخيص الطبقات الجديدة،والتناقضات الطبقية الجديدة،التي تبدأ باحتلال الاولوية في الوضع الجديد.مثال ذلك،لا يمكن التأكيد بأن الامبراطورية الرومانية في زمن قسطنطين وخلفائه بقيت امبراطورية يسودها النظام العبودي الا اذا امكن اثبات: 1- استمرار سيادة شكل التملك العبودي باعتباره الشكل الاساسي للتملك.2- استمرار شكل الاستثمار العبودي في لعب الدور الاساسي في الاستثمار،اي استثمار المنتج المباشر المجرد تماماً من وسائل الانتاج والمملوك من قبل مالك لوسائل الانتاج،له عليه السلطان المطلق دونما قيود. 3- استمرار التناقض بين مالكي العبيد والعبيد باعتبار ان كل منهما يكون طبقة موحدة Unique تقف في مواجهة الطبقة الاخرى،على ان شتايرمان ترى ان هاتين الطبقتين لم تعودا موحدتين في القرن الرابع الميلادي.فطبقة مالكي العبيد لم تعد قادرة في نهاية العهد الامبراطوري على الاستمرار في الاعتماد على العمل العبودي وحده،بل بدأت في الاعتماد بصورة متزايدة على عمل الكولون،اي المنتج الذي يملك بحقوق محدودة،بعض وسائل الانتاج،وحتى قطعة من الارض احياناً ومقداراً محدوداً من منتوجات العمل بحيث ان الاستثمار لم يعد يسير بالشكل العبودي الكلاسيكي القائم على الاستحواذ المباشر على جميع منتجات عمل العبد،بل يتخذ اشكال غير مباشرة اقرب الى اشكال الريع Rent السابقة للعهد الرأسمالي.وهكذا فقد شهدت تلك المرحلة الانتقالية انحلالاً في وحدة الطبقة المستثمرة المالكة وتعارضاً في مصالحها،خاصة وان انحلال الوحدات الادراية اللامركزية(المدن(Polis-Municipe))التي كانت تمثل الوحدة الطبقية لمجموع طبقة مالكي العبيد،سرع من تفككها الطبقي بسبب الاعباء الجسيمة التي تسببها تلك الوحدات لمالكي الكولون الجدد ومساعي هولاء للتخلص من قيودها الثقيلة( ).كذلك الحال بالنسبة لطبقة العبيد فأنها هي الاخرى قد تعرضت لعملية تمايز اقتصادي واجتماعي في اواخر العهد الامبراطوري قضت على تماسكها الطبقي،فاندمجت اكثريتها الساحقة الكادحة بالكولون وارتبطت بالارض واصبحت تباع وتشترى معها،وانتقلت بالكولون وارتبطت الامتياز(رقيق البيوتات المترفة) الى القوات المسلحة للطبقات المتملكة،او الى المواطنين الاحرار،اما بنتيجة العتق المباشر او بنتيجة ممارسة بعض (الاعمال الشريفة) مدة طويلة – عشرين عاما عادة)بموافقة المالكين واكتسابها بذلك التحرر القانوني من العبودية(قوانين جوستتيان وثيودوسيان)( ). د- واخيرا تعالج المؤرخة شتايرمان المسألة الرابعة وهي دور الطبقات والمراتب الاجتماعية في الكفاح الطبقي الذي عجل في عملية الانتقال من العبودية الى الاقطاع،فتلاحظ اولا بأن هذا الدور مرتبط مباشرة بشكل التملك الرئيسي السائد وشكل الاستثمار الناجم عنه،ذلك لأن الطبقات المرتبطة حياتها بشكل اجتماعي معين تتفق مصالحها عادة في الاحتفاظ به وتطويره بعكس الطبقات الاخرى التي يعرقل الشكل المذكور تطورها.وقد سبق ان ذكرنا الدور الرجعي لعامة المدن Piebus لارتباطها بالنظام العبودي في دور انحلاله وبالشكل السياسي الملائم له وهو الشكل البلدي(البلدية)،بينما كان دور العبيد تقدميا في تلك المرحلة لارتباطه بالشكل الجديد الناشئ للتملك واستثمار العمل.وبنفس المنهجية يمكن تشخيص دور الجيش الروماني في المراحل المختلفة من تاريخ الامبراطورية الرومانية.ففي القرن الثالث الميلادي مثلا (فترة الازمة) كانت جماهير الجيش الروماني تجند من سكان الريف حيث كانت تعطي للجنود قطع صغيرة من الارض يستثمرونها بواسطة عمل العبيد،وهذا بالضبط ما كان يحدد الوظيفة الاجتماعية للجيش.لقد ادى تطور ملكية الجنود للارض - كما هي الحال في تطور ملكية الارض البلدية Propriete Municipale الى تفسخ العلاقات المشاعية،وتطور العلاقات السلعية والنقدية،واكتمال الاشكال الكلاسيكية للاقتصاد العبودي،ولهذا كله يجب اعتبار جيش القرن الثالث الميلادي اقرب المراتب الاجتماعية للطبقات المرتبطة بالملكية العبودية حينذاك.اما في القرن الرابع الميلادي فقد اختلف دور الجيش،نتيجة للانحلال العام في نمط الانتاج العبودي،ذلك لأن قطع الارض الموزعة على الجنود لم تعد مجزية من الناحية الاقتصادية ولهذا فقد نضب المعين الروماني للجيش وبدأ يتحول الى جيش من المرتزقة الاجانب.وهكذا نرى بأن تفسخ الجيش الامبراطوري منذ القرن الرابع كان مرتبطا عضويا بانحلال وتفسخ الفئات الاجتماعية التي كان مرتبطا بها.ثم تنتقل المؤلفة بعد هذا الى دور القطاع العام في الارض اي اراضي الدولة الرومانية في تطور النظام العبودي وتقرير مصائره،فتشير الى ان مصير النظام كله كان معلقا منذ القرن الثالث الميلادي على مصير القطاع المذكور،هل يكون (احتياطيا) لتطور العلاقات العبودية بتوزيعه بقطع صغيرة ومتوسطة على مستأجرين يستثمرون في الانتاج العمل العبودي ويدفعون فائض المنتوج بشكل ضريبي للامبراطورية العبودية،ام على العكس يستخدم القطاُع العام لتقوية علاقات الانتاج الجديدة بتوزيعه على كبار ملاكي الارض الجدد من مستثمري الكولون؟.قبل القرن الثالث الميلادي كان(الاباطرة الجنود) Empreurs - Soldats يستخدمون القطاع العام لتقوية العبودية عن طريق توزيع اراضي الدولة على الجنود ومصادرة اراضي كبار الملاكين،ولكن بعد انحلال الجيش نتيجة ازمة القرن الثالث تغيرت الصورة تماما وبدأت اراضي الدولة تتحول بمقادير هائلة الى القطاع الخاص،الى كبار الملاكين الجدد،الى الارستقراطية العقارية الجديدة المتجهة نحو علاقات الاقطاع( ).بعد هذا تنتقل المؤلفة لدور الملكية البلدية اي اراضي المدن والبلديات والدور الذي لعبته في نشوء وتطور النظام العبودي الروماني.من المعلوم ان الاراضي البلدية نشأت عن انحلال المشاعيات الريفية التي سبقت تاريخيا النظام العبودي،وتحول الاراضي المشاعية الى اراضي المدن والبلديات مع تحول الفلاحين المشاعيين الى مالكين صغار جدد،مرتبطين كمجموع بالمدينة او البلدية الرومانية،اي تحولهم الى(مواطنين)في دولة روما.لقد لعب هذا القطاع البلدي دورين مختلفين خلال تطور العبودية.ففي المرحلة الاولى(مرحلة نشوء العبودية)لعب الاقطاع دور (المعين اي المصدر) لنشوء العلاقات العبودية نتيجة التمايز الاجتماعي بين مزارعي المدن الاحرار وتطور العلاقات السلعية والنقدية بينهم،وتحول اكثريتهم المعدومة الى عبيد واقليتهم الى ملاك للعبيد.بينما لعب نفس القطاع في المرحلة الاخيرة من العبودية(مرحلة الانحلال) دور المعين لنشوء العلاقات الانتاجية الجديدة،علاقات الاستثمار الكولوني،وذلك نتيجة نفس عملية الانحلال في الاراضي العامة للبلديات والتمايز الاجتماعي بين صغار ومتوسطي الفلاحين،وتحول الكثرة المعدمة الى الارتباط المباشر بالارض(كولون) واستيلاء كبار الملاكين العقاريين الجدد على اراضيهم.