فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 4606 - 2014 / 10 / 17 - 13:16
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
3- من ناحية تناقض الادوار :
المعطيات تؤكد ان داعش ليس لها عمق استراتيجي لا في سورية ولا في العراق, العمق الاستراتيجي هو للشعوب وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية , اما داعش فأن امكانياتها وقدراتها محدودة تنحصر في مجاميع من الارهابيين المجرميين . اذن السؤال هو من أين جاءت لها هذه القوة والقدرة على التمدد والتوسع والاستيلاء على مدن ؟ المعطيات تؤكد ان قوتها تكمن في بعدها الاقليمي والدولي والدعم المتنوع الذي تحصل عليه من هذه الدول الاقليمية . لهذا رغم القصف الجوي ان داعش تتمدد في العراق وفي سورية . اضافة الى ذلك ان الاستراتيجية الامريكية لمواجهة داعش يشوبها الغموض . من هذا نجدها غير فاعلة في القضاء على داعش . ان الفموض في الاهداف والتنافض في الادواريشكل قيود عملية واقعية تحد من امكانية نجاح الاستراتيجية , فليس غريباً عندما صرح الرئيس اوباما ومسؤوليين امريكيين ان الحرب على داعش مفتوحة ومطولة , هذا التصريح عند التعمق به يؤشر الى وجود كثير من الاجندات الامريكية في الاستراتيجية يراد تنفيذها في المنطقة. وبالعودة الى تناقض الادوار ان شعوب منطقة الشرق الاوسط تدرك تماماُ ان بعض دول التحالف كان لها ادوار خلال الازمة السورية , في دعم القوى المتطرفة بما فيها داعش بكل الوسائل من الدعم المالي واللوجستي ومرور الرهابيين وكأن هذه الدول كان لها وظيفة عليها ان تؤديها, فهي ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر بصناعة ظاهرة داعش وبلا شك قد نسقت معها . ما هو معلن في بعض وسائل الاعلام وتقاريرمن ادوار قامت بها يضع هذه الدول في خانة الاتهام في دعم داعش . اذن كيف يتوقع منها الآن القيام بدور مصطنع في محاربة داعش ؟ اما الادوار المعلنه لبعض الدول هي :
دور تركيا في دعم داعش والتنسيق معها :
تركيا خلال فترة الازمة السورية ومن خلال دورها في دعم التطرف لأسقاط النظام في سورية بالوسائل العسكرية فرض عليها هذا الدور في ان تكون القاعدة اللوجستية المضمونة للحركات المتطرفة مثل جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش , حيث في تركيا يتجمع مرتزقة ومجرمي هذه الحركات الارهابية المتطرفة القادمون من الخليج و المغرب العربي واوربا ومنها يدخل هؤلاء المجرمون الى سورية وتؤكد تقارير نقلتها وكالات انباء دخل من الحدود التركية الى سورية عشرات الآلاف من المتطوعيين في حركات الاجرام الارهابية ومنها داعش , ومن تركيا ايضاً تدخل الاسلحة والمعدات والمساعدات المالية القادمة من قطر والسعودية عبر تركيا , ان اللوجستية التركية هي الاساس في نمو قوة الحركات الارهابية ومنها داعش في سورية وتمددها الى العراق . حتى ان هذا الدعم اللوجستي والتنسيق ما بين تركيا والارهابيين اصبح علنياً .
