|
الصرخي علامة من علامات تخلف العراق في العهد الأمريكي !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1295 - 2005 / 8 / 23 - 09:49
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قبل ساعات من كتابة هذه الأحرف حدثت اشتباكات واسعة النطاق في مركز مدينة النجف الأشرف ، سقط فيها بعض الجرحى ، مثلما أغلقت أسواق المدينة ، وخلت شوارعها من المارة . بدأت تلك الاشتباكات أول ما بدأت في فناء ضريح الأمام علي عليه السلام بين أنصار محمود الحسني الصرخي الذين كانوا يطالبون بتحسين وضع ما يقدم من الخدمات لمواطني المدينة ، وبين أنصار السستاني ، وشرطة صولاغ الذي وصفه مريدو الصرخي من قبل بالإسرائيلي ، وذلك في مظاهرة لهم انطلقت في شوارع مدينة البصرة قبل شهور ، وهي أحدى المظاهرات التي قام بها أتباع الصرخي في بعض المدن من العراق ، بما فيها العاصمة بغداد ، وعلى فترات متقاربة ، ومنذ أن أمرت القوات الأمريكية باعتقال زعيمهم ، ويقال أن الصرخي أرسل بأتباع له من العراق الى مدينة قم الإيرانية ليتظاهروا هناك كذلك ، مطالبين بتخلي أية الله ، علي الخامنئي ، عن ولاية الفقيه ، لصالح زعيمهم محمود الصرخي ، فهو أحق بها كما يرون ، ولكن شرطة ولاية الفقية تصدت لهم ، وبددت شملهم . قبل مظاهرة النجف هذه كانت لهم مظاهرة أخرى في مدينة الناصرية ، خرج فيها أتباع للصرخي من أبناء المدينة يغمرهم فرح باذخ ، وسرور عظيم ، بعد أن نما الى أسماعهم ، وبتبليغ من الصرخي نفسه ، أن الأمام المهدي المنتظر قد تقدم من الصرخي نفسه ، ليطب منه يد أخته ، ولهذا السبب هبت تلك الجموع مهلهلة ، مباركة هذا الشرف العظيم الذي خُص به زعيمهم ، وقائدهم ، المطارد من قبل صولاغ ، وشرطته ، وبوش وجنوده في العراق ، والذين خصصوا جائزة مقدارها 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن أماكن تواجده ، فقد توارى هو عن الأنظار منذ أكثر من عامين ، وذلك حين شنت قوات أمريكية وبولندية غارة على مكتبه وسط مدينة كربلاء جنوب العراق ، وهو ما أدى إلى مقتل جنرال كبير وجنديين أمريكيين وجنديين بولنديين و13 من طلاب الحوزة العلمية ، يضاف لتلك الجائزة هو أن القوات الأمريكية قامت بتوزيع منشورات على القوات الأمنية العراقية في وزارتي الداخلية ، والدفاع من أجل اعتقاله ، ولا زالت وزارة الداخلية العراقية في عهد وزيرها صولاغ ملتزمة بهذا الأمر ، رغم كل المناشدات التي انطلقت من حناجر أتباع الصرخي في أكثر من مظاهرة لهم ، والتي طالبوا فيها بإغلاق ملف القضية المقامة ضد زعيمهم المريب : محمود الصرخي الذي كان هو من ضمن مجموعة في تيار الصدر تدعو إلى ولاية : الولي الحي ، تلك المجموعة التي انقسمت بدورها الى تشكيلين ، يدعو الأول الى ولاية السيد محمود الصرخي ( الحسني ) ، بينما يقر الأخر بولاية علي الخامنئي ، مرشد الجمهورية الإيرانية . لقد اختلف الناس في العراق وخارج العراق في أمر الصرخي هذا ، وراح البعض منهم ينسج حوله القصص والأساطير ، فهو حاضر مرة ، وغائب في مرة أخرى ، وقد يكون في مرة إنسانا من عامة الناس ، وفي أخرى رجلا تنكشف أمامه الغيوب ، ويطلع على ما في العقول والقلوب ، يقابل إمام هذا الزمان ، وينقل عن آخر مات قبل ألوف السنين ، فهو قد توزع بين الناس بصور عديدة ، وأحيط بضباب من الغموض ، فقد عده بعض الناس من سكنة منطقة الحرية في بغداد ، درس في كلية الهندسية من جامعة بغداد ، وكان خدين عدي صدام فيها ، سخره لخدمة نظام أبيه ، وذلك في الحط من قيمة مراجع الدين عند الشيعة ، ومخالفتهم في الرأي والفتوى ، فراح أنصاره يصفونه بالمرجع الأعلى الذي لا يدانيه مرجع من مراجع الشيعة ، وقد قيل أن من يحمل صورته ، ويسير في تظاهرة ينظمها مريدوه ، له من ماله مئة ألف دينار عراقي ، أي ما يعادل سبعين دولارا أمريكيا ، ولهذا فقد حار الكثير من الناس في أمر مصادر أمواله ، فراحوا يستفسرون عن مصادر تلك الأموال العظيمة ، دون أن يعثروا على جواب يشفي حرارة السؤال ، لكن شقا من الناس يقول إن السيد محمود الحسني الصرخي كان تلميذا عند الصدر ، وإن أنصاره يرفعونه الى درجة نائب الأمام المنتظر ، وهذا أحدهم يتضرع بالدعاء فيقول : السلام عليك يا صاحب الزمان ! السلام على الممهدين للإمام ! السلام على السيد الحسني الصرخي ! وعلى هذا يكون البون شاسعا بين ما يصفه به أعداؤه ، ومعارضوه من الشيعة أنفسهم ، وبين ما يرى أتباعه من الشيعة ذاتهم أن خروجه في أيامنا هذه دليل على ظهور الأمام المهدي ، وما ظهور الصرخي إلا تمهيد لظهور الأمام المنتظر . يبقى لي أن أمر على اللقبين الذين يحملها السيد محمود ، وهما : الحسيني والصرخي ، فهو بلقبه الحسني يرد الى الفرع الحسني ، وليس الى الفرع الحسيني نسبة الى الحسن والحسين أبناء الأمام علي عليهم السلام ، وأما لقبه الصرخي فلا يعدو كونه نسبة الى مدينة إيرانية تقع على مقربة من خراسان ، وتدعى سُرخ بضم السين ، وعند العرب كثير ما تبدل السين صادا ، فنقول : سراط المستقيم ، مثلما نقول : صراط المستقيم ، وعلى هذا أبدل حرف السين المضمومة في كلمة : سُرخ الى صاد ثم نسب السيد محمود إليها بياء النسب المشددة ، فصار الصرخي ، وسُرخ في الفارسية تعني اللون الأحمر ، وهو في هذا الإبدال لا يختلف عن الإبدال الذي لحق لقب وزير داخلية حكومة الجعفري الحالي ، صولاغ ، فأصل كلمة صولاغ في اللغة الفارسية هو سُولاغ بضم السين كذلك ، ومعناها : الثقب في الفصيح ، والزرف في لغة العامة من أهل العراق ، وحين انتقلت تلك الكلمة الى اللسان العربي صارت : صولاغ . وعلى أساس من هذا فقد يكون السيد محمود الصرخي إيراني المحتد وجد له مكانا يصول فيه ويجول في عراق العهد الأمريكي ، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من أبناء جلدته الذين تربعوا على كراسي السلطة والحكم في حكومة الجعفري وبرلمانها ، ذلك البرلمان الذي جلس على كراسيه بعض من عناصر المخابرات الإيرانية ( إطلاعات ) كأعضاء فيه ، حتى أن مصدرا أمريكا صرح قبل أيام قائلا : إن كل ما نقوله في أروقة الحكم في العراق ينتهي الى إيران ! ! ورغم أن الشيعة قد تعدد فرقهم وتباينت منذ أزمنة بعيدة ، لكن قديم تلك الفرق قد ساهم مساهمة فاعلة في دفع الفكر التقدمي في تاريخ الإسلام ، مثلما طرحت تلك الفرق برامج سياسية متقدمة في زمنها ، وأشادت دولا ، وعواصم ظلت مزدهرة لسنوات طويلة ، ومن بين أهم تلك الفرق الإسماعيلية ، والقرامطة ، وأخوان الصفا ، ولكن الذي يُشاهد في العراق اليوم أن أغلب الحركات وتنظيمات الشيعية تشارك في تخلفه ، وتعود به الى أزمنة غابرة ، أزمنة الخرافات ، والتطاحن السياسي والديني ، والقتال لتافه الأسباب . فهل هذا هو العراق الذي أراده الأمريكان للعراقيين ؟ أهذه هي الديمقراطية يا طغاة العالم المتمدن ! ؟
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السستاني يصفع الجميع !
-
إمارة الحكيم الإيرانية !
-
بعد تعاظم الورطة السستاني يمزق صمته !
-
الجوع سيوحد العراقيين !
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 3
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية-1
-
علاوي وأحلام العصافير !
-
حكومات تحت ظلال سيوف الديمقراطية الأمريكية !
-
بوش الدجال بين طالبان سنة العربان وطالبان سنة إيران !
-
أوربا نحو القبول بالحصة من الغنيمة العراقية !
-
حليفكم الجبل يا مسعود !
-
العراق نحو ولاية الفقيه !
-
جنود من بطيخ !
-
ويسألونك عن الزرقاوي !
-
حكومة دونما حكم ودولة دونما حدود !
-
حرب الأحزاب الطائفية بدأت في العراق !
-
الشيعة العرب هم الخاسرون !
-
إثنتان أرعبتا صداما وواحدة أرعبت صولاغا !
-
البعثية تهمة صارت تطارد عرب العراق سنة وشيعة !
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|