لقد تم على هذه الطريقة تحول الكثير من الاقاليم الرومانية،خاصة النائية منها،الى النظام الاقطاعي،عن طريق تفسخ (الكومونات) والنظام البلدي المرتبط بها،ونمو علاقات الانتاج الجديدة عبر العملية المذكورة (مثال ذلك مقاطعات الدانوب والراين وموريتانيا وربما جميع الاقاليم الشرقية ايضا).واستنادا لهذا الدور المختلف للكومونة الرومانية،حسب مراحل تطور النظام العبودي نفسه،يجب تشخيص الدور المختلف ايضا لثورات الفلاحين العاصفة في المراحل الاخيرة للامبراطورية الرومانية.ففي بعض الاقاليم كان دور الانتفاضات الفلاحية موجها من الناحية الموضوعية ضد النظام العبودي بصرف النظر عن نوايا الثوار(انتفاضات Sacrover و Florus و Taciarinas و coudicca) بينما كانت بعض الانتفاضات الضخمة الاخرى موجهة ضد العلاقات الانتاجية الجديدة،علاقات الكولون،كما هي الحال في انتفاضات الباغوديين والاغونسطين.وقد لعب العبيد دورا مهما في جميع هذه الحركات الفلاحية ولكنهم لم يكونوا القوة الرئيسية فيها لتحول اكثرهم الى كولون في تلك الفترة.واخيرا فأن شكل الملكية الذي كان يتطور ويتقدم ويزداد اهمية في تلك المرحلة هو الملكية العقارية الكبيرة الخاصة،الذي كان ينمو على حساب،وفي معارضة تامة،للملكية العبودية من جهة ولملكية الدولة من جهة اخرى(نظرا لعرقلتها لتوسع الملكية الخاصة وفرضها الضرائب المرهقة عليها واستئثارها بجزء كبير من قوة العمل في مؤسسة الجيش)مع معارضة جزئية ايضا للملكية البلدية التي كانت عملية انحلالها تقوى الملكية الكبيرة الجديدة.ومع ذلك فقد كانت هذه الارستقراطية الكبيرة المتطورة قادرة احيانا على عقد بعض المحالفات الطبقية مع احرار الملكية البلدية،بالنظر لأن الاستثمار الجديد كان اكثر فائدة عليها من الاستثمار العبودي القديم او استثمار الدولة المباشر.وقد انعكس هذا التحالف فعلا في تطور نظام(الولاء)الروماني Patrocinum. وبعد اكمال المؤلفة استعراض اشكال التملك المختلفة في الامبراطورية الرومانية في تلك الفترة الانتقالية ودور كل منها تطرح السؤال الاساسي الآتي:كيف يمكن تطبيق المقولة الاشتراكية القائلة بأن الطبقة الطليعية وحدها هي التي تستخدم القوانين الاقتصادية لصالح المجتمع،بينما تعارض الطبقات الهابطة ذلك،على تلك الفترة؟وتجيب على السؤال بالشكل التالي:من الواضح ان طبقة مالكي العبيد امست طبقة رجعية،همها الاحتفاظ بالعبودية بشكلها النقي والابقاء على الملكية والاستثمار العبوديين،وعلى المؤسسات السياسية العبودية كالنظام البلدي والاجهزة الامبراطورية.اما طبقة العبيد فبالرغم من انها عجلت من عملية الانتقال لاشكال استثمارية جديدة فقد كانت عاجزة عن التحرر كطبقة بالنظر لعدم تمثيلها لنمط انتاجي جديد اكثر تقدمية( )،ولهذا السبب انتهت انتفاضات العبيد ضد مستثمريهم في النظام العبودي بتحطيم كلا الطرفين المتصارعين( ).اما الطبقات التقدمية في فترة نشوء الاقطاع فقد كانت الطبقات الجديدة الناشئة،وخاصة طبقة كبار ملاكي الارض،والمزارعين المستقلين،الذين اتفقت مصالحهم في اقامة علاقات استثمار جديدة اكثر تقدمية في القطاع الزراعي وان اختلفت في عدد من النقاط،خاصة في شكل التملك الجديد،وفي الاجهاز التام على بقايا العبودية.وتنتهي المؤلفة السوفياتية من تحليلها الى هذه النتيجة: يبدو ان الطبقة الطليعية في فترة التحول من العبودية الى الاقطاع كانت (الارستقراطية المالكة للارض) الآخذة في التحول الى الاقطاع، L Aristocratie Terrienne en voie de feodalisation وان الحركات التقدمية كانت تتمثل في جميع الحركات التي سرعت في عملية التحول،والحركات الرجعية كانت تتمثل في الحركات التي عرقلت ذلك.فمن قبيل الاولى انتفاضات الفلاحين والكولون والعبيد، وغزوات البرابرة، والحركات الانفصالية في الاقاليم الرومانية، وتحول الفلاحين الى نظام الولاء الروماني، وحركة الهروب الواسعة من قبل عديد من الفئات الاجتماعية في المدن الى الملكيات الريفية الواسعة.. الخ،بينما لعبت دوراً رجعياً حركات من قبيل انتفاضات العامة في المدن الرومانية وانتفاضات صغار الملاكين في النظام العبودي ضد الملكيات الكبيرة الجديدة، وحركات الحكومة ضد نظام الولاء الجديد..الخ.
خامساً- من المعروف ان بداية الازمة العامة لأي نظام اجتماعي انما تتجدد ببداية التعارض الاساسي بين علائق الانتاج وطبيعة قوى الانتاج، وعجز النظام عن حل التعارض المذكور. ولهذا فمن الاسئلة الاساسية التي يجب ان تطرح بالنسبة للنظام العبودي هو كيفية تطور قوى الانتاج في النظام المذكور.وترى شتايرمان بأن تطور ادوات الانتاج والتكنيك كان بطيئا جدا في اطار العبودية،بالنظر لحلول العمل العبودي محل العمل الحر،ولهذا فقد كان تطور قوى الانتاج في ذلك النظام متأتيا بالدرجة الاولى من تحسن (خبرات)العمل وطرائق الانتاج.بالطبع كان يجري بعض التحسن حتى في بعض ادوات الانتاج الزراعية(انواع محسنة من المحاريث ذوات العجلات،ومعدات الحصاد،ومعاصر الزيت والخمر..الخ)الا انها في الغالب كانت تنتقل من الاقاليم التي كان يسودها الانتاج الحر الصغير المستقل (كبعض مقاطعات الراين والغال)الى الممتلكات العبودية الكبيرة في مراكز الامبراطورية الرومانية.اما التحسن الحقيقي فقد كان يجري في طرائق الانتاج والعمل في الزراعة وتربية الحيوانات وخاصة زيادة التخصص في العمل،سواء اكان ذلك بطريقة تخصص بعض الاقاليم في انتاج انواع معينة من الزراعة او بزيادة تقسيم العمل داخل الاقليم الواحد او بتخصص وتنوع المهارات الزراعية( ).هذا بالاضافة الى التعاون البسيط (اي مجرد العمل بصورة مشتركة في نفس العملية الانتاجية او في عمليات انتاجية مترابطة) الذي لعب دوراً اساسياً في زيادة انتاجية العمل في النظام العبودي، كما اثبتت ذلك الدراسات الحديثة( ). ومن بين نتائج التعاون المذكور امكان القيام بأعمال مشتركة ضخمة كان من المستحيل انجازها بالعمل الفردي(كتجفيف المستنقعات واستصلاح الاراضي وشق الترع وبناء السدود وزراعة البساتين..