أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - التأريخ يبدأ من آدم المتعلم















المزيد.....

التأريخ يبدأ من آدم المتعلم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 01:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم يكن قبل آدم المتعلم إنسان

هذا الإنتاج الحضاري والمعرفي الذي أوجده آدم وبنيه على الأرض بالقصدية الإصلاحية والأعمارية, لم يدركه المخلوق الذي سبقه على الأرض والذي قدر وجوده المتيقن منه بأكثر من مليون سنه بل جل ما اكتشف كان عبارة عن أدوات حجرية وخشبية وعظمية تستخدم للقتل والقتال ولم يكن لهذا المخلوق بالرغم من طول مدة مكوثه في الأرض لا أبجدية حرفية ولا صوتية مما ينفي عنه صفة التألف والتعارف والتواصل الجمعي والاجتماعي مما يدل على أنه كان يعيش حياة حيوانية بامتياز لا تختلف كثيرا عما نشاهده اليوم في عالم الحيوان المعاصر.
لقد أورد الكثير من علماء الأثار هذه الحقيقة الحيوانية للمجموعات المخلوقة والتي سكنت الأرض دون دليل على أنها كانت إنسانية الطبع أو أن لها حضارة بشكل أو بأخر بل جل ما اكتشفوه عبارة عن مرموزات معينة تفيد التواصل بين القطعان الحيوانية التي نشاهدها اليوم ((حيث يجثم عشرات الباحثين على الارض ويعملون ببطء ومثابرة في موقع اتابويركا الاثري في اسبانيا ،في حفريات سمحت في عام2007باكتشاف تاريخي لبقايا أحفوريه تعود الى "الاوروبي الاول" هذا الموقع القريب من مدينة بورغوس له شهرته الواسعة والذي يعتبر من الاهم في اوروبا.
ويتذكر خوسيه ماريا برموديث دي كاسترو واودالد كاربونيل اللذان يشاركان مع آخرين في ادارة هذا المشروع، المراحل المهمة لهذا الموقع الغني جدا الذي عثر فيه على اكتشافات مهمة، اعطت فكرة عن نمط حياة انسان ما قبل التاريخ ولفت هذان الباحثان الى ان سكان اتابويركا الاوائل الذين استقروا قبل اكثر من مليون سنة في هذه المنطقة الواقعة في شمال اسبانيا والممتدة على مساحة 13 كلم2،لقد افادوا من "موقع مهم" يحوي مغاور ويتمتع بمناخ جيد وبيئة غنية بالنبتات والحيوانات ويقع عند ملتقى نهرين.
ومن جهة اخرى قال دي كاسترو ان الحفريات الاولى تعود الى العام 1978,تلتها في العام 1984حفريات اخرى نتج عنها العثور على150بقايا بشرية صغيرة, وتابع "في العام 1992 عثرنا على بقايا كاملة سليمة من بينها الجمجمة الاكمل الوحيدة التي لم يعثر على مثلها لبشري من قبل وعمرها اكثر من300الف سنة بعد سنتين اكتشف علماء الاثار بقايا عمرها 800 الف سنة وتعود الى الاوروبيين الاوائل وقد اطلق عليهم اسم اومو انتيسيسور واكتشف الباحثون العام 2007في الموقع المعروف باسم "هوة الفيل" فكان يعود تاريخه الى 1,2مليون سنة، وهو اقدم اثر بشري في اوروبا.
وأشار دي كاسترو نعلم مثلا ان "اومو انتيسيسور" كان من اكلي لحوم البشر وتابع كبنية جسدية كان اقصر منا بقليل غير ان لديه شكلا خاصا مع قسمات وجه قديمة وعصرية في الوقت عينه وقد تم العثور في هذا الموقع ايضا على بقايا "اومو سابيانس (الانسان العاقل)وبقايا اقدم منها تعرف باسم "اومو هايدلبر غنسيس (عمرها اكثر من 500الف سنة) ويعتبر هذان النوعان تطورا لنوع اومو انتيسيسور)) .
لم يكن المخلوق الشبيه بالإنسان الآدمي هذا عاقلا ولا منتج للمعرفة ولم يترك أثارا تدل على هذا الإنتاج أو تشير له بل كل ما هنالك هو مسلك حيواني يتمثل بأكل لحوم بعضهم البعض بل وتقطيع وتهشيم الأجساد والتهام ما يجود به صيدهم فقط مما يدلل على حالة الهمجية الحيوانية التي عاشتها تلك المخلوقات عبر ملايين السنين, في حين أننا نشهد وفي بعض الأف السنين أنتج الإنسان من سلالة آدم الكثير من المعرفة والعلم والدين والقيم الحضارية التي تنبع عن إنسان سما بتصرفاته عن صفة الحيوانية المطلقة, وهذا ما يمكن أن يبرر لنا قول الله (إني أعلم ما لا تعلمون).
من المؤكد بأن الملائكة كمخلوقات عاقلة ومدركة ومتعلمة أنها كانت تعي ما يجري في الأرض من إفساد وسفك للدماء على يد تلك المخلوقات التي سكنت الأرض قبل آدم, وأن مراد قولها والقصد منه ليس نابعا بعلم ما لم يكن, بل كان انعكاسا عن علم وصل لهم حسيا بمختلف الوسائل عن حالة الفساد والقتل المستشري في الأرض من قبل هذه الكائنات التي جسدت الحيوانية السلوكية بأبشع الصور, وهنا كان مرد الاعتراض .