اطرح سؤال مشروع بصدد التنسيق ما بين داعش وتركيا : الكل يعلم ان داعش دمرت الآثار والاضرحة في سورية في المناطق التي سيطرت عليها بحجة انها مخالفة للشريعة الاسلامية ومنها ضريح عمار ابن ياسر في مدينة الرقة . اذن السؤال هو التالي : لماذا أبقت داعش على ضريح سليمان شاه ولم تدمره ؟ الموجود في ريف الرقة بأتجاه حلب ويقال انه جد مؤسس الدولة العثمانية . هل يعقل ان هذا الضريح لوحده لا يخالف الشريعة الاسلامية والاضرحة الاخرى والآثار تخالف الشريعة من رؤية داعش ؟ الجواب اليقين ان ابقاء الضريح هو نتيجة اتفاق وتنسيق ما بين داعش والحكومة التركية , ويقال ان هنالك حراس اتراك على الضريح في المنطقة التي تسيطر عليها داعش . اذن كيف تسمح داعش لهؤلاء الجنود في البقاء في منطقة تسيطر عليها ؟ هذه هي احد تجليات التنسيق ما بين داعش والحكومة التركية . وتناقلت وكالات الانباء اخبار عن ان جرحى داعش يعالجون في المستشفيات التركية مثلما يتعالج جرحى جبهة النصرة في المستشفيات الاسرائيلية . كما تؤكد وكالات الانباء ان النفط السوري تصدره داعش الى تركيا وتشترية تركيا من داعش باسعار بخيسه وبهذا ان تركيا تسهم في تمويل داعش . حتى نفط الموصل الذي سيطرت عليه داعش يباع في تركيا . وعندما سقطت الموصل على يد داعش لم يصدر اي بيان ادانة واستنكار من تركيا , لا بل عقدت تركيا صفقة مع داعش لأطلاق سراح 49 من رعاياها تم احتجازهم من قبل داعش في القنصلية التركية في الموصل . كما نقلت وكالات الانباء تصريحات لمسؤوليين اكراد عراقيين رفضت تركيا تقديم الدعم العسكري بناء على طلب حكومة اقليم كوردستان لمواجهة داعش . كما رفضت تركيا في البداية الانضمام للتحالف الدولي الرفض كان في مؤتمر جده ولكن نقلت وكالات الانباء انها وافقت لاحقاً في اجتماع الناتو المنعقد في مقاطعة ويلز في4 و5 ايلول 2014 كونها عضو في الناتو ومورس بلا شك ضغط عليها ,وحتى عندما وافقت على دخول التحالف يبدو انه موقف تاكتيكي يشوبه الغموض وعدم الوضوح , بسبب انها تهدف الى ابتزاز التحالف الدولي انها تطالب بمنطقة آمنه على حدودها ولم تكن مندفعة لمحاربة داعش . وتؤكد كثير من التقارير التي تنقلها وكالات انباء انه الى الآن لا تزال تركيا فاتحة حدودها لعبور داعش ومقاتليها الى الاراضي السورية مع استمرارتدفق المساعدات لهم بما فيها الللوجستية والمالية.
حسابات غير واضحة الاهداف لتركيا ولا تخلو من الخطورة :
ان تركيا رغم عدم الوضوح في دورها ما بين داعم لداعش وكونها مطالبة بدخول التحالف ضدها نجدها ان لها حسابات تريد فرضها في دخولها للتحالف فهي عملت وتعمل على :
1-اسقاط النظام في سورية بالقوة العسكرية , وكأن النظام السوري يهدد مصالح الامن القومي التركي اكثر من جبهة النصرة وداعش والجبهة الاسلامية التابعة للسعودية . رغم ان تصريحات اوباما الاخيرة انه مع الحل السلمي للازمة السورية , وهذا التصريح هو احد المؤشرات العديدة التي تشير الى تراجع واشنطن عن اسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية ودعوتها لأقامة حل سلمي للازمة السورية ومعها حلفائها الغربيون , لكن تركيا رغم تمدد داعش في العراق وسورية وبدأ معركة كوبوني يلاحظ انها لاتزال تعطي أولوية لأسقاط النظام السوري على حساب تمدد داعش وعدم مساعدة أهالي بلدة كوبوني والمقاتلين الاكراد لغرض تمكينهم من الصمود لدحر هجوم داعش .