الخ)،وكذلك تركيز العمل في اللحظة الضرورية في ميادين الانتاج العامة،والتوفير في قوة العمل بتكريس العبيد كل جهودهم في الانتاج العبودي وعدم توزيعها في اعمال متباينة كما كانت الحال في نظام الانتاج المنزلي الصغير المستقل (كالقيام بالامور البيتية والعمل الحرفي الى جانب العمل الزراعي وبنفس الوقت)( ). والاهم من كل ذلك اتاحة المجال لزيادة التخصص في الفيلا villa الزراعية العبودية الكبيرة،حيث تتركز اعداد من العبيد يتفرغ كل منها لنوع من فروع العمل الزراعي او الحرفي او الحيواني (تربية النحل، صيد الاسماك، مشاغل لحرف مختلفة، الى جانب النشاطات الزراعية الاساسية) بشكل لم يكن القيام به ممكناً في الانتاج الصغير المستقل. وقد ادى التخصص المذكور الى تقدم وتنوع المهارات وتحسن طرائق العمل وانصراف بعض المستغلات العبودية المتخصصة الى الانتاج السوقي،خاصة تلك القريبة من الاسواق مما ساعد على نمو وتوسع التبادل ونمو الاقتصاد الزراعي النقدي (خاصة في الفواكه والخضروات والازهار.. الخ). على انه الى جانب هذا النمط الزراعي المتقدم بقيت انماط زراعية متخلفة خاصة في المستغلات الزراعية الصغيرة البعيدة عن الاسواق حيث استمرت بعض سمات المشاعيات الريفية قائمة، وخاصة بشكل العمل العائلي وتبادل العون بين الجيران، وبدائية ادوات الانتاج، وانعدام التخصص والتعاون. وفي المراحل الاولى من الحكم الروماني وخاصة خلال العهد الجمهوري نجد في القطاع الزراعي تعايشاً بين نظامين مختلفين، العمل العبودي في المراعي الواسعة، العمل الحر المستقل في المستغلات الزراعية الصغيرة، مما اعاق تطور قوى الانتاج بوجه عام، ولم يتغير هذا الوضع الا خلال العهد الامبراطوري بعد تطور الملكية الزراعية العبودية بالشكل الذي وصفناه اعلاه. وتلاحظ شتايرمان بان اعلى مستوى بلغه تطور قوى الانتاج وتطور علائق الانتاج المتفقة معها خلال كامل مرحلة النظام العبودي الروماني هو في الفترة الممتدة بين القرن الاول ق.م والقرن الثاني الميلادي، عندما ازدهر نظام (الفيلات) الرومانية العبودية وبلغ التخصص والتعاون فيها قمة التطور، وتحول الانتاج العبودي من مرحلته الابوية، حيث كان هدف الانتاج مجرد سد الحاجات العائلية المباشرة الى مرحلته التجارية او السوقية،بفضل تطور التجارة والرأسمال التجاري( ).والى هذا الانسجام بين علائق الانتاج العبودية والمستوى العالي من قوى الانتاج يعزى الازدهار العام الذي بلغته الامبراطورية الرومانية في جميع الحقول في هذه الحقبة التاريخية،ومن ذلك استصلاح مساحات واسعة من الارض،وتقديم مشاريع الري،وادخال زراعات مختلفة جديدة،والتحسن العام في المهارات الحرفية،وبناء مدن جديدة متعددة،وتقدم الفن المعماري،وتحسن طرق التجارة والمواصلات،وازدهار وانتشار الثقافة الرومانية الاغريقية .ومن الناحية السياسية ازدهر في هذه الحقبة نظام (البلديات) الرومانية حيث كانت الوحدة البلدية Municipe تمثل المصالح الطبقية الموحدة لمالكي العبيد المنتسبين لها.وهنا تدخل المؤلفة في تحليل تفصيل ممتع للخصائص (العبودية المتطورة) ويمكن تلخيص تحليلاتها في النقاط التالية : أ- ان العبودية المتطورة تفرض سيادة نظام (الفيلات) حيث يمكن تطوير التخصص والتعاون وتحسين المهارات وطرائق العمل والاشراف المباشر على العمل العبودي. ب- انها تفترض ايضا تجريد المنتج (العبد) من كل وسائل الانتاج وممارسة سلطان مطلق على حياته الشخصية بالذات وارغامه على العمل للسيد بالاكراه المادي( ). ج- كذلك تفترض السلطان المطلق لرب الاسرة Pater Familias في النظام العبودي على جميع افرادها بما في ذلك حقوق الحياة والموت. د- تطور العلاقات السوقية وتقدم مستوى الانتاج السلعي،كجزء متمم للطابع التخصصي للفيلا العبودية. ها- واخيرا الاحتفاظ بنظام (البلديات) الضروري لصيانة مصالح ملاك العبيد كنقطة موحدة وتخفيف حدة تناقضاتها الداخلية،وابراز التناقض الرئيسي للعبودية،التناقض بين العبيد وبين ملاك العبيد.
سادساً: ترى شتايرمان ان هذه الشروط والافتراضات بدأت في الاهتزاز ابتداء من النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي في اغلب انحاء الامبراطورية الرومانية،وبهذا بدأت الازمة العامة للعبودية الرومانية،حيث لم يعد نمط الانتاج العبودي على تحديد الانتاج الموسع Reproducion erarge وفي بعض الاحيان بدأ يتراجع تدريجيا حتى تجديد الانتاج البسيط Simpe.ان السبب الاساسي لذلك هو الطابع المحافظ للاساس التكنيكي للنظام العبودي وبطء الزيادة في انتاجية العمل بسبب الطابع البدائي(الاكراهي الصرف) للعلاقة بين الفرد والمجتمع،كما لاحظ ذلك ماركس بالنسبة لروما( )،مما ادى الى ندرة الاستخدام (فائض المنتوج) في تجديد الانتاج الموسع،الامر الذي انعكس بوضوح في نصوص القانون الروماني لتلك الفترة والتحديدات الشديدة التي فرضها على حقوق الزوج في الانفاق على تحسين اراضي زوجته،وحصر حالات الاباحة التي يجوز فيها الانفاق في قائمة متواضعة جدا لا تشمل مثلا شراء ادوات انتاج جديدة او عبيدا جدد او اراضي جديدة،وهي جميعها متجهة نحو زيادة محددة في توسيع الاقتصاد داخل الفيلا فقط،او تحسين طرائق انتاج العمل دون العناية بتوسيع الاقتصاد بمجموعه(مثلا: ترميم اراضي الفيلا ،علاج العبيد المرضى،اصلاح المجاري،تعويض الاشجار الميتة بشتلات جديدة،بناء مخازن للحبوب والطحين،شراء دواب لتحسين الاسمدة الحيوانية ... الخ). يضاف لذلك ان جزء كبيرا من فائض المنتوج كان يبدد في نفقات غير منتجة،اما في الاكتناز او في نفقات الترفية للسادة،او في اعاشة الطبقات الطفيلية المتزايدة من البروليتاريا الرثة،مع توسع وانتشار النظام البلدى(الكوموني)العبودي.كذلك من ظواهر هذه الازمة العامة ومن عوامل تجديدها هو زيادة التناقضات الطبقية بين العبيد والسادة وزيادة مظاهر الكفاح الطبقي بينهم،وان كانت انتفاضات العبيد المسلحة اقل منها في اواخر العهد الجمهوري.في هذا الصدد ان (شيشرون) مثلا،وهو فيلسوف معاصر لثورة سبارتاكوس،كان اقل اهتماما بمشاكل العبيد من (سينيكا) الذي عاش في فترة الازمة العامة،حيث قدم عدة نصائح لطبقة السادة لتحسين معاملتهم للعبيد تفاديا لخطر ثورتهم العامة على النظام.وقد عبر هذا النضال الطبقي عن نفسه في صور مختلفة،خفية احيانا كظاهرة هروب العبيد او انتشار ظاهرة قطاع الطرق..الخ.وقد انعكست ظاهرة الخوف من العبيد في ادخال عدة استثناءات في القوانين الرومانية اخلت لحد كبير بالمبادئ العامة للنظام العبودي..من ذلك مثلا اضعاف حقوق رب الاسرة تجاه افراد اسرته،وقبول شهادة العبيد ضد السادة في احوال كثيرة(الخيانة العظمى،الغش،تهريب الضرائب،الزنا،تأخير العتق القانوني،المعاملة الوحشية للعبيد ..الخ) حتى ليمكن القول انه مع نهاية القرن الثاني للميلاد،وفي غضون القرن الثالث حصل تبدل اساسي في وضع العبيدن،فلم يعد في مقدور السيد قتل العبد او وضعه في سجونه الخاصة او محاكمته بنفسه في احوال الخطأ الكبرى او سحب حريته بعد الحصول عليها او وضع عقبات غير قانونية امام تحريره او فصله عن عائلته بالرغم من عدم اكتساب العبد حق الزواج القانوني،كما اصبح للعبد مقاضاة السيد في حالات سوء المعاملة.