|
لاتتركوا طالبات العراق وحدهن!
فارس محمود
الحوار المتمدن-العدد: 4608 - 2014 / 10 / 19 - 23:04
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
طالبات كلية البنات في جامعة بغداد في تظاهرات وحركات احتجاجية مستمرة ومتواصلة نوعاً ما. تاتي هذه الحركات احتجاجاً على قيام وزير التعليم العالي سيء الصيت بإصدار قرارا بفصل كلية البنات عن جامعة بغداد. ان حركة "الطالبات" هي مبعث احترام وتقدير ودعم كل انسان لديه ذرة شعور بانسانية الانسان وحقوقه. تاتي هذه الخطوة امتداداً لمسلسل اسلمة المجتمع. من الواضح ان السادة في الحكومة العراقية هم في مسعى حثيث لاسلمة المجتمع ودفعه للوراء صوب قرون التحجر والتخلف والعنصرية. لم تصدر هذه السلطات المليشياتية قراراً في مجتمع يتطلع لعشرات ومئات القرارات التي ترد على حاجات الناس ومتطلباتها سوى تلك القرارات المعادية للجماهير قاطبة وبالأخص المراة. ان هذا امر اكثر من متوقع من هكذا سلطة متقيحة أتت للحكم على أساس الطائفة والدين والعشيرة وغيرها. لكن ماهو غير متوقع هو انك ترى هذه التظاهرات، ولاترى هناك طالب او أستاذ او أي امرء من خارج وسط "البنات"! أ هي هجمة على "الفتيات"؟ أ هي هجمة على طيف من الطلبة؟! اذن لماذا هم وحدهم في حركتهم هذه؟ اين طلبة (بنات واولاد) الكليات الأخرى والجامعات الأخرى؟! اين بقية الأساتذة والتدريسيين؟! أ لايعنيهم الموضوع؟! اليس هم طرف في هذه القضية؟! اذن كيف يفسروا موقفهم وسكوتهم هذا؟! كيف يفسروا وقوفهم مكتوفي الايدي وكان الامر يتعلق بكائنات وكوكب اخر؟ّ على إنسانية الانسان ان لاتقبل هذا. على الطالب بالاخص ان لايقبل ان يرى زميلته التي يقضي اكثر ساعات يومه في الدراسة والرفقة معها (حتى اكثر من اهله!) ان يقبل بهذا الغبن ويلزم الصمت. على الطالب ان يعي هذا الخطر جيداً ويعلم ان الهجمة على الطالبات هو مقدمة للهجمة عليه وعلى مجمل الحياة التعليمية التي يقضي أعوام في ظلها. ليست هذه هجمة على الفتيات! انها هجمة منظمة ومدروسة ومبرمجة على المجتمع بالأساس، على مدنيته، على معالمه الحضارية والثقافية والاجتماعية. انها هجمة على كل القيم المتقدمة والايجابية للمجتمع. لايستطيع احد ان يقول: "ان هذا لايعنيني!"، "انه يتعلق بفتيات في الجامعة!"، و"ما علاقتي بالامر؟!" لان النار، نار هذه السياسات يشمل الكل ويخص الكل. لايستطيع احد ان يقول: "وما علي، عليّ ان احافظ على قبعتي من ان تهوي بها الريح!" لا، ان استمرار هذه السياسات لن يبقي لحصيفنا هذا راس ليضع عليه قبعة يوما ما. ليكن هذا الامر واضحاً للجميع. يجب ركن ثقافة "انا ومن بعدي الطوفان" جانباً! انها ثقافة موغلة في الانانية والانحطاط. ثقافة لاترى في بقية الناس الذين هم معنا أناس مثلنا ذوي إحساس ومشاعر وامال من الأساس، اناس يستحقون الدفاع والتضامن والوقوف معهم. ثقافة ترى في المجتمع الذات والنفس فقط، ولاترى المجتمع نفسه، قيمه، مثله، حياته الاجتماعية، ومدى تحقق الرفاه والسعادة فيه للجميع. انها نظرة ضيقة الى ابعد الحدود ولاترى ابعد من اللحظة والذات. ثقافة لاتدرك ان هذا المجتمع يجب ان يعاش بأفضل الاشكال وأكثرها تقدما وإنسانية، يجب ان يطمئن الانسان الى ان حياة لائقة لما هو حولي، لابنائي وبناتي، لاحفادي، للأجيال اللاحقة. فيما يخص الطلبة، انها هجمة على الطلاب، على حقوق الطلاب وحرياتهم، على مكاسبهم، على أجواء علمية ودراسية رصينة، على تاريخهم وتاريخ المسيرة العلمية والدراسية في المجتمع، على حياتهم الطبيعية والإنسانية المتعارف عليها. ان تعابير وقرارات من مثل "كلية بنات" او "جامعة بنات" هو ردة كبيرة للوراء، هو سياسة تمييز وفصل عنصري