2- لا يفهم مطلب تركيا الغامض في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنة على حدودها وكأنها وضعته شرط لدخول التحالف . لماذا تطالب تركيا في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنه على حدودها مع سورية ؟ او ما هي حسابات تركيا من اقامة المنطقة الآمنة ؟ بلا شك في حسابات تركيا اهداف استراتيجية من المنطقة الآمنه رغم ان تركيا تدرك تماماً ان هكذا منطقة آمنه لا يمكن اقامتها الا بقرار من مجلس الامن , لأنها تتعارض وميثاق الامم المتحدة . ولا اعرف هل ان تركيا تريد فرض المنطقة الآمنة بالقوة رغم معارضة روسيا والصين كأعضاء في مجلس الامن اضافة الى معارضة ايران وسورية ؟ ارى في ظل توازن القوى لم يكن بمقدور امريكا وحلف الناتو اقامة هذه المنطقة الآمنة بدون قرار من مجلس الامن . هل ان مطالبة تركيا بالمنطقة الآمنة هو ابتزاز سياسي لتحقيق اجندات واهداف لا تخلو من الخطورة على سيادة واستقلال سورية ؟ هل ان تركيا تهدف من المنطقة الآمنه لغرض اقامة معسكرات فيها لتدريب ما يسمى القوى المعتدلة المعادية للنظام السوري ؟ ام انها تهدف الى اعادة توطين ما يقارب من مليون لاجئ سوري في هذه المنطقة ؟ ام لغرض السيطرة على المناطق الكوردية السورية المحاذية لحدودها لأنها تخشى منهم كقوة مسلحة وتخشى من تنسيقهم مع حزب العمال التركي ؟ وتبقى وجهة تركيا للمطالبة بالمنطقة الآمنه لا تلتقي وصدق التوجه مع استراتيجية محاربة داعش .
3- في هذا الظرف الخطير لتمدد داعش في العراق وسورية وبدأ هجوم داعش في منطقة كوبوني لأستباحتها اتخذ البرلمان التركي قرار خطير بالموافقة على مذكرة الحكومة التركية بالسماح لها بأعطاء أوامر للجيش بشن عمليات عسكرية في سورية والعراق . هنا يطرح سؤال ماهي حسابات تركيا من هذا القرار الغير واضح الاهداف ؟ انه قرارغامض ويزيد من خطورة الاوضاع المعقدة في منطقة الشرق الاوسط . والشيئ الغريب في القرار موافقة البرلمان السماح لقوات اجنبية بالتواجد على الاراضي التركية المقصود هنا بالقوات الامريكية او قوات الناتو . هنالك عدد من الدول ندددت بالقرار ورفضته منها ايران وسورية والعراق ونددت به روسيا وهناك دول اخرى لا توافق عليه. هنا تثار بعض التساؤولات ما هو هدفها من دخول قواتها للأراضي العراقية هل هو لملاحقة مقاتلي حزب العمال التركي داخل الاراضي العراقية بعد فشل الهدنه الهشه فيما بينهما لا سيما بعد الأنذار الذي اعطاه عبد الله اوجلان بأنهاء هدنة السلام فيما بينهما اذا سقطت كوبوني ؟ ام ان لتركيا اطماع قديمة بمدينتي الموصل وحلب وهذا احتمال صعب جداً تحقيقة ؟ ام انها ترغب في ان يكون لها دور قيادي في منطقة الشرق الاوسط من خلال توظيف ورقة داعش او تعتقد انها ستظهر خارطة جديدة للمنطقة ؟ وهذا ايضاً احتمال صعب . وارتباطاً بخشيتها من تحرك حزب العمال التركي يلاحظ ان تركيا حسب ما نقلته وكالات الانباء هي غير راضية على تسليح امريكا ودول غربية لقوات البيشمركًا العراقية , خشيتها من ذلك هو الخوف من انتقال بعض الاسلحة الى حزب العمال التركي لا سيما اذا فشلت هدنة السلام فيما بينهما , واذا حصل تنسيق مع التحالف الديمقراطي لأكراد سورية وبعد دحرهم لهجوم داعش وهم قوة كبيرة ومسلحة على حدودها . فهي بلا شك لا تسمح بأن تكون هنالك قوى محلية مسلحة كأكراد سورية واكراد تركيا قد تعتبره ذلك خطراً على امنها القومي اكثر من خطر داعش . القرار غامض واهدافه غير واضحة لا سيما ان الظرف الذي تمر به المنطقة خطير جداً .
( يتبع )
17-10-2014
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