من الوجهة القانونية الشكلية كان العبد لم يزل ملكا لسيده،ولكنه من الوجهة الواقعية اصبح يملك ما يكسبه وكأنه من ذمته المالية،بل اصبحت هذه الذمة تشمل حتى ديون السيد للعبد.ان هذه المكاسب التي حصل عليها العبيد لم تكن مشروطة بالعوامل الاقتصادية وحدها بل هي نتيجة ايضا من نتائج نضالاتهم الطبقية.وقد ادى تغير اوضاعهم العبودية الخالصة( )الى انزال ضربة قاضية بنمط الانتاج العبودي وبكل البنى الاجتماعية المرتبطة به والقائمة عليه.وبالرغم من ان العبيد كانوا في هذه الفترة،الطبقة الرئيسية في النضال الطبقي الا ان تغير طبيعتهم العبودية جعلهم يندمجون في جماهير الكولون والفلاحين المربوطين بالارض في جبهة واسعة للاجهاز على جميع بقايا النظام العبودي. والمهم في هذا الصدد هو ان تطور العلاقات السلعية – النقدية- بعد ان لعب في البداية دورا حافزا لتطور النظام العبودي – بدأ يلعب في الاخير دورا مفسخا للنظام.لقد فشلت جميع محاولات الاباطرة الرومان في تحويل الريع العيني Rente en nature الى ريع نقدي Rente en argent ضمن اطار النظام العبودي،حتى بالنسبة لذلك الجزء من الريع الذي اتخذ شكل ضرائب الدولة،وذلك بسبب ضعف مستوى تطور قوة انتاجية العمل الاجتماعية حينذاك،مما يدل على ان الانتاج السلعي لا يمكن ان يلعب دورا تقدميا مستقلا في تطوير الانتاج،وان دوره مرتبط دائما بمستوى تطور قوى الانتاج الاجتماعي( ).لقد ادت المحاولات المذكورة الى استفحال الربا،وبالتالي الى زيادة تركيز الارض والقوة العاملة في ايدي القلة على حساب الاكثرية الساحقة من الوحدات الانتاجية.كذلك لعبت التجارة نفس الدور التفسيخي للنظام( ) بسبب الخسائر الجسيمة التي كانت تصيب اكثرية المستغلات الصغيرة والوسطى المضطرة للمساهمة في التجارة لحاجتها القصوى للنقود وذلك لتغطية اعبائها الضريبية والنقدية المتزايدة،وذلك بسبب المنافسة القاتلة من قبل المستغلات الكبيرة من جهة وبسبب التشريعات المتعاقبة في تحديد الاسعار كشكل من اشكال حماية معدمي الاحرار في النظام العبودي،والعقوبات الصارمة التي كانت تفرض خاصة في احوال المجاعات ضد المحتكرين والمضاربين( ).ان من اهم آثار العلاقات السلعية النقدية هو خراب الملكيات الوسطى العبودية،واضطرار اصحابها اما الى تحرير عبيدهم والتحول الى ملاك صغار عاديين او الى بيع اراضيهم سدادا للدين والتحول الى مستأجرين للارض عاديين،بل ان بعضهم انضم لطبقة العبيد الكادحين،في حين راح البعض الآخر يحاول التخلص من الاراضي البلدية لفداحة اعبائها وعدم امكان سد نفقاتها( ).ان خراب الملكيات الوسطى العبودية كان يقابله في الطرف الآخر تركز الاراضي والثورات في ايدي اقلية من مالكي الارض استطاعت توسيع اراضيها على حساب صغار الملاك وعلى حساب اراضي البلديات والمدن واراضي الدولة.. الخ مما ادى في النهاية الى اضمحلال المؤسسات العبودية النموذجية للرومان(البلديات،المدن،القطاع العام،الفيلات..الخ)واستنفاد الحيوية الاقتصادية للنظام العبودي،وتحول الدولة الرومانية الى دكتاتورية مركزية عسكرية للابقاء على العلاقات العبودية بالقوة المجردة،وارهاق الجماهير المنتجة بالضرائب الباهضة،مما عجل في النهاية في دفع العبودية لمصيرها المحتوم.
سابعا- بعد هذا تنتقل المؤرخة السوفياتية الى دراسة آثار هذه الازمة العامة للنظام العبودي الروماني منذ منتصف القرن الثاني في الاقاليم الغربية للامبراطورية الرومانية،وكيف انها ادت الى ظهور اشكال جديدة للاستثمار تتعارض مع الاسس العامة للعبودية.ان تركز الارض وتوسعها وانحصارها في ايدي قلة من الطبقة المالكة بفعل العوامل السابق ذكرها ادى الى ظهور الملكيات الكبيرة للارض في الاقاليم الغربية.وفي هذا النوع من الملكيات الضخمة لا يمكن الاحتفاظ بالنظام العبودي بشكله الكلاسيكي،وذلك لعدة اسباب:الاول - عدم امكان الانتاج السلعي لعدم امكانية تصريف المنتوجات الواسعة والاضطرار للعودة للاقتصاد الطبيعي (الانتاج للاستهلاك داخل الوحدة الانتاجية )( ).والسبب الثاني - هو ان اساليب القهر الضرورية في النظام العبودي اصبحت ممنوعة قانونا ومستحيلة واقعيا في عهد الازمة العامة للنظام بسبب الانتفاضات الجماهيرية المستمرة في الاقاليم الغربية.والسبب الثالث - هو الصعوبات المتزايدة لتنظيم وظيفة الاشراف على العمل العبودي في هذه الملكيات الواسعة( ).والسبب الرابع - هو الصعوبات المتزايدة في تنظيم الانتاج وزيادة انتاجية العمل في هذا النوع من الملكيات الكبيرة لصعوبة استخدام اساليب التعاون البسيط والتخصص في العمل،وضرورة فتح سبل جديدة للتنظيم المذكور عن طريق خلق حوافز ذاتية للعمل(تمليك شئ من وسائل الانتاج للمنتج واعطائه جزءا من المنتوج)مما يتنافى بالطبع مع الاسس الاقتصادية للنظام العبودي. ومنذ نهاية القرن الثاني للميلاد،تبدأ عملية اجتماعية معاكسة تماما لعملية نشوء النظام العبودي،عملية تنحل فيها العلاقة المباشرة بين المنتج(العبد)ومالك وسائل الانتاج(مالك العبيد)لتحل محلها علاقة غير مباشرة بين الطرفين،علاقة يتم فيها الارتباط العضوي بين المنتج(العبد او الكولون او الحرفي) ووسائل الانتاج(الارض او المواشي او المشغل).لقد حل الدومين Domaine محل العائلة العبودية – حلت الوحدة التي تتكون من عدد من العمال ومقدار من وسائل العمل مرتبطة بهم دون انفصال،يرأسها مالك الوسائل المذكورة دون ان يكون له سوى سلطة محدودة جدا على العمال،محل الوحدة التي تتكون من عدد من العمال،فاقدي الحقوق تماما،يرأسها مالك مطلق،له سلطة غير محدودة على اشخاص العمال ووسائل عملهم جميعا.لقد فقد المالك الجديد بالتدريج حقوقه المطلقة على المنتجين،وكرست التشريعات الوقائع الجديدة واصبح محظورا في القرن الرابع مثلا بيع المنتج دون الارض المرتبط بها بصورة كاملة.ان اوضاع الملكيات الجديدة (اللاتيفنديات)اصبحت تختلف كليا عن اوضاع (الفيلات)العبودية القديمة.فهي من جهة قابلة للتوسع الى ما لا نهاية،لعدم ارتباطها بالسوق،ولضرورة هذا التوسع لامكانية تنظيم التبادل الداخلي الذي لم يكن يخضع للضرائب الانتاجية،ولزيادة(الريع العيني)الذي اصبح يكون دخول اصحاب الدومين.وهي من جهة اخرى اصبحت تضم عددا متزايدا من الحرفيين،ينتجون لسد حاجات الدومين وتحقيق اكتفائه الذاتي واستقلاله الاقتصادي عن المدن وخروجه نهائيا عن الدورة التجارية العامة.