|
الهيمنة الأمريكية المأزومة
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 4607 - 2014 / 10 / 18 - 11:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البعض من المراقبين للأحداث فهموا خطأ ماحدث عقب سقوط الأخوان فى مصر وتهديد أمريكا بضرب سوريا ثم تراجعها عن ذلك مقترنا بتوجهات سبقت ان أعلنتها الإدارة الأمريكية - على لسان أوباما - بالتوجه استراتيجيا نحو الشرق الأسيوى ، وقرأوا ذلك على أن الولايات المتحدة الأمريكية تنوى الإنسحاب من منطقة الشرق الأوسط والتركيز على مواجهة التنين تعملق الصينى و نهوض الدب الروسى .. وراهنوا على أنها ( أى أمريكا ) ستعتمد على موظفيها الإقليميين ( قطر - تركيا - اسرائيل ) فى التعامل مع اشكاليات المنطقة .. ولم يفهموا أن مواجهة التعملق الصينى والنهوض الروسى والصعود الأسيوى والتحول الأمريكى اللاتينى نحو الصعود اقتصاديا ، وبروز اقتصاديات البرازيل - شيلى - فنزويلا وتصاعد النزوع نحو الفكاك من أسر التبعية الإقتصادية لأمريكا وحلفائها وتكوين تكتلات أقليمية شملت كل دول الأمريكتين فيما عدا أمريكا وكندا .. التعامل مع كل ذلك وخصوصا بعد بروز الأزمة الأوكرانية واستعادة روسيا للقرم يقتضى ان تتمركز الإستراتيجيات الإستعمارية بشكل أكثر فى تلك المنطقة التى تتوسط العالم وهى المنفذ الى آسيا وأفريقيا و أى محاولة لحصار الصين أو الوصول الى منطقة آسيا و تطويق الدب الر وسى لن تتم إلا انطلاقا من منطقة الشرق الأوسط ( المنطقة التى تحتضن قناة السويس ومضيق باب المندب وغيرها من الممرات والمعابر الإستراتيجية ومناطق الإمداد ، وغيرها ، إنها تنفرد بمكونات جيوسياسية فى غاية الأهمية وموارد طبيعية عجز سكانها عن استثمارها فى نهوض قد يعجل بنهاية الحلم الأمبراطورى الأمريكى .. واتضح أخيرا من واقع تتطور الأحداث فى الشرق الاوسط أن هذه المنطقة قد أصبحت هى المجال الحيوى الأسترتيجى ، ومنطقة العمليات الاستراتيجية المباشرة للسياسة الأمريكية وبشكل أكبر من أى وقت مضى .. ربما هناك بعض الإختلافات فى بعض الوسائل والتكتيكات .. ولكن الواضح حتى الآن ان منطقة الشرق الأوسط هى نقطة النجاة للحلم الأمبراطورى الأمريكى .. وأن الأمريكان يعرفون جيدا أن زوال هيمنتهم على العالم ترتبط بنهوض باقى دول العالم وأن منطقة الشرق الأوسط تحديدا إذا ماامتلكت عوامل نهوضها واتجهت صوب التحرر من التبعية وفى جوهرها نشوء اقتصاديات عربية تنموية حقيقية تتوافر فيها أركان الإعتماد على الذات واتخاذ مواضع قوية فى اسواق التبادل الإقتصدى العالمى تدعم استقلالا وطنيا حقيقيا ... لكان ذلك إيذانا بإنتهاء السيطرة الأمريكية على النظام العالمى .. وإن لم يكن ذلك تمهيدا لسقوط هذا النظام العالمى وحلول نظام عالمى جديد قد لاتكون أمريكا أحد أقطابه .. والعكس صحيح لإن نجاح الاستراتيجية الأمريكية فى إعادة ترتيب المنطقة ترتيبا يضمن لها الإبقاء على تخلفها وتبعيتها .. فإن ذلك سيسهم بلا شك فى إطالة عمر الهيمنة الأمريكية على العالم ، وربما بعض النجاحات ، التى قد تطيل من عمر النظام العالمى الذى نعيشه والذى يتسم بجسوم الهيمنة