طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 09:39
المحور:
الادب والفن
هاتي يديك يا ابنة الشمس ويا أخت القمر.
هاتي يديك نمشي معا،
فإن سقطّي سقطنا، وإن قمتُ قمنا.
هاتي يديك كيما نحمل المشعل معا،
فلا يعيقنا ليلٌ أو شتاء أو قيودٌ.
هات يديك نمشي وسط السيوف المسلطة على أعناقنا،
وسط الذئاب الخارجة من مغاور الجهل والبربرية،
والأفاعي الطالعة من صحارى الموت،
والحممم الساقطة من براكين الكراهية،
والشياطين الخارجة من لهب الجحيم.
هاتي يديك نمشي كيما نصنع معا غدا جديد!
هاتي يديك ايتها القوية الضعيفة
لنبحث معا عن الفجر،
الفجر الذي سجنه أعداء الحرية،
والذي قيّده أقزام البشر،
والذي نحره مصاصو الدماء،
والذي دفنه حفّاروا القبور،
لا لشيئ إلا لأنهم يكرهون النور ويعشقون خفافيش الليل.
هاتي يديك لنبحث معا عن الحياة،
الحياة التي تخرج من رحم الموت.
تخرج مثل صبية حلوة ترتدي من نور الشمس ثوبا،
تتألق النجوم والكواكب على صدرها عقدا من الياقوت،
وتومض عيناها بنار البرق ،
ويمر النسيم في شعرها مثل أشباح الحكايات.
تعالي. سوف تلاحقنا سيوفهم لأنهم أبناء الموت.
يريدون أن يبيعوك آمة لأنهم لا يدركون معنى الحرية.
يريدون أن يجزوا عنقي لأنهم يخشون الرؤوس الشامخة.
يريدون أن يغتصبوك لأنهم لا يفهمون معنى الحب.
يريدون سحقي لأنهم لا يحتملون رؤية البشر.
يريدون أن يمحوا ذكرنا عن الارض لأنهم لا يطيقون الحضارة.
تعالي نمشي، قد نموت وقد نحيا.
إن نحن متنا، نكون شهادة على بربريتهم وغدرهم،
وإن نحن عشنا نكون رسالة حضارة لهم.
إن دفنوكِ حيّة، يبقى صوتكِ يلاحقهم حتى أعماق الجحيم،
وإن عجزوا عن دفنكِ، يمتلكهم الرعب والقلق.
تعالي. نحن لن نهرب منهم، بل سوف نذهب إليهم.
على الجماجم نمشي،
فوق الأشلاء نمشي،
وسط الدماء نمشي.
نمشي ونحن نسمع آهات الثكالى وأصوات المعذبين وصراخ اليتامى.
نمشي كيما يغرزوا سيوفهم في صدورنا،
وكيما ينهشوا لحمنا بأنيابهم،
وكيما يغرزوا خناجرهم في قلوبنا،
وكيما يضعوا السكين على أعناقنا،
وكيما يسفكوا دماءنا.
فهم لا يشبعون ما لم يأكلوا لحم العذارى نيئا،
ولا يحلو لهم الخمر ما لم يشربوه دما.
تعالي نمشي. نعم، سوف نقع.
نقع مثل الفارس الذي يهوي عن حصانه،
ومثل الشجرة الباسقة التي تضربها الريح.
لكننا ومع كل قطرة دم تسقط عنا نقدم لهم كوب ماء،
ومع كل شتيمة نرفع لهم صلاة،
ومع كل ضربة سيف نعانقهم،
ومع كل إهانة نباركهم.
نقع.
فإن هم أمسكوا قيودنا بعدنا لاشتموا فيها عبير الحرية.
ولو نظروا حيث أراقوا دماءنا، لوجدوا مكان كل قطرة دم سقطت عنا ياسمينة أو زهرة.
ولو تأملوا قبورنا لقرؤوا عليها
"أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم.
أحسنوا الى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم،
لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات."
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