وهي من جهة ثالثة اصبحت تلهث وراء اكبر عدد ممكن من قوة العمل لزيادة مساحات وانتاجية الدومين.ولقد لجأت في سبيل ذلك لجميع الطرق المتصورة:شراء الاسرى كعبيد،شراء الاحرار واستعبادهم،استئجار الاسرى ككولون،استئجار الكولون من الغير،(افراد او قطاع عام)،قبول الحماية والولاء(باترون) من الكولون،قبول العمل ككولون مقابل العجز عن سد الديون،ربط المدينين وورثتهم بالارض مقابل الديون المتزايدة على الدوام..الخ.ان الاوضاع المذكورة حولت الاقتصاد في الاقاليم الرومانية الغربية الى اقتصاد طبيعي،وقد ساعد على ذلك تدهور القوة الشرائية العامة بسبب خراب الفيلات المتوسطة والصغيرة،كما ساعد عليه ايضا تدهور قيمة العملة الرومانية بسبب سياسة(التخفيض النقدي)التي كان يتبعها اباطرة الرومان كشكل مقنع للضرائب الباهضة،وقد ادى جميع ذلك الى اختفاء الريع وريع العمل(السخرة)،وهي اشكال تزيد من ارتباط المنتج بالارض وتمهد للنظام الاقطاعي. الخلاصة ان الملكيات الجديدة( اللاتيفنديات)اصبحت تمثل النقيض للملكيات القديمة(الفيلات) في الامبراطورية الرومانية الغربية :- الاولى اقرب للاقطاع بينما ترتبط الثانية بالنظام العبودي.لقد حاول ملاك الفيلات بالطبع،اللجوء للطرق الاستثمارية الجديدة والتكيف مع الاوضاع المتغيرة في عهد الازمة العامة للنظام،ولكن محاولاتهم باءت بالفشل بالنظر لعدم كفاية مساحاتهم للشكل الاستثماري الجديد،ولاعتمادهم الاضطراري على السوق لعدم اكتفائهم الذاتي،ولحاجتهم المتزايدة للنقود لسد اعبائهم الضريبية المرهقة مما يجعل تكيفهم مع الاقتصاد الطبيعي بحكم المستحيل،واخيرا لعجزهم عن حماية الكولون تجاه اعتداءات السلطات السياسية والعسكرية الطاغية،الامر الذي كان يدفع بالجماهير المنتجة المعدمة والمستضعفة الي تلمس حماية الاقوياء من مالكي(الدومينات)الجديدة.ان تدهور الفيلات ادى بدوره الى تدهور (المدن) العبودية في روما الغربية،وقد ادت جميع العوامل المذكورة بكل تفاعلاتها وتعقيداتها الى عملية انحلال وتفسخ النظام العبودي وعملية نشوء النظام الجديد،في طريق مباشرة في روما الغربية بحيث ازاحت (اللاتفينديا المتجهة نحو الاقطاع)من طريقها،الفيلا الرومانية،كما ازاحت الطبقات الجديدة(كبار الملاك والفلاحون التابعون للارض)الطبقات القديمة(العبيد ومالكي العبيد).ولم يبق الا تصفية(الدولة العبودية)ومخلفات اشكال التملك العبودية،التي كانت تحد من حقوق الكولون على وسائل انتاجهم الحية او الميتة،وعلى جزء من منتوج عملهم،لاقامة النظام الاقطاعي.
ثامنا – بعد دراسة الاقاليم الغربية تنتقل المؤرخة شتايرمان لدراسة الوضع في الاقاليم الشرقية للامبراطورية الرومانية،فتلاحظ المؤلفة بحق بأن الفتح الروماني في الشرق لم يحدث نفس الآثار العميقة التي احدثها في الغرب،وذلك لعدة اسباب،اهمها بطء التطور العام في الشرق وارتفاع مستوى المهن والتجارة والعلاقات السلعية النقدية في الشرق قبل الفتح الروماني،ونمو المدن في فترة مبكرة جدا،وعدم طغيان العلاقات العبودية في الشرق كما حصل في اليونان وايطاليا مثلا بنتيجة الفتح الروماني.لاشك ان الفيلات العبودية وجدت في اقاليم الشرق الرومانية ايضا،ولكنها لم تلعب الدور الرئيسي كما كانت الحال في الغرب،اما وضع(العمل) في القطاع الزراعي فقد كان متدرجا غير حدي،كان وسطا بين العبودية والقنانة،ولقد لعبت(الكومونة) دورا هاما في النظام العبودي الشرقي.كذلك كان نظام(الكولون)منتشرا فيها،ليس فقط في المقاطعات الكبرى(اللاتيفنديات)كما كان الحال في الغرب،بل حتى في المقاطعات الاصغر مساحة.ولقد اصبح النمط الحاسم في فترة مبكرة نسبيا.ومن الحقائق الجديرة بالذكر هي ان العبيد انفسهم استخدموا في نظام الكولون في الشرق الروماني منذ القرن الثالث الميلادي وعلى نظام اوسع،كما تشهد بذلك بعض التشريعات التي وصلتنا عن تلك الفترة( ). بعد هذا تناقش شتايرمان بعض الآراء الشائعة عن العبودية في روما الشرقية فتنفى اولا الرأي الذي يؤكد بأن النظام الاقطاعي تأخر في الشرق بالنظر للوضع القانوني الخاص للكولون،وانقسامه الى كولون احرار يتمتعون بحق التملك وكولون تابعين فقدوا هذا الحق،مما أخر تصفية النظام العبودي وعرقل التعجيل في نشوء الاقطاع.ان المؤلفة تؤكد بأن الغرب هو الآخر عرف نظام الكولون الاحرار،وتستشهد بنصوص قانونية من بعض الفقهاء الرومان(باولوس وبالاديوس مثلا)،هذا بالرغم من ان سادة الارض كانوا يحاولون حرمان الكولون من حقوق التملك في الشرق والغرب على السواء.كذلك تنفي الرأي الذي يؤكد استمرارية العبودية في الشرق مدة طويلة،بسبب بطء تطور العبودية الشرقية،استنادا الى بعض النصوص القانونية والادبية التي تذكر وجود العبيد في مرحلة متأخرة في اقاليم الشرق.ان شتايرمان تؤكد،على العكس،ان وجود العبيد شئ ووجود النمط العبودي شئ آخر،وكل ما يمكن تأكيده في هذا الصدد هو استمرار مخلفات العبودية ضمن النظام الاقطاعي الجديد في الامبراطورية الرومانية الشرقية.كذلك تنفي المؤلفة اعتبار استمرار وجود المدن والعلاقات التجارية والنقدية وارتفاع مستوى المهن( ) دليلا على استمرار النمط العبودي في روما الشرقية،ذلك لأن هذه القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الهامة نشأت في الشرق قبل تطور العبودية واستمرت ايضا بعد زوالها ولم تكن مرتبطة عضويا بالنظام العبودي او نتيجة من نتائجه،كما كانت الحال في روما الغربية،كما انها لم تقض نهائيا على حيوية(الكومونة) الشرقية كما حدث ذلك في الغرب،بل على العكس استطاعت الكومونة نفسها ان تتكيف مع تطور النظام العبودي،وان تقاوم التفسخ والانحلال مدة طويلة جدا،وقد كان من نتائج استمرار الكومونة في النصف الشرقي من الامبراطورية الرومانية،ان بقى القطاع العام العبودي(ملكية الدولة للارض)يلعب دورا هاما في النظام،عكس الحال في الغرب الروماني،حيث سادت الملكية الخاصة العبودية بعد ان صفيت نهائيا(الكومونة البدائية).كما كان من نتائجه ايضا عدم تأثير الازمة العامة للنظام العبودي في الشرق بنفس العمق الذي احدثته في الغرب بالنظر لأهمية(الكومونة) في اقتصاديات الشرق.وقد انعكس ذلك ايضا على الاستقلال النسبي لمصير( المدينة )الشرقية عن مصير النظام العبودي،لأن المدينة الشرقية لم تكن مجرد تجمع لملاك العبيد – كما كان الحال في الغرب – بل تجمع لملاك الارض الذين يمارسون مختلف اشكال الاستثمار(العبيد،الكولون،المستأجرون الاحرار..الخ)،ولهذا فلم تختفي المدن الشرقية بكل مؤسساتها وقطاعاتها المعروفة باختفاء النظام العبودي او فقدانه السيادة،خلال العهد الامبراطوري( )،بل بقيت المدن تلعب دورها الهام في الحياة الاجتماعية والاقتصادية الى جانب الكومونة ونظام الكولون ونظام الاجارة الزراعية Metayage.