لقد تصور الملائكة وبناء على المعطيات المتوفرة لديهم أن لخلق آدم من قبل الله تعالى وجعلة خليفة في الأرض سيكون كالخلق السابق وعلى نفس المنوال دون أن يلاحظوا أحقية الوصف الملحق (خليفة) والخلافة بالنسبة للملائكة لم يكن لها مفهوم محدد ولا عنوان سابق وهنا حصل اللبس في الفهم وكان الاعتراض منصبا ليس على خلق آدم وجعالته خليفة الله في الأرض ولكن على الخشية من أن تكون التجربة تكرار لما هو في واقع حال الأرض من أفسدا وسفك للدماء.
في التجربة الحسية التي أدركتها الملائكة خلصت إلى نتيجة مهمة مفادها أن الخلق الجديد والذي لم يكن بعد ولم يشاهدوه فهو لازال طور مشروع وخبر بالإمكان, ترى فيه من خلال تلك التجربة التي مرت بالأرض أن المخلوق الجديد لم يكن من المحتم من شاكلتها ولا من شاكلة الجن الذين تعاملوا معه من خلال وجود إبليس معهم ولا مما عرفوا من خلق الله السابق, أنه مشروع بالنسبة لهم طارئ وخارج السياقات التي يدركونها, ولكن أثار هذا الخلق المتأخر الريبة في ظنهم أن لا يكون قادرا على الامتثال للمهمة الموكلة إليه وهي بلا شك ليست بالهينة, فهم أدوات الله لتنفيذ المهام في السموات والأرض, أذا لا بد أن يكون هذا الخلق استثنائيا.
الاستثنائي في هذا الخلق كما ورد في الروايات النصية هو العقل الذي كيفه الله وكونه على الطاعة الاختيارية وليست على الطاعة المطلقة التي لا يمكن أن تنازعها نفس أمارة بالسوء, ففي الرواية نجد هذا التصور واضح جدا أنه استثناء لم تعرفه الملائكة المطيعة ((عن علي بن الحكم عن هشام قال ,قالَ أبو عبد الله عليه السلام{لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك بك آخذ وبك أعطي وعليك أثيب})),لكن السؤال المثير هنا هل هو العقل المشترك لكل المخلوقات العاقلة أم فقط عقل الإنسان الذي أعطاه الله هذه الحيثية.
من معطيات الفهم الرسالي ومن خلال استقراء النصوص والروايات الواردة يمكن التيقن بأن هذا العقل الذي يشار له هو العقل التكليفي الخياري وليس العقل التكليفي المطلق الذي انطبعت حياة الملائكة عليه, فهي كمخلوقات عاقلة ليست لها أرواح متدرجة ومتوالية كما عند الإنسان فهي مأمورة بالإطاعة المطلقة وبالتالي فيكون موضوع المسائلة لا قيمة له في ضوء ما تتميز به الملائكة من معصومية{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ }فصلت38,
إذا نستخلص من ذلك أن العقل المخلوق والذي خاطبه الله تعالى على سبيل الامتحان هو العقل المكلف باختياره بين الطاعة والمعصية يستوي في ذلك الجن والإنسان باعتبارهما ممن ينطبق عليهم الوصف هذا, وبما أن الجن كما نعلم من النصوص أنه مخلوق قبل الإنسان, فيكون العقل هذا مخلوق قبل الإنسان, وعندما أخبر الله تعالى الملائكة أني جاعل في الأرض خليفة, هذا يعني أن الخلافة لا بد لها من عقل يدركها ويدرك ما تحمل من معاني ومسئوليات وتكاليف وبالتالي فيكون شرط العقل هنا هو ما جعل الملائكة أن تبادر للسؤال الاستفهامي من الله عن سلوكيات هذا المخلوق النازل للأرض, وعن كيفية تعامل العقل مع الوظيفة بأعتبار أن العقل سلاح ذو حدين.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يكن قبل آدم المتعلم إنسان
- هل حقيقي أن ابن آدم هو أول إنسان ؟.
- حقيقة الخلق الأول
- أبن آدم أول من زرع وحصد وسكن البيت
- الماء وأشياء أخرى
- الصلاة البعيدة _ قصة قصيرة
- الإنسان أبن آدم والحيوان شبيه الإنسان
- مفهوم قضية الخلق في النص الديني
- قراءات في أساطير الخلق الأولى ح3
- المقومات المشتركة بين الأساطير
- قراءات في أساطير الخلق الأولى ح1
- قراءات في أساطير الخلق الأولى ح2
- لماذا يكذب الله علينا ؟.
- نكوص العقل الجمعي عن مدارات الضروريات
- الدكتور علي الوردي ومفهومه للثقافة
- المجتمع العراقي وقضية الحرية
- الدكتور علي الوردي ومقدمة في النشأة الأولى لنظريته الأجتماعي ...
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية 2
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية
- نظرية السلام ورؤية الحرب


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - التأريخ يبدأ من آدم المتعلم