الأمريكية وتمسكها بالسعى وراء الحلم الأمبراطورى الأمريكى .. الخلاصة هى أن تشكيل التحالف الدولى لمحاربة داعش تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ماهى إلا محاولة مستميتة من المحاولات الأمريكية لمعالجة الشروخ والتصدعات التى بدأت تظهر جليا على بنيان مايسمى بالنظام العالمى الجديد الذى كان قد بدأ بعد سقوط نظام القطبية الثنائية الذى قام فى أعقاب الحرب العالمية الثانية ، وانتهى بانهيار الإتحاد السوفيتى وماسمى وقتها بالمنظومة الإشتراكية ، ومالبث الحلم بتكريس الهيمنة الأمريكية بمشروعها الأمبراطورى فى أوائل التسعينيات حتى بدأت الضربات المتلاحقة التى وجهت لذلك المشروع الإستعمارى والتى بدأت منحناها المتصاعد فى عام 2008 ببلوغ الأزمة المالية التى اجتاحت دول المركز الرأسمالى العالمى وتوابعها ومازالت تلقى بظلالها على العالم حتى الآن متمثلة فى تصاعد التذمر العالمى ضد السياسات الإقتصادية (بآثارها الإجتماعية ) ، التى أفرزها النظام العالمى الجديد وما أعقب ذلك من انتفاضات لشعوب دول العالم هنا وهناك وهو مابلغت ذروته فى 2010 ، 2011 بتلك الإنتفاضات الشعبية التى اجتاحت تونس ومصر وكذلك حمى الإحتجاجات التى تجتاح العالم بمافيه دول المركز الرأسمالى ( حركة إحتلوا وول استريت ، مظاهرات لندن ..وغيرها ) وكذلك الاحتجاجات التى تندلع من آن لآخر فى دول جنوب أوربا ( اليونان مثلا ) .. كذلك تصدع مشروع ماسمى بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية فى أمريكا اللاتينية تحت وطأة النزوع نحو الفكاك من أسر التبعية الإقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية بل ووصول الأمر الى وجود أكثر من تحالف داخل دول أمريكا اللاتينية والكاريبى مناهض للسياسات الأمريكية .. وصولا إلى التجمع الإقتصادى لكل دول الأمريكتين فيماعدا ( كندا - أمريكا ) .. ناهيك عماسبق ان ذكرته من قبل عن تجمعات دول البريكس التى ترتكز على العملاق الصينى والناهض الروسى ، ألا ترون أن كل المسائل والأحداث فى عالمنا مرتبطة ؟ هل سيأتى يوما نطلق فيه على العقدين الأول والثانى من هذا القرن صفة ( عقدى الخسائر الأمريكية الكبرى ) ؟
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات جديدة حول وحدة قوى اليسار المصرى
-
درس تاريخى له حضوره الراهن
-
على هامش ذكرى أكتوبر
-
استدعاء سيفى على ومعاوية
-
رسالة المحامية والمناضلة ماجده رشوان للتضامن مع فلاحى سراندو
-
سيدى الرئيس .. إحترس
-
فى ذكرى خميس والبقرى
-
فى حضرة خميس والبقر
-
الحرب الأمريكية على داعش ليست لوجه الحضارة والإنسانية
-
على الشريف
-
على هامش نيران غزة
-
السيسى على خطى بطرس غالى ونظيف
-
قطع مع الآمال المفرطة
-
إستراتيجية جديدة لإعادة إنتاج النوع .... قراءة فى رواية ( حس
...
-
لماذا سقط حمدين صباحى
-
حادثة سقوط أحد أصدقائى (( الثوريين ))
-
مع الإحترام للصمت الإنتخابى
-
محاولة جديدة لضبط الرؤى
-
إعادة ضبط ذاتى لزوايا الرؤيا
-
بااعتبارى من الهنود الحمر ..(( 4- قصائد غير معروفة لشاعر ساب
...
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|