ومن الحقائق التي تهتم شتايرمان بابرازها عدم ارتباط الانتاج السلعي في روما الشرقية بالعمل العبودي،فقد كانت غالبية السلع السوقية تنتج في القطاعات غير العبودية(العمل الحرفي الحر او عمل الاقنان خاصة في المشاغل الامبراطورية)مما ادى الى استمرار هذا القطاع الهام بالرغم من ازمة النظام العبودي.وقد كان لهذا الواقع نتائج اقتصادية هامة،تذكر المؤلفة بعضها فيما يلي: أ – عدم وجود فروق هامة بين اشكال الاستثمار في الملكيات الكبيرة(الدومينات)والملكيات الوسطى في الشرق،كما كانت الحال في الغرب،ولهذا فقد سارت عملية التحول نحو الاقطاع في الشرق،ليس بطريق تبدل جذري في نمط الاستثمار(من العبودية الى القنانة،من العلاقات السلعية الى الاقتصاد الطبيعي،من الاعتماد على السوق الى الاكتفاء الذاتي.. الخ)بل بطريق الصراع بين انواع الملكيات المختلفة(خاصة بين الملكية الخاصة من جهة وملكية الدولة من جهة اخرى)حول الاستحواذ على اكبر عدد ممكن من الكولون المربوطين بالارض،والاستيلاء على فوائض انتاجهم. ب – عدم تضرر الملكيات الوسطى في الشرق بشكل الاستثمار الجديد،وقدرتها على التكيف مع الاوضاع الاقتصادية المستحدثة واستمرار الطابع السوقي لانتاجها،مما ساعد على استمرار الاسواق المحلية في النظام الجديد،وقد لعبت التجارة مع بلدان الشرق الاقصى والادنى دورا بارزا في ذلك. ج – اتخاذ (الريع) في النظام الجديد،لحد كبير جدا،شكل (الريع النقدي) في الملكيات الكبيرة والوسطى،مما ساعد بعض الاباطرة(انستاس مثلا)على اعادة الضريبة النقدية.والواقع ان المؤلفة تميل الى الاعتقاد بان النمط السائد للريع في الدومينات الكبيرة الشرقية كان النمط العيني،بسبب مشاركة اربابها بنشاط في التجارة واستفادتهم بالنتيجة من هذا الشكل للريع،مع وجود الشكلين الآخرين ايضا،النقدي والسخرة.اما في الملكيات الوسطى التابعة للمدن(الملكيات البلدية) او المملوكة للامبراطور،حيث كانت الضرائب تفرض على الكومونات ككل،فتعتقد المؤلفة ان الريع النقدي هو الذي كان يسودها.وهذه الحقيقة هي التي تفسر في نظر المؤلفة استمرار (الكومونة الفلاحية)كوحدة ضريبية،واستمرار النصوص الرومانية في الكلام عن(كولون احرار)اي يتمتعون باستقلال نسبي بالنظر لارتباطهم بالشكل النقدي للريع،خلاف الحال في كولون الملكيات الكبيرة،الذين بلغت تبعيتهم للارض ومالكها حدا يقترب جدا من وضع القنانة الكاملة. د- التناقض الحاد الذي اصبح يفصل عامة المدن(Plebe)عن اصحاب الدومينات الكبيرة،الذين وسعوا ملكياتهم على حساب اراضي المدن ورفضوا الالتزام باطعام العامة.وقد انعكس هذا التناقض الاجتماعي في صراع آيديولجي حاد بين المفكرين الرومان لتلك الفترة،فانتصر بعضهم مثلا( Dion Cassius) لكبار الملاكين وطالب بالغاء الاستقلال الاداري للمدن وقهر العامة وارغامهم على العمل بينما انتصر البعض الآخر( مثلا ابولونيوس التياني Apollonius de Tayne للمدن وفقراء المدن،وهاجم جشع الملاكين واحتكارهم للطعام واجاعة العامة. وتنتهي المؤرخة السوفياتية من تحليلها للعبودية في الاقاليم الرومانية الشرقية الى هذه النتيجة : ان قوة(الدولة) الرومانية الشرقية ومركزيتها واستقرارها النسبي،بسبب العوامل السابق ذكرها(استقرار المدن،استقرار الكومونات،اهمية الدومنيات الامبراطورية اسناد طبقة الملاكين الكبار ..الخ)ليست دليلا،كما يتوهم البعض،على ازدهار العبودية الشرقية،بل على العكس،بدأت الاتجاهات الاقطاعية في الشرق الروماني في وقت مبكر،الا ان عملية التحول الى النظام الاقطاعي بشكله الغربي استغرقت فترة طويلة جدا،مع الاحتفاظ بالريع النقدي،بجميع الآثار المترتبة على ذلك.
تاسعا – واخيرا تنتهي شتايرمان في دراستها الطويلة الى الاستنتاج التالي : ان ما يسمى بـ (ازمة القرن الثالث) في النظام الروماني لم يكن الا تعبيرا عن الصراعات أ – بين (ارستقراطية الارض المتجهة نحو الاقطاع ) Aristocratic Terrianne en voie de feodalisation ممثلة النمط الجديد للانتاج وبين الفئات الاجتماعية المرتبطة بنمط الانتاج العبودي المتدهور وبالملكية العبودية . ب- بين المنتجين المباشرين المندمجين في كتلة عريضة من الزراع التابعين و المتجهين الى القنانة و بين الطبقات المسيطرة .ومن هذه الحقبة بدأت غزوات الشعوب البريرية ضد روما ، وكانت لم تزل حليفة الجماهير الرومانية،الا أنها بدأت منذ تلك الفترة تستخدم من قبل ارستقراطية الارض الجديدة ومن قبل جميع العناصر المعارضة لروما لاغراضها الخاصة ، تلك الطبقات والعناصر التي اشتركت في الصراعات الاجتماعية في جميع الاقاليم الرومانية على اختلاف في مواقفها ومناهجها،حسب الاوضاع العامة للاقاليم المذكورة،ومن المعلوم ان(ازمة القرن الثالث)انتهت بهزيمة الفئات العبودية القديمة:اقتصادياً،حل الكولون محل العبيد،و سياسياً استبدلت الامبراطورية التي كانت تمثل جمهرة سادة العبيد(Principat)بامبراطورية تلعب فيها دور الاداة الارستقراطية الارض(Dominat).لقد أضفى الامبراطور قسطنطين مثلاً الشرعية على ربط الكولون بالارض،مما سهل استخدام اساليب الاستثمار الجديدة،كما انه وجه ضربات قاضية للمدن والبلديات بزيادته اعبائها المالية،وسماحه للارستقراطية العقارية بدخول (مجلس الشيوخ)..الخ،مما اطلق العنان لنمو العلاقات الاقطاعية التي كان نظام البلديات يشكل احدى العقبات الاساسية التي تعترضها.وهنا تدخل المؤلفة في مناقشة حادة مع الرأي الذي يعتبر حكم قسطنطين(ردة عبودية)Reaction استناداً الى بعض القوانين التي شرعها لاحكام قبضة السادة على العبيد.ان حجة المؤلفة في تفنيد هذا الرأي هو ان المخلفات العبودية نفسها لا تغير من جوهر التطور الجديد،بل هي نفسها استخدمت لزيادة سيطرة الارستقراطية العقارية على جميع المنتجين التابعين،من المستثمرين( بفتح الميم )الجدد.وترى المؤلفة بأن الامبراطور قسطنطين لو كان قد عمد الى مصادرة اراضي الارستقراطية فوزعها على المدن و البلديات او أجرها لمستأجرين جدد واستخدم في استغلالها العمل العبودي،لأمكن حقاً الكلام عن ردة عبودية،ولكن اهداف قسطنطين من تشريعاته كانت مناقضة لكل ذلك.لقد انتصرت الملكية الخاصة على الملكية العامة للارض نهائياً،واصبح الممثل الاساسي للاخيرة هو(الملكية الامبراطورية) وليس (الملكية البلدية)، بل حتى هذه الاراضي الامبراطورية كانت تنتقل تدريجياً حوزة(الاسر الامبراطورية) او لمستأجرين كبار ينتمون لنفس الارستقراطية العقارية.