استناداً الى جنس الانسان. الانسان انسان. وليس في التعليم والحياة أي مكان للجنس في التمييز بين الناس. ان التمييز الجنسي هو سياسة عنصرية وفاشية الى ابعد الحدود. ان الفاشيين الجدد هم حملة دق اسفين بين افراد المجتمع استناداً على تمايز بايولوجي بسيط جدا. يوماً بالقومية والدين والطائفة والعشيرة ويوما اخرا بالنساء والرجال. الماهية هي ماهية إنسانية قبل أي تعابير أيديولوجية وعقائدية سخيفة وتحقيرية للبشر. يقول وزير التعليم العالي ان هذا القرار قد جاء بناء على ضغط الأهالي! يجب ان يعرف الجميع انه كذاب! هذا المجتمع، شهد تعليما جامعيا مختلطاً منذ بدء المجتمع العراقي الحديث. ولم تكن مسالة احد ان الجامعات مختلطة. بل ان ماهو معروف بداهة هو ان الجامعات مختلطة، وارسلت ملايين الفتيات طوال هذا العقود المديدة وفي أحيان كثيرة من ابعد القرى النائية في العراق الى هذه الجامعات المختلطة!. وان مايقارب من 70 دفعة قد تخرجت وهي مختلطة. لماذا "ضغط الأهالي الان"؟!!! ياليت كان الوزير يتحلى بالشجاعة قليلا ويقول: "ان لدي أيديولوجية اريد فرض مفرداتها على الاخرين"! انا اعلم ان كليات البنات مفصولة من حيث الجنسين منذ سنوات. بيد ان السياسة التي تقف خلف هذا هو الدفع بقنونة الفصل الجنسي في التعليم الجامعي وتثبيت مفرداته. وبعدها تفرض قرارات في هذه الكليات "البناتية" بصورة تمييزية وبالضد من المراة. وأول "خيرات" هذا الفصل هو ان يضيع حق الطالبة في الدراسات العليا مثل الماجستير والدكتوراه لمالايقل عن عشرة أعوام مقبلة. وان هذه خطوة، من باب اخر، لضرب المراة وفرصها في الارتقاء العلمي والدراسي وبالتالي ضربة لمكانة المراة في العملية العلمية والدراسية وفي المجتمع اجمالاً. ينبغي ان ترد الهجمة بصاعات، بالايادي والإرادة الموحدة لطالبات وطلاب العراق جميعاً.
#فارس_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
درس طليعي لعمال بليجكا!
-
خطاب بايدن.... اخلاء صبياني للكاهل!
-
اتبغي أمريكا فعلا محاربة داعش ام .....؟!
-
امتياز الصدفة!
-
من حلبجة الى سنجار.... ولوحة ينبغي ان تكتمل!
-
جريمة -آداب-... ام مجتمع -لا آداب له-!
-
-الجهاد ضد داعش- والانسياق وراء الوهم!
-
هرطقة، قرع طبول الحرب!
-
-المرجعية- وانفضاح كذبه!
-
امنيات واوهام!
-
عاشت ام عبد الله!
-
-سن التكليف الشرعي- اسم رمزي لانتهاك حقوق الاطفال!
-
-الريس ضحية والشعب غلطانين- .... وهم يبرر للديكتاتورية!
-
-ينبغي ان لانخلي الميدان- ....و وهم ابتلاع الطعم!
-
ليس للانحطاط قاع!
-
ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!
-
حين يغدوا مبرر الشرطة اقبح وابشع من فعل الجناة!
-
ايام الحرب هي ايام الكذب ايضاً!
-
بدونك، الحياة كانت ستكون اشد كلحة!
-
وزير الاعدامات وسمومه الطائفية!
المزيد.....
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
-
-لا تحرروني، سأتولى الأمر بنفسي-، عرض غنائي مسرحي يروي معانا
...
-
بمناسبة شهر رمضان 2025.. حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في
...
-
دراسة تزعم.. الانفصال العاطفي يضر بالرجال أكثر من النساء
-
بيان مشترك: مخاوف من غياب “عدالة الإبلاغ” في جرائم العنف ضد
...
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
-
على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء ا
...
-
الذكاء الاصطناعي يحدد النساء المعرضات لسرطان الثدي قبل سنوات
...
-
-المحكمة الأوروبية تدعم حرية المرأة الجنسية: نداء لتجريم الإ
...
-
تونس.. امرأة تضرم النار في جسدها بالقيروان والإسعاف يتدخل
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|