وتنتهي شتايرمان من مناقشتها لطبيعة الحكم القسطنطيني الى التأكيد على ان دولة قسطنطين كانت في الواقع تكريساً لانتصار الطبقة الارستقراطية الجديدة المسيطرة اقتصادياً والمستثمرة للمنتجين المباشرين،الحائزين على وسائل انتاجهم،والمرتبطين لا بسيد معين بل بالارض فقط ،والذين لم يعودوا (عبيداً). بالمعنى الكامل للكلمة.انها كانت (الجهاز) الذي تستخدمه هذه الطبقة في كفاحاتها لا ضد الفئات العبودية القديمة بل ضد الحركات الثورية الجماهيرية.وهذا وحده هو الذي يفسر النجاح المؤقت والقوة النسبية لحكم قسطنطين،الذي كان ضرورياً لفترة معينة لاسناد ارستقراطية الارض.وابتداء من حكم قسطنطين لم يعد من الممكن الكلام عن وجود (نظام عبودي) كشكل للمجتمع،بل بالاحرى يمكن ربط هذه الفترة باقامة النظام الاقطاعي،وهي فترة مليئة بالصراعات ضد مخلفات العبودية.اما كون الكولون في تلك الفترة لم يتملكوا بعد وسائل انتاجهم ملكية كاملة كما هي حال الفلاح الاقطاعي او ان(البروليتاريا الرثة)الطفيلية استمرت في الاقاليم الشرقية،او تحول الدولة الى جهاز بيروقراطي ثقيل اصبح علة على الطبقة المالكة الجديدة خاصة في الغرب..الخ،فتلك حقائق تاريخية لا تمثل الا استمرار (مخلفات)النظام العبودي،وقد امكن القضاء عليها تدريجاً بنتيجة الحركات الثورية للجماهير من جهة والغزوات الاجنبية للبرابرة من جهة اخرى.صحيح انه امكن سحق هذه الانتفاضات الجماهيرية في أواخر القرن الثالث الميلادي،الا انها عادت للانبعاث بقوة متعاظمة في منتصف القرن الرابع مع ازدياد هجمات البرابرة.وما كان بالامكان تصفية تلك المخلفات العبودية دفعة واحدة بل استغرق ذلك فترة طويلة جداً مع تعاقب موجات الغزو الاجنبي،وانبعاث (الكومونة) من جديد على يد القبائل السلافية والجرمانية الغازية.ومن الجدير بالذكر ان الطبقة المالكة،اتحدت مصالحها في البداية مع مصالح نقيضها الطبقي(الجماهير المنتجة) في ضرب المخلفات العبودية :- الدولة العبودية والمدينة العبودية والبروليتاريا الرثة العبودية..الخ،ذلك لان هاتين الطبقتين تمثلان(النظام الجديد) ضد (النظام القديم)،ولم يحتدم الصراع الطبقي بينهما الا في فترة لاحقة وعلى اساس جديد هو نمط الانتاج الاقطاعي،في سبيل التصفية الكاملة للمخلفات العبودية وفي سبيل الاستحواذ على الارض.اما مصير هذا الصراع بين الطبقتين الجديدتين فقد كان معلقاً على تفاعل عدة عوامل متشابكة ومعقدة :- قوة الحركات الجماهيرية ، الاحلاف مع الغزاة الجدد ، درجة انحلال المشاعية البدائية لدى القبائل الغازية ، العلاقات المعقدة بين فئات و مراتب الطبقة المالكة الجديدة ، مستوى تطور الاقتصاد السلعي ، الاشكال المختلفة للريع والشكل السائد من بينها ، وربما عدد آخر من العوامل التي لا يمكن تشخيصها الا بدراسة معمقة و حسية لمختلف اقاليم الامبراطورية الرومانية في تلك المرحلة التاريخية الهامة.والمهم ان هذا التحليل لا يتعارض مع استمرار الدولة المركزية و المدينة الكبيرة في الاقاليم الرومانية الشرقية،لأن ذلك مرتبط – كما اشرنا بتنوع اساليب الاستثمار ،بما في ذك استمرار (الاستثمارة الفلاحية الصغيرة؛) المبنية على العمل العبودي المنزلي او الابوي( )،الا ان هذه الاساليب كانت ثانوية.اما النمط الاساسي فقد كان استثمار الكولون،حيث تملك الطبقة الجديدة قلاعها وجيوشها ووحداتها العسكرية الخاصة(من مرتزقة وعبيد)،كما ان التعاون بينها وبين الدولة كان تاماً ،وموضحاً تفصيلاً في عدة تشريعات تذكر منها المؤلفة على سبيل المثال مرسوم 451 ميلادي،الذي ينظم كيفية القبض على قطاع الطرق المختفين في الدومين وتسليمهم للسلطة بما في ذلك الاستعانة بالميليشيا المدنية Civilia Auxilia و(الجيش النظامي). ومن الواضح ان الهدف من ذلك هو قمع الانتفاضات الفلاحية. ختاماً تنهي المؤلفة شتايرمان مقالتها بالفقرة الآتية التي انقلها حرفياً لأهميتها:وهكذا فان الازمة العامة للنظام العبودي تبتدئ في النصف الثاني من القرن الثاني للميلاد.وفي القرن الثالث ينتهي الصراع بين الاشكال القديمة والاشكال الجديدة للاقتصاد بانتصار الجديد.وفي بداية القرن الرابع الميلادي لم يعد من الممكن الكلام عن وجود الشكل العبودي او وجود طبقتي العبيد ومالكي العبيد باعتبارهما طبقتين رئيسيتين وحاسمتين.وهنا تبتدئ مرحلة انتقالية Periode de transition مليئة بحركات الجماهير الثورية وبالصراع ضد بقايا العبودية التي تعرقل تطور النظام الجديد.وتنتهي هذه المرحلة مع اقامة العلاقات الاولى الاقطاعية،بأشكال تقررها الشروط التاريخية الحسية لكل اقليم من اقاليم العالم الروماني القديم. ان ملاحظاتنا على دراسة (شتايرمان ) الممتعة هي عدم وضوحها في استنتاجيتها النهائية وامكان تفسير صياغتها بمعان مختلفة،وقد تعطي بعض صياغاتها الانطباع بانها تعتبر بداية النظام الاقطاعي ترجع الى زمن الامبراطور قسطنطين،الا ان مجموع حجمها يمكن تفسيرها – على الارجح – بالشكل التالي :- 1. ان بداية الازمة العامة للعبودية في روما هي منتصف القرن الثاني للميلاد 2. ان سيادة نمط الانتاج العبودي انتهت في القرن الثالث للميلاد وحلت محلها سيادة نمط انتاجي جديد هو نمط الانتاج(الكولوني). 3. ان هذا النمط الاخير يمثل مرحلة انتقالية نحو النمط الاقطاعي الذي ساد اوربا في العصور الوسطى . والذي اعتقده هو ان نقطة الضعف في هذه الاستنتاجيات – ان صحت تفسيراتي لها – هو اعتبار النمط الكولوني مرحلة انتقالية من جهة ونمطاً انتاجياً سائداً بنفس الوقت من جهة اخرى،في حين ان انماط الانتاج الانتقالية في التاريخ تكون بطبيعتها انماطاً ثانوية تتوسط الانماط الرئيسية وتجمع بين خصائصها المختلفة و تمثل المراحل الاخيرة من النمط القديم والمراحل الاولى من النمط الجديد في نفس الوقت،مثال ذلك،المشاعية الاقليمية،والعبودية العائلية،ونظام التوزيع الحرفي،(ما يسمى Verlag).. الخ.ونحن نميل الى اعتبار نظام الكولون هذا من جملة هذه النظم الانتقالية التاريخية،ولقد احتل دور(الحلقة)التاريخية بين نظامي العبودية و الاقطاع،ولم يرق الى مرتبة نمط انتاجي اساسي يقوم عليه بناء مجتمعي كامل،على غرار الانماط الاساسية المعروفة لتطور المجتمع الانساني،بل على العكس من ذلك،اتخذ في البداية شكلاً عبودياً،اي لجأ اليه النظام العبودي كوسيلة(تكيف) للظروف الجديدة،وسيلة(اصلاح) توفيقية لانقاذ اسس العبودية،ولكن،كما يحصل دائماً في التاريخ الاجتماعي،انقلب هذا النظام(الاصلاحي)الى نقيض(الغرض) الذي قصد منه،وانتهى الى نمط انتاجي جديد قام على انقاض العبودية،هو النظام الاقطاعي.
الهوامش
1. نشرت هذه الدراسة بالفرنسية،بعنوان: E. Chtearman - la chute du regime Esclavagiste 2. حتى ان بعض المؤرخين يذهب الى حدوث ردة عبودية بعد سقوط روما بسبب تشدد القوانين في معاملة العبيد(راجع بعض من هذه النصوص القانونية في المرجع السابق ص 114). 3. راجع انكلز – اصل العائلة- الترجمة الفرنسية،طبعة الايدسيون سوييال 1954،ص 275. 4. راجع دراسة ستوزيونوف Stouziounov (الكفاح الطبقي حول الالعاب في الامبراطورية الرومانية الشرقية)،1952. 5. مثال ذلك المؤلف الجماعي السوفياتي (تاريخ العالم القديم) باشراف ديكوف ونيكولوسكي Dikov-Nikolosky/ 1952. 6. من هذا الرأي سرجييك وماخين Machine وكوفاليف (في دراساته الاخيرة) ومتريولسكي في المؤلف الجماعي(خلاصة التطور الاجتماعي،بالترجمة الانكليزية،الفصل المتعلق بروما). 7. كان الحكم الجمهوري خاصة في مراحله الاولى لا يزال يمثل مرحلة انتقالية بين النظم السابقة للعبودية والنظام العبودي.وفي نظرنا كان يمثل مرحلة نشوء العبودية الرومانية قبل سيادة نمط الانتاج العبودي. 8. يلخص انكلز اسباب سقوط النظام العبودي بانه لم يعد مجزيا وان جماهير العبيد اصبحت عبئا على الانتاج،ولم يذكر(الاكراه)بين اسباب سقوط النظام.(اصل العائلة،الترجمة الفرنسية المذكورة،ص 138). 9. ان آثار الكتاب الرومان لتلك الفترة قاطعة بهذا المعنى،امثال بليني Pliny وجوفنال Juvenal(راجع مقتبسات من كتاباتهم،حاشية ص 122 من المؤلف المذكور،بالفرنسية. 10. راجع في تطور عملية الانحلال المشار اليها في المتن:ماركس (تخطيطات نقد الاقتصاد السياسي)،الاصل الالماني،1953،ص 380..Grundrisse,Berlin,1953.. 11. راجع النصوص القانونية في المؤلف الجماعي المذكور،ص 127،بالفرنسية. 12. فيما يتعلق بهذه العملية خلال القرنين الرابع والخامس الميلاديين راجع دراسة لينفشنكو Levtchenko(مواد لدراسة تاريخ الامبراطورية الرومانية الشرقية في القرنين الرابع والخامس الميلادي)1945- حيث تجد اشارات الى بيع الاباطرة اكثر اراضي الدولة لكبار الملاكين باثمان تافهة. 13. كان هذا راي انغلز في مقالته المشهورة (برونو باور والمسيحية البدائية)ايار،1882. 14. لعل ما جاء في (البيان الشيوعي)،الترجمة الفرنسية،ص 29 حول هذه المسألة يشير الى مصائر النظام العبودي. 15. ترك لنا الرومان مؤلفات زراعية حافلة بالمعلومات في هذا الصدد من اهمها دراسة بالاديوس Palladius عن الزراعة. 16. راجع اوستروفتيانوف Ostrovitianov في كتابه (ابحاث في اقتصاد النظم السابقة للرأسمالية)،1945. 17. ماركس (رأس المال)،الجزء الثاني،ص18،طبعة الاديسيون سوسيال،1951،بالفرنسية. 18. راجع حول هذه النقطة (رأس المال )،الجزء الثالث،الاصل الالماني،1951،ص364. 19. التقنيات الرومانية التي وصلتنا قاطعة في هذا التمييز القانوني للعبيد واخراج العبيد المرتبطين بالارض فقط (والذين يمارسون العمل الزراعي بطريقة الكولون) من مفهوم العبيد (راجع النصوص في مجموعة جوستنيان في المؤلف المذكور،ص 137). 20. ماركس (تخطيطات نقد الاقتصاد السياسي)،الاصل الالماني،برلين،1953،ص386.Marx-Grundrisse der Kritrik der politischen okonomie. 21. ان التغير الذي حصل لم يكن في اتجاه (تحرير العمل) نهائيا،كما يزعم بعض المؤرخين البورجوازيين(وسترمان وروستوفتزيف) مثلا، بل في اتجاه (العمل المرتبط بالارض)، في اتجاه القنانة. 22. سبق لماركس ان ابدى هذه الملاحظة في (رأس المال)،الجزء الثالث،الاصل الالماني،برلين،1951، ص 818. 23. راجع انغلز حول دور التجارة التفسيخي (الرد على دورنغ)،الترجمة الفرنسية، ص 222. 24. راجع عدة نصوص في هذا المجال في المؤلف الجماعي المذكور،حاشية ص 142،بالفرنسية. 25. راجع حول جميع هذه النقاط دراسة شتايرمان(العبودية في الاقاليم الغربية للامبراطورية الرومانية في القرنين الثالث والرابع)،1951. 26. يميز ماركس بين نظام العبودية المنزلية والعبودية المتطورة،على هذا الاساس الانتاج للاستهلاك ام للسوق؟(رأس المال،الجزء الثالث،الاصل الالماني،1951،ص 837،855). 27. راجع عن اهمية وظيفة الاشراف على عمل العبيد في النظام العبودي،ماركس(رأس المال،الجزء الثالث،الاصل الالماني،ص 419). 28. راجع بعض النصوص في المؤلف الجماعي المذكور،ص 149،بالفرنسية . 29. العمل الاساسي في قطاع المهن كان عملا حرا وليس عبوديا في الشرق،عكس الحال في الغرب الروماني. 30. يؤيد كثير من المؤرخين الاشتراكيين فقدان العبودية في الشرق طابعها السائد خلال العهد الامبراطوري،بعد ان ازدهرت خلال العهد الهيليني وبداية السيادة الرومانية( راجع مؤلف رانوفيتش Ranovitsch الاقاليم الشرقية للامبراطورية الرومانية،1949)،كما انهم يؤكدون ( الطابع الرجعي ) للفتح الروماني،بالنظر لان نظامه العبودي في فترة فتوحاته الشرقية كان في دور التفسخ والانحلال ( راجع مؤلف باخانين Bakchanine حول سقوط النظام العبودي القديم 1952). 31. تستشهد المؤلفة هنا بتشريعات رومانية من القرن الخامس الميلادي تصف حالة (العبيد) في هذه الاستثمارات الفلاحية،وهي حالة قريبة من العبودية المنزلية،فمثلاً كان للعبد حق الزواج،حتى من امرأة حرة..الخ(المؤلف الجماعي المذكور، ص157،بالفرنسية).
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 17
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 16
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 15
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 14
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 13
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 12
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 11
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 10
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 8
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 7
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 6
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 5
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 4
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 3
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 2
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 1
-
العلوم والتكنولوجيا في العراق
-
التهجير القسري في الادب السياسي العراقي الراهن
-
القوات المسلحة العراقية اليوم الوليد الضال للشعب العراقي
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|